هندسة الانتباه

العلوم والفنون والآداب

الأديب والكاتب الصحفي الكبير حسن عبدالحميد الدراوي

 

-         هو حســـن عبدالحميد حســن محمود الـدراوي .

ـ من مواليد أربعينيات القرن الماضي، في قرية من قرى شـــرق الدلتا .

ـ عمل بالتدريس في مصـــر منذ العام 1968 م ثم انتقل للســــعودية في العام 1970 مُعاراً فعمل في تدريس اللغة العربية ولكنه التحق بالعمل الصحفي متعاوناً ولما أثبت كفاءة مهنية عالية عُين محرراً للصفحة الثقافية في جريدة المسائية بعدها نقل إلى جريدة المسلمون ثم جريدة الاقتصادية .

ـ ألتحق بجريدة الأنباء الكويتية وجريدة الوطن .

ـ التحق بمجلة الشـــقائق الإماراتية .

* عضو في العديد من الاتحادات الإقليمية والعربية والعالمية فهو عضـــو في :ـ

ـ عضو إتحاد كُـتَّاب مـصـــــر .
ـ عضو إتحاد الكُـتّاب العرب .
ـ عضـــو رابطة الأدب الحديث . مصــــر .
ـ عضـو المنظمة العالمية للكُتّـاب الأفريقيين والأسيويين.
ـ عضو رابطة أدباء الشـــــــام
ـ عضو تجمع شــــــعراء بلا حدود .
ـ عضو الإتحاد العالمي للمثقفين العرب
ـ عضــو رابطة الأدب الإسلامي العالمية .
ـ رئيس لجنة العلاقات العربية بالمنظمة العربية للســــلام .
ـ مســــتشــــار إعلامي للشرق الأوسط وأفريقيا

* المؤلفات المطبوعة والمنشــــورة :ـ
* في الشـــــعر :
ـ ديوان في دوحتي .
ـ ديوان في غربتي .


*في القصــة’ للأطفال :ـ
* مجموعة قصصية باســــم روان ورناد 12 قصــة .
*في الأدب :ـ
ـ رســــالة إلى ولدي ...... أدب الرسائل .
ـ هؤلاء ماتوا على طاعة ...... أدب الموعظة .

في تعلم القراءة والكتابة للمبتدئين لما قبل المرحلة الابتدائية :ـ

ـ القراءة والكتابة للمبتدئين .

ـ اِقرأ وأكتب تهيئة وإعداد .

في القصة القصيرة
ـ مجموعة  باســــم في قريتي .


*تـحت الطبع :ـ
ـ ديوان في وحـدتي .


ـ مجموعة قصصية للأطفال باســــم باســـم وبســــوم .
ـ كتاب رائحة العطر ... قصص قصــيرة جداً .

*اللقاءات الصحفية :ـ

كثيرة هي وعلى ســـبيل المثال :

ـ فضيلة الإمام الأكبر الراحل الشيخ ســـيد طنطاوي .
ـ فضيلة الشيخ ســـيد ســـابق .
ـ الشاعر عبدالرحمن الأبنودي .
ـ الأمير خــالد الصُباح .
ـ الدكتور محمود مهدي ـ نائب رئيس تحرير الأهرام ... عليه رحمة الله .
ـ الأســـتاذ جلال عيسى ... وكيل نقابة الصحفيين سابقاً.
ـ فضيلة مفتي عام المملكة العربية الســــعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشـــيخ .
ـ الأســـتاذ الدكتور أحمد عمر هاشـــم ـ رئيس جامعة الأزهر الأســـبق .
ـ الأمير الشــــاعر بندر آل ســــــعود


كل الكتب الســــابقة موجود منها نســـخ في مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض ومكتبة الإســــكندرية.


ـ أُجـرى معه لقاءات إذاعية وتلفزيونية كثيرة كلها عن الأدب وقيمته في الحياة .


ـ منح الكثير من شـــهادات التكريم.

* يهتم بالأدب وعلم الأنســــاب ويحب الخلوة إلى نفســـه كثيراً


.. له تحت الطبع :ـ

... ديوان في وَحْـدَتي .

... رواية زينب في إسكندرية .
... رائحة العطر . في القصة القصيرة جداً .




... غربال الحياة مجموعة قصصية قصيرة .
.. أتعرف هؤلاء للأطفال

البريد الإلكتروني:    [email protected]



قالوا عن مجموعته القصصية في قريتي
.............................

المظاهر الاجتماعية في المجموعة القصصية :''في قريتي" للقاص حسن الدراوي

المظاهر الاجتماعية في المجموعة القصصية :
''في قريتي ''

القاص حسن عبد الحميد الدراوي


القاص حسن عبد الحميد الدراوي ، قاص مصري يعيش في المملكة العربية السعودية منذ 1970 عمل في التّدرس والصّحافة ثمّ تفرغ للتأليف و الكتابة و النشر. من مؤلفاته :
ـ في أدب الرسائل ـ رسلة إلى ولدي .
ـ في أدب الموعظة ـ هؤلاء ماتوا على طاعة .
ـ في الشعر ديوانين :* الأول : في وحدتي . * والثاني : في غربتي .
ـ في كتب القراءة والكتاب لماقبل الرحلة الإبتدائية :ـ
* إقرأ واكتب تهيئة وإعداد .
* القراءة والكتابة للمبتدئين
ـ في قصص الأطفال سلسلة روان ورناد :ـ
* طبع منها واحدة الصرة والحجر ، والسلسلة مكونة من إثني عشر قصة .
و هناك مؤلفات تحت الطبع .
من مؤلفاته في مجال السّرديات ''في قريتي'' مجموعة خاصة جداً. تعتمد الأصالة الواقعية . و البساطة السّردية ، و تجنب المغالة overstatementتضم خمس قصص : الفنكات ، صاحبي و أنا ، مبروك يا سعدة ، الشاعرة المفقودة ، اليوم الحزين .
يقول القاص معلقا على مجموعته '' في قريتي '' (لأنني من القرية، ومازلت أنتمي إليها ، آثرت أن أسجل كل ما يمت للقرية بصلة، أصف القرويين بطيبتهم، ومساكنهم البسيطة، وأحلامهم الكبيرة، ومدى تطور القرية عَلَى مرّ السنين الطويلة التي عاصرتها. سجلت هذه المعايشات الواقعية كلها في قصة سمَّيتها " في قريتي " ، وفاءً وحبًّا لها .)
القصة في هذه المجموعة، وثيقة اجتماعية و ثقافية . يحاول الكاتب من خلالها ، أن يعكس بسلاسة و فنية،المظاهر الاجتماعية التي تبدو لغير المعتاد عليها ، غريبة و بخاصة في زمان كزماننا . بينما هي لابن القرية ، الذي عاش فيها ، و ألفها طوال مرحلة الطفولة ، كما هو الأمر بالنسبة للقاص ، فهي حميمية و رائقة و شيقة ... تذكره بفترة من حياته لا تنسى. فنحن إذاً أمام خمس وثائق اجتماعية عن مجتمع القرية الصغير، في الريف المصري .


ففي قصة الفلنكـــــــــات ـ

وهي القصة الأولى في المجموعة ـ يقف القارئ على أوّل مظاهر التّحديث في القرية.إذ قرّرت السلطات الانجليزية ربط مستعمراتها بخط السّكك الحديدية لتتمكن من نقل جنودها و عتادها.و لتضمن التنقل السّريع بين مصر و فلسطين. و لكن الخطّ سيمر فوق أراض زراعية الشيء الذي أغضب المزارعين ،كما أغضبتهم توابع هذا الخط : من دخول الغرباء ، و انتشار عاداتهم و سلوكاتهم التي لاعهد للقرية بها.
لقصة تتمحور حول شخصية شحاثة ، الذي أتمّ دراسته الابتدائية ، و انتقل إلى قرية مجاورة لإتمام الإعدادي . و لكن قسوة المعلم، جعلته يفكر في ترك الدراسة ، و التّفرغ لأعمال الأرض . إلا أنّ أمّه رفضت ذلك ، و شجعته على الاستمرار. فكان يستأنس بتشجيعها. و يتخذ أمين أفندي ؛ المهندس قدوة و مثالا .
شحاثة كان له أخ يسمى عبادة . اتّفق مع رفاقه على محاربة الاستعمار الإنجليزي. و مهاجمته في التل الكبير. و قرّر شحاثة أن يساعد أخاه في نقل الذّخائر.إلا أنّ إمام المسجد أثناه عن عزمه. فأنّبه والداه على ما اعتزم فعله و هو صغير .
و يتمّ شحاثة دراسته الثانوية و يصمم على التّوقف، لكن أمّه من جديد تصرّ أن يتمّ تعليمه فينتقل إلى المدينة ليكتشف عالماً آخر مختلفا عمّا تعوده في القرية . و في العطلة؛ اكتشف شحاثة أنّ خط السكك الحديدية المحاذي للتّرعة التي تخترق القرية قد غير معالم كثيرة . فحتّى الأهالي استأنسوا بالعمال و أكرموهم ، و لم يعد هناك تخوف كما كان في السّابق .
وتكتمل فرحة أهل القرية بإكمال شحاتة دراسته العليا . وتبتهج القرية بعودة ابنها شحاتـة يحمل شهادة تخرجه في كلية الآداب قسم تاريخ مع تعيينه عضوًا بهيئة التّدريس بالجامعة .
ربّما الأحداث لا تبدو هامّة للغاية، بصرف النظر عن خط السكك الحديدية . و لكن الأهمّ هو روح القرية ، و كيف صورها القاصّ ، من خلال معايشته ، و انصرافه إليها :
فمن العادات و التقاليد : جاء في النص أنّ شحاثة (اعتاد أبوه أن يصحب معه ضيوفًا كلّ يوم جمعة ، فبعد الصلاة يصطحب اثنين أو ثلاثة رجال يذهب بهم إلى المندرة لتناول طعام الغداء بما هو موجود في المنزل من طعام ، فشعاره دائمًا (الجودة بالموجودة) .
توضع الطبلية وعليها أنواع الطعام ، وليس شرطًا أن تحتوي على اللحم أو السمك أو الدجاج أو الأرانب ، ولكن الغالب في الصيف البامية ( القرديحي ) أي بدون لحم ، ومخلل اللفت والخبز الملدن ، وأحيانًا الملوخية بالأرانب .)
و حين رحل شحاثة إلى المدينة من أجل الدراسة،صاحب معه أثاث و أكل القرية ( حصيرة ووابور جاز ولمبة نمرة عشرة ـ للمذاكرة عليها ليلا ـ ولحاف). أيضا اصطحب معه ( سبت ) مليئًا بالأرغفة الفلاحي ( عيش ملدن ) ، وجرَّة صغيرة بها عسل أسود ومحلبة بها سمن بلدي وبرطمان جبن وبرطمان مِشٍّ .)


أمّا قصـــة ''صاحبي وأنـــــــا''
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45107


فنعيش علاقة الرّبط بين الإنسان و الحيوان في القرية المصرية . ذلك الارتباط الغريب الذي يتمثل في علاقة الطفل محمود بحماره الذي جاء به والده ليقله إلى المدرسة البعيدة . و إذا بالطفل بدل أن يركب الحمار كما يفعل غيره من زملائه .(يسحب الحمار من خطامه ويسير على رجليه نحو المدرسة .) الشّيء الذي جعله مثار ملاحظات أصدقائه (ركب الحمار يا محمود عشان تروح المدرسة بدري قبل الطابور ) و لكن محمود لم يبال فأصبح يصل المدرسة متأخراً ما لفت انتباه الإدارة ( فينصحه الناظر بعدم التّأخر واحترام المواعيد) و حين يصل المدرسة يسلم الحمار للعم توفيق المسؤول على حراسة الحمير . و لكن لا يهدأ باله ، و يمضي يتمسّح بالحمار و يتفقده إلى أن يطمنه العم توفيق : ( يا ولدي ماتخافش على حمارك عشان هو عندي زي بقية الحمير ، له من العناية والتقدير كلّ اللي تتمناه، ده إللي اتعلمناه من الآباء والأجداد ومن ديننا ، الحيوانات دي لازم نحترمها ونصونها ونرعاها حق الرعاية ، روح يا ولدي لمدرستك وها ترجع تلاقي حمارك في أحسن حال بإذن الله .) و شاع الخبر حتى بلغ مسمع السيد الناظر و حاول إقناعه بأنّ ما يفكر فيه خطأ ، و أنّ الحمير جعلها الله لنا لنركبها و نصحه أن يستمتع بركوب حماره بغير ضرر أو إسراف . كما تنامى الخبر إلى والده فاحتار في أمره : (جبت لك حمار عشان تركبه معزز مكرم وترتاح وانت رايح لمدرستك ، تقوم تسحبه وما تركبوش ؟!! ليه يا محمود ؟ الكل بيتكلم عنك يا ابني !!) و لكن لا أحد استطاع أن يفهم رأي محمود الذي كان يقول للجميع الحمار ده طيب وعمره ما قال لحد فينا لأه ، يبقى أنا أتعبه ليه ؟ دا ربنا وصانا بالدواب ، والحمار من الدواب .) فيقوم الأب ببيع الحمار لتسديد نفقات زواج أخته تفيدة ، فيحزن محمود على فراق صاحبه الحما. و لكنّه استطاع أن يواصل دراسته و يتخصّص في الطّب البيطريّ و يعدّ جمعية لحماية الحمير.تلك هي قصّة محمود و حماره ولكن على هامشها، و بين فقراتها، و جوانبها ، تسربت حكايا وأشياء تؤثث مجتمع القرية :
أ ـ العمّ توفيق وقيامه بحراسة حمير التلاميذ ،أو الوافدين على مركز الصّحة. و كيف كان يعتني بالحمير و يسقيها و يطعمها من التّبن و الفول و البرسيم .
ب ـ والعمّات والخالات و نساء العائلة... و كيف كن يجتمعن حول كؤوس الشاي وهن يثرثرن ، و يستعرضن نشاطهن و استعداداتهن لشهر رمضان المبارك .
(وعند عودته إلى المنزل وجد والدته وقد اجتمع عندها الجارات والصديقات من أهل القرية الهانئة السعيدة المفعمة بالحب والدفء والإخلاص ، ويلقي عليهن تحية المساء ... وتذهب سعدية لعمل الشاي تحية واستضافة للحاضرات ... الخالات والعمات يتحدثن عن الاستعداد لرمضان ، فهذه قد ربَّتْ إِوَزًّا ، وتلك جهزت بيتها بطحن القمح والذرة واستعدت للخبز ، وتلك تستعد لولادة الجاموسة ، فالجاموسة على وشك الولادة .
وهن جميعًا مسرورات لقدوم الشهر الكريم ، فشهر رمضان في القرية عندهم له مذاق وطعم ، فالفتيات ينتظرن ليالي السمر حيث يجتمع الرجال في المندرة حول صوت الشيخ و هو يقرأ القرآن ، و فيها يتم تزويج فلانة لفلان و لكن بعد العيدين ( الفطر و الأضحى ) لأن بين العيدين لا تقام عندهم الأفراح . )
بل القصة لا تهمل الاشارة إلى وصف بعض أنواع الأكل المعتاد في القرية : ( ويجد أمه قد أعدت له طعامًا يحبه كثيرًا ، هو البيض المقلي في السمن البلدي و الجبن و الالقريش و طبق القشدة الشهي و قليل من مخلل اللفت و الجرحير البلدي . )
كما تشير القصة إلى الإعجاب والعشق العفيف الذي تبديه السعدية إزاء معلم القرية سعيد ، و الذي هو مجرد إعجاب بغير أمل . أو العناية بزواج تفيدة عمة محمود .
كما تشير القصة إلى الحفل الذي أقامه أبو محمود لابنه و هو يخطو نحو الدكتوراه '' الشهادة الكبيرة '' ، ( احتفل أهل القرية بالدكتور محمود من خلال مأدبة عشاء أعدها والده للأهل والأحباب ودعا قارئًا ليقرأ ومنشدًا لينشد ومدَّاحًا ليمدح الرسول ـ صلى الله عليه وسلم.).
ج ـ المجتمع القروي الذي هو على شكل أسرة كبيرة في المسجد و الحقل و البيت .. فمحمود ( يصلي مع أهل قريته ، ثم يعود برفقة الأهل والخلان ، فهذا عمه وذاك خاله وذلك جده ، وهؤلاء الصبية أقرانه وأقاربه ، القرية كلها كأنها بيت واحد كبير ، الكلّ يعرف الكل، والكلّ أهل للكل .) و من ذلك حب الوسط و الأهل ، لقد كان محمود يحب كل ما في قريته : (الحب للأرض ... الحب للقرية ... الحب للمحراث ... الحب للجد والجدة ... الحب للعم والعمة ... الحب للخال والخالة ... الحب لكل من حوله ، والحب حتى للحيوانات ) و كان أستاذ سعيد يراعي الأخلاقيات العامة : (فهو يعتبر أهل القرية كلهم أهله ، وبنات القرية كلهن أخواته ، غير أنه من قرية أخرى فينبغي أن يكون حذرًا ومؤدبًا ولا يجرح شعور أحد ولا يخرج عن المألوف من عادات القرية وتقاليدها .)
د ـ الحيوانات : كان والد محمود يربي في زريبة مجاورة للدار : ( الجاموسة والبقرة والحمار وبعض الماعز والدواجن) ، ويطلب من أستاذ النشاط أن يؤسّس جماعة في المدرسة باسم ( جماعة محبي الحمير )
هـ ـ الديــن : و مدى ارتباط الأهالي بالجانب الدينيّ (يسمع محمود مؤذن المسجد يقول : حي على الصلاة ، حي على الفلاح . فيترك المجلس ويذهب لصلاة العشاء مع الرجال في المسجد ... يجتمع الرجال في المندرة حول صوت الشيخ و هو يقرأ القرآن .... ويذهب إلى المسجد لأداء صلاة المغرب فيتوضأ من الماء الجاري في الجدول الصغير أمام المسجد ويصلي مع أهل قريته ...
و في امتناع محمود ركوب الحمار يذكره أحدهم بقوله تعالى: "وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ " النحل 8 ....
و حين يخبر بوفاة العم توفيق حارس الحمير : (العم توفيق غادر الدنيا إلى الآخرة فأسرع إلى قبره ليقرأ الفاتحة ترحماً .)
ـ و هكذا تبقى تقاليد القرية ، التي لا وجود لها في الحواضر و المدن الكبرى ، هي سمة القرية المصرية ؛الغالبة في القصة ، والتي تحدد معالمها الإنسانية والإجتماعية.و يحرص القاص على استعراضها ، و بثها ، كلّما تطلب السّرد ذلك


أما القصّة الثالثة '' مبـــروك يا سعـــدة ''
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45163


قصةُ أغلب بنات القرية اللّواتي كن يتزوجن بدون علمهن و لا استشارتهن . أويكن آخرمن يعلم . كما كان الأمر بالنسبة '' لسَعدة '' التي أخبرتها أمّها بالزّواج قبل أسبوع فقط . فاضطربت نفسيتها ، و هي تجد المهنئات يهنئنها و يباركن زواجها القريب ..فيقترض أبوها الفقير ما يمكنه من مصاريف الزّواج . و يحضر كلّ شيء في أسبوع . و تغرق ''سعدة'' في وهم تخيّل الخطيب . فتتوارد على ذهنها خواطر شتّى , و تحسب ارانب البيت تخاطبها . فتفقد القدرة على التّمييز والضّبط و الانضباط و التّركيز. يخيفها المستقبل ، كما يخيفها هذا الآتي المجهول .. و في مرحلة الإعداد والاستنفارالعائلي ، تتدهور صحّة ''سعدة'' و تفقد وعيها . فتُعرضُ على الأطباء و تقام لها حفلات الزّار ...فتتحسن بعض التّحسن فيتم الزّواج . و لكن ''سعدة'' لم تنجب فتقام لها حغلات الزّارمن جديد، بدون جدوى.فيهدد زوجها بأن يتزوج إذا لم تنجب وأنّه سيظل يتزوج و يتزوج ،حتى تنجب إحدى زوجاته .
في هذه القصة وصف ضاف لمظاهر الاستعداد لما يعرف بالحنّة . و ما يكلّف من مصاريف و تجهيزات و دعوات للأحباب و الأصدقاء في القرية ، و القرى المجاورة : (وتلتف الفتيات القرويات حول سعدة ويقلبن الطست ( وعاء كبير من النحاس ) وينقرن عليه نقرات الطبل والفرح ووقفت واحدة منهن وحزمت وسطها بالطرحة ( غطاء رأسها ) ، وأخذت ترقص رقصات شعبية وتغني أغنيات شعبية .
كل فتيات القرية في فرح وسرور متمنيات لها السعادة في بيت العدل ، داعيات أن يلحقن بها في القريب العاجل ، فاليوم هو الثلاثاء وغدًا الأربعاء يوم الحنة،والدخلة يوم الخميس .
وفي اليوم التالي ذهبت الأم بسرعة إلى المدينة لشراء فستان الزفاف ، وتجلس الخياطة في انتظار القماش القادم من المدينة لتقصه وتفصله للعروس وهي تنادي بصوت عالٍ : فين العريس يا بنات علشان يديني فتحة المقص .... )


وفي القصّة الرابعة '' الشّاعـــرة المفقــودة ''
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45223


قصة رومانسية حالمة ، لفتاة من القرية ، و جدت نفسها تردد مع فيروز ( حبيتك في الصيف حبيتك في الشتي ) و هي لا تعرف معنى ذلك فحين سنعتها أمّها نهتها عن ترديد مثل ذلك الكلام . و ما دام كلّ ممنوع مطلوب سألت الفتاة أستاذ العربية عن معنى كلمات الأغنية . فكان شرحه عاماً حول الحب . ثمّ تجرأت فسالت والدها فنهاها عن الحديث في ذلك وطالبها بالاهتمام بدروسها و كتابة الشّعر كنازك الملائكة و بنت الشّاطئ . فسألت عنهما الأستاذ فلمّا أخبرها . قرّرت أن تكون شاعرة ترضية لوالدها . و في الثاّنوي تعلمت العروض والقافية وأصبحت تكتب قطعاً تشارك بها في الحفلات ، فتعرفت على طالب شاعر و تعلّقت به ، و لكن فقره أحال بينها و بينه ، فتزوجها صاحب أملاك ،فغرقت في حياتها الجديدة، و نسيت الشّعروالشّاعر.
و كالعادة القاص يأتي بالحدث لا لأهميته ، و لكن ليمرّر مظاهرالقرية و بخاصة ما يؤثثها اجتماعياً . ففي هذه القصّة، و إن قلّت العاميةعلى عكس ما سبق ، و ربّما لما يفرضه الموضوع (الشعر) فإنّ ما جاء في القصّة يكشف عن صبغة القرية وأفكارها : (قالت الأم بغضب : حب !! حب إيه يا مقصوفة الرقبة ؟!! خلي بالك من دروسك ، دا لو أبوكي عرف إنك بتتكلمي عن الحب هيكسر رقبتك ، ياللا عشان نخبز العيش أحسن خميرته زادت) .
. كما أنّ السّرد بالفصحى كان دالا عن ذلك : (عند الفجر أذنت الديكة قبل مؤذن المسجد ، فاستيقظ الجميع وذهب الأب إلى المسجد ، وفي هذا الوقت أشعلت أم صباح الحطب في الراكية ( مكان توقد فيه النيران وسط الصالة على الأرض ) ووضعت غلاية الشاي فيها ، استيقظت صباح من نومها لتساعد أمها في إعداد الإفطار ( لبن رايب، قشدة ، جبنة قريش ، بيض مقلي ، ملح ، فلفل أحمر ، خبز مقمَّر على جمر الراكية )
وهذا هو إفطار أغلب الدّور في القرية .


أمّا القصة الخامسة و الأخيــــرة ،'' اليــوم الحزين ''
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46740


فتشير بفنية رائعة ،و بساطة شفافة راقية .. إلى حرب 1967 ضدّ الصهاينة.الحرب التي عرفت بالنكسة تجاوزاً . و التي كانت هزيمة نكراء : ( فرقة من الجيش تعود من أرض المعركة.فيستقبلها أهالي قريـة استقبال الأبطال ، فيكرمون وفادتها . و ينتشون بخبر النّصر.و لكن الفرحة لم تدم طويلا فسرعان ما عرف الأهالي الحقيقة المرّة ، التي حاولت وسائل الإعلام إخفاءها.لقد استولى الصهاينة على سيناء وجزيرة شدوان في البحرالأحمر ومرتفعات الجولان السّورية ، وتمكنوا من فرض سيطرتهم على القدس كاملة . فعمّ الحزن و الأسى . و أوشك الرئيس أن يتنحى عن الحكم ، لولا تمسك الشّعب به . بينما تعلق قائد الفرقة بالقرية وأهاليها وفكــرفي الزّواج من إحدى بناتها . و لكن ظروف الحرب صرفته عن ذلك . )
القصة لم تضف جديداً ، لما هو معروف تاريخياً ،عن تلك المرحلة السّوداء من تاريخ مصر و الأمّة العربية . و لكن جاءت كغيرها من النّصوص السّابقة بما يمتّ لأخلاقيات القرية بصلة وطيدة ، و بخاصة إكرام الضيف (سارع الجميع في تجهيز الطّعام والشاي لهؤلاء المحاربين الذين ارتموا على حافة الطريق الزراعي . وامتلأت القرية بالزغاريد ، وتدب الحركة فيها ، هذا طفل يحمل إبريق الشاي ، وذاك شاب يحمل صينية عليها طعام يحتوي على قشدة وجبنة ومخلل لفت وخبز ، وآخر يحمل أكوازًا مليئة بماء الزير ) و تتواصل عادات الضيافة (وفي ساعة الغداء توالت الصواني ( أوعية كبيرة لحمل الطعام ) على مكان تجمع الأبطال ووضعت على الطبليات ... الصبية أتوا بالبطيخ ليُكْسَر أمامهم واحدة واحدة والكل يهنأ بخيرات الله ويأكلون ما لذ وطاب ، فوقت يونيه هو أوان البطيخ ، وثماره ناضجة تمام النّضوج ،)
في هذه القراءة التي لا تغني أبداً عن قراءة النّصوص . حاولنا التّركيز على الصّور الاجتماعية للقرية في ريف مصر . تلك الصّور التي لا زال منها باقيا ، والتي أتت على بعضهاالآخر عوادي العصر و العصرنة ، فأصبحت نسيا منسيا . أو في أحسن الأحوال ذكرى من الذكريات تخبئها ذاكرة شيخ أو عجوز . و تُروى كحكاية من حكايا الخيال ، أو أسطورة légende من أساطير الأوهام . رغم أنّها الواقع الذي كان . و الذي عايشه الإنسان ، في ربى ، و دلتا النيل العظيم .


النهـــج الفنــــي :
القصّة في مجموعة : ( في قريتي )


قصة توثيقية اجتماعية . يصبح فيها الحدث مطية لاستعراض الجانب المعيشي و الفكري . بل إنّ الحدث نفسه ، و رغم أهميته أحياناً كما هو في '' فلنكات '' و ''مبروك يا سعدة '' و''اليوم الحزين'' يبقى عرضيا . فإنّ الوصف الذي يطال العادات و التقاليد ، وما له علاقة بالقرية ، و ذكريات القاص، يبقى الأمرالأهم و الطّاغي والبارز . و من تمّ كانت هذه القصص الخمس ، تجسيداً للأنسنة Humanisation
السّارد narrateur بحكم أنّه القاصّ نفسه ، يروي بحميمية خالصة، و تودّد متناه ، و معرفة شاملة ، و كأنّه الحاضر المطلع . و المعني المتيقظ ،و الناقل بأمانة لأحداث القصّة . دون تدخل أوإقحام ، بل بحياد تامّ ، و لكن بتواجد نفسي علائقي، بصل أحياناً إلى المباشرة كما هو في '' الشّاعرة المفقودة ''
أمّا اللّغـــة : فقد جاءت مزدوجة ، تجمع بين الفصحى المبسطة في السّرد و الحكي ، و الدّارجة العامية في الحوار. مشكلة تركيبا نصيا syntaxe textuelle و الملاحظ أنّه وقع نوع من التّقارب يتّسم بالغرابة . لربّما لبساطة لغة السّرد و سهولتها .إذ يلاحظ انتقال السّارد من صنف لغوي إلى آخربسهولة و يسر. يذكر بأسلوب المرحوم توفيق الحكيم .
و قد حشد القاص من المفردات و اللّهجة المحلية الشيئ الكثير،ما أضفى على البنية اللّغوية جواً قروياً خالصاً : ( الدلتا ، المحراث ، الحمار ، البردعة ، الخطم ، الوحدة الصحية ، البرسيم ، الطابور ، المدرة ، الطبلية ، العيش ، العزبة ، الجوزة ، الغيط ، الشنب ... ) و قد أوضح ذلك القاص بقوله : ( يبقى أن أقول إن" القصص مطعّمة باللهجة العامية القروية في بعض الأحيان، حيث تطلب الأمر إيرادها لنقل الصورة الواقعية لأهل القرية ، كما وصفت الأطعمة والأشربة كما هي بأسمائها المتعارف عليها عندهم، كما وصفت بعض عاداتهم التي عشتها معهم ، وأفتخر بأنني أنتمي إليهم. ) و بذلك اختار القاص اللغة الواقعية langage réel
عموماً مجموعة ( في قريتي ) سرد قصصي شبه ذاتي . لما له من صلة وطيدة بالقاص يعكس بعفوية و بصور فنية ، بساطة القرية ، و نقاء أجوائها ، و طيبة أناسها ... تلك القرية التي كانت بكلّ كينونتها وعطائها ... فتقلب الزّمان و تغيّر ، فتحوّلت بعض معالمها و تغيّرت . ولكنّها رغم كلّ ذلك ، بقيت تعيش في ذاكرة القاص بكلّ عاداتها و سماتها . و كأنّ عوادي الزّمان لم تنل منها ، و كأنّ الأمس يعسش في الحاضر .

 

وقـالوا عن قصصه القصـــيرة جـداً

مجموعة رائحة العطر

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله
****
مقدّمــة
القصة القصيرة جداmicro fiction or very short story لازالت تبحث عن نفسها بين كتابات القصاصين المحدثين،أو القدامى الذين استهواهم هذا الفنّ الجميل. فلا غرو أن نجد هذا الإقبال للأقلام المتعطشة لكلّ جديد ، و المحبة للفنون السّردية narrativité
و من الكتاب المصريين الذين أحبّوا هذا الفن الأدبي و منحوه عناية و تدبراً و ممارسة القاص حسن عبد الحميد الدراوي. لقد كتب القصّة القصيرة و له فيها مجموعة ( في قريتي ) و قصص أخرى منشورة في الجرائد و المجلات و أندية المواقع الالكترونية.. ولكن شغفه بالقصّة القصيرة جداً. ظلّ يشغله و يشكل الكثير من همّه الإبداعي،إذ حاول أن يتميز: أسلوبا ، و تيمة. و أن يساير مستجدات هذا الفن لدى رواده، سواء في مجال السّرد أو التنظير والنقد ...
فمن حيث التّيمة ، ركّز على كلّ ما هو اجتماعي أو له صلة بالمجتمع و بشكل ثابت،لم يحد عنه إلا ليعود إليه.بل صار المجتمع بكلّ أحداثه وقضياه ، و إشكالاته المتشعبة ... مصدر إلهامه و كتابته.
أمّا أسلوبه في هذه المجموعة كما هو في غيرها , يستجيب لمتطلبات فنّ القصة القصيرة جداً . بل نجده حريصاً ، أن يعدّ نصوصاّ في قالب فنّي عفويّ ، و لكن مع احترام لإجرائية التّعبير، و نسقية السّرد، و متعة الحكي .. ويمكن تحديد النّمط السّردي عند حسن عبد الحميد الدراوي كالتالي :
1 ـ الاهتمام بإثارة فضول المتلقي،وبعثه على التّساؤل،واستخلاص النتيجة،دون الإقرار بها نصّيا من طرف المرسل.كما هو في نص( وجدها خاوية ) مثلا .
2 ـ لا يهتم بالتفاصيل و الجزئيات التي من الممكن أن يستنتجها القارئ من ذات نفسه . فيعمد إلى الحذف و الإضمار ، و الاستئناس بذكاء و فطنة المتلقي ، بل كثيرا ما يلجأ إلى نسقية المسكوت عنه le non ditوهذا نجده في أغلب نصوص المجموعة .
3 ـ توظيف اللّغة والتّراكيب البسيطة . بل أحياناً يلجأ لبعض الألفاظ التي أصبح لها دلالة عامّية كإحساس منه ، بنبض الشّارع.والبساطة هنا بمعناها الفني البليغ ، الذي يعكس الأثر الاجتماعي، بذات الفعل، و ذات الحال , و نجد ذلك مثلا في ( طربت له) و( تهورت) .
4 ـ النّص القصصي هنا ، لا يأتي به القاص من أجل الحكي و الإمتاع فحسب .. بل هو دائماً دعوة خفية للتّأمل و التّدبر.. دون تقرير أو خطابية ، أو مباشرة ووعظية، و لكن بسلاسة تعبيرية، خالية من الإسهاب و الإطناب.كما هو في قصة( الدّموع تتقاطر)
5 ـ و في جل النّصوص قد نصادف الإشارة اللا مباشرة،التي تشكل شفرة النّص و التي يرجى استخلاصها و استقراؤها كما هو الشّـأن في نص : (يوم الغفران) كما نجد نصوصاً تنفتح على التّأويل والتّخمين لأنّها كتبت بطريقة ذهنية ترميزية مثلا نص( لم يعد) وأخرى كتبت وكأنّها كتبت لتثير حافظة المتلقي فينخرط في طرح الأسئلة مثل نص : (جلست لتستريح)
6 ـ الاعتناء بالقفلة ، فجلّ نصوص المجموعة ، تنتهي بقفلة ذات طابع فجائي، أو صدامي .. وهما أهمّ أنواع القفلة في القصة القصيرة جداً .
لقد عمدت المجموعة القصصية ، بفنية سردية متناسقة ،إلى استقصاء و استكشاف heuristique بعض التمثلات الدّلالية الاجتماعية . كما نهجت نسقية إبداعية، تثبت القدرة على الكتابة المكثفة الانزياحية ، و التّعبير العميق عن قضايا الإنسان و المجتمع .
د. مسلك ميمون

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 975 مشاهدة
نشرت فى 11 يوليو 2011 بواسطة elhaisha

ساحة النقاش

محمود سلامة محمود الهايشة

elhaisha
محمود سلامة الهايشة - باحث، مصور، مدون، قاص، كاتب، ناقد أدبي، منتج ومخرج أفلام تسجيلية ووثائقية، وخبير تنمية بشرية، مهندس زراعي، أخصائي إنتاج حيواني أول. - حاصل على البكالوريوس في العلوم الزراعية (شعبة الإنتاج الحيواني) - كلية الزراعة - جامعة المنصورة - مصر- العام 1999. أول شعبة الإنتاج الحيواني دفعة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,714,549