الكويت .. وملف الإتجار بالبشر!! (ج4)
مازالت الإضرابات والإعتصامات العمالية مستمرة بشكل محدود والحكومة الكويتية تدرس عقد جلسة طارئة لمجلس الأمة لمناقشة تلك المسألة... ولا تزال توابع "ثورة الجياع" تتوالي رغم حسم وزارة الداخلية وابعاد مئات من العمالة الآسيوية... وفي خلال الايام القليلة الماضية تم إبعاد دفعات يومية من العمالة البنغالية عن الكويت... وفي الوقت ذاته تؤكد وزارة الداخلية أنها ستتابع حصول جميع العمالة المبعدة على كامل حقوقها المالية سواء كانت رواتب أو مستحقات نهاية خدمة، وستطلب من الشركات تزويدها بحوالات إلى هذه العمالة، وذلك بالتعاون والتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل... وتتم عملية التسفير لتلك العمالة على متن رحلات الطيران على أي خطوط طيران متواجهة لبنغلادش!!
ومن هنا؛ فقد أعطت الحكومة الكويتية ممثلة في وزارة الداخلية الحل الأكيد والفعال لحل مشاكل العمالة الوافدة لدى الكويت ومن جميع الجنسيات... بمعنى أن اي عامل يريد أخذ جميع حقوقه ومستحقاته المتأخرة ويريد أن يسافر إلى بلده بأسرع وقت .. بل وعلى أول رحلة طيران وبدون أي مقابل، ودون اللجوء إلى الوسائل والقنوات الشرعية بالشكوى للجهات المعنية كوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أو اللجوء للقضاء أو اللجوء للسفارة التابع لها العامل الوافد وهي إجراءات تأخذ وقت طويل بل وطويل جدا ...
فكل ما يمكن فعله من ذلك العامل الوافد انه ينزل إلى الشارع ويقوم بإضراب وإعتصام سلمي ولا أدعو إطلاقا لأعمال التخريب لأن ذلك يعد جريمة ومخالف للقانون والسيادة، ولا يسمى في تلك الحالة إضراب بل يسمى عمل إجرامي. وبذلك وفي خلال يوم أو يومين على الأكثر تقوم الشرطة بتوقيف ذلك المضرب أو المعتصم والقيام بعمل كافة الإجراءات القانونية لتسفيره وخلال ساعات يجد نفسه في بلده دون عناء!!!
وفي هذا السياق يقول الداعية الإسلامي "محمد الحمود النجدي": "إشاعة الفوضى من الذنوب العظيمة وإعطاء الأجير حقه واجب شرعاً".
والذي جعل الأمور تصل لما وصلت إليه هو عدم تطبيق القوانين، لأن عدم تطبيق القانون يجعل من المظلوم الذي لا يستطيع أن يأخذ حقه بالطرق المشروعة بان يصبح مجرم ومتعدي على القانون الذي من المفروض أنه يحميه ويعطيه حقه المسلوب... وما حدث من العمالة الوافدة بالكويت ينطبق عليه الحكمة القائلة: "اتقي شر الحليم إذا غضب"..
وكذلك طول فترة التقاضي والفصل في مشاكل العمالة الوافدة يدفع لتلك البشر إلى اتخاذ طريق واحد فقط يتم الدفع به دفعاً ألا وهو "خذ حقك بذراعك (بيدك)"!!!
والحل في تصريح السكرتير العام المساعد بنقابة العاملين في بلدية الكويت ورئيس الاتحاد العربي لعمال البلديات والسياحة "محمد العرادة" لصحيفة الأنباء الكويتية يوم الخميس 31 يوليو 2008؛ قائلاً: "على الحكومة اتخاذ الإجراءات الرادعة لإلزام الشركات بتطبيق القانون وحفظ حقوق العمالة".
· قال الله تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي أني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا".
· ويقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة".
· أن الممارسات التي تقوم بها بعض الشركات بالكويت بالاتجار بالبشر، وتتمثل في تأخير صرف رواتب العمال، وعدم توفير سكن مناسب لهم، واستقطاع جزء من مرتباتهم تحت مسميات مختلفة، الأمر الذي دفع هؤلاء العمال على الاضراب والتظاهر تعبيرا عن احتجاجهم من تلك الممارسات غير الإنسانية... وكذلك أدى إلى وضع الكويت في المجموعة الثانية (الدول تحت المراقبة) في تقرير وزارة الخارجية الأميركية الخاص بالاتجار في البشر.
على من يطبق القانون؟ على الظالم أم المظلوم؟ على الجاني أم المجني عليه؟
هذا سؤال أرجو من السلطة التنفيذية ممثلة في وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية بالرد عليه... لأنه ومن خلال الإطلاع على مواد القانون وبنوده فلا يوجد نقص أو خلل.. بل يوجد عدم فهم لتلك القوانين، أو تجاهل لبعض تلك القوانين .. تطبيقاً للمبدأ القانوني القائل: "القانون الذي لا ينفذ كانه لم يصدر اساسا"...
لأنه عندما لا يدفع صاحب العمل رواتب العامل وأحيانا يطرد رب العمل العامل في الشارع بدون دفع رواتبه أو بحجه عدم وجود عمل عنده يعمل فيه العامل، وفي ظل وجود تجار الإقامات حيث وصل سعر تجديد الإقامة ما بين 350-450 دينار كويتي وذلك عن السنة الواحدة... مما يعني وبكل تأكيد إلى أن يبحث العامل عن عمل أخر داخل الكويت ، وبالتالي يصبح العامل يعمل لدى الغير أي لدى غير كفيله الذي على كفالته وهذا مخالف لقانون العمل بالكويت.. وذلك لو تم ضبط ذلك العامل فيتم إتخاذ ضده إجراءات تسفيره وإبعاده عن الكويت.. فهل يتم اتخاذ أي إجراء قانوني ما كل من الطرفين الآخرين الكفيل وصاحب العمل الذي ضبط العامل يعمل عنده (الغير).
وبخصوص العامل الذي بينه وبين رب العمل مشاكل قانونية كالشكوى في الشؤون أو في القضاء.. مما يعني أنه لا يملك مالا حتى يعيش داخل الكويت خلال فترة الفصل في النزاع الطويل والذي يستغرق مدة قد تصل إلى 4 أو 5 أشهر... من أين يصرف ويأكل ويشرب ويسكن طوال تلك الفترة... هل يذهب للعمل عند الغير وبذلك يكون قد خالف القانون، وهل يوجد صاحب عمل أخر يسمح له بالعمل لديه أساساً!!!. وهناك الكثير والكثير من الأسئلة التي لا تعد ولا تحصى ... وللحديث بقية؛
إعداد
محمود سلامة الهايشة
كاتب ومهندس وباحث مصري
ساحة النقاش