غزوة الحمير شعر عبد الناصر الجوهرى
وا وطناه !!
جاءوا بحميرٍ و خيولٍ
و اقتحموا ميدان التحرير ....
و القوا المولوتوف الحارق ....
فوق المعتصمين
و لكنّ عناد الاستبداد تعوّدناه
أولاد الكلب - عقوداً -
لم يخترعوا شيئاً
غير السحل ... لخلق الله
قتلوا الأحرف و الكلمات ِ؛
إذا بدأت تتقلّب
في جوف الأفواه
جعلوا الجوع علينا
سلطاناً
رغم الأيام السوداء أطعناه
جعلوا في الهيئات
و في كل إدارات حكومتنا
عسساً
لو في زاويةٍ
أو في دورات مياه
جعلوا تزوير صناديق المقترعين ..
غنائم للحاكم ؛
حتى لا يغضب لو أفلت كابوسٌ
أو في النوم أتاه
فرضوا للقانون طوارئ
و اشتبهوا في القاصي و الداني
بسطوا حول الناس زبانيةً
تتعقب حتى لليل خطاه
خسفوا بأجور العمال ..
إذا لم يشتركوا في حزبٍ و رقيٍّ
زوّج رأس المال إلى السلطة ..
إذ خصص من قوتي اليوميٍّ .. عطاياه
و إذا لم أهتفْ بالروح و بالدم ..
أو أنكرت لتقريرٍ مجهولٍ مغزاه
أو غامض معناه
وضعوني في قائمةٍ سوداء َ
و صاروا بالأحكام علىَّ شهوداً و قضاه
فالتنبل منهم
يزعم أن الوحيَّ الوطنيَّ الآن تغشّاه
و بأن جبابرةً تهرب حين تراه
و إذا غرقت إحدى العبّارات ..
بعرض البحر الأحمر
أو حُرق قطارٌ
أو وقعت بعض صخور ( القلعة )
فوق البسطاء
فلا نلقاه !!
لو ركب البغلة بالمقلوب ..
و زفّ
لما عاد لفعلته ما كنا بالأمس نبذناه
أو سلّطنا أطفال الحارة ترجمه
بحجارة أنقاضٍ هُدمت منه
فنحن كثيراً سامحناه
أولاد الكلب- عقوداً –
ما أبقوا للعيش سبيلاً نرضاه
ما كان يظن الحاكم أنَّا قد نخرج يوماً نتحداه
كانوا مثل الجن عبيداً ( لسليمانَ )
قد اكتشفوا الأمر مصادفةً
لما هلكت بالشيب عصاه
أولاد الكلب – عقودا -ً
صاروا عبداً للمأمور ..
خصوماً للدستور .. الأبله ..
و نحن برغم المحنة صنّاه
نهشوا الثورة في ميدان الشهداء ..
و ذاعوا الفرقة بين المعتصمين
و بين الأحزاب الكرتونية
و التفوا لو من سم خياطٍ
قد كانوا للقنص دعاه
أولاد الكلب ... عقوداً ...
زعموا أن الأجهزة الأمنية
قد حالت بين المرء و بين القلب
و كم دسّوا في المحضر كيلاً
لا تقدر أن تتخطاه
و اختاروا للمرء قضية آدابٍ
أو لفّة ( بانجو )
أو مطواه
حين اغتصبوا في غرف التعذيب مواطنتي
جلدوا أحلامي
و فؤادي من هول اللكم ..
فقد ورمت عيناه
جعلوا من جسدي سجناً
يلتحف القهر
إذا قررت العودة يوماً لبلادي
و أنا أصرخ :
وطني كم أشتاق هواه !!
منحوني ختماً بوثيقة سفري
و ممرّاً لرصاصٍ مطاطيٍّ
دوماً في الأضغاث أراه
منعوني أن أتجمهر في خطب الجمعة ..
خلف الأعمدة اختبئوا لي
رصدوني في كل صلاه
قتلوا في عز الظهر عبوري
دفنوه و أخفوا أدوات القتل ..
و شقّوا للتوريث قناه
ثقبوا عينَ النيل ..
و قالوا : من أعماه ؟!
و ( أبا الهول ) أخافوه ؛
لكيلا يبرح أهرامات ( الجيزة ) في منفاه
جعلوا من ( أحمسَ ) متهماً
لو قاوم ( هكسوساً )
أو نازل محتلاً بالغزو رماه
جعلوا من ( شجرة درٍّ ) آمرةً ناهيةً
في قصر عروبتنا؛
حتى صارت شبحاً نخشاه
جلبوا للمحروسة ( أيبكَ ) ؛
كي يقتل ( أقطاي ) ..
و يمحو شأفته
و مدّوا السّراق بحامية و طغاه
قطعوا ( الفيسبوك ) عن الثورة ؛
حتى لا يكتشف الكيد القادم
لو فجرٌ في الزنزانات
اجتّر رؤاه
زرعوا الفتنة بين ( القبط )
و بين الأقوال المأثورة للسلف الصالح ..
و اتخذوا من كل جماعات التضليل نواه
منعوني يوم الطفّ
بأن أمسح دمعاً سال لقافلة السبيِّ
و أن أنكر مظلمةً( لبني هاشمً) ؛
كي أتستر في الحيِّ على أيّ جناه
اتهموا الشعر بشقِّ عصا الطاعة ..
لو حلّق فوق شعوبيتنا
أو في الشدة ..
قد جاوز كل معاناه
زرعوا ناطوراً في أوراقي
في أخيلتي
في قلمي العاجز ..
في الفرشاه
و أشاعوا في الأمصار
حكايات الخوف من الجلادين
و أفخاخ الانترنت
وعين الغول الحمراءَ
و اعدوا للأمر عيوناً
و رواه
أمروا الناس بأن تدعوا لولّي النعمة ..
في السّراء و في الضّراء ..
و في كل مناجاه
نصحوا ( ستَّ ) بأن يقتل ( أوزوريس )
ليستأثر بالإرث
و بالحكم
و بالجاه
أولاد الكلب عقوداً
ما تركوا طفلاً
لو كان جنيناً
إلا عقروا ضحكته
لو كانت في جوف فلاه
منعوا أي تظاهرة
أو وقفات تحتجُ على أبواب نقاباتي
فضّوا عصياناً مدنيَّاً
لو نظّمناه
لا سامحهم ربّي
كم فعلوا ( بعرابي )
في معركة التل ..
و كم جعلوا الأنفاق ( بغزةً )
تختنق بغاز الخردل ،
أو بحصارٍ طال مداه
منعوني أن أقرأ أسطورة ( بنت جبيلَ ) ..
أو أمتطي الخيل العائد ..
من ( حمصٍ و حماه )
جعلوا القمر الفارش ..
في ( توشكى )
يتسول حتى نزفت قدماه
( و السد العالي )
أخذوه تحرٍّ عند كمين الخصخصة المنصوب
و شمّر للأجلاف قفاه
أولاد الكلب - عقوداً -
جعلوا الطير يهاجر
من عش الأوطان ..
و ما أحدً يعلم
هل عاد من الغربة أو تاه ؟
خنقوا عشقي النائم ..
بين ضلوع فتاتي
خنقوه و ما علوا أن العشق حياه !!
جعلوها تنكرني
تحرق قلبي
ترميه لوحشٍ مسعورٍ
حتى لا ينبض بالحُبّ
و لو رسم الفرحة فوق شفاه
أولاد الكلب - عقوداً -
هتكوا عرض الوطن الأعزل ..
و اجتمعوا ؛
كي يغتالوا خارطة صباي ..
و لفّوا بالألغام صباه
من نكّل بي ؛
ليست أمٌّ في البيت له
أفضل من أمّي
ليجرّب فيَّ كلاليب الموت
و يكهربنا بالصعق و نحن عراه
أولاد الكلب - عقوداً -
اعتادوا القمع
و نحن اعتدنا الصفح ..
و وضع الصبر على جرح المأساه
قد خرجوا
للشعب
كما لو كانوا ( يأجوجَ و مأجوجَ )
و نحن بأقصى الأرض
نغضّ الطرف على ما أغفلناه
لو كانت لقريحة شعري أمينةٌ
ما كانت ترضي
أن أتخلص من نظمي
حتى يصبح للغد طوق نجاه
أولاد الكلب - أمامي - هربوا
حين لجأت لآخر فيضٍ ربانيٍّ
مدّ يداه
حتي أعمدة الكهربة انتفضت
تطلب مددا جهزناه
قصفوا المشفي الميداني مع المرتزقة
ذاك المتخم بالجرحي حتي سالت للصبح دماه
ما علموا أن شباباً حرّاً من ذاكرة المجد سيزحف لخلاصٍ يتلظّاه
ما ارتعشت قدماه
لو أخذوه إلى قصَّاب السلطان الجائر ؛
ما خارت بالسيف قواه !!
ساحة النقاش