التغلب على التأثيرات السامة للعـلائق الملوثة بالأفلاتوكسين
تعرف السموم الفطرية بأنها نواتج أيض (تمثيل غذائي) ثانوي لبعض أنواع من الفطريات السامة، ذات تأثيرات ضارة على الإنسان والحيوان، وتصيب السموم كافة الحيوانات والإنسان، لكن تختلف الجرعات المؤدية للتسمم طبقاً لعدة عوامل، منها نوع وجنس وعمر الحيوان وحالته الغذائية، ونوع التوكسين ومدة وطريقة التعرض له0
وقد تمت بعض الدراسات لمحاولة تقليل أو إزالة سمية بعض السموم من العلائق الملوثة بالسموم الفطرية، والدراسة الحالية هي محاولة لإزالة سمية الأفلاتوكسين من علائق الأرانب النيوزيلاندى الأبيض باستخدام الطين والسيلكا (سيلكات ألومنيوم) أثناء تغذية الأرانب على هذه العلائق.
ونتعرض اليوم للدراسة التي قامت بها الباحثة المهندسة الزراعية/ منى أحمد رجب السيد، والتي نالت عنها درجة الدكتوراه في تغذية الحيوان، من قسم إنتاج الحيوان –كلية الزراعة جامعة المنصورة، العام 2003، وكانت الدراسة تحت إشراف عالم جليل وهو الأستاذ الدكتور/ عبدالحميد محمد عبدالحميد – أستاذ تغذية الحيوان والأسماك بجامعة المنصورة.
وقد تم إجراء هذه الدراسة في كلية الزراعة – جامعة المنصورة، بقسم إنتـاج الحـيوان خلال عام 2001م. وقد استخدمت عزله من فطر Aspergillus parsiticus (NRRL 2999) المنتجة للأفلاتوكسين B1، حيث تم تنميتها على بيئة بطاطس. ولفحص وجود ومعرفة تركيز الأفلاتوكسين تم ذلك باستخدام طريقة التحليل الكروماتوجرافى رقيق الطبقات وسبكتروفوتوميتر.
تصميم التجربة:
تم استخدام 4 تركيزات من الأفلاتوكسين B1 فى العليقة وهى (صفر، 25، 50، 100 جزء/البليون)، والمواد المستخدمة فى العليقة لتقليل السمية هى الطين، وسيلكات الألمونيوم بثلاث تركيزات من كل منهما (صفر، 5ر0، 1%)، وقد تأكد خلو العليقة المقارنة من الأفلاتوكسين B10 الحيوانات التجريبية كانت ذكور أرانب نيوزيلاندى أبيض عمر 45 يوماً ووزن 825 جراماً، وعددهم 96 أرنباً، وزعوا على 24 معاملة، كل معاملة لها مكررة واحدة، كل معاملة بها 4 أرانب، وتم إسكانهم فى بطاريات سلك معلقة على الحوائط (كل معاملة فى قفص)0 والعليقة كانت محببة تم شـراؤهـا من شركة فوده (السنبلاوين بمحافظة الدقهلية) حجم 2 – 3 سم، التغذية حـرة، الماء يقدم على مرتين الساعة 9 صباحاً، 3 مساءاً، وتم استخدام الإضاءة الصناعية من 5 مساءاً حتى 6 صباحاً ثم بعد ذلك ضوء الشمس مع وضع ستائر على الشبابيك لمنع التأثير المباشر لأشعة الشمس0 المساقى والمعالف من الفخار، وكانت الفضلات تجمع يومياً.
القياسات المدروسة:
1- تسجيل الملاحظات المرضية يومياً على الأرانب ملوثة التغذية.
2- وزن الأرانب أسبوعياً وذلك لحساب معدلات النمو0
3- تحليل كيماوى للعليقة الأساسية الخالية من الأفلاتوكسين عند بداية التجربة0
4- تحليل كيماوى لعينات الأرانب (أفخاذ الأرانب عند الأسبوع السادس والتاسع)0
5- ذبح 2 أرنب من كل معاملة فى الأسبوع السادس (وأخذت عينات دم) والباقى من كل مجموعة فى الأسبوع التاسع لجمع الدم وتحليله0
6- تم تقدير متبقيات التوكسين فى لحم الأرانب فى الأسبوع السادس والتاسع من التغذية التجريبية0
7- تم أخذ عينات من أعضاء الأرانب من كل معاملة للفحص الهستوباثولوجى عند الأسبوع السادس والتاسع.
ويمكن تلخيص أهـم النتائج المتحصل عليها من هذه التجربة فيما يلي:-
أولاً: الأعراض الإكلينيكية الظاهرة على الأرانب المصابة بالتسمم الأفلاتوكسينى:
أظهرت الأرانب النيوزيلاندى الأبيض المغذاة على علائق ملوثة بالأفلاتوكسين أعراضاً مرضية منها فقد الشهية الذي يزداد بزيادة فترة التعرض للغذاء الملوث، الحيوانات التي غذيت على غذاء ملوث بالتركيز العالي من الأفلاتوكسين B1 (100 جزء/بليون) كان معدل استهلاكها للماء أعلى من الأرانب المقارنة (الكنترول)، الأرانب قبل النفوق كانت تعانى من ضعف شديد، تبلد فى الحركة، إسهال أسود وأحياناً مدمم، هزال، ارتفاع شديد فى درجة الحرارة (حمى)، وقد لوحظ أن الانخفاض فى الوزن قد يصل إلى 30% من الوزن الحى، بعض الحالات من الأرانب التى تغذت على علائق ملوثة ظهرت عليها هياج فى الجهاز العصبى، البعض عانى من انتفاخ شديد فى منطقة البطن والبعض أصيب بشلل فى الأطراف الخلفية0
أما عند تشريح الأرانب النافقة فظهرت علامات شوهدت بالعين المجردة منها:
1) تضخم واحتقان فى الكبد0
2) التهاب الكليتين0
3) احتقان وتضخم القلب والرئة0
4) ضمور فى المعدة0
5) نزف داخلى فى الأعضاء الداخلية0
6) تضخم الحويصلة الصفراوية وامتلائها بالسوائل0
ثانياً: أداء النمو:
1- وزن الجسم
أ) أظهرت النتائج أن الأرانب المغذاة على علائق بها مستويات مختلفة من الأفلاتوكسين B1 وجد أن أوزانها فى الأسبوع الأول والثانى لم تتأثر بمستويات الأفلاتوكسين B1، ولكن حدث انخفاض معنوى (عند مستوى 05ر0) فى الوزن عند الأسابيع الثالث، الرابع، الخامس، السادس بالمقارنة بالكنترول0 المستوى المنخفض من الأفلاتوكسين B1 (25 جزء/بليون) أدى لزيادة فى الوزن عن الكنترول عند مستوى معنوية (05ر0) ابتداء من الأسبوع الثالث حتى الأسبوع السادس0
ب) المواد المدمصة لم تؤثر على وزن الجسم ابتداء من بداية التجربة حتى الأسبوع الثانى، ولكن ابتداء من الأسبوع الثالث حتى الأسبوع السادس حدث زيادة فى وزن الجسم عند إضافة الطين، والزيادة أعلى مما فى حالة إضافة سيلكات الألمونيوم0
ج) إضافة 5ر0% طين أدت إلى زيادة معنوية عند مستوى (05ر0) فى وزن الجسم ابتداء من الأسبوع الثالث حتى الأسبوع السادس0
د) إضافة 5ر0% أو 1% سيلكات ألمونيـوم حسـنت من وزن الجسـم ولكن لا يوجد فرق معنوى بين 5ر0% و1% سيلكات ألمونيوم0
2- الزيادة فى وزن الجسم:
أ) تغذية الأرانب على علائق ملوثة بالأفلاتوكسين أدت إلى انخفاض الزيادة فى وزن الجسم عند مستوى منعوية (05ر0) من بداية التجربة حتى نهايتها، بينما تركيز 25 جزء/بليون زاد الوزن النهائى بالمقارنة بالكنترول0
ب) إضافة المواد المدمصة (طين، سـيلكا) لم يكن لها تأثير معنوى على الوزن النهائى، الزيادة فى الجسم من بداية التجربة حتى الأسبوع التاسع ومن الأسبوع السادس حتى الأسبوع التاسع0
ج) إضافة الطين أو سيلكات الألمونيوم بمعدل صفر أدى إلى زيادة الوزن النهائى والزيادة فى الوزن من بداية التجربة حتى الأسبوع التاسع ومن الأسبوع السادس حتى الأسبوع التاسع0
د) المستوى المنخفض من الأفلاتوكسين (25 جزء/بليون) أدى إلى الزيادة فى وزن الجسم بعكس المستويات الأعلى (50، 100 جزء/بليون من الأفلاتوكسين) التى أحدثت انخفاضاً فى وزن الجسم عند مستوى معنوية (05ر0)0
هـ) إضافة 5ر0% من الطين إلى العلائق الملوثة من الأفلاتوكسين حسن من الزيادة فى الوزن عند الأسبوع السادس0
و) إضافة الطين أفضل من سيلكات الألمونيوم، إذ أدى إلى زيادة فى وزن الجسم0
ثالثاً: التحليل الكيماوي للحوم الأرانب:
أ) أظهر التحليل الكيماوي لجسم الأرانب عند الأسبوع السادس من التجربة انخفاضاً تدريجياً (بمستوى معنوية 05ر0) فى البروتين الخام وزيادة تدريجية (بمستوى معنوية 05ر0) فى الدهن الخام (المستخلص الأثيرى)0 الحيوانات التي تغذت على عليقة ملوثة بالأفلاتوكسين بمستوى 100 جزء/بليون زاد فيها الرماد0
ب) إضافة المواد المدمصة (الطين – سيلكات الألمونيوم) لم يكن لها تأثير معنوي على التحليل الكيماوي في الأسبوع السادس0
ج) إضافة 5ر0% طين أو 1% سيلكات ألمونيوم خفض من الدهن الخام وزاد البروتين والرماد فى الذبيحة0
د) بتقدم عمر الأرانب (فى الأسبوع التاسع) لوحظ أن مستوى الأفلاتوكسين والمواد المدمصة (طين – سيلكات ألومنيوم) لم تؤثر معنوياً على التحليل الكيماوى0
هـ) إضافة 1% طين أو 1% سيلكا خفض من الدهن وزاد كل من البروتين والرماد0
رابعاً: المتبقي من الأفلاتوكسين فى جسم الأرانب:
أ) كانت متبقيات التوكسين في سادس أسبوع عالية في الكبد يليها العضلات ثم القلب ثم الكلى0
ب) إضافة الطين قـللت من متبقيات التوكسين في سادس أسـبوع عن إضافة سـيلكات الألمونيوم (عند مستوى معنوية 05ر0)0
ج) إضافة 5ر0% طين للعليقة الملوثة كان كافياً لتقليل متبقيات التوكسين فى سادس أسبوع في الأعضاء الداخلية لجسم الأرانب، مع هذا لم يوجد فرق معنوي بين تركيز 05ر0% طين، 1% طين وكذلك 5ر0% سيلكا، 1% سيلكا0
د) وجد فى الأسبوع التاسع أن المستوى المنخفض من التوكسين (25 جزء/بليون) قد أدى إلى زيادة المتبقي فى الكبد وكانت الزيادة معنوية (عند مستوى معنوية 05ر0)0
هـ) المستويان 25 و50 جزء/بليون أفلاتوكسين زاد فى حيواناتهما متبقيات التوكسين فى القلب والكلى والعضلات بالمقارنة بالكنترول فى الأسبوع التاسع0
و) إضافة الطين للعليقة الملوثة أفضل من سيلكات الألمونيوم (عند مستوى معنوية 05ر0) ولكن لا يوجد فرق معنوي بين تركيزى 5ر0%، 1% طين أو سيلكات الألمونيوم0
خامساً: مقاييس الدم:
أدت تغذية الأرانب النيوزيلاندى على علائق ملوثة بالأفلاتوكسين بتركيزات مختلفة فى الأسبوع السادس إلى:-
أ) المعادن (الكالسيوم، الفوسفور) لم تتأثر بتركيزات الأفلاتوكسين0
ب) انخفاض فى مستوى الهيموجلوبين، النسبة الحجمية لجسيمات الدم (الهيماتوكريت)0
ج) انخفاض معنوي (عند مستوى معنوية 05ر0) للجلوكوز والكولسيترول0
د) زيادة فى نشاط إنزيمات الكبد لنقل مجاميع الأمين (GOT, GPT) وزيادة تركيز حمض اليوريك واليوريا والكرياتينين0
هـ) مواد الادمصاص لم تؤثر على معادن الدم وجميع القياسات الأخرى التى تم دراستها0
و) إضافة 5ر0% طين أو 1% سيلكات ألمونيوم خفضت معنويا (عند مستوى 05ر0) من نشاط الإنزيمات (GOT, GPT)، ولكن لم يوجد فرق معنوى بين 5ر0% و1% طين أو 5ر0% و1% سيلكا0
سادساً: الفحص النسيجي:
لوحظت أهـم التغيرات النسيجية المرضية فى الكبد والكلى، القلب والرئة0 شملت التغيرات فى الكبد نكرزة واحتقان ونزف، بجانب تشعب وإرتشاحات فى الأنسجة الضامة والخلايا المحيطة بالقناة الصفراوية، احتقان الأوعية الدموية فى المنطقة البابية، وحدوث تشتت في الخلايا الكبدية، مع استبدال براتشيما الخلايا الكبدية بالخلايا وحيدة النواه0
أما الكلى فظهر فيها احتقان في الأوعية الدموية الكلوية، مع التهاب مزمن فى الأنابيب الكلوية، مع ارتشاح للخلايا وحيدة النواه0 أما الرئة فحدث لها انتفاخ فى الأوعية الدموية الرئوية، وزيادة الخلايا وحيدة النواة، واحتقان بجانب تسييح الحويصلات، زيادة الكروماتين مع نعومة القصبة الهوائية، واستبدال الخلايا بخلايا وحيدة النواه0
أما القلب فظهر به حالة (نكرزة) مع أديميابين العضلات واحتقان، تغلظ فى غشاء التامور، ارتشاح فى الخلايا وحيدة النواه0 إضافة الطين أو السيلكا بنسبة 5ر0% طين، 1% سيلكا خفضت من حدة الأعراض بالنسبة للكنترول0
ومما سـبق يتضح مدى خطورة التلوث الغذائي الأفلاتوكسينى على الحيوان (والإنسان المستهلك لمنتجات لحوم هذه الحيوانات ملوثة التغذية) وأن المواد المدمصة (وإن حدت لحد ما من امتصاص السموم) أيضاً وسيلة غير كافية ولا مانعة للتسمم الأفلاتوكسينى وآثاره المختلفة، مما يؤكد على أهمية الوقاية من الغزو الفطري للعلف ومكوناته حتى نمنع بالتالي من إنتاج التوكسين على العلف، أي أن الوقاية تظل خير من العلاج.
عرض وقراءة
محمود سلامة الهايشة
ساحة النقاش