لا  يشكك عاقل  في عبقرية العالم الراحل أحمد زويل العلمية البحتة كعالم مرموق في مجال تخصصه في العلوم والكيمياء ، بعيداً عن أي انحيازات أيديلوجية أو انتماءات حزبية وسياسية ، حيث أن الاختلاف لا ينفي الحقيقة المجردة عن الهوى الشخصي ، فضلاً عن أن الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لا تُجامل على حساب العلم الذي هو سبب رئيسي لنهضتها وقوتها الامبراطورية المفرطة.

مات أحمد زويل ، وشيّعه من شيّعه سواء من المحبين أو المختلفين معه ، ولن نخوض في مصيره فقد أفضى إلى ما قدم ، احتفت به السلطة وكأنه أحد أبرز أعمدتها ، أو كأنها دولة تحترم العلم والعلماء ، والأمر ليس كذلك ، فلا زويل كان من أعمدة النظام (بل كان مؤيداً ل 3 يوليه ومن ثم الانقلاب على الديمقراطية من حيث المبدأ ربما خوفاً وطمعاً في مآرب أخرى أو دور ما) ، ولا دولة السيسي قامت على العلم والعلماء.

والعالم الكبير كان قد وصف السيسي بما ليس فيه قائلاً في تصريحات صحفية قبل مرضه أنه "التقى بالرئيس السيسي ، ورأى فيه رجل أفعال وطنياً يهتم بالعلم وتنميته، بدليل أنه التقى به فور وصوله إلى مصر، وأيضاً إنشائه للمجلس الاستشاري العلمي" ، ولا يفوتنا أن نشير هنا إلى أن زويل قد أعلن تأييده لثورة 25 يناير ، لكنه قبل في نفس الوقت أن يستخدمه نظام مبارك خلال لقاءه اللواء الراحل عمر سليمان كوسيط بغرض احتواء غضب شباب التحرير الثائر.

الثابت بالتاريخ والجغرافيا أن البروفيسور أحمد زويل قد حصل على جائزة "وولف برايز الإسرائيلية" ، كما التقى حينها الرئيس الإسرائيلي الأسبق " عيزرا وايزمان " خلال استلامه "جائزة وولف" للكيمياء في عام 1993، وأعضاء من الكنيست ، حيث نُشرت صورة للقاء أثارت موجة غضب شديدة في مصر، وتجدر الاشارة هنا أنه قد أعدت الدكتورة سهام نصار، أستاذ الإعلام بجامعة حلوان، ملفاً خاصاً عن العالم المصري زويل وجامعته، قالت فيه إن "هناك علاقة وطيدة بين العالم المصري والكيان الصهيوني"، وذلك للعرض على كمال الجنزوري، رئيس مجلس الوزراء المصري (1996-1999) حينها.

وقد ذكرت الدكتورة " نصار" ، خلال التقرير الذي نشرته بعض الصحف ، أن لديها وثائق تؤكد أن الدكتور زويل قام بالتطبيع مع ”إسرائيل” وأعد أبحاثاً مشتركة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي لتطوير منظومة الصواريخ باستخدام الليزر، وقد تم منحه جائزة “وولف برايز” عام 1993، في إسرائيل وقيمتها 100 ألف دولار معفاة من الضرائب حيث تسلمها في الكنيست وسلمها له ، وزير الحرب الإسرائيلي السابق ، ورئيس دولة الاحتلال ، عيزرا وايزمان.

إن سقوط "زويل" بنظري ليس لموالاته الانقلاب العسكري فحسب ، فقد تكون هينة من منطلق الاختلاف في وجهات النظر وإن كانت غير مقنعة ، بل إن الأكثر فداحة هو ذلك السقوط الأخلاقي قبل عشرين عاماً ، بموالاته العدو الصهيوني التاريخي واعترافه بحقه في الأراضي المحتلة ، وشرعنة دفاعه عن نفسه بأسلحة عسكرية نوعية تعزز قوته على الأرض ، وتساهم في تثبيت أقدامه عسكرياً على حساب جماجم اخوانه الفلسطينيين.

قناعاتي الشخصية منذ سنوات أن الجوائز العلمية الدولية ليست مبرئة تماماً من التسييس أو الانحياز ، أو منزهة عن الغرض والمواصفات الدولية الأخرى ، ذلك أن آلافاً من العلماء الأفذاذ لا تعرف عنهم البشرية شيئاً ، وإذا عرفتهم فمصيرهم تجاهل المؤسسات العلمية العالمية عمداً لا لشيء سوى أنهم لا يدورون في فلك الغرب ، أو بالأحرى مستقلون فكرياً وعلمياً عن المنظومة الحضارية والأخلاقية الغربية الموالية للصهيونية ، وشواهد التاريخ تؤكد أن أربعة عشر فيزيائيًا من الحاصلين على نوبل في الفيزياء بين عامي 1978 و2010، كانوا قد حصلوا على جائزة وولف برايز الإسرائيلية قبلها، وكأن "وولف برايز" أصبحت بمثابة البوابة السحرية للظفر بالجوائز العالمية وتأشيرة المرور إلى نوبل على وجه التحديد.

أعتقد أن النظام المصري لم يحتفي بوفاة " زويل " تكريماً لسيرة الرجل العلمية ، ومسيرته الأكاديمية ، بل لأنه أيد هذا الانقلاب وجاهر بمناصرة السيسي شخصياً مباركاً مشروعه الذي اختطف السلطة من أجله ، ولو أن أحمد زويل كان معارضاً لانقلاب 3 يوليه ، لما اهتمت به السلطة واعلامها ، بل أزعم أنها كانت ستكيل له تهم الخيانة العظمى والعمالة للاخوان المسلمين والغرب وإسرائيل ، لذا فإن الأمر لا يعدو كونه نوعاً من المكايدة السياسية والتظاهر بتقدير العلم ، واحترام العلماء.

 

 

هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه

رابعة.. اعترافات متأخرة - حسام الهندي

لماذا تلعب مع الصهاينة يا اسلام؟- محمد سيف الدولة

كلام في الصندوق - عبد الله السناوي

ذكرى رابعة وتوحيد قوى الثورة المصرية - عصام تليمة

 شارك بتعليقك

  •  

    - See more at: http://rassd.com/191697.htm#sthash.Kaot66qG.dpuf

    elmaystro2014

    الموقع الرسمى لجريدة أحداث الساعة - رئيس التحرير: أشرف بهاء الدين

    • Currently 0/5 Stars.
    • 1 2 3 4 5
    0 تصويتات / 63 مشاهدة
    نشرت فى 14 أغسطس 2016 بواسطة elmaystro2014

    ساحة النقاش

    ASHRAF BAHAAUDDIN

    elmaystro2014
    جريدة أحداث الساعة : الصوت الحر من الشعب و الى الشعب »

    ابحث

    تسجيل الدخول

    عدد زيارات الموقع

    247,876