(855-886هـ/ 1444-1480م)
هو أعظم وأشهر سلاطين الدولة العثمانية، وصاحب الشرف الذي سعى له ملوك وأمراء وخلفاء المسلمين منذ العهد الأموي حتى وقته، وهو شرف فتح القسطنطينية، هو السلطان محمد الثاني بن مراد الثاني بن محمد الأول بن بايزيد الصاعقة بن مراد الأول بن أورخان بن عثمان الأول مؤسس الدولة العثمانية.
ولد محمد الثاني سنة 833هـ، وأعده أبوه مراد الثاني وأهّله لهذه الدرجة الرفيعة منذ صغره, فعهد به للعلماء والصالحين ليربوه تربية صحيحة، كان العالم أحمد بن إسماعيل الكوراني أشدهم تأثيرًا في نفسه وعقله، فحفظ محمد القرآن، وقرأ الفقه والسنة وتاريخ العرب، وهو فتى صغير، وتلقى تدريباته على القتال والسياسة في قصر السلطنة، بل إن أباه قد اعتزل السلطنة، وعهد إليه بها وهو في الرابعة عشرة من العمر، فباشرها قدر استطاعته، ولما رأى أبوه استخفاف قادة الجيش به عاد للسلطنة وباشرها حتى يشتد عود ولده محمد الثاني.
هو السلطان العثماني السابع في سلسلة آل عثمان يلقب بالفاتح وأبي الخيرات. حكم ما يقرب من ثلاثين عامًا كانت خيرًا وعزة للمسلمين. تولى حكم الدولة العثمانية بعد وفاة والده في 16 محرم عام 855هـ الموافق 18 فبراير عام 1451م وكان عمره آنذاك 22 سنة ولقد امتاز السلطان محمد الفاتح بشخصية فذة جمعت بين القوة والعدل كما أنه فاق أقرانه منذ حداثته في كثير من العلوم التي كان يتلقاها في مدرسة الأمراء وخاصة معرفته لكثير من لغات عصره وميله الشديد لدراسة كتب التاريخ، مما ساعده فيما بعد على إبراز شخصيته في الإدارة وميادين القتال حتى أنه اشتهر أخيرًا في التاريخ بلقب محمد الفاتح، لفتحه القسطنطينية. ودعمه معنويًا في ذلك شيخه آق شمس الدين، وظل يعد العدة ويجمع الأسلحة ويجهز الجيوش ويشحذ الهمم لهذه الغاية العظيمة حتى تم له الفتح سنة 857 في ملحمة هي الأروع في تاريخ العصور الوسطى، بل هو الحادث الأهم في هذه الحقبة الزمنية.
وقدانتهج المنهج الذي سار عليه والده وأجداده في الفتوحات ولقد برز بعد توليه السلطة في الدولة العثمانية بقيامه بإعادة تنظيم إدارات الدولة المختلفة، واهتم كثيرًا بالأمور المالية فعمل على تحديد موارد الدولة وطرق الصرف منها بشكل يمنع الإسراف والبذخ أو الترف. وكذلك ركز على تطوير كتائب الجيش وأعاد تنظيمها ووضع سجلات خاصة بالجند، وزاد من مرتباتهم وأمدهم بأحدث الأسلحة المتوفرة في ذلك العصر.
وعمل على تطوير إدارة الأقاليم وأقر بعض الولاة السابقين في أقاليمهم وعزل من ظهر منه تقصيرًا أو إهمال وطور البلاط السلطاني وأمدهم بالخبرات الإدارية والعسكرية الجيدة مما ساهم في استقرار الدولة والتقدم إلى الإمام وبعد أن قطع أشواطًا مثمرة في الإصلاح الداخلي تطلع إلى المناطق المسيحية في أوروبا لفتحها ونشر الإسلام فيها، ولقد ساعدته عوامل عدة في تحقيق أهدافه، منها الضعف الذي وصلت إليه الإمبراطورية البيزنطية بسبب المنازعات مع الدول الأوروبية الأخرى، وكذلك بسبب الخلافات الداخلية التي عمت جميع مناطقها ومدنها ولم يكتف السلطان محمد بذلك بل انه عمل بجد من أجل أن يتوج انتصاراته بفتح القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، والمعقل الاستراتيجي الهام للتحركات الصليبية ضد العالم الإسلامي لفترة طويلة من الزمن، والتي طالما اعتزت بها الإمبراطورية البيزنطية بصورة خاصة والمسيحية بصورة عامة، وجعلها عاصمة للدولة العثمانية وتحقيق ما عجز عن تحقيقه أسلافه من قادة الجيوش الإسلامية.
إنه الفاتح العظيم الذى من الله عليه بفتح القسطنطينية على يديه بعدما أبلى فى ذلكك أحسن البلاء، من بدايات الاستعداد إلى إتمام الفتح مرورًا بحططه الفذة فى الحصار والحرب. لقد قدم إلى الأمة الإسلامية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية لتكون حاضرة من حواضر الإسلام، وحصنا حصينا وملاذا آمنا للمسلمين على مر العصور، ولتأخذ بدورها فى نشر النور والحق والعدل والسعادة فى ربوع أوروبا.
لم تقتصر فتوحات محمد الفاتح على القسطنطينية فقط، بل قام بتحويل ولاية الصرب البلقانية إلى ولاية عثمانية وفتح بلاد المورة جنوب اليونان وجزر بحر إيجه، وفتح بلاد الأفلاق جنوب رومانيا، وفتح بلاد البوسنة ودخل أهلها في دين الله أفواجًا، ثم استكمل فتح ألبانيا، وحاول محمد الفاتح فتح بلاد البغوان غرب رومانيا وإيطاليا ولكنه فشل، وأدخل شبه جزيرة القرم تحت السيطرة العثمانية.
ولم يكن محمد الفاتح مجرد قائد حربي لا يعرف إلا القتال والغزو فقط، بل كان له من الإنجازات الحضارية والعمرانية الشيء الكثير، فلقد كان شديد الاهتمام بالمدارس والمعاهد العلمية ونشر العلوم في كافة أرجاء الدولة المتسعة، وأنشأ المكتبات الكبيرة ووضع لها نظامًا دقيقًا ينم عن عقلية علمية تسبق زمانها, وكان محبًا للعلماء يحرص على إحضارهم لبلاطه والاستفادة من علومهم وهو مع ذلك مهتم بالشعراء والأدباء والترجمة، وبنى المستشفيات والقصور والمساجد والأسواق الكبيرة، واهتم بتنظيم التجارة والصناعة، وأنشأ نظامًا دقيقًا للإدارة خاصة بالجيش والبحرية، ونظم القضاء وجعله مستقلاً وشدد على حرمة القضاة ونوابهم.
كان محمد الفاتح شجاعًا ذكيًا ذا عزم وإصرار وهمة تناطح قمم الجبال، عمل بهدف وضعه نصب عينيه ولم يبال بالصعاب والمشاق، فحاز الشرف ونال قصب السبق رغم تأخر زمانه عن أقارنه ونال الفتح العظيم، وظل طوال حياته ناصحًا للإسلام وأهله، مجاهدًا في سبيل الله حتى أتاه اليقين في 4 ربيع أول سنة 886 الموافق 3 مايو 1481م وهو يعد الجيوش لغزو إيطاليا بعدما أقسم أن يربط حصانه في مذبح كنيسة بطرس، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
المصدر: المرصد الاسلامى
نشرت فى 12 يوليو 2011
بواسطة elhabony55
يارب اهدى شباب المسلمين. موقعى متنوع مهتم بقضايا الامة الاسلامية مع بعض االترفية والشعر لكبار الشعراء »
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
81,881
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ِ اللهُ الصَّمَدُ ِ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفْواً أَحَدٌ )
ساحة النقاش