ملف فساد وإفساد أساتذة الجامعات المصرية وأبنائهم..أنصاف الآلهة (9)
هل العلاقة بين طالب الدراسات العليا وأستاذه الجامعي المشرف على رسالته علاقة العبد بالمعبود؟!
الإجابة وبكل بساطة - بلي - هي علاقة العبد بالمعبود، إلا في حالات قليلة جدا وفي أضيق الحدود بأن يكون الأستاذ إنسانً، نعم إنسان أي من فصيلة البشر أو الجنس البشري، ثانياً يكون على خُلق، نعم يكون قد تربى في بيت يعرف الأخلاق، ويكون هذا الأستاذ على علم بوجود الله، نعم الله سبحانه وتعالى، لأن هناك الكثير ينسى أو يتناسى وجود المولى عز وجل. فليس معنى أن هذا الأستاذ يدين بدين سماوي أنه يدرك تلك الأمور.
فتجد الأستاذ من هؤلاء يذهب للمسجد بمجرد أن يسمع الأذان ويصلي، ويذهب كل عام للسعودية لكي يؤدي العمرة، وعلامة الصلاة تأكل جبهته، والمسبحة لا تترك يده، ومن الجائز أنه مطلق الحيلة، ولكن قلبه أسود سواد الليلة الدامس كاللون الكحل، وعقله مليء بالحقد والغل والحسد والفحش، ولسانه لا ينطلق إلا بالسوء.
وللأسف الشديد يتحكم هذا الأستاذ النصف إله بهذا الطالب الذي أوقعته الظروف والأقدار أن يكون طالب تحت يد وسطوة وجبروت هذا الأستاذ، فيتحكم فيه أكثر من أمه وأبيه وصاحبته وبنيه، يزله ويحقره، فيتحول الطالب الباحث عن درجة علمية وعلم ينتفع به، إلى خادم أو أقل قليلً لهذا الأستاذ وزوجته وأبنائه، وعليه الطاعة والولاء وتنفيذ الأوامر، فيجب عليه أن يترك أي شيء يقوم به في حياته ويسخر كل وقته وجهده وماله لتلبية حاجات ومتطلبات الإله وأسرته؛ وإذا لم ينفذ أصبح مارق وخارق لكل القواعد والمبادئ والأعراف الجامعية والتقاليد الإلهية للأستاذية، والسبب في ذلك أن قوانين تنظيم الجامعات المصرية جعلت الأستاذ في مرتبة الإله، وحصانيه حصانة إلهية، والعلم والبحث العلمي في مصر كهنوتي، ومجالس الأساتذة ... أسف ..أسف ... الآلهة مجالس كهنوتية، وكرسي الأستاذ كرسي إلهي.
وعليه فالطلاب والتلاميذ الدارسين تحت إشراف هذا الأستاذ هم عبيد في معبد هذا الإله، فهم الخدم الذين سخروا لقضاء حاجاته، فإذا احتاج إلى المشرب أو المأكل أو الملبس فعليهم الإطعام والشراب والإلباس، وإذا نقص لديه أي شيء فعليه شرائه من جيوبهم، وذلك للتقرب من الإله بالهدايا والقرابين والذبائح والمحمر والمشمر. فهل يجوع الإله أو يتعرى الإله..؟! بالطبع لا يجوز.
والمشكلة ليس في اتساع كروش هؤلاء الأساتذة أنصاف الآلة، ولكن المشكلة إذا كان صاحب كرش واسع وعقلا ضيق، يعني تملأ فيه مهما تملأ، وتنفخ في جلالته مهما تنفخ ولكن دون جدوى، فهو غبي كالدواب والأنعام يقدم لها صاحبها كل شيء ويوفر لها كل وسائل الراحة ولكن في النهاية هي بلا عقل تفكر به وتزن الأمور، ولكن لابد لي أن اعتذر لتلك الحيوانات فلديها بعضا من التمييز في كثير من الأحيان وتعرف صاحبها وتحفظ الطريق الذي تسلكه وتستطيع أن تعود لبيت صاحبها إذا تاهت، لذا فهو كالأنعام بل هم أضل.
فالطالب الدراسات العليا لابد وأن يكون طباخا وشيالنا وحماراً وخوافاً ونفاقاً وساقيا وخبازاً ... إلى غير ذلك من المهن، وفوق كل هذا وذاك جيبه مليء بالعملة.
وأشهد الله أن هناك أساتذة كالملائكة المنزلة من السماء عفيفي اليد لا يقبلون قرشاً أو فلساً حراما على أنفسهم أو على أولادهم، بل وقد يدفعون من جيوبهم ومن قوت أبنائهم للطلاب غير القادرين وأصحاب الظروف الاجتماعية الصعبة، وإذا كلف الطالب بأي شيء يدفع ثمن تلك الخدمة ومقابل لأي حركة يخطوها هذا الطالب، ولا يطلب منه شيء إلا بعفة نفس وبأدب جم وبذوق رفيع وبخجل شديد، مما يجعل الطالب على استعداد لتقديم عينيه لأستاذه برضا وحب.
قراءنا كثير في الصحف عن معيدين ومدرسين مساعدين في العديد من الجامعات المصرية فاض به الكيل من سخرة مشرفيهم، وقد حكا كل واحد منهم قصة يندى لها الجبين ولكن كمن يأذن في ملطا، بل وخرج من يكذب تلك الروايات ويتهم هؤلاء بالتشهير بالأساتذة الآلهة ويحقر من تلك الشرذمة من الخونة غير المؤمنين بالآلة الأعظم المتمثل في الأستاذ الجامعي؛ وحسبنا الله ونعم الوكيل.
منذ أن أصبح الخليج العربي مكانا للرزق وأصبح قبلة العمل للمنطقة العربية، وأصبح هدف ومقصد للشباب العربي غير الخليجي، ولكن هناك علاقة سيئة السمعة يشتكي منها العامل من صاحب العمل الخليجي إلا وهي علاقة الكفيل بالمكفول، وتعالت الأصوات لإلغاء تلك العلاقة التي قد وصل الحال إلى اعتبارها رجوعاً للخلاف ليس كثير بل إلى عصر ما قبل ظهور الإسلام بالجزيرة العربية، إلى عصر الجاهلية وتجارة البشر وبيع وشراء العبيد وتجارة الرق، وهي نفسها نفس العلاقة الموجودة بين طالب الدراسات العليا وأستاذه نصف الإله.
وسؤال الذي يطرح نفسه الآن هل الطالب العبد لأستاذه ينتج بحثاً علمياً جيدا؟!، أم الطالب الحر في تفكيره والحر في حركته والحر في نشاطه هو الأفضل لنفسه وبلده ومجتمعه؟ََ!
ومن المضحكات المبكيات أن يقوم أحد هؤلاء أنصاف الآلهة بتأليف كتاب عن العلم والبحث العلمي ويشرح فيه علاقة الطالب بالأستاذ وعلاقة الأستاذ بالطالب وعلاقة الطالب ببحثه ورسالته ومسؤوليات كلً من الطالب والأستاذ تجاه الدراسة العلمية ويوضح الكثير والكثير من أمور كتابة البحث وإجرائه وإنهائه، ويرسم في هذا الكتاب الوضع الأمثل والقيم المثلى، ثم يقوم هو بنفسه بنقد ورفض كل ما كتبه وخطه بيده، ويتصرف تصرفات الجهلاء وكأنه لم يعرف أدوار الأستاذ الجامعي!!، وإذا واجهته بما كتب في كتابه ينظر لكب سخريه وتهكم ويبتسم ابتسامة الذئاب ويقول:
- هذا كلام للاستهلاك المحلي، فالكلام النظري شيء والتطبيق على أرض الواقع شيء، فلا يستطيع الأستاذ أن يتنازل عن شيء من إلوهيته، ولا سلطاته غير المحدودة!!
الأستاذ وطالبات الدراسات العليا:
هنا نحكي قصص حقيقية حدثت بالفعل بإحدى كليات الآداب وليس من وحي الخيال، ظل الأستاذ يطلب من طالبته الهدايا والقرابين حتى وصل بها الحال أن باعت كل مصوغاتها الذهبية وصرفت على هذا الكائن غير الآدمي أكثر من ثلاثين ألف جنيه مصري، وآخر كان رحيما بعد الشيء من الأول وحصل على ما يعادل أثنى عشر ألفا فقط.
من يحصل على المال فأمره بسيط حيث ينتهي الأمر على دفع ما بالجيب ظلما وعدوا لهذا الأستاذ الإله وتحصل الطالبة على درجتها العلمية، ولكن الطامة الكبرى أن يطمع الأستاذ في جسدها!!، نعم هذا حدث حيث طلب الأستاذ من إحدى طالبته أن تتزوجه عرفياً في مقابل أن يقوم هو بكتابه رسالة الماجستير لها ويناقشها في سنة واحدة فقط!
بالله عليك عزيزي القارئ هل يعد هؤلاء قدوة وعلماء وأساتذة؟!، والمشكلة الكبرى هي اشتراك كافة أعضاء التدريس بالأقسام العلمية والكلية كلها في تلك الجرائم، عن طريق معرفة كل هذه الأمور ومشاهدتها والتأكد من حدوثها ويقفون كالمتفرج يشاهدون ذبح الطلاب وسفك واغتصاب دمائهم وأموال وأعراضهم وإنسانيتهم ويفضلون السلبية واللامبالاة والضحك والاستمتاع بتلك الفصول المسرحية الدرامية الدسمة؛ دون أن يتحرك لهم ساكن، وإذا وجه إليهم أحد النقد واللوم يكون الرد عبارة واحدة لا تتغير أبداً (هذا زميلي ولا استطيع أن اخسره بسبب طالب، فالطالب يذهب وزميلي هو الباقي لي!!)، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
بقلم:
محمود سلامة الهايشة
ساحة النقاش