نماذج أفريقية وعربية لتنظيم الرعي العابر للحدودالدولية:
في أغلب الأحيان رسمت الحدود الدولية بصورة تقريبية دون مراعاة للسكان وروبطهم ولا للتداخل البيئي ولا لحركة الرعي الضاربة في القدم. لذلك تجد أن هذه الحدود قسمت وفصلت بين المجموعة الواحدة لتصبح في دولتين، كذلك بين نمط الإنتاج الواحد (البداوة) في إطار بيئة طبيعية واحدة. وهذا النموذج من الفصل، والذي يشبه فصل التوأمين السياميين (بعد مؤتمر برلين 1882 بواسطة الإستعمار)، هو تماماً ما تعاني منه دول منطقة القرن الإفريقي وشرق أفريقيا وربما كل أفريقيا منه حتى الآن. إذن من الطبيعي أن لا يعير البدو الرحل إعتباراً لهذه الحدود وكأنها لا تعنيهم، طالما أنهم في الأصل لم يكونوا جزءاً من هذا التقسيم، بل أن قدرهم قد جعلهم ضحايا لذلك التقسيم.
هناك الكثير من التجارب التي تمت في بعض البلدان الإفريقية والعربية لمعالجة إشكاليات الرعي وتنقل المجموعات الرعوية عبر الحدود الدولية، نأخذ منها على سبيل المثال لا الحصر:
تجربة تخطيط وحجر مثلث أليمي للرعي بين حدود الدول (1924) :
مثلث أليمي هو المنطقة التي تلتقي عندها حدود السودان وكينيا وأثيوبيا وتبلغ مساحته حوالي 400 كيلومتر مربع. وفي عام 1924 تم عقد مؤتمر لمناقشة إدارة الموارد في هذا المثلث في كيتقوم (Kitgoum) في يوغندا، حضره الإداريون من الدول الثلاث.
ويمتاز المثلث بوجود رعي مستديم على مدار العام نتيجة لتوافر المياه من نهر تاراش (Tarach) وبعض الأنهار الصغيرة التي تصب في مستنقعات لوتاقيبي (Lotagopi). وقد كان القرار الإداري الإستعماري في الدول الثلاث هو الإبقاء على المثلث (مثلث أليمي) كمنطقة محايدة تقليلاً لإحتكاكات الرعي. وبالتالي أتيحت فرصة الرعي بالتساوي لقبائل التبوسا السودانية، وقبائل الماريل، نياتقاتوم وتيرما الإثيوبية وتركانا الكينية. وتكون إدارة المنطقة الرعوية المحايدة (أليمي) من الإدارة البريطانية في كينيا .
إبراهيم الشاهر محمد الشاهر
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
ساحة النقاش