مشاهد حية من حياتنا وحياة من حولنا (3)
المشهد الخامس: بعنوان "إظهار تاجر المخدرات في صورة ملاك":
كنت اشاهد المسلسلة التليفزيوني المصري "حدائق الشيطان"، وهي دراما تليفزيونية ترسم وتجسد حال إحدى قرى صعيد مصر، وبالتحديد كما حددها المؤلف إحدى قرى محافظة قنا، والذي قام ببطولته مجموعة كبيرة من الممثلين وعلى رأسهم الممثل السوري المعروف "جمال سليمان" في دور (مندور أبوالدهب)، أما باقي الممثلين فهم مصريين، فالبطلة هي الممثلة "سمية الخشاب" في دور (قمر)، وبطولة الممثل "رياض الخولي" في دور (دياب)، الفنان "محمود الحديني" في دور (فاخر هنداوي) وهو الأخ الأكبر للفنانة سمية الخشاب (قمر)... حيث كان شخصية غريبة الأطوار فكان نائبا وعضوا بمجلس الشعب المصري وفي نفس الوقت كان يتاجر بالمخدرات حيث كان شريكاً لمندور أبوالدهب (رجل المال والنفوذ والجبروت والسطوة)... وكان فاخر ذو نسب وحسب.. وكان شديد الحنان على أخته الصغار (قمر) فكان ودودا وكان أباً لها أكثر من أخيها الأوسط والذي جسده الممثل (أحمد سلامة)... وكان هو كذلك شريك أخيه (فاخر) و(مندور بك) في زراعة المخدرات خلف الجبل وتسويقها وتهريبها والإتجار بها!!!
وقد حدث عداوة بين (دياب) و (مندور) مما أدى بمندور إلى أن يرسل أحد رجاله لكي يقتل دياب أمام بيته.. وتشاء الأقدار وجود عضو مجلس الشعب (فاخر) في بيت (بغدادي أبو دياب) والذي جسد شخصيته الفنان القدير (عبدالله فرغلي).. وذلك في زيارة حميميه وزيارة رحمة... وعند خروجه من البيت .. اطلق عليه النار رسول مندور فبدل أن تصيب الرصاصة النارية صدر دياب بغدادي أصابت صدر فاخر هنداوي... وبعد ذهابه للمستشفى مات!!
ثم يخرج علينا المؤلف والمخرج بمشهد غريب وعجيب وغير مفهوم!!!
أن "قمر" أخت المقتول "فاخر" نائمه .. وهي نائمه حلمت بأخيها فاخر في المنام .. ويأتيها كالملائكه المنزلين يرتدي الملابس البيضاء وغطاء الرأس الأبيض.. ويحكي معها وأكأنه من الشهداء الأبرار...
صحيح أنها أخته وأنها لم تكن تعرف أنه تاجر مخدرات .. بل كل ما تعرفه عنه أن كان أخً أكبر وفي مكانة الأب فكان أباً حنوناً عطوفاً .. ولكن، كان لابد عدم ظهوره بتلك الصورة... لأنه لم يرجع إلى الله ويتوب توبه نصوح قبل موته.. حتى عضوية لمجلس الشعب كنائب ممثل للشعب كان من أجل الحصانة البرلمانية التي كانت تحمية من الشرطة ووزارة الداخلية لتسهيل توزيع وتسويق ونقل المخدرات بين مناطق ومحافظات مصر ... وفعلا في مرة من المرات وفي أحد حلقات المسلسل طلب منه "مندور أبودهب" نقل كمية كبيرة جدا من المخدرات كانت مطلوبة على وجه السرعة وبسيارة الخاصة وبنفسه من محافظة قنا جنوب مصر إلى العاصمة القاهرة... وبالفعل قام بذلك .. وفي أثناء رحلة السيارة هذه بالفعل اوقفت السيارة كمين شرطة الطريق للتفتيش .. فنزل وأخرج الهوية وكارنية عضو مجلس الشعب.. وعليه فلم يقم ضابط الشرطة قائد حملة التفتيش بأي أجراء ضده وأفسح له الطريق!!!
إذا فالصورة التى أحب مخرج ومؤلف هذا العمل الدرامي اظهره بها هي صورة الحمل الوديع المغلوب على أمره.. وهذا غير صحيح بالمره.. فكان يحب المال حباً جما. فقد وافق وشارك من قبل على قتل زوج أخته (قمر) لأنه كان يريد التدخل في أعماله هو ومندور أبودهب.
أليس هذا بقتال سفاح وتاجر للمجدرات.. أم ملك منزل من السماء؟!!
أليس هذا المشهد عبارة عن دس السم في العسل؟!!
أليس هذا بالدعوة والتشجيع والتحريض على التطرف والعنف والمشى في طرق حرمها الله سبحانه من فوق سبع سموات وجرمها القانون الوضعي الإنساني؟!!
المشهد السادس: بعنوان "الحرامي والمخرب معروف ويترك.. بل ويشجع!!!":
يكثر عرض المسلسلات الدرامية خلال شهر رمضان .. شهر الصوم عند المسلمين... حيث تتسابق جميع القنوات الفضائية والأرضية في جميع أنحاء البلدان العربية على عرض أكبر قدر ممكن من تلك المسلسلات سواء أكانت مصرية أم سورية أم خليجية...
وكان من الملاحظ أنه كان هناك حوالي 16 مسلسل مصري تم إنتاجها وعرضها على الشاشات العربية المختلفة... ومن المشاهدات العجيبة بل والمزهلة أن كانت تشترك في عامل مشترك واحد ألا وهو وجود رجل أو رجال أعمال فاسدون مخربون بكافة أنواع وأشكال الفاسد والإفساد.. حيث كان كل مسلسل يعرض لنوع أو أكثر من تلك الأنواع.. وبالتفاصيل الدقيقة.. فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل أتي مؤلفي تلك الأعمال الدرامية من الخيال أم من الواقع المصري الحزين؟! .. فبكل تأكيد من الحقيقة الواقعة جاء كل مؤلف تلك القصة وذلك الحكاية .. مما يعني أن هذا شيء معروف وغير خفي وليس من وحي الخيال الواسع...
شيء رائع فطالما هؤلاء رجال وسيدات الأعمال معروفين ومكشوفين لهذه الدرجة .. فلماذا لا يتم جمعهم وإعدامهم أمام الناس في ميدان عام وليكن ميدان التحرير قلب العاصمة المصرية القاهرة... حتى نرتاح منهم ويكون عبره لأمثالهم الذين يرغبون بالإنضمام لتلك الطائفة القذرة من البشر!!
بقلم
محمود سلامة الهايشة
كاتب ومهندس وباحث مصري
ساحة النقاش