السيد احمد عبد اللطيف حسين

خدمة طلاب العلم

الأدب

edit


لابن المقفع كثير من المؤلفات منها على
سبيل المثال
:
كليلة ودمنة
وهو
من كتب ابن المقفع الأوسع شهرة، وهو مجموعة من الحكايات تدور
 على ألسنة الحيوانات يحكيها
الفيلسوف (بيدبا) للملك (دبشليم)، ويوضِّح من خلالها
 ابن المقفع آراءه السياسية
في المنهج القويم للحُكْم.. والمشهور أن ابن المقفع ترجم
 هذه الحكايات عن الفارسية،
وأنها هندية الأصل، لكن هناك أبحاثًا كثيرة تؤكد أن
 كليلة ودمنة من تأليف ابن
المقفع الخاص، وليست مجرد ترجمة
..


يتيمة ابن المقفع


يُضرَب بها المثل لبلاغتها وبراعة
منشئها، وهي رسالة في نهاية الحسن، تشتمل على محاسن من
 الآداب.
وقد
ذكر أبو تمام يتيمة ابن المقفع، وأجراها مثلاً في قوله للحسن بن
 وهب:


ولقد شهدتك والكلام لآلئ ... تومٌ
فبِكْر في النظام وثيِّبُ

فكأن
قسًّا في عكاظٍ يخطبُ
 ... وكأن ليلى الأخيلية تندبُ
وكثير
عزة يوم بينٍ ينسبُ ... وابنُ المقفع في اليتيمة
 يسهبُ


ومن مؤلفاته:
الأدب
الصغير والأدب الكبير

فالأدب
الصغير
 عبارة عن رسالة في نحو
ثلاثين صحيفة، تتضمن طائفة من الوصايا الخلًقية والاجتماعية
 التي ترشد الناس إلى صلاح
معاشهم في أنفسهم، وفي علاقاتهم بعناصر المجتمع من أهل
 السلطان، ومن الأصدقاء، ومن
غيرهم
.
أما
الأدب الكبير فهو رسالة أكبر طولاً، إذ
 تمتد إلى نحو مائة صحيفة
موزعة بين موضوعين كبيرين هما السلطان وما يتصل به من
 السياسة والحكم، والصداقة
وما يتصل بها من صفات الصديق الصالح
..
ولابن
المقفع
 مؤلفات عدَّة، إلا أن ما
ذُكِر يعد أشهر ما خلفه ابن المقفع
.. 


سبب مقتله 


لقد اختُلِف في سبب مقتله، وفي الكيفية
التي قُتِل بها، لكن أرجح الأقوال في سبب مقتله هو أنه
 بالغ في صيغة كتاب الأمان
الذي وضعه ليوقّع عليه أبو جعفر المنصور، أمانًا لعبد
 الله بن عليّ عم المنصور،
وكان ابن المقفع قد احتاط احتياطًا مفرطًا لم يترك ثغرة
 إلا وجعل لها سدًّا منيعًا
عند كتابة هذا الميثاق بين (عبد الله بن علي والمنصور)؛
 حتى لا يجد المنصور سبيلاً
للإخلال بالعهد. حيث جاء في كتاب الأمان: "ومتى أخلّ
 المنصور بشرط من شروط
الأمان كانت نساؤه طوالق، ودوابه حبس، وعبيده أحرار، وكان
 الناس في حلٍّ من بيعته"،
فاحتدم المنصور غيظًا حين قرأ هذا الأمان، فقال: من الذي
 كتب هذا الأمان؟ فقيل له:
إنه ابن المقفع، فقال: "أما من أحد يكفينيه"؟ وكان سفيان
 بن معاوية يبيّت لابن
المقفع الحقد، فطلبه، ولما حضر قيّده، وأخذ يقطعه عضوًا عضوًا
 ويرمي به في التنور.
وقد
وردت كثير من الروايات في السبب الذي جعل سفيان بن
 معاوية يحقد على ابن
المقفع، منها: أن ابن المقفع سأله أمام جمع من الناس: ما تقول
 يا سفيان في رجل مات وخلف
زوجًا وزوجة؟! فالسؤال يحمل إهانة واضحة لسفيان، مما جعله
 يتحين الفرص للنيل من ابن
المقفع، حتى سنحت له هذه الفرصة الثمينة، وهي طلب المنصور
 أحدًا يكفيه شر ابن المقفع،
واختلف الرواة في السنة التي قُتِل فيها، فقيل سنة 142
 وقيل سنة 143وقيل سنة 145
للهجرة
 .. 

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 304 مشاهدة
نشرت فى 25 إبريل 2011 بواسطة elsayedahmed

التحليل يقتصر على الابيات الأولى للنونية :

 

أَضْـــحَى التَّــنَائِـي بَدِيْـــلاً مِــنْ تَدانِــــيْــنــا

وَنَا بَ عَــنْ طِيْـــبِ لُقْــيَانــا تَجـَافِــيْــــــنَــا

ألا وقـــد حـــانَ صُبــــح الــبَيْـنِ صـــَبَّحنـا

حِـــيـنٌ فقـــام بنـــا للحــِيـــــــن ناعِـيـــنــا

مَــن مُـبلـغ المُـــبْلِســينـا بانــــــتزاحِـــهــم

حُزنــــــاً مع الدهــر لا يَـــــبلـى ويُبـلـينـــا

أن الـزمـان الـذي مـــا زال يُضــــحكــــــنـا

أنسًــا بقربـهـم قـــد عـــــــاد يُبــكيـــــنـــا

غِــيظَ العِـدى من تـساقينا الهـوى فـدعــوا

بـأن نَغُـــــصَّ فـقـــال الدهــــر آميـــــنــــا

فانحــــلَّ مــا كـــان معـــقـودًا بأنــفســـنــا

وانـبـتَّ مـا كـــان موصـــــولاً بأيــــدينــــا

لــم نـعتقـد بعـدكـــــم إلا الوفـــــاءَ لكـــــم

رأيًـــا ولـم نـتـقلـــد غـيــــــرَه ديـنــــــــــا

مــا حــقنا أن تُقـــروا عيــــنَ ذي حسـد بنــا،

ولا أن تســـــروا كـاشــحًــــا فيــــنـــــا

كنـــا نــرى اليـــأس تُســلـينـا عوارضُــــه

وقـد يئسنــــا فمــــــا لليــــأس يُغـريــنــــا

بِنتــــــم وبــنـا فـمـا ابتـتــــت جــوانـحُنــا

شوقًـا إلــيكــــم ولا جــــفـــت مآقيـــــــنـا

نـكــاد حيــــن تُناجــيـكـم ضـمائـــــرُنـــــا

يَقضـــي عليـنا الأســــى لـــولا تـأسِّـــيـنـا

حالـــــت لفــقـدكـم أيامـنـــــا فَـغَـــــــــدَتْ

سُـود ًا وكانـــت بكـــم بـيضًـــا لياليـــــنــا

 

جماليات القصيدة

هذه القصيدة تعكس ما وصل اليه الذوق الاندلسي من تمثيل حياة للفرد ودوافع العشق ، ذاك ان المجتمع الذاي عاشه ابن زيدون كان انفتاحيا الى حد السفور ،فاتنا حد الولعة والضياع ، رقيقا حد الميوعة والانبهار.

وهذه القصيدة تتألف من مجموعة من الوحدات المترابطة فهي تملك الوحدة الموضوعية والعضوية ومطلعها يشي بحالة اعلان نفسي لنعي زمن الوصل وذلك من خلال قوله : -

 

اضح التنائي بديلا من تدانينا

وناب عن طيب لقيانا تجافينا

 

وقد استفتح قصيدته بالفعل الماضي (أضحى ) الذي يعتبرر اشارة الى مضمون القصيده وهو اللوعة والحزن على الماضي والذكري التي اصبحت ألما يعانيه الشاعر ..وحرقة على ايام الوصل وتساقي الهوى والتلاقي في رحاب الحب مع ولادة عشيقته وكيف تحولت تلك الليالي البيض الى ايام سود لايطيب له فيها شيء . وعبر بهذا الفعل دون أمسى اشارة الى ان الفراق حدث في وضح النهار اما الاعيان فأمر الوشاة لم يكن مستترا بل كان مكشوف للجميع .

.فقد قطع الوشاه الوصل وانحل مافي القلوب من اعتقاد حب ووفاء واخلاص ,,رغم انه لازال متمسكا بماتبقى من ذكرى الحب فهو دينه المتبع لايحيد عنه مهما كانت الظروف ..فالحب عقيدة راسخة في قلب هذا الشاعر العاشق لمحبوبته فرغم الفراق وتبدل الاحبه إلا أنه لم يخن عهده وباقي على حبه متأملا بعودة محبوبته بعد هذاالجفاء ..

أوقفنا الشاعر في قصيدته على تفاصيل حبه وتبدل حاله وماحدث بينه وبين ولاده جراء فعل الوشاة وكانه يريد منا ان نقف على تفاصيل تلك الحكاية الحزينة ونواسيه بما اصابه ونشعر بما شعر به ونشاركه المه وحزنه ..وقد تجلت بوضوح نفسية الشاعر الحزينة المعذبة المحترقة شوقا وحنينا في هذه القصيدة ..

 

ومما جعل القصيده بهذا الحد من الروعة والجمال هو قيامها على تلك التخالفية الجذابه المرتكزة على رمز الماضي ومافيه من جمال ووصال ورمز الحاضر وما آل اليه من جفاء وألم ,,(تداني تنائي يخشى تفرقنا يرجى تلاقينا )

 

وهذه التخالفية أعطت للنص قيمته الفنية من خلال من خلال استدعاء الماضي ومعايشته بكل تفاصيله ثم الالتفات الى الحاضر الحزين بكل مآسيه ولواعته ,وجعلنا نعيش مشاعره واحاسيسه فنشعر بلوعته ونشفق عليه من خلال تعايشنا التام مع النص .

 

غيظ العدا من تساقينا الهوى فدعو

 

(استدعاء مشهدي ) للعاشقين وهم يتساقون كأس الهوى وقد أختار تساقي لانها من افعال المشاركة تفاعل التي لاتكون إلا بين اثنين فكأن احدهما يسقي الاخر في صفاء ونقاء وسهولة وعذوبة ..وخلفهم في هذا المشهد عيون الوشاة غاضبة حاقدة حولت هذا التساقي السهل العذب اللذيذ الى غصة في حلوقهم فكان الألم القوي بعد اللذة الممتعة فحدثت الغصة بعد التساقي والكلمتين في تناسق مشهدي رائع ,و هم بهذا الألم والتحول الفضيع نرى الدهر في المشهد متحدثا (استدعاء صوتي ) وهو يقول أمينا فتكابل عليهم الأعداء والدهر في مشهد درامي حزين , ويتواصل المشهد الحزين بآثارة المترتبه والمتعاقبه من خلال حرف الفاء بانحلال مانعقد من حب في قلوبهم وقد وفق باختيار الانحل للنفس والوصل لليد .. فالانحلال للعقد والعقد هو الاعتقاد ومكانه القلب (النفس ) والوصل لمايتشابك ويتلامس للأيدي ,,فكأنما انفلتت ونبتت اصابع ايديهم من بعض في( استدعاء بصري ) يصف لنا بؤرة التحول من حياة الى اخرى .

 

أما التمني الذي جاء غير مرة في ثنايا القصيده فله مايبرره بعد انقطاع ماكان موصولا وجف ماكان تساقيا ولايخلو هذا التمني من عتاب كقوله :

ياليت شعري ولم نعتب اعاديكم ...

 

وعندما تقترب صورة الماضي من مخيلته تشده لوعة الحنين وشدة الوجد فيؤكد المواثيق لولادة

لاتحسبو نأيكم عنا

 

ونقف على تلك المفارقة العجيبه لما كان عليه في الماضي من امن من المفارقة الى يأس وأمن من التلاقي ..

 

وقد نكون ومايخشى تفرقنا .. فاليوم نحن ومايرجى تلاقينا

 

 

القيم الصوتية

 

الموسيقى واضحة جليه في هذه النونية الاندلسيه وقد تميز الشعر الاندلسي بالاكثار من حروف الصفير والهمس والمد في صورة متناغمه مع حياتهم المتحضرة الهادئة الخلابة الطبيعة ,,

 

فجأت قافية القصيدة( ي ,ن ,ا)وقد اعطتنا بذلك لحنا خفيفا رقيقا تطرب له الآذان فالموسيقى هنا ظاهرة بوضوح خاصة بالقافية فصوت

النون أنفي يصدر اثناء البكاء من شدة الولع والفراق فلاشك في ان الحزين يصدر من أنفه صوتا شبيه به فكأن صوت النون بصفته هذه مخرجا هذا الحزن الذي يحمله الشاعر بين جوانحه . ..

 

وكذلك صوت المد اللذي يكثر في القصيده عامة. وصوت المد الألف عادة يخرج النفس من الصدر وكأنه يريد الشهيق والزفير لأخراج حزنه وتجديد حياته اضف الى ذلك سهولة نطق هذا الحرف ,,

وهو مناسب للحاله التي كان عليها الشاعر فأحرف المد والاحرف السهله التي عليها أغلب القصيدة دائما تناسب حالة الحزن والشوق والوجد ..

فأكثاره من الحروف السهله يناسب بلاشك مقام القصيده لأن الالفاظ السهلة والرقيقة المكتسبه من الصوت تناسب اللوعة والذكرى والتألم فتعطي مساحة صوتية ليخرج الشاعر مشاعر الحزن والألم ,

,

ونلحظ عذوبة الموسيقى من التصريع وتكرار صوت المد ( الألف ) واعطاءه مساحه صوتيه حتى كانك ترى البيت بيتين ..

أضْحَى التّنائـي بَديـلاً مِـنْ تَدانِينَـا، وَنَـابَ عَـنْ طـيـبِ لُقْيـانَـا تجافيـنَـا

وكذلك

غِيظَ العِدا مِنْ تَساقِينـا الهـوَى فدعَـوْا بِـأنْ نَغَـصَّ، فَـقـالَ الـدّهـرًُ آميـنَـا

وقوله

كُنّا نرَى اليَـأسَ تُسْلِينـا عَوَارِضُـه، وَقَـدْ يَئِسْنَـا فَـمَـا للـيـأسِ يُغْرِيـنَـا

((نلحظ حرف السين في البيتن الاخيرين وهو صوت تنفيس ))

 

وبعد صوت المد نجد في البيت الثاني صوت الحاء المهموس الخفيف الرقيق مناسبا الحال الذي انطوى عليه المصير المؤلم

ألاّ وَقَد حـانَ صُبـحُ البَيـنِ، صَبّحَنـا حَيْـنٌ، فَـقَـامَ بِـنَـا للحَـيْـنِ نَاعيِـنَـا

وأجمل ما ارى هنا ه مناسبة هذا البيت لمشاعر الشاعر الواقفه امام هذا الموقف عاجزة عن تصاريف القدر مستسلمه لهذا الجلل فلا قوة تفيد ولافتوة تجدي ..فجاء صوت ضعيف متهالك يائس

في بحة الحزن ينعي الوصال ..

 

لكنه حين يتذكر سبب هذا الشقاء ((الوشاة )) يأتي صوت الباء بقوته متفجرا بوجههم

مَـنْ مبلـغُ الملبسِينـا، بانتزاحِهـمُ، حُزْنـاً، مـعَ الدهـرِ لا يبـلـى ويُبْليـنَـا..

 

ونعود للانين مع صوت النون وهوصوت أنفي يصدر اثناء البكاء من شدة الولع والفراق

وهو يتحدث عن ما ال اليه المصير بانحلال الحب وانقطاع الوصل ..

 

- فَانحَـلّ مـا كـانَ مَعقُـوداً بأَنْفُسِنَـا؛ وَانْبَـتّ مـا كـانَ مَـوْصُـولاً بأيْدِيـنَـا

- وَقَـدْ نَكُـونُ، وَمَـا يُخشَـى تَفَرّقُنـا، فاليـومَ نحـنُ، ومَـا يُـرْجـى تَلاقيـنَـا

 

غلب على القصيده الحروف السهله وبالاخص حرف المد ...

 

 

ونرى ازدواجية اللغة ..في قوله ..

 

- وَمَـا يُخشَـى تَفَرّقُنـا، ، ومَـا يُـرْجـى تَلاقيـنَـا

 

تداني ,,, تنائي

 

والالتفات في قوله

ليتَ شعرِي، ولـم نُعتِـبْ أعاديَكـم، هَـلْ نَـالَ حَظّـاً مـنَ العُتبَـى أعاديـنَـا

 

وقوله

غِيظَ العِدا مِنْ تَساقِينـا الهـوَى فدعَـوْا بِـأنْ نَغَـصَّ، فَـقـالَ الـدّهـرًُ آميـنَـا

وقوله

كُنّا نرَى اليَـأسَ تُسْلِينـا عَوَارِضُـه، وَقَـدْ يَئِسْنَـا فَـمَـا للـيـأسِ يُغْرِيـنَـا

 

ورد الاستفهام بقوله

 

مَـنْ مبلـغُ الملبسِينـا، بانتزاحِهـمُ، حُزْنـاً، مـعَ الدهـرِ لا يبـلـى ويُبْليـنَـا

وقوله

 

يا ليتَ شعرِي، ولـم نُعتِـبْ أعاديَكـم، هَـلْ نَـالَ حَظّـاً مـنَ العُتبَـى أعاديـنَـا

 

 

وورد القصر أسلوب الإثبات بعد النفي هو أسلوب بليغ وأسمى ما يجسد هذا الأسلوب البياني هي كلمة التوحيد

 

8- لـم نعتقـدْ بعدكـمْ إلاّ الوفـاء لكُـمْ رَأيــاً، ولَــمْ نَتَقـلّـدْ غَـيـرَهُ دِيـنَـا

 

في الخطاب الشعري لم يذكر ابن زيدون اسم محبوبته اجلالا وتعظيما لها وكان يخاطبها

بضمير الجماعه (تدانينا - بكم - جوانحنا - إليكم - عهدكم - نأيكم - عنكم )

و يستخدم أسلوب الجمع لمخاطبة المفرد إذإذا كان المخاطب

ذا مكانة كبيرة لدى المتكلم وهي تعني الإجلال والإكبار وعظم قدر المخاطب في النفس وهذا ما كان يشعر به ابن زيدون تجاه ولادة

 

 

غلب على النص (الجمل الفعلية ) التي تعطي النص حركة وحيوية

 

 

وتأتي قيمة هذه القصيدة من كثرة استعمال الكنايات والاستعارات والتشبيهات التي تجات بوضوح في القسم الثاني الذي اشتمل على مضمون الرسالة التي اراد ابن زيدون ان يرسلها مع البرق ونسيم الصبا …حتى آخر القصيدة ؛ وذلك كقوله :

 

ان كان قد عز في الدنيا اللقاء بكم في موقف الحشرنلقاكم وتلقونا .

وايضا قوله :

كأننا لم نبت والوصل ثالثنا

والسعد قد غض من اجفان واشينا

سران في خاطرالظلماء يكتمنا

حتى يكاد لسان الصبح يفشينا

 

أما لغة القصيدة ومعانيها فهي رقيقة رقة ابن زيدون سيمحة سماحة طبعه فهو يجتذب الغرب والشرق لحسن ديباجة نظمه وسهولة معاينه فهو يجري في شعره على طبعه كالبحتري في المشرق ، وهذا ما يفسر ما وقع من تلقائية في الفاظه.

والحقيقة ان البحتري له قصيدة جرت على وزن قصيدة ابن زيدون ، في الوزن والقافية وهي في رثاء الخليفة العباسي الموفق ابي احمد طلحة ابن المتوكل .

واذا كانت الطبيعة الاندلسية قد أثرت في لغة القصيدة؛ فان البيئة الاجتماعية الاندلسية قد صبغت القصيدة الغزلية بمسحة اللهجة الدارجة مع مرور الزمن حيث غدا الاندلسيون يستخدمون التعبيرات والمصطلحات التي لم يعرفها العرب المشارقة.

 

 

التناص في القصيدة

 

وقد استطاع الشاعر الاندلسي ان يرسم حبه ولهوه بابيات تحسب من اجمل الشعر الاندلسي .وما ذاك الا من اثر البيئة المشرقية الزاهية في اذواقهم ،ثم ان الاندلس كان لها حظ كبير من الجمال البشري كحظ بيئتها من الجمال الطبيعي ، مما استرعى انظار العرب ونية عواطفهم فقالوا في الغزلما قالوا ، ووضعوا الجمال الفائق الذي ملك اغنية قلوبهم شعرا ، فيه شيء من الصدق ، وكثير من العاطفة .

 

من الواضح ان ابن زيدون قد عارض البحترى في نونيته التي استهلها بقوله :

 

يكاد عذلنا في الحب يغرينا

فما لجاجك في لوم المحبينا

 

 

ومع اختلاف طبيعة الموضوع لدى كل من الشاعرين يضل اعجاب ابن زيدون واضحا حين اخذ من البحترى مقدمته وبنى على اساس منها قصيدة كاملة تسير في نفس اتجاه شكلها الغزلي بل تختص فيه وطوعها لتجربته الحقيقية فأضاف اليها وضخم فيها فكانت مفتاحاً لنونيته المشهورة .

فمثل هذا التصور بموقف ابن زيدون لايمكن ان يصدر من فراغ قدر مايدل على أن ثمة تأثيرات واضحة لابد أن يكون قد فرضت نفسها على ابن زيدون حين أعجب بفن الشعر عند البحترى فأراد أن يستوحي منه ذلك الخيال الصوتي العذب الذي أستعان به في نونيته إلى جانب ماتوقف عنده من صور أخرى جزئية بدت شديدة التأثير في لوحاته وقبل الجانب الإيجابي في هذا التأثير يحسن أن نقف على طبيعة التجربة عند كل من الشاعرين وما بينهما من مفارقات على مستوى الشكل تبدأ من كون حديث البحترى وحواره الغزلي لم يتجاوز مقدمة قصيدة مدح,في مقابل موقف آخر رسم فيه ابن زيدون لوحة غزلية كاملة فالبحترى في مقدمته كان حريصا على أن يدخل الى ممدوحه بعد حديث ذاتي يصور فيه تجربة ما تخصه سواء عاشها أم اكتفى بتمثلها ,

 

فعنصر الصدق عنده لاينتهي الى ضرورة المعايشة والمعاناة التي عاشها ابن زيدون وعاناها ,في المقابل توحد الموقف الغزل حول ولادة لدى ابن زيدون وكأنه راح يستكمل مسيرة متيمى الجاهلية أو عذريي العصر الأموي.

 

كما تظل مقدمة البحترى محصورة في أربعة عشر بيتا يرصد فيها عدة خواطر تبدو متناثرة إذ لايكاد يربطها نفسيا سوى ذلك الحس الغزلي الذي يطرحه في كثير من مقدمات قصائده خاصة في باب المدح.

 

ومع اختلاف الموقف لاتخفى أوجه التشابه والالتقاء بين الشاعرين ابتداء من تلك الحاسة الموسيقية التي ترنم بها كل منهما, الى جانب أساليب الصياغة اللفظيةوالتصويرية انطلاقا من التماس كل منهما تلك السهولة وذلك الوضوح, والميل الى تجنب التعقيد والانصراف عن الغموض التصويري .

 

ولقد اندفع البحترى في حواره الغزلي من منطلق تجربة تمثلها فحلق بها خياله في عالم الشعر ليجد الوزن والقافية الملائمين للموقف فنظم النونية بعيدا عن التعقيد والفلسفة من ناحية,وبعيدا ايضا عن الاسفاف او الرداءة أو الركاكة من الناحية المقابلة.

والفارق الأساسي بين الشاعرين من حيث دوافع النظم لنونيته كل منها, ذلك أن تلك الدوافع لا بد أن تترك أثرا واضحا في أوجه الاختلاف التي يمكن تبينها بينهما, فإذا كان الأمر لدى البحترى بمثابة تصوير لمقدمة اعتاد على استهلاك مدائحه بمثلها,

وبذا تبدو فتنة ابن زيدون بالبحترى كامنة وراء ظهور شخصيته بشكل بارز ومستقل عبر من خلاله عن حقيقة مشاعره من خلال معطيات تصويره اختلفت في طبيعتها النوعية عن مادة التصوير لدى البحترى حتى ليمكن بوضوح ان نلتمس عند ابن زيدون اندلسيته المتحضرة.

 

وكان يلقب ببحتري الغرب تشبيهاً له ببحتري الشرق في روعة ديباجته وسمو خياله وحسن فنّه، غير أنه يتميز من بحتري الشرق بجمال وصفه للطبيعة، وإشراكه إياها في شعوره ولواعج شوقه، وألمه من فراق "ولادة بنت المستكفي"؛ كما أنه يتميّز بنعومة غزله وبراعته في تصوير اختلاجات نفسه ولوعته، ومزجه الغزل بوصف الطبيعة، ولا ريب أن لمحبّ ولادة وحرمانه منها أثراً عميقاً في شعره، بما حباه من رقة عاطفة وحنين وشكوى، وبما ألهمه من تعبير عن إحساساته حتى تبوأ زعامة الغزل في أيامه. ومدائح ابن زيدون كثيرة، غير أنه كان فيها متبعاً لا مبتدعاً، كثير التصنع، والإغراب

وطريقة البحتري في الوصف قوامها المبالغة في تحريك الموصوفات، وبعث الحياة قوية فيها، إلى جانب كمال التشخيص والتعبير عن مواطن الجمال تعبيراً عاطفياً رقيقاً يستغل البحتري فيه ثقافته الأصيلة وانفعاله بمشاهد المدينة والحضارة المستجدة في عصره.

 

 

جماليات القصيدة :

 

هذه القصيدة تعكس ما وصل اليه الذوق الاندلسي من تمثيل حياة للفرد ودوافع العشق ، ذاك ان المجتمع الذاي عاشه ابن زيدون كان انفتاحيا الى حد السفور ،فاتنا حد الولعة والضياع ، رقيقا حد الميوعة والانبهار.

وهذه القصيدة تتألف من مجموعة من الوحدات المترابطة فهي تملك الوحدة الموضوعية والعضوية ومطلعها يشي بحالة اعلان نفسي لنعي زمن الوصل وذلك من خلال قوله : -

 

اضح التنائي بديلا من تدانينا

وناب عن طيب لقيانا تجافينا

 

وقد استفتح قصيدته بالفعل الماضي (أضحى ) الذي يعتبرر اشارة الى مضمون القصيده وهو اللوعة والحزن على الماضي والذكري التي اصبحت ألما يعانيه الشاعر ..وحرقة على ايام الوصل وتساقي الهوى والتلاقي في رحاب الحب مع ولادة عشيقته وكيف تحولت تلك الليالي البيض الى ايام سود لايطيب له فيها شيء . وعبر بهذا الفعل دون أمسى اشارة الى ان الفراق حدث في وضح النهار اما الاعيان فأمر الوشاة لم يكن مستترا بل كان مكشوف للجميع .

.فقد قطع الوشاه الوصل وانحل مافي القلوب من اعتقاد حب ووفاء واخلاص ,,رغم انه لازال متمسكا بماتبقى من ذكرى الحب فهو دينه المتبع لايحيد عنه مهما كانت الظروف ..فالحب عقيدة راسخة في قلب هذا الشاعر العاشق لمحبوبته فرغم الفراق وتبدل الاحبه إلا أنه لم يخن عهده وباقي على حبه متأملا بعودة محبوبته بعد هذاالجفاء ..

أوقفنا الشاعر في قصيدته على تفاصيل حبه وتبدل حاله وماحدث بينه وبين ولاده جراء فعل الوشاة وكانه يريد منا ان نقف على تفاصيل تلك الحكاية الحزينة ونواسيه بما اصابه ونشعر بما شعر به ونشاركه المه وحزنه ..وقد تجلت بوضوح نفسية الشاعر الحزينة المعذبة المحترقة شوقا وحنينا في هذه القصيدة ..

 

ومما جعل القصيده بهذا الحد من الروعة والجمال هو قيامها على تلك التخالفية الجذابه المرتكزة على رمز الماضي ومافيه من جمال ووصال ورمز الحاضر وما آل اليه من جفاء وألم ,,(تداني تنائي يخشى تفرقنا يرجى تلاقينا )

 

وهذه التخالفية أعطت للنص قيمته الفنية من خلال من خلال استدعاء الماضي ومعايشته بكل تفاصيله ثم الالتفات الى الحاضر الحزين بكل مآسيه ولواعته ,وجعلنا نعيش مشاعره واحاسيسه فنشعر بلوعته ونشفق عليه من خلال تعايشنا التام مع النص .

 

غيظ العدا من تساقينا الهوى فدعو

 

(استدعاء مشهدي ) للعاشقين وهم يتساقون كأس الهوى وقد أختار تساقي لانها من افعال المشاركة تفاعل التي لاتكون إلا بين اثنين فكأن احدهما يسقي الاخر في صفاء ونقاء وسهولة وعذوبة ..وخلفهم في هذا المشهد عيون الوشاة غاضبة حاقدة حولت هذا التساقي السهل العذب اللذيذ الى غصة في حلوقهم فكان الألم القوي بعد اللذة الممتعة فحدثت الغصة بعد التساقي والكلمتين في تناسق مشهدي رائع ,و هم بهذا الألم والتحول الفضيع نرى الدهر في المشهد متحدثا (استدعاء صوتي ) وهو يقول أمينا فتكابل عليهم الأعداء والدهر في مشهد درامي حزين , ويتواصل المشهد الحزين بآثارة المترتبه والمتعاقبه من خلال حرف الفاء بانحلال مانعقد من حب في قلوبهم وقد وفق باختيار الانحل للنفس والوصل لليد .. فالانحلال للعقد والعقد هو الاعتقاد ومكانه القلب (النفس ) والوصل لمايتشابك ويتلامس للأيدي ,,فكأنما انفلتت ونبتت اصابع ايديهم من بعض في( استدعاء بصري ) يصف لنا بؤرة التحول من حياة الى اخرى .

 

أما التمني الذي جاء غير مرة في ثنايا القصيده فله مايبرره بعد انقطاع ماكان موصولا وجف ماكان تساقيا ولايخلو هذا التمني من عتاب كقوله :

ياليت شعري ولم نعتب اعاديكم ...

 

وعندما تقترب صورة الماضي من مخيلته تشده لوعة الحنين وشدة الوجد فيؤكد المواثيق لولادة

لاتحسبو نأيكم عنا

 

ونقف على تلك المفارقة العجيبه لما كان عليه في الماضي من امن من المفارقة الى يأس وأمن من التلاقي ..

 

وقد نكون ومايخشى تفرقنا .. فاليوم نحن ومايرجى تلاقينا

 

 

 

القيم الصوتية

 

الموسيقى واضحة جليه في هذه النونية الاندلسيه وقد تميز الشعر الاندلسي بالاكثار من حروف الصفير والهمس والمد في صورة متناغمه مع حياتهم المتحضرة الهادئة الخلابة الطبيعة ,,

 

فجأت قافية القصيدة( ي ,ن ,ا)وقد اعطتنا بذلك لحنا خفيفا رقيقا تطرب له الآذان فالموسيقى هنا ظاهرة بوضوح خاصة بالقافية فصوت

النون أنفي يصدر اثناء البكاء من شدة الولع والفراق فلاشك في ان الحزين يصدر من أنفه صوتا شبيه به فكأن صوت النون بصفته هذه مخرجا هذا الحزن الذي يحمله الشاعر بين جوانحه . ..

 

وكذلك صوت المد اللذي يكثر في القصيده عامة. وصوت المد الألف عادة يخرج النفس من الصدر وكأنه يريد الشهيق والزفير لأخراج حزنه وتجديد حياته اضف الى ذلك سهولة نطق هذا الحرف ,,

وهو مناسب للحاله التي كان عليها الشاعر فأحرف المد والاحرف السهله التي عليها أغلب القصيدة دائما تناسب حالة الحزن والشوق والوجد ..

فأكثاره من الحروف السهله يناسب بلاشك مقام القصيده لأن الالفاظ السهلة والرقيقة المكتسبه من الصوت تناسب اللوعة والذكرى والتألم فتعطي مساحة صوتية ليخرج الشاعر مشاعر الحزن والألم ,

,

ونلحظ عذوبة الموسيقى من التصريع وتكرار صوت المد ( الأ�

  • Currently 29/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 16127 مشاهدة
نشرت فى 25 إبريل 2011 بواسطة elsayedahmed

أضحى التنآئى بديلاُ عن تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
ألا وقد حان صبح البين ِ صبحنا
حينٌُ فقام بنا للحى ناعينا
من مبلغ الملبسين بأنتزاحهموا
شوقا مع الدهر لا يبلى ويبلينا
إن الزمان الذي قد كان يضحكنا أنسا
بقربهمٌ قد عاد يبكينااااااااااا
غيظ العدا من تساقينا الهوى
مدعواَ بأن نغص فقال الدهر : آمينا
فانحل ماكان معقوداً بأنفسنا
وانبت ماكان موصولاً بأيدينا
وكنا وما يخشى تفرقنا
فنحن اليوم وما يرجى تلاقينا
بنتم وبنا فما فما ابتلًت جوانحنا
شوقا إليكم ولاجفت مآقينا
تكاد حين تناجيكم ضمائرنا
يقضى علينا الأسى ولولا تأسينا
لم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم
رأينا ولم نتقلد غيرة دينا
ربيبة ملكِ كأن اللة أنشأة
مسكاً وقدر انشأ الورى طينا
أو صاغة من لجن خالص
وكساة من خالص التبر تحسينا

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 249 مشاهدة
نشرت فى 24 إبريل 2011 بواسطة elsayedahmed

شرح نونية ابن زيدون
الفكرة العامة: محافظة الشاعر على حبه لولادة.
الأبيات (1-10) والشاعر في هذه الأبيات، يذوب آسى وألما على فراق ولادة بن المستكفي حبيبته وعشقته، ويحترق شوقا إليها وإلى الأوقات الصافية المتعة التي أتيحت له معها . وفي ظلال هذه العاطفة المتأججة الملتهبة يقول شعره نابضا بالحياة مترجما عن الحب كاشفا عن الشوق.مختصر الفكرة:وصف لحال الحاضر ووصف الماضي ويتخلل هذا القسم أبيات الوفاء والحب والتجلد على الواقع الأليم.
أضحى التنائي بديلا من تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا
يستهل الشاعر قصيدته بالتوجع والتحسر على ما صارت إليه حاله فقد تغيرت من قرب بينه وبين محبوبته إلى بعد ونأي يتزايد مع الأيام. لقد تحول القرب بعدا وصار اللقاء جفاء وهو أمر يشقيه ويعذبه.
نجد الشاعر أنه استخدم ألفاظا جزلة في التعبير عن مدى وطول البعد وقوة الشوق حيث استخدم ألفاظ ذات حروف ممدودة يمتد فيها النفس ليعبر عن ألمه ونجد ذلك في جميع ألفاظ البيت الأول./ فهو يقول إن التباعد المؤلم بينه وبين محبوبه أضحى هو السائد بعد القرب الذي كان وحل مكان اللقاء والوصل الجفاء والهجر./ ومن الصور البيانية في البيت: الطباق بين ( التنائي و تدانينا ( التداني) وبين ( لقيانا وتجافينا).
من مبلغ الملبسينا بانتزاحهم حزنا مع الدهر لايبلى ويبلينا
في هذا البيت يستفهم الشاعر بغرض التوجع والتحسر والألم الذي حل به ويطلب من أحد أن يبلغ الذي ألبسه هذا الحزن الدائم المتجدد وابتعد عنه( ويقصد الواشين الذين فرقوا بينه وبين محبوبته ) والصورة البيانية هو تشبيه الشاعرسيطرة الحزن على نفسه باللباس أو بثوب يلبسه ويكسو جسمه لا يقدم ولا يبلى بل دائم التجدد/ الغرض من الاستفهام في البيت أظهار الحزن والتوجع.
إن الزمان الذي ما زال يضحكنا أنسا بقربهم قد عاد يبكينا.
هذه هي الرسالة التي أراد الشاعر أن يوصلها إلى محبوبته حين قال في البيت السابق من مبلغ الملبسينا ماذا يبلغهم يا ترى ؟ يبلغهم أن ضحكه قد تحول إلى بكاء دائم أو أن الزمان السابق والذي مايزال يضحكنا مؤنسا لنا بذكراه الجميلة مع المحبوبة قد عاد وتبدل الحال فهو اليوم يبكينا ونلاحظ الشاعر لايتطرق إلى ذكر اسم محبوبته وذلك إجلالا لها وتعظيما لشأنها ووفاء لها./ والصورة البيانية تشبيه الزمان بأنسان يضحك وتشخيصه والتجسيم بالاستعارة المكنية / كما يوجد بين (يضحكنا ويبكينا) مقابلة.
غيظ العدى من تساقينا الهوى فدعوا بأن نغص فقال الدهر: آمينا.
وقد نكون وما يخشى تفرقنا فاليوم نحن وما يرجى تلاقينا
ويواصل بث رسالته إلى محبوبته وإلى مستمعيه فيقول أن الدهر قد استجاب لدعوة أعدائه وحقق لهم ما أرادوا من أيقاع بين حبيبين وأصابهم الخزن والألم، فلم يعودا يرجوان التلاقي بعد أن كانا لا يخشيان الفراق./ الصور البيانية: تشبيه الهوى بمشروب يتابدله الحبيبان عن طريق ( الأستعارة المكنية) وتشخيص الدهر وتشبيه بأنسان يتكلم ويقول آمين كذلك عن طريق ( الاستعارة المكنية)./ ويوجد بين (تفرقنا وتلاقينا ) طباق إيجاب.
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقا إليكم ولاجفت مآقينا
يبدأ الشاعر بعد وصفه لحال الحاضر المؤلم ومقارنته بالماضي السعيد يتحدث عما يكنه من وفاء لولادة ويبثها الآمه ولوعته فيقول:
ابتعدتم عنا وابتعدنا عنكم ونتيجة هذا البعد فقد جفت ضلوعنا وما تحوى من قلب وغيره واحترق قلبوبنا بنار البعد في الوقت الذي ظلت فيه (مآقينا: جمع مؤق وهو مجرى العين من الدمع) عيوننا مبتلة بالدمع من تواصل البكاءلأنه مشتاق محروم فلا أقل من أن يخفف همه بالبكاء ويسلي نفسه بالدموع/ الصور البيانية: بين ابتلت وجفت يوجد مقابلة/ في قوله فما ابتلت جوانحنا هنا كناية عن شوق الشاعر/ وفي قوله ولاجفت مآقينا كناية عن حزن الشاعر.
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
ويستمر الشاعر في وصف الصورة الحزينة القاتمة فيقول: يكاد الشوق إليكم يودي بحياتنا لولا التصبر والأمل والتسلي في اللقاء( حينما تعود به الذكرى على الأيام الخوالي فيتصور الجمال والفتنة والحب والبهجة والأمل والسعادة ويهتف ضميره باسمها ويناجيها على البعد في المسافات لأنها قرينة روحه وجزء نفسه حينما يعيش أبعاد التجربة العذبة المؤلمة ويوازن بين ما كان عليه وما صار إليه تقرب روحه أن تفارق جسده بسبب الحزن المفرط الذي يملأ جوانحه لولا أنه يمني نفسه بالأمل ويعزي روحه عن المحنة بالصبر)/الصور البيانية:يجسد ويشخَّص الضمائر والأسى ويجعل للضمائر لسان يناجي وللأسى قدرة على القضاء والقتل وذلك عن طريق (الاستعارة المكنية).
حالت لفقدكم أيامنا فغدت سودا وكانت بكم بيضا ليالينا
لقد تبدلت الحياة وأظلمت الدنيا الأيام المشرقة الباسمة المضيئة جللها السواد وعمها الظلام ببعد ولادة وقد كانت الليالي المظلمة الطويلة مضيئة قصيرة بقربها./ الصور البيانية يوجد البيت مقابلة من خلال الكلمات ( أيامنا فغدت سوادا وكانت بكم بيضا ليالينا).
إذ جانب العيش طلق من تألفنا ومورد اللهو صاف من تصافينا.
وإذ هصرنا فنون الوصل دانية قطافها فجنينا منه ماشينا
وفي هذين البيتين يصف الشاعر ويتذكر أيامه مع محبوبته حيث كانت الحياة صافية متفتحة وحيث كانا يجنيان ثمار الحب مايشاءان ومتى يشاءان فهو يقول أن عيشنا الماضي كان طلق ( مشرق) من شدة الألفة بيننا وقوة الترابط حيث اللهو والسمر والتخلي فيما بينهم وبين أنفسهم لا يعكره حزن ولا هم ولا شقاق ولا خلاف ولهذا فهو صاف مثل المورد العذب الجميل من شدة تصافينا وخلو المودة مما يكدرها.
وإذ قطفنا أوأملنا( هصرنا) فنون الوصل ( أنواع وطرق الوصل) وفنون التواصل من كلام عذب وتغزل وغيرها حيث أنها وبالمودة كانت قريبة وأخذوا منه ما شاء منها ومتى شاء./ الصور البيانية: شبه اللهو بالمورد العذب وعدم التكدر بصفاء المورد/ وشبه الوصل بشجرة بها من الثمار القريبة الدانية عن طريق الاستعارة المكنية./ كما يوجد اقتباس من القرآن في قوله دانية قطافها .
الأبيات من ( 11- 13):- تأكيد الشاعر محافظته على عهد محبوبته والوفاء لها.
ليسق عهدكم عهد السرور فما كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا إذ طالما غير النأي المحبينا
والله ما طلبت أهواؤنا بدلا منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا.
ويطوف بالشاعر طائف الذكرى الحلوة فيدعو لعهد الوفاء بينهما بالحياة والتجدد لأنه عاش فيه وصفت روحه به وتلقى من محبوبته مشاعل الأمل وحياة النفس وهو دعاء يكشف عن الحنين إلى العهد الماضي وجمال الذكرى / وإذا كان الفراق يغير المحبين ويجعلهم ينسون حبات قلوبهم فلن يستطيع أن ينسى الشاعر هواه بل يزيده البعد وفاء وإخلاصا فما زالت أمانيه متعلقة بولادة وهواه مقصورا عليها فقد كانت الرياحين لروحه وما زالت كذلك والشاعر يؤكد هذا المعنى ويثبته بالقسم بالله/ الصور البيانية: استخام فعل الأمر ليسق وقصد به الدعاء والغرض منه الحنين/ وشبه محبوبته ولادة بالرياحين/ يوجد بين أرواحنا ورياحينا : جناس ناقص/ استخدام القسم للتأكيد.
الأبيات:14-15: مناجاة وأشراك الشاعر الطبيعة أحاسيسه ومشاعره
يا ساري البرق غاد القصر واسق به من كان صرف الهوى والود يسقينا.
ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا من لو على البعد حيا كان يحيينا
يناجي الشاعر الطبيعة ويشرك بعضها في هواه ويستعين بها لتشاركه في حمل عبئه وتخفيف آلمه والوقوف بجانبه فيدعو المطر في ترفق ورجاء أن يباكر ويبكر في إرواء قصر محبوبته بماء المطر العذب الصافي لأنها كثيرا ما سقته الهوى خالصا نقيا من الخداع والزيف ولا يكتفي الشاعر بالمطر بل يقصد نسيم الصبا ليبلغ تحيته إلى من يهواه لأنه على الرغم من بعده فأنه لو ألقى لي ورد لي التحية لبعث في روحي الحياة مرة أخرى.
أو لينقل تحياته إلى محبوبته التي لو ردت التحية فإنها ستمنحه الحياة مهما كانت بعيدة عنه./ الصور البيانية: فقد أبدع الشاعر في مناجاته ( ساري البرق) ( ونسيم الصبا) وفي طلبه السقيا من المطر للقصر ومن فيه وفي طلب تبليغ التحية إلى من يحب من ( نسيم الصبا) فهو في ذلك يشخص الطبيعة ويأنس إليها ويبثها نجواه وأحاسيسه/ ومن الصور الكناية عن ولادة في قوله ( من كان صرف الهوى والود يسقينا) / والاستعارة المكنية في بلغ ( بلغ تحيتنا) / والاستعارة التصريحية في ( من لو على القرب حيا كان يحيينا) حيث توحي بأن لقاءه بمن يحب حياة وبعده عنه موت وبهذا شبه اللقاء بالحياة والبعد بالموت./ أسلوب النداء الغرض منه اظهار الشوق والحنين/ والغرض من النداء في البيت هو الرجاء والتمني.
الأبيات من 16- 19: تأكيد الشاعر احترامه لمحبوبته وعودته للمناجاة مع مقارنة الحاضر المقيم بالماضي الآفل وتأكيد للوفاء ينهي إلى الاستعطاف والاستسلام لهدوء ذليل.
لسنا نسميك إجلالا وتكرمة وقدرك المعتلى عن ذاك يغنينا
يؤكد الشاعر في هذا البيت احترامه لمحبوبته فهو لا يذكر اسمها تكريما لها وتشريفا لقدرها العالي./ ما إعراب إجلالا: مفعول لأجله منصوب بالفتحة الظاهرة على آخره.
يا جنة الخلد أبدلنا بسدرتها والكوثر العذب زقزوما وغسلينا
دومي على العهد _ ما دمنا _ محافظة فالحر من دان إنصافا كما دينا
عليك منا سلام الله ما بقيت صبابة منك نخفيها وفتخفينا
يتابع الشاعر أساه ويبرز لوعته على حرمانه الجنة التي تفيأ ظلالها ونعم بها مع من يحب ثم إذا به يستبدل بجنته نارا وطعامه الطيب وماؤه العذب يتبدلان زقوما وغسلينا /ولن يرد الشاعر نفسه القلقة ولن يعيد إليه روحه المعذبة إلا بقاءؤها على الود وحفاظها على العهد ولذلك يدعوها في استعطاف ان توفي بعهدها معه لأنه وفي به وحافظ عليه وشيمة الاحرار الوفاء بالعهد وهي منهم حتى لا يكون لأحد عليه فضل /ولكنه لا ينسى أن هذا قد أصبح من الماضي الذي لن يعود فيرسل لها سلاما يبقى ما بقيت لديه بقية من حب ونحوها. وودعها وفي نفسه ذلة وانكسار وفي الجو الذي خلقه ارتجاف وحسرة / الصور البيانية: الاستعارة التمثيلية في البيت يا جنة أبدلنا ... ألخ حيث شبه صورة زمن الوصل وما فيه من ألوان المتعة وتنوع مظاهر السعادة بالعيش في جنة الخلد والتمتع بكل مظاهر السرور كما أنه شبه حياة الفراق وما فيها من عذاب وجروح وآلام بالحياة في النار ليس فيها إلا الاحراق والزقوم والغسلين ثم استعار التعبير في الجانبين فالاستعارة هنا تمثيلية كما يوجد اقتباس من القرآن في جنة الخلد/ وزقوم / وغسلين...ألخ/ الغرض من فعل الأمر دومي هو الاستعطاف والرجاء واستماله/ والمقابلة بين( نخفيها فتخفينا)/ والغرض من النداء في قوله يا جنة الخلد أضهار التحسر/

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 2225 مشاهدة
نشرت فى 24 إبريل 2011 بواسطة elsayedahmed

السيد احمد عبد اللطيف حسين

elsayedahmed
اهتم بالكتب والمقالات والروابط وكل مايخص طالب العلم »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

125,034