بعد مرور سنة على الحرب بين إسرائيل وحزب الله، يعيد جنوب لبنان بناء ما تدمر ببطء، إلا أن البلاد تتخبط في أزمة سياسية جديدة تترافق مع تطورات أمنية خطيرة. ومنذ القرار الدولي الصادر في 14 أغسطس/آب 2006 والذي نص على وقف الأعمال الحربية بين إسرائيل وحزب الله، يسيطر الهدوء عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وقد اختفى الظهور المسلح لحزب الله عند الحدود وفي الجنوب حيث انتشر الجيش اللبناني للمرة الأولى منذ عقود إلى جانب أكثر من 13 ألف عنصر في قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل). لا تزال البلاد تدفع ثمن الخسائر الناتجة عن حرب الصيف الماضي وكلفة إعادة الإعمار في الوقت نفسه، تستمر أعمال إعادة البناء في الجنوب والضاحية الجنوبية، وهما المنطقتان اللتان تأثرتا أكثر من سواهما بالحرب، على خلفية نزاع بين الحكومة وحزب الله حول دفع الأموال اللازمة للأعمار. أزمة سياسية حادة إلا أن لبنان غرق منذ خريف 2006 في أزمة سياسية حادة لا سابق لها منذ الحرب الأهلية (1990ـ1975). ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2006، استقال خمسة وزراء شيعة ووزير مسيحي مقرب من رئيس الجمهورية اميل لحود، من الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة. وبدأت المعارضة منذ ذلك الحين تطالب بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتنفذ لهذه الغاية منذ ديسمبر اعتصاما قرب مقر رئاسة الحكومة في وسط بيروت. قدرت الأضرار المادية بـ 3.6 مليارات دولار إلا أن الحكومة استمرت وسط تنديد المعارضة بأنها "فاقدة للشرعية". وفقد الاعتصام زخم الأيام الأولى، إلا أن الخيام لا تزال قائمة، ما يشل الحركة الاقتصادية في وسط العاصمة إلى حد بعيد. واتهمت الأكثرية وزراء المعارضة بالانسحاب من الحكومة لعرقلة إقرار إنشاء المحكمة الدولية في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري. وتم إقرار المحكمة أخيرا بقرار صدر عن مجلس الأمن الدولي في 30 مايو/أيار تحت الفصل السابع الملزم، بعدما تعذر إقرارها عبر المؤسسات الدستورية اللبنانية. في نوفمبر 2006، استقال خمسة وزراء شيعة ووزير مسيحي مقرب من لحود من الحكومة برئاسة السنيورة وإذا كان مجلس النواب متوقفا عن العمل حاليا بسبب عطلة الصيف، إلا انه ظل في عطلة قسرية منذ بداية الأزمة. أزمة نهر البارد وفي موازاة شلل المؤسسات، تهز البلاد أعمال عنف جديدة تورطت فيها مجموعات مسلحة متشددة مرتبطة بتنظيم القاعدة وبالاستخبارات السورية، بحسب ما تقول السلطات اللبنانية. وتدور منذ العشرين من مايو معارك عنيفة بين الجيش اللبناني وحركة فتح الإسلام في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان الذي تدمر في قسم كبير منه بينما نزح منه نحو ثلاثين ألف لاجئ إلى مخيم البداوي المجاور ومناطق أخرى. كانت للحرب انعكاساتها السلبية على وضع أولمرت وتسببت الاشتباكات في شمال لبنان حتى الآن بمقتل 173 شخصا، بينهم 85 جنديا لبنانيا و68 مسلحا على الأقل، كونه يصعب إحصاء عدد هؤلاء الذين لا تزال جثث العديدين منهم داخل المخيم. وتخلل هذه السنة اغتيال شخصيتين مناهضتين لسورية في لبنان. ففي 21 نوفمبر 2006، قتل مجهولون بالرصاص الوزير والنائب بيار الجميل في الجديدة شمال بيروت. وفي 13 يونيو 2007، أدى انفجار سيارة مفخخة إلى مقتل النائب وليد عيدو وتسعة أشخاص آخرين في غرب بيروت. وفي 24 يونيو/حزيران، قتل ستة جنود دوليين في انفجار سيارة مفخخة استهدف القوة الاسبانية العاملة ضمن إطار قوة يونيفيل المعززة في جنوب لبنان. النتائج الاقتصادية في 21 نوفمبر 2006، قتل مجهولون بالرصاص الوزير والنائب بيار الجميل في الجديدة شمال بيروت وتترتب على كل ذلك نتائج اقتصادية كارثية. فقد تسبب التوتر الأمني في هرب السياح والمستثمرين، بينما لا تزال البلاد تدفع ثمن الخسائر الناتجة عن حرب الصيف الماضي وكلفة إعادة الإعمار. وقتل خلال حرب يوليو/تموز 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، بينما قدرت الأضرار المادية بـ 3.6 مليارات دولار. ولم يسجل أي نمو خلال السنة الفائتة، بل على العكس، سجلت نسبة %5- على هذا الصعيد ويشهد قطاع الخدمات الذي يعتبر ابرز مصدر للعملات الأجنبية شللا كبيرا، بسبب رحيل العديد من الأجانب من البلاد وكذلك عدد من اللبنانيين الذين كانوا عادوا من الخارج بعد انتهاء الحرب الأهلية. ويقول خبير اقتصادي لبناني إن "هذا الوضع يغرق البلاد في انهيار بنيوي"، في وقت تجاوزت قيمة الدين العام 41 مليار دولار. وأشار إلى أن المساعدات الدولية المقدمة إلى الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة "غير كافية لإقلاع اقتصاد يقاطعه المستثمرون".
نشرت فى 12 يوليو 2007
بواسطة elmoaser
عدد زيارات الموقع
79,150


ساحة النقاش