مسجد الشيخ سليم أبو مسلم..
بكفر أبو مسلم بمحافظة الشرقية..
ينتهي نسب أبو مسلم إلى الإمام الحسين بن الإمام علي رضوان الله عليهم أجمعين وهو سليم أبو مسلم بن يوسف أبي يعقوب الهمذاني العراقي الذي ينتهي إلى جعفر الصادق ولد الإمام يوسف بن أيوب الهمذاني بقرية بوزنجرد من ضواحي همذان كما يقول أبو مسعود السمعاني.. ويضيف ابن خلكان، أنه قدم في صباه سنة 490هـ بغداد ولازم الشيخ أبا اسحق الشيرازي وتفقه عليه حتى برع في أصول الفقه والمذهب وسمع الحديث من القاضي أبي الحسين المهتدي بالله وقريبه أبي جعفر محمد بن أحمد بن أبي مسلم.. وكان رحمه الله يسجل ويدون كل ما يسمع ويرى في مخطوطات حرصـًا منه على استيعابها والانتفاع بها عند الحاجة ثم انقطع بعد ذلك للعبادة والتصوف والسياحة والرياضية الروحية حتى صار عالمًا من علماء الصوفية في عهده.. وفي سنة 535هـ عاد إلى بغداد واستقر به المقام في المدرسة النظامية حيث كان يجلس للوعظ والإرشاد وصادف قبولاً عظيمًا من الناس.. ومما يروى عنه من قبيل الكرامات ما حكاه أبو الفضل بن عبد الله الصوفي قال حضرت مجلس شيخنا يوسف الهمذ1ني في النظامية وكان قد اجتمع العالم فقام فقيه يعرف بابن السقا وسأله مسألة متهكما، فرد عليه الإمام يوسف اجلس فإني أجد من كلامك رائحة الكفر لعلك تموت على غير دين الإسلام.. قال فاتفق أنه بعد هذا القول بمدة قدم رسول نصراني من ملك الروم إلى الخليفة العباسي، فمضى إليه ابن السقا وسأله أن يستصحبه فقبله النصراني ولحق به إلى القسطنطينية وتنصر بها ومات على دين النصرانية..
وبعد أن أقام فترة غير قصيرة ببغداد رحل إلى مرو بإيران كما يقول ابن النحار في تاريخه وسكنها ثم خرج منها إلى هراة وأقام بها مدة، ثم سئل الرجوع إلى مرو فأجاب ومكث به مدة ثم رجع إلى هراة ثانية وعزم على الرجوع إلى مرو ولكن المنية أدركته في الطريق إليها فتوفي بقرية تامين في شهر ربيع الأول سنة 555هـ ومنها نقل إلى مرو حيث دفن بها..
أما شيخنا أبو مسلم فقد ولد سنة 531هـ بمدينة همذان بإيران التي كانت وقتئذٍ مركزًا هامًا من مراكز الشيعة في العصر العباسي ولذلك فقد وفد إليها وأقام بها عدد كبير من أحفاد الأئمة من العلويين والمتشيعين لهم.. وكان لأبي مسلم عم اسمه السيد منصور تفقه في الفقه على مذهب الإمام الشافعي ولذلك ترك أقاربه وأهله في بغداد قبل رحلتهم إلى همذان وحضر إلى مصر وكان ذلك في أواخر القرن الخامس الهجري.. وعرف بين المصريين بعلمه وأدبه وزهده وتقواه.. فقلده صلاح الدين الأيوبي، كما يقول ابن الأثير، خطبة الجمعة بالمسجد الكبير بمصر (أي مسجد عمرو بن العاص بالفسطاط) فلما توفي السيد منصور في زمن السلطان العادل أيوب، حل محله في الخطبة ولده إبراهيم، وكان إبراهيم مصري المولد والمنشأة ولد سنة 563هـ، تثقف بها وبالعراق على يدي أبي بكر محمد ابن الحسين وعلي بن الحسن المبارك وكانت خطبته جيدة كما يذكر ابن خلكان وشعره رقيقـًا يكاد يتشابه بشعر الأندلسيين، غير أن عليه مسحة من التصوف ومكارم الأخلاق ظاهرة واضحة.. وتوفي السيد إبراهيم سنة 613هـ بمصر وقبل وفاته ببضع سنوات كاتب ابن عمه شيخنا ( سليم أبو مسلم ) في أن يزوره في مصر ورغبة في جوها.. ويضيف ابن خلكان فيقول وبينما يستخير أبو مسلم الله في إجابة طلب ابن عمه إبراهيم، إذ به يرى رؤيا أفزعته من مرقده وهو بهمذان وكان ذلك سنة 609هـ، رأى أبو مسلم نارًا قد اشتعلت جهة المشرق ثم امتد لهيبها إلى همذان فالعراق والشام حتى وصلت جبل الطور بمصر فانطفأت وخبا ليبها.. فلما استيقظ من نومه أخبر أهله وأقاربه بذلك فقيل له إن تأويل رؤياك تدل على أن دولة لا تؤمن بالله تهجم على البلاد التي رأيت فيها النار فتهلك الحرث والنسل وتعيث في الأرض فسادًا.. ولعظم مقامه في نفوس أهله وذويه خضعوا لأمره وعملوا بمشورته حفظـًا لغرضه وقنـًا لدمائهم من الفتنة المنتظرة والتي تحققت بالغزو المغولي..
وتأهب للسفر ومغادرة همذان ومعه مئات من أقاربه وأنصاره وكان فيهم نحو 75 رجلاً من العلماء والفقهاء أمثال الوزواي والسنجري، وهم أصهاره، على ما يظن ابن خلكان.. وحضر هؤلاء جميعًا إلى مصر وانتشروا في البلاد منهم من ذهب إلى الوجه القبلي والسودان، وفريق آخر استقر في الوجه البحري فنراهم في الصورة والسناجرة وفرسيس والإسماعيلية.. وصل شيخنا أبو مسلم مصر سنة 610هـ ونزل ضيفـًا على ابن عمه إبراهيم بمدينة القاهرة، حيث كان يتولى الخطبة في جامع عمرو بن العاص منذ عهد السلطان العادل، كما سلف القول، ولكنه لم يبق بها غير أسبوع واحد توجه بعده مع فئة كبيرة من أهله إلى الشرقية حيث استقر عدد كبير من القبائل العربية منذ الفتح الإسلامي.. واتخذ له خلوة في محلة ( بحطيط ) التي عرفت فيما بعد باسم كفر أبو مسلم.. ولم تمض سوى ثلاث سنوات حتى توفي ابن عمه إبراهيم بمصر ( أي القاهرة) فسافر إليها لحضور جنازته مع جمع خفير من أهله ثم عاد إلى محل إقامته بمحلة ( بحطيط ) وبعد بضع سنوات سمع بقيام التتار وما فعلوه بهمذان من قتل النفوس وهتك الأعراض فقال حمدًا لله، هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقـًا.. وقد حزن لموت صديقه محمد خوارزم شاه ملك تركستان سنة 618هـ في هجوم التتار.. وكانت همذان تابعة له وحاكمها شريف علوي..
وقد حل شيخنا مصر والصليبيون لا يفتأون يغيرون على سواحلها الشمالية بين الفينة والأخرى ولذلك فإننا نرى شيخنا يدلي بدلوه في سبيل الجهاد لنصرة الإسلام والمسلمين بشتى الصور، فتارة نراه واعظـًا مرشدًا إلى ضرورة الجهاد في سبيل الله بمحاربة أعداء الله وأعداء البلاد.. وأخرى يخرج من قريته ومعه وفود كبيرة من أهله وأتباعه إلى ساحة الوغى يبشر المجاهدين بأن لهم الجنة.. ولذلك فإننا نجد قبور وأضرحة كثير من أهله في بلقاس والمنصورة والسنانية ممن استشهدوا في حرب دمياط والمنصورة.. وكان في بعض الأحيان يحمل على ظهره أبريقـًا كبيرًا يسقي منه الجنود في ساحة الوغى، وظل على هذا الحال حتى فارق الدنيا في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب سنة 645هـ أي قبل وفاة السلطان بعامين، ودفن في محلة ( بحطيط ) كفر أبو مسلم حاليًا حيث كانت خلوته..وكان رحمه الله على صلة وثيقة بالملك الصالح الذي كان يفد عليه فيكرم مثواه وكثيرًا ما عرض عليه المال والمتاع ولكن الشيخ أبو مسلم كان يرفضه في أدب وعفة نفس.. فلما مات رأى الملك الصالح وفاء ببعض أفضال هذا الرجل الورع التقى أن يقيم له قبة فوق قبره ويلحق بها مسجدًا..



ضريح أبو مسلم

*بقرية أبو مسلم، مركز أبو حماد|، محافظة الشرقية..

يوجد الضريح بقرية أبو مسلم بمركز أبو حماد بمحافظة الشرقية.. وتبعد عن مدينة بلبيس بمقدار 10 كيلو مترات شمالاً وتبعد عن أبي حماد بمقدار 9 كيلو مترات إلى الجنوب الغربي وعن الزقازيق بمقدار 16 كيلو مترًا إلى الجنوب الشرقي..
ويقول أهل كفر أبو مسلم إن الشيخ سليم اختار هذه البقعة لماضيها الحافل بالأحداث والذكريات الدينية، فيقال إنها كانت لبني إسرائيل وأنهم ذبحوا بقرتهم التي ورد ذكرها في سورة البقرة بها.. كما أنها كانت هي وما حولها مخازن للغلال في عهد يوسف الصديق، وأنها كانت ممرًا لسيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام..
ويشبه ضريح أبو مسلم إلى حد كبير الأضرحة الأيوبية مثل ضريح الخلفاء العباسيين وقبة الصالح نجم الدين أيوب وقبة شجرة الدر وذلك من حيث التصميم المعماري وكذا شكل المقرنصات الموجودة في أركان المربع التي تقوم فوقه دائرة القبة.. ويتكون الضريح من مربع يبلغ طول ضلعه 6 أمتار من الداخل في كل ركن من أركانه مقرنص كبير بداخله ست عقود متدرجة، ويبدأ كل عقد عند القاعدة من قمة ثلاث مقرنصات صغيرة هرمية الشكل والمقرنصات تشبه مقرنصات العصر الأيوبي مما يرجح أن الضريح القائم يرجع إلى عصر الملك الصالح نجم الدين.. وتعتبر مقرنصات ضريح أبو مسلم فريدة في نوعها من حيث ترتيبها ولكن للأسف فقد شوهت بالألوان الزيتية التي طلي بها الضريح بقصد التكريم بطبيعة الحال.. ويعلو المربع رقبة مثمنة بها ست عشرة نافذة ثمانية منها مفتوحة، والأخرى مغلقة..
وملحق بالقبة من جهتها الشمالية الشرقية مسجد جديد حل محل المسجد القديم أقامته وزارة الأوقاف.. ويتكون المسجد من مستطيل تقسمه ثلاثة صفوف من البوائك إلى أربع أروقة موازية لحائط القبلة، وتتكون كل بائكة من ثلاثة عقود مدببة تقوم على عمودين وأكتاف حائطية وفي الرواق الثاني من جهة القبلة توجد فتحة ( شخشيخة ) تقوم على رقبة مثمنة للتهوية وللمسجد ثلاثة أبواب في كل ضلع من أضلاع المسجد باب فيما عدا حائط القبلة..
أحبائي هذا الموضوع منقول


هذا ما ورد في كتاب مساجد مصر وأولياؤها الصالحين
الجزء الثاني
المؤلف: د. سعاد ماهر محمد

تقبلوا تحياتي دكتور حازم ثابت جريش

elmsalmi

احمد المسلمى

  • Currently 80/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
26 تصويتات / 1795 مشاهدة
نشرت فى 19 ديسمبر 2010 بواسطة elmsalmi

ساحة النقاش

ابحث

عدد زيارات الموقع

171,809