هندسة الانتباه

العلوم والفنون والآداب

authentication required

لماذا يدفع المصريين الضرائب إذا؟!

 

      تواجه جميع دول العالم ، وموجه رهيبة من الغلاء وارتفاع أسعار السلع الغذائية، وهناك أسباب كثيرة أدت لهذا الارتفاع في كافة وسائل الحياة منها على سبيل المثال لا حصر .. ارتفاع سعر برميل البترول الذي من المحتمل قبل انتهاء عام 2008 يصل إلى 200 دولار أمريكي، انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي الذي ترتبط به كافة أسعار السلع أمام كافة العملاء الأخرى، استخدام بعض دول العالم وعلى رأسها البرازيل للحبوب الغذائية (الذرة، والقمح) لإنتاج الوقود الحيوي (الإيثانول) كبديل للوقود التقليدي (الأحفوري)... الخ.

      فما كان من القيادة السياسية المصرية متمثله في الرئيس حسنى مبارك بأن يعلن عن زيادة في أجور العاملين بالدولة بعلاوة مقدارها 30% ، ولأصحاب المعاشات بنسبة 20% وذلك في الأول من مايو 2008 وذلك بمناسبة الاحتفال السنوي بعيد العمال... وأتى هذا القرار قبل يوم 4 مايو وهو اليوم الذي حددته قوى المعارضة المصرية لإجراء إضراب شعبي واسع حيث أن ذلك اليوم هو عيد ميلاد الرئيس مبارك (عيد ميلاده الثمانين!!!).. 

      وفي خطابه صرح مبارك بأنه على الحكومة المصرية توفير المبالغ المالية لتلك العلاوة من مصادر وموارد حقيقية وليس من بيع أصول الدولة التي لم يتبقى منها ألا القليل..

      فما كان من الحكومة النظيفة إلا أن أصدرت حزمة من القرارات المجحفة تملأ 86 صفحة قد جهزتها وطبختها وسوتها في المطبخ السياسي للحزب الحاكم والذي من المفروض أنه وطني ومن المفروض أيضا أنه ديمقراطي.. فهي قرارات لرفع أسعار الكثير من السلع الإستراتيجية وعلى رأسها المشتقات البترولية والتي تعتمد عليها كافة نواحي الحياة للإنسان المصري المطحون!!!

     ولكي تطفئ الحكومة على قراراتها الشرعية وفي سابقة تحدث للمرة الأولى في مصر أن تشرك الحكومة المجلس التشريعي متمثلا في مجلس الشعب المصري .. وفي جلسة عاجلة وسريعة وخاطفة وفاق المجلس الموقر على تلك القرارات؛ وبذلك يصبح نواب الشعب مشاركون في تلك المأساة.   

     ومن ضمن تلك القرارات زيادة أسعار السجائر المحلية 50% .. ولا نشك في نوايا الحكومة الحميدة في الخوف على صحة المواطن محدود الدخل برفع قيمة السجائر المضرة بصحته .. ولكن السؤال لماذا لم ترفع كذلك أسعار السجائر المستوردة والخمور بزيادة الضريبة عليها!!

 

      فالحكومة متمثلة في وزارة المالية تريد سد قيمة تلك العلاوة التي تقررت وقبل حتى أن يفرح المعذبون في الأرض (أقصد الموظفون في الأرض) في صرف تلك العلاوة ولو حتى شهر واحد.. والمطلوب لسد هذه الفروق حوالي 12 مليار جنيه مصري سنوياً.. فكانت تلك القرارات الظالمة ومن بينها زيادة الضرائب العقارية وزيادة الضريبة على تجديد ترخيص السيارات سنوياً..

      في حين أن الحكومة الموقرة تصدر الغاز الطبيعي لإسرائيل بسعر رمزي بل ورمزي للغاية، حيث تبيع الحكومة الغاز للشركة التي تقوم بالتصدير بسعر واحد وربع دولار أمريكي وذلك عن كل مليون وحدة بريطانية غازية .. ثم تقوم الشركة المصدرة ببيعه لإسرائيل بثلاثة دولارات وربع الدولار؛ وللعلم فقط أن هذه الشركة هي شركة مصرية إسرائيلية حيث كان يمتلكها رجل أعمال مصري ورجل أعمال إسرائيلي ومنذ فترة بسيطة باع المستثمر المصري حصته في الشركة لمجموعة من المستثمرين الأجانب والذي لم يكشف عن جنسياتهم بعد!!!

     ومن العجب العجاب بأن السعر العالمي للمليون وحدة من الغاز سعرها ي المتوسط 11-12 دولار أمريكي، مما يعني بأنه حينما تصل الشركة للطاقة القصوي في حجم تصديرها اليوم لضخ الغاز المصري لإسرائيل .. فإن فارق السعر يومياً سيصل إلى 5 ملايين دولار أي 150 مليون دولار شهرياً أي حوالي 2 مليار دولار أمريكي سنوياً!!! شيء محزن بالفعل؛ فلو كان من الضروري بيع الغاز الذي تحتاجه مصر لإسرائيل فلا بس ولكن بالأسعار العالمية، ولكن مصطلح الأسعار العالمية والدولية لا تستخدمها الحكومة المصرية إلا حينما تريد أن تقنع المواطن محدود الدخل من كل السلع مرتبطة بالأسعار العالمية..

      إذا فلماذا يدفع الإنسان المصري الضرائب للخزانة العامة للدولة؟ الإجابة وبكل بساطة وصراحة: حتى يدعم الموطن الإسرائيلي الذي يحتفل هذه الأيام بإقامة دولته وبكنه الإنسان المصري والعربي الستين.. ولذلك تبيع الحكومة المصرية الغاز له ولمدة عشرين عاماً قادمة وبنفس السعر الهزيل؛ تصدره حتى تنتج المصانع الإسرائيلي آلات الحرب والمعدات العسكرية التي تحاصر بها غزة وتحتل بها أراضي عربية جديدة، تصدره على الرغم من أن مخزون الاحتياطي المصري من الغاز الطبيعي على أقصى تقدير سوف ينتهي بعد حوالي 25 عاماً من الآن، تصدره بالرغم من أن الكثير من أحياء ومناطق القاهرة لم يصلها الغاز حتى الآن، تصدره وعلى من يتكلم أن يشرب من البحر، أو يذهب إلى الجحيم، أو...!!!!!

 

بقلم

محمود سلامة الهايشة

كاتب ومهندس وباحث مصري

[email protected]

 

المصدر: بقلم/ محمود سلامة الهايشة- نشرت في صحفية المصريون الإلكترونية قبل كنانة أون لاين.
  • Currently 105/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
35 تصويتات / 1152 مشاهدة
نشرت فى 23 مايو 2008 بواسطة elhaisha

ساحة النقاش

محمود سلامة محمود الهايشة

elhaisha
محمود سلامة الهايشة - باحث، مصور، مدون، قاص، كاتب، ناقد أدبي، منتج ومخرج أفلام تسجيلية ووثائقية، وخبير تنمية بشرية، مهندس زراعي، أخصائي إنتاج حيواني أول. - حاصل على البكالوريوس في العلوم الزراعية (شعبة الإنتاج الحيواني) - كلية الزراعة - جامعة المنصورة - مصر- العام 1999. أول شعبة الإنتاج الحيواني دفعة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,716,076