الطب الوقائي..في مكتبة مبارك العامة بالمنصورة
كتب: محمود سلامة الهايشة –المنصورة:
أقيم بمكتبة مبارك العامة بالمنصورة في الحادية عشر من صباح يوم الخميس 11 نوفمبر 2010 ندوة في الثقافة الصحية بعنوان "الأمراض وطرق الوقاية منها"، أدارت الندوة الشاعرة الأستاذة/ فاطمة الزهراء فلا – مدير العلاقات الثقافية بالمكتبة، حاضر بالندوة نخبة متميزة من أساتذة الطب بجامعة المنصورة، نذكرهم طبقا لترتيب التحدث بالندوة: أ.د/ نبيل ليمون – رئيس أقسام الباطنة بكلية الطب جامعة المنصورة، أ.د/ عمرو سرحان – أستاذ طب الأطفال والعميد السابق لكلية الطب جامعة المنصورة، أ.د/ سمير مصطفى – رئيس وحدة الأمراض المعدية بمديرية الصحة بالدقهلية، افتتحت الندوة بكلمة ترحيب للسادة الأطباء الضيف المحاضرين من مدير عام مكتبة مبارك بالمنصورة الأستاذة/ نبيلة عبد النبي، والتي أكدت في كلمتها على أننا نعيش في فترة تنتشر فيها الأمراض والأوبئة ولن لنا من معرفة كيف نقي نفسها منها فالحكمة تقول "الوقاية خيرً من العلاج".
مرض السكري وطرق تنظيمه والوقاية منه:
تحدث الدكتور/ نبيل ليمون عن مرض السكر، وبالتحديد مرض السكر من النوع الثاني لأنه يشكل 90% من مرضى السكر في مصر، أما الـ 10% الباقية فمصابين بالنوع الأول، ويوجد في مصر حوالي 7-8 مليون شخص مصابين بمرض السكر، وأكد على أن مقابل كل مريض بالسكر يوجد شخص أخرى مصاب ولكن لم يكتشف أنه مصاب به، وقد تعرض في حديثه عن مرض السكر إلى تعريف مرض السكري لأنه اسمه الصحيح "السكري" وليس "السكر"، ولأسباب انتشاره في مصر والعالم وهي نقص الأنسولين أو نقص كفاءة الأنسولين، والسمنة المفرطة مع تغير أسلوب الحياة والمعيشة، وطرق الوقاية من مرض السكري، وأهم تلك الطرق المشي لمدة 150 دقيقة أسبوعياً أي بمعدل نصف ساعة يومياً مشي جاد والطريقة الثانية المهمة إنقاص وزن الجسم. وقد تعرض إلى العلاقة بين نسبة وكمية الدهون والكولسترول في الدم وارتباطهما بنسبة السكر بالدم، أكبر دولة عربية حاليا بها نسبة مرضى بالسكر هي دولة الإمارات العربية المتحدة، ويقول د.ليمون بأنه من المتوقع عام 2030 سوف تكون (الهند) هي الدولة الأولى في الترتيب العالمي لعدد المصابين بالسكري، وستكون مصر في الترتيب العاشر عالمياً، وهو شيءً مفزع فالتقدم هنا في أعداد المصابين بمرض خطير، كما تناول أنواع السكر (سكر وراثي، سكر مكتسب، سكر الحمل)، فسكر الحمل الذي يصيب الحوامل يختلف عن السيدة الحامل المصابة من الأساس بالسكر ثم حدث لها حمل، لأن سكر الحمل المسبب الرئيسي له هو الحمل وهو ثلاثة أنواع: يختفي بعد الولادة، يبقي بعد الولادة، يظل في مرحلة ما قبل السكر أي تكون المرأة على استعداد للإصابة في أي وقت إن لم تأخذ الحيطة والوقاية منه. فالمصاب بالسكري لابد أن لا يزيد نسبة السكر وهو صائم لمدة 8 ساعات عن 126 وإلا يزيد بعد الأكل بساعتين عن 200. أما النسب التي ينبغي الوصول إليها عند المريض (120-140) للسكر الصائم و (140-160) بعد الأكل بساعتين. وقد تطرق د.نبيل ليمون للمضاعفات التي يمكن أن يصاب بها مريض السكري، وأكثر تلك المضاعفات انتشاراً هي الإصابة بالقدم السكري وقد افتتحت كلية الطب جامعة المنصورة وحدة خاصة لعلاج القدم السكري، وقد تحدث عن تحليل مهم للغاية يطلب قياسه أطباء متابعة السكر من مرضهم للتأكد من أنهم منتظمين في علاجهم وتغذيتهم إلا وهو "الهيموجلوبين السكري"، وهو يقيس مدى انتظام السكر بالدم خلال الثلاثة أشهر الأخيرة، ويجب أن يقل عن نسبة 7%. وللوقاية والعلاج من هذا المرض الخطير:
1- تعديل النمط الغذائي: بتقليل الدهون المشبعة في الطعام، تقليل البروتين وعدم الإسراف في تناوله لأن يؤدي لإصابة مريض السكري بالفشل الكلوي، وعدم تناول السكريات المباشرة كالعسل والمربى والحلويات والمشروبات الغازية.
2- تناول دواء "السولوفاش": لأنه غير ضار بجسم الإنسان حيث أنه لا ينقص من السكر الطبيعي بالجسم، يقلل من امتصاص الجلوكوز من الأمعاء.
تاريخ الأمراض المعدية:
تناول الأستاذ الدكتور/ عمرو سرحان في كلمته التاريخ الأمراض الوبائية والمعدية، وقد ركز على أخر 600 عام من تاريخ البشر، فالأمراض تم تقسمها حسب الجهاز الذي حدق له إصابة في الجسم، أو تقسم الأمراض على حسب سبب الإصابة (مرض وراثي – مرض خلقي كالعيوب الخلقية التي تحدث أثناء تكوين الجنين داخل الرحم في مرحلة الحمل – أمراض الأورام – أمراض الجهاز المناعي – الإصابات المتعددة – الأمراض المعدية التي تسببها الكائنات الحية الدقيقة "فيروسات، بكتيريا، فطريات، ديدان) تؤثر في أي جهاز من أجهزة الإنسان. فتاريخ الأمراض المعدية مع الإنسان تاريخ طويل جداً، في الماضي كانت الأوبئة مدمرة للإنسان بأرقام خطيرة، كوباء الطاعون الذي أصاب أوربا قضى على ما يقرب على ما بين ثلث إلى نصف سكان أوربا. وعندما هاجر الأوروبيين لأمريكا بعد اكتشافها أدى لموت 17 مليون من سُكان أمريكا الأصليين من أصل 20 مليون عدد الهنود الحمر بسبب انتقال أمراض أتت من أوربا لم يكن لديهم مناعة ضدها. وكمرض الدرن الذي وصل أدى إلى أن كل 4 أشخاص يموتون في أوربا منهم شخص يموت بالدرن، وفي آخر 500 عاماً حدث حوالي خمسة او ستة أوبئة قضت على ملايين من البشر، وقد وضع أحد العلماء المسلمين في الأندلس فكرة تقول أن تلك الأوبئة تنتقل من إنسان إلى آخر دون التوصل إلى السبب بالضبط، ولكن أخذ الأوربيين تلك الفكرة وبدأ يفكرون في تلك الأسباب، وقد تحدث د.سرحان عن مراحل اكتشاف أسباب الأوبئة بدأً من اكتشاف الميكروسكوب وبالتالي تحديد الكائنات الحية الدقيقة، ثم اكتشاف أن المياه هي التي تصيب الإنسان بالكوليرا، إلى العلماء وعلى رأسهم لويس باستير، جوخ، ولما عرف السبب بدأ البحث عن الحل، وقد لاحظ العلماء بأن الفلاحين المربين للحيوانات لا يصابون بالأمراض بدون معرفة السبب الفعلي لذلك، ومن هنا بدأت فكرة التطعيم وإنتاج الطُعم، وتطعيم الجدري كأول أولها، تلاه شلل الأطفال، التيتنس، الحصة، والحصة الألماني،فكان لاكتشاف التطعيمات والتحصينات دور كبير في تقليل الإصابة بالاوبئة ومنع انتشارها بين البشر، قم جاءت فكرة اكتشاف المضادات الحيوية وإنتاجها من الفطريات، وكان أول دواء كيميائي يكتشف ضد الأمراض مركب "السلفا".
الوقاية خيرُ من العلاج:
تناول الدكتور/ سمير مصطفى – مدير وحدة الطب الوقائي بمديرية الصحة بالدقهلية عن طرق انتقال الأمراض للإنسان، لأن معرفة السبب يجعلنا نفكر في كيفية الابتعاد عنه والوقاية منه، وقسمها إلى أربعة طرق رئيسية:
- عن طريق التلامس: كمرض ملتحمة العين الذي قد انتشر في الأيام القليلة الماضية وسط تلاميذ مدارس مركز المطرية محافظة الدقهلية، والأمراض الجلدية.
- عن طريق الحشرات: كالناموس والبعوض التي تقوم كناقلات للأمراض والأوبئة.
- عن طريق الدم: كفيروسات الكبدية (C, B)، ومرض الإيدز. وتناول مكافحة العدوى داخل الأماكن التي تقدم خدمة صحية، وتطبيق نظام الحق الآمن.
- عن طريق الطعام والشراب: كمرض التيفود وهو من الأمراض التي ليس لها تحصين، حيث يتم القضاء عليه عن طريق النظافة. فقد تحدث عن دور وزارة الصحة في الرقابة على الأسواق والمنافذ التي تقدم الأغذية.
وقد تحدث د. سمير عن حملة التحصين ضد الحصبة لجميع طلاب المدارس وجامعة المنصورة خلال عامي 2008-2009، وعن السرنجة ذاتية التدمير وهي سرنجة جديدة لمنع استخدامها مرة ثانية طبقت خلال عام 2006 على مستوى الجمهورية. يتم فحص الدم في بنوك الدم للتأكد من خلوها من الأمراض، بالإضافة للدور التثقيفي والتوعوي لإدارة الثقافة الصحية الموجودة بكل مديرية صحة في إرشاد المواطنين وتثقفهم في الأمور الصحية.
ويتم تطعيم الأطفال حالياً من 9 أوبئة من عمر يوم حتى عمر سنة ونصف، بالإضافة للجرعات التنشيطية حتى عمر 6 سنوات ، تم تحصين جميع الحجاج والمعتمرين بتحصين H1N1 ضد أنفلونزا الخنازير الذي أصبح تطعيم موسمي ضمن التطعيمات الموسمية.
يتم أخذ عينات بيئية من جميع محافظات مصر بشكل دائماً للتأكد من خلو البيئة المصرية من فيروس شلل الأطفال، لذا غالياً تقوم وزارة الصحة بحملة لتطعيم الأطفال بشلل الأطفال، وفي العام 2009 تم تطعيم كل الأجانب المقيمين بمصر سواء أكانت بلدانهم بها شلل أم لا، وضرب مثل بعمال مصنع الخشب الحبيبي بالمنصورة الذين طعمتهم مديرية الصحة بالدقهلية ضد شلل الأطفال عندما ظهر بكثافة في الهند، وأكد د.سمير مصطفى في نهاية حديثه بأن وزارة الصحة ترصد كل الأمراض المعدية وغير المعدية.
وقد حضر الندوة الدكتور/ سهير عباس حلمي- أستاذ الفسيولوجي بكلية الطب جامعة المنصورة، بالإضافة لمجموعة كبيرة من طلاب وطالبات المدارس الثانوية بمدينة المنصورة، وموظفين وموظفات من مديريات الصحة والشباب والرياضة والتربية والتعليم بالدقهلية، بالإضافة إلى بعضاً من ممثلي الجمعيات الأهلية العاملة بمدينة المنصورة.
ساحة النقاش