هندسة الانتباه

العلوم والفنون والآداب

قضية التوسع الزراعي في مصر

 

هل تتساوى مصر مع دول الخليج في الفقر المائي؟!، وهل مات المشروع القومي لتنمية سيناء؟!، وما هو وضع المياه الجوفية في مصر؟، وما الذي يجب على الحكومة المصرية أن تقوم به من أجل الاستفادة المثلى من ثروتها المائية؟، يجيب على تلك التساؤلات في هذا المقال الخبير المائي في المناطق القاحلة والصحراوية الأستاذ الدكتور/ مصطفى سعيد ([email protected]).

 

     لا توجد قضية تعكس الاوضاع فى مصر الان اكثر من قضية التوسع الزراعي ؛ فقبل بناء السد العالي كان هناك مقترح بتعلية خزان اسوان ومد قناة بطول الصحراء الغربية لنقل مياة النيل لزراعة اكثر من 10 مليون فدان لمواجهة النمو السكاني؛ ولكن تغلب رأى بناء السد العالى ربما لاسباب سياسية اكثر منها فنية. وما زال هذا الاقتراح مطروحا حتى الان لنخرج من الوادى قبل ان يضيق باهلة وهو ما قد بدأنا نحس به وان كان هذا الإحساس قد جاء متأخرا.

     وحينما وضعت الحكومة المصرية الخطة القومية لتنمية سيناء لتوطين 3 مليون مصرى بسيناء وذلك كاولوية امن قومى حولت الاولوية الى مشروع توشكى الذى كان من المفترض ان يزرع  4.5 مليون فدان ثم اقتصر على المرحلة الاولى منة فقط لزراعة 500 ألف فدان؛  وليتم بعد ذلك اغتيال المشروع القومى لتنمية سيناء وتعديل مسار ترعة السلام فلم تصل المياه الى وسط سيناء كما فى المشروع الاساسى اما مشروع توشكى فمعروفة أبعادة وما انتهى إليه.

         كذلك فشخصيات وطنية وذات ثقل علمى وعالمى مثل الدكتور ابراهيم كامل الخبير فى مياه النيل والذي اقترح مشروع قناة الوادى الجديد ووضع المخططات لتنفيذ هذه الفكرة هي من الشخصيات المستبعدة تماما من الترشيح لأي منصب وزاري.

       والنغمة السائدة حاليا وهى الفقر المائي هي الأخرى نكتة من نكات هذا العصر التي تبكى ولا تضحك، فمصر بلد النيل تم مساواتها بليبيا والسعودية، علما بان هذه الدول قد عملت معجزات بموارد محدودة من المياه الجوفية فليبيا بنت مشروع النهر العظيم الذي ينقل 6,5 مليون متر مكعب من وسط الصحراء يوميا إلى بنغازي على ساحل البحر الأبيض؛ والسعودية صدرت القمح لمصر في العهد القريب.

       والمؤسف حقا هو غياب الحقائق او تغيبها عن الشعب المصرى فإيراد نهر النيل خلال الفترة السابقة كان يصل الى مصر بالكامل حتى السودان التى هى شريك لنا فى حصة النيل ونصيبها 18 مليار متر مكعب سنويا كانت تتنازل عنها لمصر طواعية لعدم وجود خطط للاستصلاح فى السودان حتى العام الماضي (2009)، حيث أنشئ أول سد وسيأخذ حصتة من نصيب السودان من مياه الفيضان أي لن يؤثر على مصر والسد الوحيد الذى اقيم فى دول منابع النيل حتى الان اقيم في أوغندا لتوليد الكهرباء، ولم يؤثر أيضا على حصة مصر والغريب ان ايراد النيل كاملا كان يصل إلينا ويقول خبراء المياه في وزارة الري ان الفيضان العالى كان يحمل لمصر كميات كبيرة من المياه تفوق حصتها وقد حدت هذا في السنوات الماضية اكثر من مرة وللأسف كانت كل هذه الكميات تلقى في البحر.

       أما إذا جئنا للحديث عن المياه الجوفية فهناك التقرير الذي قدمه الدكتور فاروق الباز لرئيس الوزراء والموثق بنتائج الاستشعار عن بعد باحدث التقنيات العالمية التي قامت بها ناسا؛ وهى الهيئة القومية لبحوث الفضاء الامريكية والتى تؤكد ان ما فى بطن الأرض من مياه  في مصر يفوق ما يجرى على سطحها وهذا التقرير قد احيل الى لجنة تشبة اللجنة التى حول اليها مشروع ممر التنمية والتى لا تظهر نتائجا حتى ولا في الأحلام.

     وبدون الفضاء والاستشعار عن بعد فهناك العلماء المصريين الذين عملوا مع شركات البترول الامريكية فى الصحراء الغربية والذين يعلمون تماما قيمة الخزان الجوفى النوبى الذى يمتد تحت كل من مصر وليبيا وتشاد والسودان، واكبر دليل على ذلك بئر قيفار شمال غرب منخفض القطارة  الذى ظلت مياههة تتدفق لمدة 3 سنوات حتى انشا بحيرة قطرها 30 كيلو ولما طالب نواب مرسى مطروح نقل هذة المياة الى مطروح ذهبت لجنة من وزارة الرى وردمت البئر بالاسمنت بحجة الحفاظ على مخزون المياه؛ كذلك لدينا مخزونات مياه هائلة اكبر من الخزانات التى تنقل منها ليبيا ميياهها فاذا كنا لا نستطيع ان ننقل السكان إلى أماكن توافر المياه،  فلننقل المياه إلى حيث يعيش السكان فالمياه في العوينات قد خرجت الى السطح من وفرتها وكونت ثلاث بحيرات كبيرة كذلك واحة سيوة التى مشكلتها انها تواجه الغرق بسبب المياه الجوفية وحلها نقل المياه خارج واحة سيوة.    

       إنني أطالب السيد الدكتور احمد نظيف رئيس الوزراء ان ينشىء مركز معلومات لمياه النيل يحدد العائد اليومى للنهر الى بحيرة السد والمنصرف منها ويرصد اى منشاة على نهر النيل فى دول المنبع ويحدد تاثيرها على الرصيد اليومي  من المياه كذلك الإعلان عن خريطة المياه الجوفية بمصر وطرح الاراضى التى بها كميات من المياه الجوفية تسمح بالاستغلال الأمن للمياه للاستثمار.

        بل أنى أطلب من سيادته (ومازال الكلام على لسان د.مصطفى سعيد): إعداد خطط للاستفادة من مياه السيول ومن مياه الفيضان التي من الممكن أن تحدث في السنوات القادمة قبل إنشاء سدود جديدة على مجرى النهر في استصلاح ملايين الأفدنة بدلا من ان نفاجأ بالفيضان كما يحدث في كل عام وكأنة يحدث لأول مرة.

 

 

المصدر: أ.د/ مصطفى سعيد.
  • Currently 90/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 434 مشاهدة
نشرت فى 4 سبتمبر 2010 بواسطة elhaisha

ساحة النقاش

محمود سلامة محمود الهايشة

elhaisha
محمود سلامة الهايشة - باحث، مصور، مدون، قاص، كاتب، ناقد أدبي، منتج ومخرج أفلام تسجيلية ووثائقية، وخبير تنمية بشرية، مهندس زراعي، أخصائي إنتاج حيواني أول. - حاصل على البكالوريوس في العلوم الزراعية (شعبة الإنتاج الحيواني) - كلية الزراعة - جامعة المنصورة - مصر- العام 1999. أول شعبة الإنتاج الحيواني دفعة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,716,391