تعريف الإعاقة السمعية :
يقصد بالإعاقة السمعية تلك المشكلات التى تحول دون أن يقوم الجهاز السمعى عند الفرد بوظائفه ، أو تقلل من قدرة الفرد على سماع الأصوات المختلفة ، وتتراوح الإعاقة السمعية فى شدتها من الدرجات البسيطة والمتوسطة التى ينتج عنها ضعف سمعى إلى الدرجات الشديدة جدا والتى ينتج عنها صمم .( يوسف القريوتى وآخرون ,2001 : 102 )
تصنيفات الإعاقة السمعية :
أولا : التصنيف تبعا للسن الذى حدثت فيه الإعاقة :
ويعد السن الذى حدثت فيه الإعاقة من المتغيرات الهامة فى تحديد الآثار الناجمة عن الإعاقة السمعية ، والتطبيقات التربوية المتعلقة بها ، فالطفل الذى يصاب بالصمم منذ الولادة لاتتاح له فرصة التعرض لخبرة لغوية ، أو لخبرة الأصوات المختلفة فى البيئة ، بينما إذا حدثت الإصابة عند عمر سنتين أو ثلاثة سنوات فإن الطفل يكون قد خبر الأصوات وتعلم الكلام ، وهذا يجعل إمكاناته واحتياجاته فى مجال تعلم التواصل مختلفة عن الحالة الأولى ، ولا ينطبق ذلك على الإعاقة السمعية البسيطة ، وتصنف الإعاقة السمعية تبعا لمرحلة النمو اللغوى إلى :
1- الصمم ما قبل اللغوى :Pre lingual Deafness
ويشير إلى حالات الصمم التى تحدث منذ الولادة أو فى مرحلة سابقة على تطور اللغة والكلام عند الطفل ، ويعتقد أن سن 3 سنوات هو السن الفاصل .
2- الصمم بعد اللغوى : Poslingual Deafness
ويشير إلى حالات الصمم التى تحدث بعد حيث يكون الطفل قد اكتسب مهارة الكلام واللغة .
ثانيا : التصنيف تبعا للإعاقة السمعية :
يقوم هذا التصنيف على تحديد الجزء المصاب من الجهاز السمعى المسبب للإعاقة السمعية ، وعلى الرغم من أن هذا التصنيف ذو علاقة فسيولوجيا السمع ويبدو ضمن الاختصاص الطبى ، فإن معرفة المعلم لطبيعة الإعاقة السمعية له أهمية فى تخطيط البرنامج التربوى . وتقسم الإعاقة السمعية وفقا لذلك إلى ثلاثة أشكال :
1- الفقدان السمعي التوصيلي : Conductive Hearing loss
ويشير إلى الإعاقة السمعية الناتجة عن خلل فى الأذن الخارجية أو الأذن الوسطى على نحو يحول دون وصول الموجات الصوتية بشكل طبيعى إلى الأذن الداخلية ، وعليه فإن المصاب يجد صعوبة فى سماع الأصوات المنخفضة ، بينما يواجه صعوبة أقل فى سماع الأصوات المرتفعة ، وبوجه عام فإن الفقدان السمعى الناتج لا يتجاوز 60 ديسبل .
2- الفقدان السمعي الحس عصبي : Sensorineural Hearing loss
ويشير إلى الإعاقة السمعية الناجمة عن خلل فى الأذن الداخلية أو العصب السمعى ، فعلى الرغم من أن موجات الصوت تصل إلى الأذن الداخلية إلا أن تحويلها إلى شحنات كهربائية داخل القوقعة قد لا يتم على نحو ملائم ، أو أن الخلل يقع فى العصب السمعى فلا يتم نقلها إلى الدماغ بشكل تام .. والفقدان السمعى الحسي عصبي لا يؤثر فقط على القدرة على سماع الأصوات بل وعلى فهمها أيضا ، فالأصوات المسموعة تتعرض إلى تشويه يحول دون فهمها ، وفى معظم الأحيان يعانى المصاب من عجز فى سماع النغمات العالية . والحالات التى تتجاوز 70 ديسبل هى فى العادة حالات فقدان سمعى حس عصبى كما أن استفادة المصاب من السماعات أو تكبير الصوت قليلة .
3- الفقدان السمعي المختلط : Mixed Hearing loss
ويجمع هذا الشكل بين الإعاقة السمعية التوصيلية والإعاقة السمعية الحس عصبية .. ولذلك يجب تحديد نوع وطبيعة الإعاقة السمعية لما لذلك من انعكاسات على العملية التربوية .
الفقدان السمعى المركزى :-
وتحدث فى حالة وجود خلل يحول دون تحويل الصوت من جذع الدماغ إلى المنطقة السمعية فى الدماغ ، أو عندما يصاب الجزء المسئول عن السمع فى الدماغ ، ويعود سبب هذه الإصابة إلى الأورام أو الجلطات الدماغية أو إلى عوامل ولادية أو مكتسبة . ( يوسف القريوتى وآخرون, 2001 : 103 - 107 ) .
المظاهر العامة للإعاقة السمعية :
يسهل على المعلم اكتشاف حالات الصمم ، إلا أنه فى كثير من الأحيان ليس من السهل الكشف عن حالات الضعف السمعى البسيطة ، وفيما يلى قائمة ببعض الأعراض التى يمكن أن تعتبر مؤشرات على احتمال وجود صعوبة سمعية :-
(1) الصعوبة فى فهم التعليمات وطلب إعادتها .
(2) أخطاء فى النطق .
(3) إدارة الرأس إلى جهة معينة عند الإصغاء للحديث .
(4) عدم اتساق نغمة الصوت .
(5) الميل للحديث بصوت مرتفع .
(6) وضع اليد حول إحدى الأذنين لتحسين القدرة على السمع .
(7) الحملقة فى وجه المتحدث ومتابعة حركة الشفاه .
(8) تفضيل استخدام الإشارات أثناء الحديث .
(9) ظهور إفرازات صديدية من الأذن أو احمرار فى الصيوان .
(10) ضغط الطفل على الأذن أو الشكوى من طنين (رنين) فى الأذن .
وإذا لاحظ المعلم أن الطفل يظهر بعض الأعراض السابقة بصورة متكررة فعلية أن يسعى إلى تحويله إلى الطبيب واختصاصى قياس السمع حتى يتسنى له التحقق فيما إذا كان الطفل يعانى من إعاقة سمعية أم لا . وحتى يتم الكشف المبكر عن حالات الضعف السمعى فمن الأهمية بمكان أن يتم فحص جميع الأطفال فى المدرسة فحصا سمعيا بسيطا للكشف الأولى عن الحالات المحتملة تمهيدا لتحويلها إلى إجراء تشخيصى أدق . ( يوسف القريوتى وآخرون, 2001 : 115 -116 ) .
الخصائص الاجتماعية والنفسية للمعوقين سمعيا :
بفضل صعوبات الاتصال اللفظى الضرورية لإقامة علاقات اجتماعية يلاحظ أن المعوقين سمعيا يحاولون تجنب مواقف التفاعل الاجتماعى فى مجموعة ، ويميلون إلى مواقف التفاعل التى تتضمن فردا واحدا أو فردين . وبشكل عام يمكن القول أن الأطفال المعوقين سمعيا يميلون إلى العزلة نتيجة لإحساسهم بعدم المشاركة أو الانتماء إلى الأطفال الآخرين ، وحتى فى ألعابهم يميلون إلى الألعاب الفردية التى لا تتطلب مشاركة مجموعة من التلاميذ ، ويمكن أن تسهم هذه الخصائص فى تقديم تفسير جزئى لظاهرة نجاح الصم فى مختلف المجتمعات ، فى تجميع أنفسهم فى مجموعات وأندية خاصة بهم ، وعلاوة على الميل إلى العزلة فإن الدراسات تشير إلى أن النضج الاجتماعى للأشخاص الصم يسير بمعدل أبطأ منه لدى السامعين . ولا يوجد ما يشير إلى أن نسبة شيوع الاضطرابات النفسية بين المعوقين سمعيا أعلى منها لدى العاديين ، إلا أن بعض الدراسات تشير إلى أن الأطفال الصم أكثر عرضة للضغوط النفسية والقلق وانخفاض مفهوم الذات ، ويلاحظ أيضا أن الأطفال الصم أكثر عرضة لنوبات الغضب ، وذلك بفعل الصعوبات التى يواجهونها فى التعبير عن مشاعرهم ، ولنفس السبب نجد أن الأطفال الصم يعبرون عن غضبهم وإحباطهم بعصبية ويظهرون ميلا أكبر للعدوان الجسدى . (يوسف القريوتى وآخرون ، 2001 : 117 -118 )
الخصائص اللغوية للمعوقين سمعيا :
يؤكد كل من كوفمان وهالهان Hallahan , Kauffman 1991" " على أن أكبر الآثار السلبية للإعاقة السمعية يظهر أوضح ما يكون فى مجال النمو اللغوى معبرا عنه باللغة المنطوقة ، ويضيفان أن ذلك ليس بالضرورة صحيحا بالنسبة للغتهم الخاصة سواء أكانت الإشارة الكلية أو أبجدية الأصابع . وعليه فإن المعوقين سمعيا يعانون من تأخر واضح فى النمو اللفظى ، وتتضح درجة هذا التأخر كلما كانت درجة الإعاقة السمعية أشد ، وكلما حدثت الإصابة بالإعاقة السمعية فى وقت مبكر ، ويعتبر العمر الذى بدأت فيه الإصابة بالإعاقة السمعية عاملا هاما فى تحديد درجة التأخر فى النمو اللفظى ، والأطفال الذين يعانون من صعوبات سمعية منذ الولادة يواجه نموهم اللفظى عجزا واضحا منذ الطفولة المبكرة رغم أنهم يصدرون أصواتا ويبدأن في المناغاة كباقي أقرانهم ، إلا أن
مراحل النمو اللفظى اللاحقة تتأثر بشكل واضح نتيجة للعوامل الرئيسية التالية:-
(1) نتيجة للإعاقة السمعية لا يحصل الطفل على تغذية راجعة مناسبة فى مرحلة المناغاة، فالطفل السامع عندما يقوم بالمناغاة يسمع صوته وبذلك يتلقى تغذية راجعة فيداوم على المناغاة ، أما الطفل المعوق سمعيا فلا يتحقق له ذلك .
(2) لا يحصل الطفل الصغير على إثارة سمعية كافية أو على تعزيز لفظى من الراشدين، إما بسبب إعاقته السمعية أو بسبب عزوف الراشدين عن تقديم الإثارة السمعية نتيجة لتوقعاتهم السلبية من الطفل أو لكلا العاملين معا .
(3) تحول الإعاقة السمعية دون حصول الطفل على نموذج لغوى مناسب لكى يقوم بتقليده. (يوسف القريوتى وآخرون ، 2001 : 120) .
طرق التواصل : communication
هناك ثلاثة طرق للتواصل هى :
(1) الطريقة اللفظية : Oral Communication
وتقوم هذه الطريقة فى التواصل على تعليم الأطفال ضعاف السمع أو الصم استخدام الكلام كما هو الحال لمن لا يعانون من إعاقة سمعية ، وقد بدأت الطريقة اللفظية تكتسب اهتماما أكبر كوسيلة من وسائل الاتصال فى تعليم المعوقين سمعيا فى منتصف القرن التاسع عشر .
واستخدام الطريقة اللفظية يتضمن تدريب البقايا السمعية عند الطفل وهو ما يعرف بالتدريب السمعى Auditory Training .. إضافة إلى ذلك فإنها تتضمن تعليم الطفل قراءة الكلام Speech Reading ويؤكد على ضرورة استخدام المعينات السمعية :-
(أ) التدريب السمعى Auditory Training
ويقصد به تعليم الطفل المعوق سمعيا لتحقيق الاستفادة القصوى من البقايا السمعية المتوفرة لديه ، ويشتمل التدريب السمعى على تدريب الطفل على الإحساس ، والوعى بالأصوات المختلفة فى البيئة وتمييز أصوات الكلام .
وللتدريب السمعى دور هام فى تطوير قدرة الطفل على السمع ، وتطوير النمو اللغوى لدى الطفل خاصة إذا ما تم البدء بتقديم التدريب فى سن مبكرة ، ويفضل أن يستعين المعلم أو الوالدين بالتقنيات الحديثة أثناء تدريبهم للطفل على التدريب السمعى وعدم الاعتماد على السماعة الفردية التى يضعها الطفل . وتمتاز أجهزة التدريب السمعى بأنها توفر للطفل صوتا أكثر نقاءا ، ومستوى ثابتا من شدة الصوت بغض النظر عن بعد الطفل عن مصدر ذلك الصوت . كما أنه يمكن ضبط هذه الأجهزة والتحكم فيها بما يلائم حاجة الطفل .
(ب) قراءة الكلام Speech Reading
ويشار إلى قراءة الكلام أحيانا بقراءة الشفاه Lip Reading ويقصد بذلك تعليم الطفل المعوق سمعيا على استخدام ملاحظاته البصرية لحركة الشفاه ومخارج الأصوات ، بالإضافة إلى بقايا السمع من أجل فهم الكلام الموجه إليه ، وهناك أساليب مختلفة لتعليم قراءة الكلام منها الأسلوب التحليلى الذى يقوم على تجزئة الكلمة إلى مقاطع لفظية لتعليم الطفل تمييزها ، ومن ثم يجمع بين هذه المقاطع ليميز الكلمة كاملة ، وهنالك أسلوب آخر يقوم على تعليم الطفل فهم معنى النص أولا ، ومن ثم تمييز الشفتين عند نطق أصوات بعض الحروف ، علاوة على أن بعض الحروف ( الحروف الحلقية ) لا تظهر على الشفتين ، فإن البعض يستخدم حركات اليد أمام الوجه لمساعدة قارئى الشفاه لتمييز تلك الأصوات الصعبة ويعرف هذا الأسلوب بأسلوب الكلام المر مز ، وبالطبع فإن الطريقة اللفظية لا تقتصر على تعليم الطفل فهم كلام الآخرين ، وإنما تعلم الكلام أيضا وعلاج عيوب النطق ، وهناك إحدى طرق التدريب على النطق وهى طريقة اللفظ المنغم ، وتقوم هذه الطريقة على استخدام الحركات الجسمية خاصة حركات الجزء العلوى من الجسم وتدريبات التنفس المختلفة فى التدريب على النطق ، ويعتقد أنصار هذه الطريقة بأن الحركات الجسمية المصاحبة للموسيقى تساعد فى إخراج الأصوات وإتقانها .
(2) الطريقة اليدوية Manual Communication
وتشير الطريقة اليدوية فى الاتصال إلى استخدام اليدين فى التعبير بدلا من النطق اللفظى ، وتقسم الطريقة اليدوية إلى الإشارة الكلية وأبجدية الأصابع وغالبا ما يصطلح على الطريقة اليدوية فى الاتصال بلغة الإشارة .
فى الإشارة الكلية يتم استخدام إشارة محددة بواحدة من اليدين أو كليهما للدلالة على شئ ما ، وما من شك أن الإشارات المستخدمة يتم التعارف عليها بعد شيوع استخدامها .
وفى كثير من الحالات يقوم المختصون بجمع هذه الإشارات التى يستخدمها الأشخاص الصم فى أماكن سكناهم ومجتمعاتهم المحلية ، ومن ثم تنقيح هذه الإشارات وتوثيقها واستخدامها فى التعليم على مستوى أوسع ، وعليه فإن لغة الإشارة تختلف من قطر إلى آخر، وإن كان هناك درجة من التشابه فى بعض الإشارات ، وبالنسبة للموضوعات المستجدة فى المجتمع كالمستحدثات التكنولوجية فإنه يتم استحداث الإشارات اللازمة من قبل المختصين العاملين فى مجال لغة الإشارة .
أما بالنسبة لأبجدية الأصابع فهى عبارة عن استخدام أصابع اليدين فى تهجئة الحروف المختلفة وذلك بإعطاء كل حرف شكلا معينا ، ويتم التفاهم بين مستخدمى أبجدية الأصابع عن طريق حركات الأصابع وتهجئة الكلمات يدويا بدل نطقها لفظيا .
(3) التواصل الكلى Total Communication
طريقة التواصل الكلى عبارة عن استخدام أكثر من طريقة من الطرق السابقة معا فى الاتصال مع الصم ، كما تتضمن أيضا طريقة تنمية البقايا السمعية ، وتعتبر طريقة التواصل الكلى من أكثر طرق الاتصال شيوعا فى الوقت الحاضر ، ويعتبر الكثيرون أن استخدام اللفظ والإشارة معا أثناء الحديث مع الطفل الأصم يساعد فى التغلب على الثغرات التى قد تنجم عن استخدام أى منهما بشكل منفرد علاوة على أن هذه الطريقة تستجيب بشكل أفضل للخصائص المتميزة لكل طفل ، فالأطفال الذين يتقنون أبجدية الأصابع نستخدم فى حديثنا معهم اللفظ وأبجدية الأصابع ، بينما نقرن اللفظ بالإشارة الكلية بالنسبة لمن يتقنون الإشارة ولا يتقنون أبجدية الأصابع . (يوسف القريوتى وآخرون ,2001 : 128 -132)
ولذلك يتضح أن إعاقة الطفل السمعية ودرجة الإعاقة والعمر الذى حدثت فيه الإعاقة ، ومدى توافر الخدمات المختلفة كالتدريب على النطق أو التدريب السمعى أو قواميس لغة الإشارة والوسائل السمعية المعينة تعتبر عوامل هامة فى تحديد طريقة التواصل الأكثر مناسبة . وتعتبر طريقة التواصل الكلى هى الطريقة الأكثر مناسبة لمختلف فئات المعوقين سمعيا . فعلاوة على أنها تيسر الاتصال فهى توفر الفرصة للأطفال لتعلم لغة الإشارة من جهة وتنمية قدرتهم اللفظية من جهة أخرى .
وكذلك فإن هذه الطريقة أيضا تجعل المعوق سمعيا أكثر أهلية للنجاح فى الاندماج الاجتماعى ، إذ أنها تسهم فى التغلب على الصعوبات الناجمة عن عدم إتقان العامة للغة الإشارة من جهة والمساعدة فى توضيح ما قد يشوب لفظ الطفل الأصم من عيوب وعدم وضوح
المهارات الاجتماعية
تلعب المهارات الاجتماعية دورا مهما فى تعزيز الصحة النفسية للأطفال بوجه عام
والأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة على وجه الخصوص ، كما أن البحث فى تنمية
المهارات الاجتماعية للأطفال ذو أهمية خاصة فى مجال البحث الإكلينيكى والممارسات المهنية العملية ، وذلك من خلال البرامج والإستراتيجيات المعرفية والسلوكية التى تقدم للأطفال فى المدارس العادية ومدارس التربية الخاصة .
مفهوم المهارات الاجتماعية :
يشير محمد الشيخ (1985 : 188) أن المهارة الاجتماعية هى إظهار المودة للناس وبذل الجهد لمساعدة الآخرين .
وتشير ماجدة محمد (1986 : 27) إلى أن المهارات الاجتماعية هى قدرة الشخص على إحداث التأثيرات المرغوبة فى الآخرين ، والقدرة على إقامة تفاعل اجتماعى ناجح معهم ومواصلة هذا التفاعل .
فى حين تعرفها ريهام فتحى (2000 : 18) بأنها مهارة الفرد فى تحمله مسئولية الالتزام بالمعايير الاجتماعية السليمة فى مواجهة المواقف الصعبة، وتأكيد ذاته والتعبير عنها، وتحقيق التواصل الاجتماعى مع من حوله دون الإحساس بالخوف أو الخجل أو توقع الفشل .
ويعرفها عادل عبد الله (2001 : 6 ) بأنها عادات وسلوكيات مقبولة اجتماعيا يتدرب عليها الطفل إلى درجة الإتقان والتمكن من خلال التفاعل الاجتماعى الذى يعد بمثابة مشاركة بين الأطفال من خلال مواقف الحياة اليومية التى تفيد فى إقامة علاقات مع الآخرين .
وأوضح هاني عتريس (1977) أن المهارات الاجتماعية فى إطار الاتصال الشخصى تتكون من العناصر التالية :
(1) مهارات الاتصال اللفظى Verbal Communication
وتتركز هذه المهارات حول أدب الحديث والحوار وأن تكون أشكال الكلام وصيغ الاتصال اللفظى موافقة ومثيبة للآخرين ويندرج تحتها المهارات التالية :
(أ) المودة : وهى تنطوى على قبول طرق التفاعل الآخر ومشاعر الدفء تجاهه والحرص على جعل اللقاء ممتعا .
(ب) الحفاظ على تقدير الذات لطرق التفاعل : وتعنى الحرص على تجنب ما قد يضير بتقدير طرق التفاعل الآخر لذاته أو ما يفقده ماء وجهه .
(ج) تجنب صيغة الإلزام : وتعنى ضرورة التخفيف من استخدام صيغة الأمر والمطالب المباشرة والكثيرة .
(د) معرفة كيفية الاعتراض أو قول (لا) بمعنى الحرص على تأكيد نقاط الاتفاق وتجنب مواقع الاختلاف عند التحاور كقول نعم – لكن ، أو الاعتراض بإبداء الأسف مصحوبا بإشارات إيجابية غير لفظية كالابتسام مثلا .
(هـ) تهذيب الخطأ فعند تجاوز قاعدة معينة أو التسبب فى إحباط الآخرين أو إغضابهم أو الإساءة إليهم – يحاول الفرد إصلاح ذلك الأمر والتخفيف من وقعه من خلال الترضية عن طريق الاعتناء وإبداء الأسف أو ذكر الأعذار أو التبريرات .
(و) تجنب تجاوز القواعد : أى تجنب مقاطعة شخص ما أثناء الحديث معه أو النكات غير المناسبة .
(2) مهارات الاتصال غير اللفظى Non - verbal Communication
وتشمل الحيز بين الشخص ويشير إلى المسافة التى تفصل بين طرفى التفاعل ويتخذ أربع صور :
(أ) حيز العلاقات شديدة الخصوصية .. ويتراوح من الالتصاق البدنى الكامل إلى مسافة 6-18 بوصة ، ويستخدم فى النشاطات الأكثر خصوصية .
(ب) حيز العلاقات الشخصية .. ويتراوح مدة قطره من 2-4 قدم ، وهى أكثر المسافات التى يستخدمها فى الحوار مدعاة للراحة .
(ج) الحيز الاجتماعى .. وتتراوح مسافته بين 4-12 قدم وهى تفصل بين اثنين يعملان معا أو يعقدان صفقة مالية أو بين الأشخاص فى المواقف الاجتماعية .
(د) الحيز العام .. ويبدأ من 12 قدم فأكثر ويستخدمه المدرسون أو المتحدثون فى التجمعات العامة .
- خصائص الصوت .. ويدخل فى ذلك نغمة الصوت ونبراته ومداه ومعدل الكلام
- لغة البدن .. فالاتصال بين الشخص يتم من خلال حركات الجسم وإيحاءاته المختلفة كحركات الذراع أو اليد أو الأرجل .
- لغة العيون ( التلاحم البصرى .. شدة التقاء النظرات ، إشارات غير لفظية هامة فى تحديد كيف نشعر تجاه شخص ما فى موقف ما .
- تعبيرات الوجه .. فلكل وجه رسائله الفريدة التى هى مؤشرات انفعالية تعكس بوضوح الحالة الداخلية للشخص : كالغضب ، الحزن ، السعادة ، الدهشة ، الاشمئزاز والخوف . (هاني عتريس ، 1997 : 15-28) كما حدد محمد عبد الرحمن (1998 : 16) مكونات المهارات الاجتماعية وفقا لمقياس ماتسون وآخرون للمهارات الاجتماعية للصغار وذلك على النحو التالى :
(1) المبادأة بالتفاعل : وتعنى قدرة الطفل على بدء التعامل من جانبه مع الأطفال الآخرين لفظيا أو سلوكيا ، كالتعرف عليهم أو مد يد العون أو زيارتهم أو تخفيف آلامهم أو إضحاكهم .
(2) التعبير عن المشاعر السلبية : وتعنى قدرة الطفل على التعبير عن مشاعره لفظيا أو سلوكيا كاستجابة مباشرة لأنشطة وممارسات الأطفال الآخرين التى لا تروق له .
(3) الضبط الاجتماعى الانفعالى : وتعنى قدرة الطفل على التروى وضبط انفعالاته فى مواقف التفاعل مع الأطفال الآخرين ، وذلك فى سبيل الحفاظ على روابطه الاجتماعية
(4) التعبير عن المشاعر الإيجابية : وتعنى قدرة الطفل على إقامة علاقات اجتماعية ناجحة من خلال التعبير عن الرضا عن الآخرين ومجاملتهم ومشاركتهم الحديث واللعب وكل ما يحقق الفائدة للطفل ولمن يتعامل معه .
ومع هذا فإن معظم الباحثين يرون أن برامج التدريب على المهارات الاجتماعية لا تخرج فى معظمها عن : التعليمات ولعب الدور ، والتغذية المرتدة والتدعيم والنمذجة وأخيرا الممارسة.
(1) التعليمات : وتتضمن تلك التعليمات وصفا للاستجابات المناسبة وكيفية أدائها ، ويجب أن تكون التعليمات محدده ودقيقة .
(2) النمذجة : وهى إتاحة نموذج سلوكى مباشر (شخصى) أو ضمنى ( تخيلى ) للمتدرب ، حيث يكون الهدف هو توصيل معلومات حول النموذج السلوكى المعروض للمتدرب بقصد إحداث تغيير باقى سلوكه .
(3) لعب الدور : ويتمثل فى قيام الفرد بتمثيل الدور الذى يصعب القيام به فى الواقع الفعلى قد يجعله أكثر ألفة به ، ومن ثم اعتياداً عليه وأقل تهيبا من أدائه فيما بعد فى مواقف طبيعية ، وأكثر وعيا بأوجه الصعوبة التى يخبرها فيها ، ومن ثم يعمل على تجنبها فضلا عن أنه يمكنه من إجراء بيان عملى" بروفة " على السلوك قبل تنفيذه ، وهو ما يتيح له الفرصة للنقد الذاتى وتلقى نقد الآخرين وتقييمهم لأدائه بصورة موضوعية لن تتاح له فى الواقع الذى قد تكلف الأخطاء فيه زمنا باهظا يدفعه الفرد خصما من رصيد توافقه النفسى وعلاقاته الشخصية .
(4) التغذية المرتدة والتدعيم : وتعنى تقييم أداء العميل للمهارة وإرشاده إلى نقاط ضعف أو قوة الأداء ، مع تقديم التدعيم الاجتماعى للأداء الجيد وهذه المدعمات قد تكون : تشجيعا، ثناء، امتداحا ، مكافآت ، اشتراك فى أنشطة ترويحية ، وقد يكون التدعيم الإيجابى ببونات التدعيم .
وقد يكون مصدر التدعيم داخليا وقد يكون فى هذه الحالة أكبر أثرا حينئذ من التدعيم الخارجى من الآخرين ، كأن يوجه عبارة معينة لنفسه أو يعد نفسه بمكافأة عينية . ومن المتوقع أن يصبح التدعيم أكثر تأثيرا حين تتوافر فيه شروط معينة كأن يصدر عقب فترة قصيرة من صدور الاستجابة ويلى حاجات ورغبات المتدرب ويكون متنوعا وغير متوقع ويتناسب طرديا مع حجم التقدم المنظور .
(5) الممارسة : وتقصد بها قيام العميل بممارسة المهارة التى تعلمها خارج الجلسات فى الحياة الواقعية حتى يتحسن أداؤه لها مع متابعته فى الجلسات التالية .. ولذلك ففى نهاية كل جلسة يعطى العميل واجبا منزليا محددا يقوم فيه بممارسة المهارات التى تعلمها وتكون هذه الواجبات متدرجة الصعوبة بحيث تكون سهلة فى البداية .. لأن النجاح سيزيد من ثقته بنفسه وقدرته على النجاح لاحقا . (إيمان الكاشف ، هشام عبد الله ، 2007 : 37-41)
المهارات الاجتماعية لدى ذوى الإعاقة السمعية :
لقد وجد " ريفيش وروثروك " أن فئات المشكلات السلوكية التى أبداها الأطفال الصم كانت متشابهة جدا لفئات المشكلات السلوكيـة التى وجـدت عند أفراد مرضى آخـريـن ( مشكلات السلوك ) مشكلات الشخصية ، عدم النضج ، عدم الكفاية ، وعلى أية حال فقد تم اكتشاف مجالين آخرين للمشكلات السلوكية يعتقد أنهما فريدان بالنسبة لمجتمع الصم – هما :
(1) مشكلات الانعزال وتشمل : الانسحابية ، السلوكية غير العاطفية والسلوكيات السلبية .
(2) مشكلات الاتصال وتشمل : سلوكيات إرسال وتسلم الرسائل وقد أصبح من المسلم به أن نقص المهارات الاجتماعية يمثل إشكالية عند الأطفال الصم .
وقد ظهرت مجموعة كبيرة من الدراسات توضح بدرجة كبيرة طبيعة ومدى نقص المهارات لدى الصم تفيد معظمها أنه يوجد لديهم نقص فى العلاقات البين شخصية الذى ينعكس على انعدام التوافق الناجح فى المجتمع حيث يؤدى ضعف القدرة على التواصل والتفاعل الاجتماعى عند المعاق سمعيا يحاول تجنب مواقف التفاعل الاجتماعى التى تتضمن فردا واحدا أو اثنين على الأكثر .. كما أظهرت الدراسات أن درجة وشدة الإعاقة تؤدى إلى ازدياد التباعد لدى الأصم ، ولذلك غالبا ما يندمج المعاقون سمعيا مع بعضهم البعض كجماعة ذات مهارات اجتماعية واحدة ، ولديها خصائص تفاعل اجتماعى متقاربة ، بينما يكون الأصم بالنسبة لأقرانه من العاديين أكثر نزوعا للانسحاب وميلا للعزلة والانطواء مما يؤدى إلى تأخر نضجه النفسى والاجتماعى ، وأيضا إلى الشعور بنقص شديد فى تقدير لذاته والقدرة على التعبير عن نفسه ، مما يولد لديه العديد من السمات والخصائص غيى المرغوبة مثل الحساسية المفرطة لردود فعل الآخرين والشك فى أى تصرف منهم ، الشعور بالخوف والفشل وسرعة الاستثارة والعصبية .(إيمان كاشف ، 2004 : 78 )
دور الأسرة فى تنمية المهارات الاجتماعية :
بما أن الأسرة أكثر المؤسسات التصاقا بالفرد ، فإن أسلوب التنشئة فيها يساعد على ارتقاء مهاراته ، إذا سار فى الوجهة التى تدعم السلوك الاجتماعى المناسب .
وإن العمل على جذب اهتمام الطفل والاقتراب منه بمودة واكتسابه كصديق والاعتراف به كشخص له أهميته ، سوف يؤثر فى بنائه النفسى إلى حد كبير ، وإذ نجحنا فى تحقيق هذا الشعور فمن الممكن تنشيط دوافعه واكتسابه كصديق بدلا من عزلته وانطوائه ، وقد تدفعه عمليه العزلة المفروضة عليه إلى حقده على الآخرين الذين يستطيعون أن يفعلوا ما لا يستطيع هو، فيزداد حقده وكرهه إلى من حوله وتتسم تصرفاته وسلوكياته مع الآخرين بالعنف والتحدى .
المصدر: من مقالات د- عطية عطية محمد
أستاذ الصحة النفسية المساعد
كلية التربية – جامعة الزقازيق
نشرت فى 28 مارس 2011
بواسطة elmadboly
جزاك الله خيرا يا أستاذ حسن وننتظر منك المزيد
حسن علي المدبولي
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
92,176
ساحة النقاش