<!--<!--<!--<!--
الباب الأول
مفهوم أهل السنة والجمـاعة
الفصل الأول
التعريف بمصطلح أهل السنة والجماعة وبيان مشروعيته
أولاً: تعريف المصطلح باعتبار مفرداته.
ثانيًا: تعريف المصطلح باعتبار تركيبه الإضافي.
ثالثًا: بيان مشروعية هذا المصطلح.
أولاً: تعريف المصطلح باعتبار مفرداته:
أ- تعريف السنة لغة واصطلاحًا:
- السنة لغة(1):
1- السيرة والطريقة: حسنة كانت أو قبيحة، وهي مأخوذة من السَنَن وهي الطريق. وقد ورد هذا المعنى في قوله تعالى: { يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } [النساء:26]، يعني طرائقهم الحميدة(2). ومن ذلك الحديث: "من سن في الإسلام سنة حسنة… ومن سن في الإسلام سنة سيئة"(3). قال ابن منظور: "وقد تكرر في الحديث ذكر السنة، وما تصرف منها، والأصل فيه: الطريقة والسيرة"(4).
2- الصقل والتزيين: فيقال: سن الشيء أي: صَقَله وزيَّنَه.
3- التقوية: فالعرب تقول: الحمض يسن الإبل على الخلة أي: يقويها، كما يقوّي السَّنُّ حدَّ السكين. والسِّنان، (الاسم) من يَسُنّ: وهو القوة.
4- البيان: فسنة الله أي: أحكامه، وسن الله سنة: أي بيّن طريقًا قويمًا، قال الله تعالى: { سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ } [الأحزاب:38، 62].
5- العادة الثابتة المستقرة: فسنة الله أيضًا بمعنى: حكمه وقضاؤه الثابت الذي لا يختلف، قال تعالى: { سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} [الفتح:23]، وقال: { سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً } [الإسراء:77]. فالسنة هنا تعني: العادة الثابتة التي حكم الله بها وقضاها(5).
_____________________________
(1) يراجع في معناها اللغوي: لسـان العرب لابن منظور (6/365-402)، والقاموس المحيـط للفيروز أبادي ص1557-1559، ومختار الصحاح للجوهري ص133.
(2) تفسير ابن كثير (1/480).
(3) رواه مسلم (1017) من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه .
(4) لسان العرب (6/399).
(5) انظر: تفسير ابن كثير (3/54).
- السنة اصطلاحًا:
السنة لها معان اصطلاحية متعددة بحسب الفن الذي ترد فيه، فالسنة عند الفقهاء غيرها عند المحدثين، غيرها عند الأصوليين، ولكن يعنينا هنا معناها عند علماء الاعتقاد، فمن ذلك:
1- اتباع العقيدة الصحيحة الثابتة بالكتاب والسنة:
يطلق السلف: "السنة" على أصول الدين وفرائض الإسلام وأمور الاعتقاد، والأحكام القطعية في الدين، وعلى هذا جرى الإمام أحمد وغيره في تصنيفهم كتب الاعتقاد باسم السنة(1). وعلى هذا فالسنة تطلق عندهم على: "ما سلم من الشبهات في الاعتقادات، خاصة في مسائل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، و في مسائل القدر، وفضائل الصحابة"(2).
ويلحظ في سبب هذا الإطلاق للفظ السنة؛ أن السنة من مصادر التلقي للعقيدة الصحيحة؛ ولذا جعل بعض السلف السنة بمعنى الاتباع، وبعضهم جعلها بمعنى الإسلام، فإذا قيل مذهب أهل السنة؛ فالمراد: معتقداتهم وأقوالهم في أصول الدين.
2- ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من العلم والعمل والهدي وكل ما جاء به مطلقًا:
قد تطلق السنة باصطلاح أعم فتشمل التوحيد وغيره، وهو: "طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه علمًا وعملاً، اعتقادًا وسلوكًا، خلقًا وأدبًا، وهي السنة التي يجب اتباعها، ويحمد أهلها، ويذم من خالفها"(3). ويشهد لهذا المعنى حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ، وفيه: "فمن رغب عن سنتي فليس مني"(4).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن السُنَّة التي يجب اتباعها ويُحمَد أهلها ويذم من خالفها: هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمور الاعتقاد، وأمور العبادات، وسائر أمور الديانات"(1).
_____________________________
(1) المدخل لدراسة العقيدة د. إبراهيم البريكان ص12.
(2) كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة لابن رجب الحنبلي ص26-28.
(3) مباحث في عقيدة أهل السنة د. ناصر العقل ص13.
(4) رواه البخاري (5063)، ومسلم (1401).
ب- تعريف الجماعة لغة واصطلاحًا:
- الجماعة لغة(2):
1- الاجتماع: وهو ضد التفرق، والفرقة، فالجماعة اسم مصدر اجتمع يجتمع اجتماعًا وجماعة، ويقال تجمَّع القوم، إذا اجتمعوا من هنا وهناك.
قال ابن تيمية: "الجماعة هي الاجتماع، وضدها الفرقة، وإن كان لفظ الجماعة قد صار اسمًا لنفس القوم المجتمعين"(3).
2- الجمْع: وهو اسم لجماعة الناس، والجمع مصدر قولك: جمعت الشيء.
3- الإجماع: وهو الاتفاق والإحكام، يقال: أجمع الأمر أي أحكمه، ومنه إجماع أهل العلم، أي: اتفاقهم على حكم مسألة.
- الجماعة اصطلاحًا:
تعددت الأقوال الواردة في معنى الجماعة شرعًا، وبمحاولة الجمع والتوفيق بين هذه الأقوال المتعددة نلاحظ أن جملة هذه المعاني تؤول إلى معنيين اثنين:
الأول: ما عليه أهل الحق من الاتباع وترك الابتداع، وهو مذهب الحق الواجب اتباعه والسير على منهاجه، ولو كان المتمسك بهذا قليلاً، وهذا معنى تفسير الجماعة بالصحابة، أو أهل العلم والحديث، أو أئمة العلماء المجتهدين المتبعين لمنهج الفرقة الناجية، أو الإجماع، أو السواد الأعظم من أهل الإسلام(4).
الثاني: هم الذين اجتمعوا على أمير على مقتضى الشرع، فيجب لزوم هذه الجماعة، ويحرم الخروج عليها وعلى أميرها(1)، وهذا ما رجحه جمع من أهل العلم كالقاضي ابن العربي(2) وغيره.
_____________________________
(1) مجموع الفتاوى لابن تيمية (3/378).
(2) لسان العرب (2/355-361)، والمعجم الوسيط (1/140، 141).
(3) العقيدة الواسطية لابن تيمية ص46.
(4) راجع: فتح الباري (13/37)، وفيه نقل ابن حجر رحمه الله أقوال الإمام الطبري في معنى الجماعة شرعًا
ثانيًا: تعريف مصطلح أهل السنة والجماعة باعتبار تركيبه الإضافي:
وعلى هذا، فإن مصطلح أهل السنة والجماعة يُعنى به "المستمسكون بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذين اجتمعوا على ذلك، وهم الصحابة والتابعون، وأئمة الهدى المتابعون لهم، ومن سلك سبيلهم في الاعتقاد والقول والعمل إلى يوم الدين"(3).
فهم بالجملة كل من اجتمع على التمسك بالسنة ونبذ الفرقة، وجمع الدين قولاً وعلمًا وعملاً، مع الاجتماع على أئمة الحق والحرص على وحدة الصف، فيجمعون بذلك بين واجبي الاتباع والاجتماع.
ومما سبق.. فإن من الوجوه التي يمكن أن نتعرف منها على أهل السنة ما يلي:
- أنهم هم السلف الصالح، أصحاب القرون الثلاثة الفاضلة، من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين علموا السنة وعملوا بها ونقلوها، والتابعين وتابعي التابعين من أئمة الهدى المتبعين لآثار الصحابة y .
- وهم الفرقة الناجية من بين الفرق، حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراق أمته إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة وهي "الجماعة"(4)، وفي رواية قال: "ما أنا عليه وأصحابي"(5).
- وهم الطائفة الظاهرة المنصورة إلى قيام الساعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تزال طائفة من أمَّتي يقاتلون على الحق، ظاهرين إلى يوم القيامة"(1).
- وهم الغرباء إذا كثرت الأهواء والضلالات والبدع وفسد الزمان، أخذًا من قوله صلى الله عليه وسلم : "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا فطوبى للغرباء"(2).
- وهم أصحاب الحديث رواية ودراية علمًا وعملاً. روي ذلك عن ابن المبارك، والبخاري، وابن المديني، وأحمد بن سنان، وقال الإمام أحمد في الطائفة المنصورة: "إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم"، وقال القاضي عياض: "إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث"(3).
_____________________________
(1) موقف ابن تيمية من الأشاعرة د. عبد الرحمن المحمود (1/16-17).
(2) عارضة الأحوذي المؤلف (9/10).
(3) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (2/544-546)، ورسائل في العقيدة لابن عثيمين، ومباحث في عقيدة أهل السنة د. ناصر العقل ص13، 14.
(4) أخرجه أحمد (16490)، وأبو داود (4597)، والحاكم (443) من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه . صححه الحاكم، والشيخ الألباني في صحيح الجامع (2641).
(5) أخرجه الترمذي (2641)، والحاكم (444) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. اهـ.، وقال المناوي في فيض القدير (5/347): وفيه عبد الرحمن بن زياد الأفريقي، قال الذهبي: ضعفوه. اهـ.، وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي (7/334): في سنده عبد الرحمن بن زياد الأفريقي وهو ضعيف، فتحسين الترمذي له لاعتضاده بأحاديث الباب. اهـ.، وحسّنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (5345).
1- إن هذا المصطلح والوصف مستمد في الحقيقة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه الآمر بالعناية بالسنة "عليكم بسنتي"(4)، وهو الآمر بالجماعة "وأنا آمركم بخمس كلمات أمرني الله بهن: الجماعة،..."(5)، وهو الذي نهى عن الفرقة "من فارق الجماعة شبرًا فمات، إلا مات ميتة جاهلية"(6). "فأهل السنة والجماعة إنما سماهم الرسول ووصفهم بذلك"(7).
2- ثم إن هذا المصطلح مستمد من آثار الصحابة والسلف y . قال ابن عباس
_____________________________
(1) رواه مسلم (1923) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(2) أخرجه مسلم (145) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
(3) انظر: سنن الترمذي (4/504، 505)، وفتح الباري (13/293)، وشرح النووي على صحيح مسلم (13/67)، وتحفة الأحوذي (6/360)، وعون المعبود (7/117)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة (3/137،136).
(4) رواه أحمد (16692)، والدارمي (95)، وابن ماجه (44)، وأبو داود (4607)، والترمذي (2676)، والحاكم (329) من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه ، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم وقال: على شرط الشيخين، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (4369).
(5) أخرجه أحمد (16718، 17344، 22403)، والترمذي (2863)، وابن خزيمة (1895)، وابن حبان (6233)، والحاكم (404) من حديث الحارث الأشعري رضي الله عنه ، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، وصححه الحاكم، والألباني في صحيح الجامع (1724).
(6) أخرجه البخاري (7053)، ومسلم (1849) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(7) مفهوم أهل السنة والجماعة عند أهل السنة والجماعة د. ناصر العقل ص78.
رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } [آل عمران:106]: "فأما الذين ابيضت وجوههم فأهل السنة والجماعة، وأما الذين اسودت وجوههم فأهل البدع والضلالة"(1). وقال سعيد بن جبير رحمه الله في قوله تعالى: { وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى } [طه:82]: "لزم السنة والجماعة"(2). وقال سفيان الثوري رحمه الله: "إذا بلغك عن رجل بالمشرق صاحب سنة، وآخر بالمغرب، فابعث إليهما بالسلام وادع لهما، ما أقل أهل السنة والجماعة"(3).
3- وقد نص العلماء على أن أهل السنة هم الصحابة ومن اقتفى آثارهم. قال شارح الطحاوية رحمه الله: "هم الصحابة والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين"(4). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "صار المتمسكون بالإسلام المحض هم أهل السنة والجماعة"(5).
4- كما استعمل الأئمة هذا الاسم والمصطلح المبارك في النص على أمور الاعتقاد الصحيحة تمييزًا لها عن غيرها، كما فعل ذلك قتيبة بن سعيد الثقفي رحمه الله، ونقله عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء(6)؛ بل جعل بعض الأئمة هذا الاسم ضمن عناوين كتبهم في العقيدة كما فعل اللالكائي رحمه الله في كتابه "شرح أصول اعتقاد أهل السنة"، وكما فعل قوّام السنة إسماعيل بن محمد الأصبهاني رحمه الله في كتابه "الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة".
5- ثم إن هذا المصطلح يرادف ويقارب عند الإطلاق مصطلحات شرعية أخرى مثل أهل الحديث والفرقة الناجية والطائفة المنصورة، والسلف الصالح، وعلي هذا أدلة كثيرة نعرض عنها رغبة في الاختصار.
ومن جملة هذا المبحث يتضح جليًّا أن مذهب أهل السنة قديم، وأن التسمية
_____________________________
(1) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (1/72).
(2) المصدر السابق (1/71).
(3) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/64).
(4) شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (2/544-546).
(5) مجموع الفتاوى (3/159).
(6) انظر على سبيل المثال: سير أعلام النبلاء (11/20).
قديمة، تبدأ ببداية الإسلام؛ لأن أهل السنة على الحقيقة هم أهل الإسلام، المتبعون لسيد الأنام صلى الله عليه وسلم ، ويظهر هذا جليًّا بالنظر إلى صفاتهم وخصائصهم، وأن أول من دُعي بإمام أهل السنة هو الإمام أحمد بن حنبل، وفي هذا رد على من زعم أن مذهب أهل السنة والجماعة إنما عُرف وظهر في زمن أبي الحسن الأشعري، وأبي منصور الماتريدي، وأن أهل السنة هم الأشاعرة والماتريدية!! كما تبناه بعض العلماء قديمًا وحديثًا.
الفصل الثاني
الخصائص والصفات العامة
لأهل السنة والجماعة
أولاً: أهل السنة ليس لهم اسم يجمعهم سوى هذا الاسم.
ثانيًا: أهل السنة لا يجمعهم مكان واحد، ولا يخلو عنهم زمان.
ثالثًا: أهل السنة لا يجمعهم تخصص علمي ولا عملي بعينه؛ بل هم في أبواب الخير كافة.
رابعًا: أهل السنة على نمط واحد في باب الاعتقاد وأصول الدين.
خامسًا: أهل السنة أعلم الناس بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
سادسًا: أهل السنة يجمعون بين واجب الاتباع والاجتماع على الأئمة وأهل الحل والعقد.
سابعًا: أهل السنة يوالون بالحق ويعادون بالحق ويحكمون بالحق.
ثامنًا: أهل السنة يقومون بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
تاسعًا: لا تزال طائفة من أهل السنة قائمة بواجب الجهاد إلى قيام الساعة.
عاشرًا: أهل السنة أكرم الناس أخلاقًا، موصوفون بالاستقامة في الهدي والسمت والسلوك الظاهر.
أولاً: أهل السنة ليس لهم اسم يجمعهم سوى هذا الاسم.
أهل السنة والجماعة ليس لهم رسم ولا اسم يتسمون به خصوصًا غير أهل السنة والجماعة، ذلك الاسم الذي يعني في الحقيقة التزام الجادة والمحجة البيضاء التي تركنا عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، "فمن قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة"(1).
وهذا بخلاف أهل البدع الذين انتحلوا لأنفسهم أسماء أرادوا أن تميزهم عن غيرهم، أو سماهم غيرهم بها فقبلوا تسميته لهم، كما أنه ما من فرقة إلا وابتدعت لأهل السنة اسمًا يناسب ما خالفها فيه أهل السنة، ومع ذلك بقي أهل السنة لم يلزمهم اسم من هذه الأسماء الباطلة.
سئل مالك رحمه الله عن السنة، فقال: "هي ما لا اسم له غير السنة، وتلا : { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام:153]" (2)، وروى ابن عبد البر قال: "جاء رجل إلى مالك فقال: يا أبا عبد الله، أسألك عن مسألة أجعلك حجة فيما بيني وبين الله U . قال مالك: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، سل. قال: من أهل السنة؟ قال: أهل السنة الذين ليس لهم لقب يعرفون به، لا جهمي، ولا قدري، ولا رافضي"(3).
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: "وقد سئل بعض الأئمة عن السنة؟ فقال: ما لا اسم له سوى السنة. يعني: أن أهل السنة ليس لهم اسم ينسبون إليه سواها"(4).
ويقول الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله تعالى: "وليس لهم -أي أهل السنة والجماعة- رسم ومنهاج سوى منهاج النبوة (الكتاب والسنة)؛ إذ الأصل لا يحتاج إلى سمة خاصة تميزه، إنما الذي يحتاج إلى اسم معين هو الخارج من هذا
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) مجموع الفتاوى لابن تيمية (3/346).
(2) الاعتصام للشاطبي (1/58).
(3) الانتقاء لابن عبد البر ص35.
(4) مدارج السالكين (3/174).
الأصل"(1).
وعليه، فإن أهل السنة لا ينتمون للأحزاب، ولا الشعارات، ولا القوميات، ولا يتعصبون للأوطان ولا الشعوب، ولا الأجناس ولا القبائل؛ إنما يجمعهم شعار السنة والإسلام، في أي مكان وأي زمان. عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "مَنْ أقرَّ باسم من هذه الأسماء المحدَثة؛ فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه"(2)، وقال ميمون بن مهران: "إياكم وكل اسم يسمى بغير الإسلام"(3).
وهذا لا يعني عدم مشروعية مطلق الانتماء إلى إمام، أو التسمي بأسماء المذاهب، أو الانتساب إلى القبائل، أو المشايخ، ونحو ذلك…؛ بل الممنوع منه هو اتخاذ هذه الأسماء معقدًا للولاء والبراء، وشعارًا يُمتحن الناس به، ويُفرق به بين الأمة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "بل الأسماء التي قد يسوغ التسمي بها، مثل انتساب الناس إلى إمام: كالحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، أو إلى شيخ: كالقادري والعدوي، أو مثل الانتساب إلى القبائل: كالقيسي واليماني، وإلى الأمصار: كالشامي والعراقي والمصري؛ فلا يجوز لأحد أن يمتحن الناس بها، ولا يوالي بهذه الأسماء ولا يعادي عليها؛ بل أكرم الخلق عند الله أتقاهم من أي طائفة كان"(4).
ومما هو جدير بالتنبيه له في هذا المقام ما سبق أن تقرر من أن لأهل السنة والجماعة أسماء أخرى وردت بها النصوص؛ مثل أهل الحديث، والفرقة الناجية، والطائفة المنصورة، والسلف الصالح.. وهذا من باب إطلاق الأسماء المختلفة على مسمى واحد
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية ص28.
(2) الشرح والإبانة عن أصول السنة والديانة لابن بطة ص137.
(3) الشرح والإبانة ص137.
(4) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (3/416).
ثانيًا: أهل السنة لا يجمعهم مكان واحد، ولا يخلو عنهم زمان.
إن أهل السنة هم أهل الحق، فكل من دان بهذا الحق فهو من أهل السنة، في أي مكان وجد، وفي أي زمان كان. قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "ولا يلزم أن يكونوا -أي: الطائفة المنصورة- مجتمعين؛ بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض"(1).
وقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتابعون وأئمة الدين من بعدهم، مفرقين في الأمصار، لا يجمعهم مكان واحد، ومع ذلك كانوا جميعًا من أئمة أهل السنة وأعلامهم.
أما الأحاديث التي حدَّدت وجودهم بالشام(2)؛ فإنما يُراد بها -والله أعلم- فترة تاريخية معينة، هي التي تكون قبل قيام الساعة، حيث تدل النصوص الكثيرة على أن معظم الأحداث المتعلِّقة بالمهدي وعيسى بن مريم ونحوها من أشراط الساعة، إنما تكون بالشام. كما يحتمل أن يكون المقصود قتالهم للروم المذكور في الأحاديث، ثم قتالهم للدجَّال، حتى يأتيهم أمر الله وهم بالشام، فيكون قوله صلى الله عليه وسلم : "وهم بالشام"؛ أي: حال إتيان أمر الله.
وأهل السنة كما أنه لا يجمعهم مكان واحد، فإنهم لا يخلو عنهم زمان حتى قيام الساعة، فقد صحَّت البشارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باستمرار وجود الطائفة المنصورة -أهل السنة والجماعة- من هذه الأمة إلى أن يأتي أمر الله، لا يضرهم خلاف المخالف، ولا خذلان الخاذل، وجاء ذلك في أحاديث كثيرة عن جمع من الصحابة، حتى لقد صرح عدد من العلماء المعتبرين بتواتر هذا الحديث؛ كشيخ
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) شرح النووي على صحيح مسلم (13/67).
(2) من ذلك: ما رواه البخاري (7460)، ومسلم (1037) من قول مالك بن يخامر عن معاذ: "وهم بالشام"، وما رواه ابن ماجه (7)، والبخاري في التاريخ الكبير في ترجمة حسان بن وبرة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تزال عصابة بدمشق ظاهرين"، وما رواه أبو نعيم في ترجمة محمد بن المبارك أنه صلى الله عليه وسلم قال: "وهم بالشام"، ونحو ذلك من الأحاديث.
الإسلام ابن تيمية(1)، والسيوطي(2)، والزبيدي(3)، والكَتَّاني(4)، وغيرهم. فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: "لا يزال ناسٌ من أمَّتي ظاهرين، حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون"(5). وعن جابر بن سَمُرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لن يبرح هذا الدين قائمًا، يقاتل عليه عصابةٌ من المسلمين، حتى تقوم الساعة"(6). وعن جابر بن عبد الله، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمَّتي يقاتلون على الحق، ظاهرين إلى يوم القيامة"(7).
فهذه الأحاديث وما ماثلها توضح أن أهل السنة -الطائفة المنصورة- سيستمر بقاؤهم إلى يوم القيامة، فلن يخلو عنهم زمان حتى يأتيهم أمر الله U . والمقصود أن بقاءهم يكون حتى يرسل الله ريحًا طيبة -وهي أمر الله-، فتقبض روح كل مؤمن ومؤمنة، ويكون ذلك قبيل قيام الساعة، قال الإمام النووي رحمه الله: "المراد برواية من روى: "حتى تقوم الساعة"، أي: تقرب الساعة وهو خروج الريح"(8)، وقال أيضًا: "فأطلق في هذا الحديث بقاءهم إلى قيام الساعة، على أشراطها ودُنوِّها المتناهي في القرب"(9).
ثالثًا: أهل السنة لا يجمعهم تخصص علمي ولا عملي بعينه؛ بل هم في أبواب الخير كافة.
أهل السنة لا يجمعهم تخصص علمي ولا عملي بعينه؛ بل منهم المشتغلون
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) اقتضاء الصراط المستقيم (1/6).
(2) قطف الأزهار المتناثرة (رقم 81) ص216.
(3) لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة ص68.
(4) نظم المتناثر في الحديث المتواتر ص93.
(5) رواه البخاري (3640)، ومسلم (1921) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه .
(6) رواه مسلم (1922) من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه .
(7) رواه مسلم (1923) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(8) شرح النووي على صحيح مسلم (13/66).
(9) شرح النووي على صحيح مسلم (2/132).
بألوان العلوم النافعة؛ بقصد حماية الدين وحفظ العلم -أصولاً وفروعًا ووسائل-، ومنهم المشتغلون بردِّ البدع وقمع أهلها، وبيان طريق المحجَّة، ودفع الالتباس عنها، ومنهم المرابطون في الثغور، المصابرون للأعداء، ومنهم المناهضون للمنكر الناهون عنه، الآمرون بالمعروف الداعون إليه.
ولا شك أن المشتغلين بعلم الشريعة -عقيدة وفقهًا وحديثًا وتفسيرًا، تعلُّمًا وتطبيقًا ودعوةً- هم أولى الناس بهذا الوصف، أولاهم بالدعوة، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والرد على أهل البدع؛ إذ إن ذلك كله مقترن بالعلم الصحيح المأخوذ من الوحي.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "ويحتمل أن هذه الطائفة -يعني: الطائفة المنصورة- مفرقة بين أنواع المؤمنين؛ منهم شجعان مقاتلون، ومنهم زُهَّاد، وآمرون بالمعروف، وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير…"(1).
وقد فسر بعض أئمة السلف -كما سبق- أهل السنة والجماعة بأنهم: أصحاب الحديث، أي المتبعون لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، المجانبون لطريقة أهل البدعة، الملتزمون بالدليل في الاعتقاد والفقه، وهم -بهذا- الفئة المقابلة لأهل الكلام -أيًّا كانت بدعتهم-، والفئة المقابلة لأهل الرأي الذين يقدِّمون آراءهم أو أقوال شيوخهم على الدليل الصحيح.
لذلك عبَّر الإمام البخاري رحمه الله تعالى عنهم بقوله: "وهم أهل العلم"(2)، ومدلول العلم أوسع من مدلول الحديث، وإن كان الحديث قد يُطلق عليه العلم(3).
فقد يكون الرجل من أهل السنة، ومن أهل العلم الذين يرابطون على ثغور
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) شرح النووي على مسلم (13/67).
(2) صحيح البخاري (8/149).
(3) كما قال محمد بن سيرين: "إن هذا العلم دين، فانظروا عمَّن تأخذون دينكم". رواه مسلم في مقدمة صحيحه (1/14).
الإسلام، ويدافعون عنه، ولكنه ليس من أهل الحديث المشتغلين به رواية ودراية، حتى عُرفوا به، وأمثلة هذا كثيرة من المشتغلين بالتفسير، أو أصول الفقه، أو اللغة والأدب، أو التاريخ، أو غيرها..
وأما عبارة عليّ بن المديني في تعريفه أصحاب الحديث، والتي يقول فيها: "هم أصحاب الحديث الذين يتعاهدون مذاهب الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويذبُّون عن العلم، لولاهم لم نجد عند المعتزلة والرافضة والجهمية وأهل الرأي شيئًا من سنن المرسلين"(1). ففي عبارة علي بن المديني نوعًا من التخصيص، إذ يفسر أهل الحديث بأنهم الذين يتعاهدون مذاهب الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويذبُّون عن العلم، ويبلغون للناس سنن المرسلين. وهذا تفسير للشيء ببعض أجزائه، وأهل السنة الطائفة المنصورة أعم من ذلك، ولا شك أن قومًا كهؤلاء الذين ذكرهم ابن المديني هم أولى الناس بالدخول في هذه الطائفة، وإلى ما عندهم يَرجِع كلُّ مُتَّبع في أي تخصص كان، ولكن لا يلزم من ذلك أن يكونوا -وحدهم- الطائفة المنصورة أو أهل السنة والجماعة.
ولذلك كانت عبارة الإمام أحمد دقيقة حين رأى قومًا يشتغلون بمدراسة الحديث، فأطلق عليهم أنهم (ممَّن) قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم : "لا تزال طائفة من أمتي..." الحديث(2).
إذن؛ فأهل السنة -كما قررنا- لا يجمعهم تخصص علمي ولا عملي بعينه؛ بل هم مفرقون في أبواب الخير كافة، يقولون بالحق، ويرحمون الخلق، ويجتمعون على منهج الاتباع.
رابعًا: أهل السنة على نمط واحد في باب الاعتقاد وأصول الدين.
لا منازعة بين المسلمين على خطورة أمر الاعتقاد، وعظم شأنه، وعلو قدره؛
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه ابن عدي في الكامل (1/121) في ترجمة علي بن المديني، وانظر الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي (223).
(2) سبق تخريجه.
إذ المخالف فيه على شفا هلكة؛ ولهذا نجد أهل السنة جميعًا على قول واحد في أصول هذا الباب وكلياته، لم ينقل عنهم اختلاف في أمهات مسائل الاعتقاد وأصول الدين؛ بل المحفوظ عنهم اتفاقهم في هذه المسائل، وعدم اختلافهم عليها.
وهذا لا يعني أن كل مسائل الاعتقاد متفق عليها عند أهل السنة والجماعة، إذ قد وقع الخلاف بين الصحابة أنفسهم حول بعض مسائل العقيدة، ولكن لم تكن هذه المسائل من الأمهات والكليات في هذا الباب.
ومن الأمثلة على ذلك:
- اختلافهم في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه ليلة المعراج، هل وقعت أم لا؟ "فكان ابن عباس رضي الله عنهما وأكثر علماء السنة يقولون: إن محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة المعراج، وكانت عائشة رضي الله عنها وطائفة معها تنكر ذلك"(1).
- اختلافهم في أنه هل يكون للبدن في القبر عذاب أو نعيم دون الروح أم لا؟ فهذا فيه قولان مشهوران، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومعاد الأبدان متفق عليه عند علماء الحديث والسنة. وهل يكون للبدن دون الروح نعيم أو عذاب؟ أثبت ذلك طائفة منهم، وأنكره أكثرهم"(2).
- اختلافهم فيما يوزن يوم القيامة: هل هو العمل، أم صحائف العمل، أم العامل نفسه أي صاحب الأعمال؟(3).
وليس مقصودنا في هذا المقام استقصاء مثل هذه المسائل؛ وإنما المقصود أن نبيِّن أن بعض مسائل الاعتقاد قد وقع الخلاف عليها بين أهل السنة والجماعة، وإن كانت هذه المسائل -كما سبق- ليست من أصول العقيدة وكلياتها.
خامسًا: أهل السنة أعلم الناس بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) مجموع الفتاوى لابن تيمية (3/386).
(2) مجموع الفتاوى لابن تيمية (4/284).
(3) انظر: شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (2/608 - 613).
وأهل السنة هم أعلم الناس بأحوال صاحبها صلى الله عليه وسلم وأقواله وأفعاله، وأعظمهم محبة وموالاة لها ولأهلها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "إن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية: أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزًا بين صحيحها وسقيمها، وأئمتهم فقهاء فيها، وأهل معرفة بمعانيها واتباع لها، تصديقًا وعملاً، وحبًّا وموالاة لمن والاها، ومعاداة لمن عاداها، الذين يردون المقـالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة"(1).
ولا عجب في ذلك؛ فأهل السنة هم أصحاب الحديث، رواية ودراية، علمًا وعملاً؛ ولذلك فإن بعض أئمة السلف فسَّر الطائفة المنصورة والفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة بأنهم أصحاب الحديث. قال الإمام أحمد رحمه الله: "إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم"(2). وقال عبد الله بن المبارك: "وهم عندي أصحاب الحديث"(3). وقال الإمام البخاري -وذكر حديث "لا تزال طائفة من أمَّتي..."-: "يعني: أصحاب الحديث"(4).
وفي الحق إن أهل السنة ما سُمُّوا بهذا الاسم؛ إلا لأنهم الآخذون بسنة المعصوم صلى الله عليه وسلم ، العالمون بها، العاملون بمقتضاها، والممتثلون لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "عليكم بسنتي.."(5)، فالسُّنة هي: ما تلقاه الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من الشرع والدين، والهدي الظاهر والباطن، وتلقاه عنهم التابعون ثم تابعوهم، ثم أئمة الهدى العلماء العدول، المقتدون بهم، ومن سلك سبيلهم إلى يوم القيامة(6). ومن هنا صار
ساحة النقاش