مقدمة في لجان الحماية الدولية لحقوق

مـقــــــدمـــة


عملت الأمم المتحدة من خلال تاريخها في مجال حقوق الإنسان على خلق وسائل و أجهزة دولية للرقابة على إحترام هذه الحقوق, و تختلف هذه الوسائل تبعاً للتطورات التي شهدتها حقوق الإنسان في إطار الأمم المتحدة.

و تعد لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ( حل مكانها حاليا منذ مارس 2006م مجلس حقوق الإنسان ) أول جهاز رقابي ينشأ بموجب ميثاق المنظمة و ذلك بالإضافة إلى عدة أجهزة و لجان أخرى تفرعت عن العديد من المعاهدات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان زيادة على العديد من الآليات و الإجراءات الهادفة إلى متابعة إحترام و ضمان إحترام حقوق الإنسان و حرياته الأساسية خاصة الإجراء المعروف بالإجراء رقم1503 لسنة 1970م.
إن برنامج الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أخذ بالتطور حالياً من أنشطة وضع المعايير العالمية لحقوق الإنسان إلى تطبيق هذة المعايير عبر الظروف اللأزمة لعملية التطبيق و خلق ثقافة عالمية لهذه الحقوق من أجل التخفيض بل و الحد من انتهاكات حقوق الإنسان في العالم...
و حتى نتمكن من الإحاطة بنظام الأمم المتحدة المتعلق بحقوق الإنسان لابد أولاًُ من التوقف عند أجهزة ألأمم المتحدة المعنية مباشرة بحقوق الإنسان (مطلب أول) قبل التطرف لكيفية عمل هذه الأجهزة في مجال مراقبة احترام حقوق الإنسان (مطلب ثاني) .


المبحث الأول:الجهات التابعة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان

فيما يتعلق بالجهات الرئيسية للأمم حقوق الإنسان يمكن الإشارة إلى : أولاً : الأجهزة المركزية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان : ثانياً الأجهزة المسئولة عن تطبيق اتفاقيات الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان و هي أجهزة أنشأتها الاتفاقيات المعنية.

المطلب الأول: الأجهزة المركزية للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان

تعتبر كل من مجلس حقوق الإنسان و اللجنة الفرعية للأمم المتحدة لتعزيز و حماية حقوق الإنسان هما الجهازان المركزيان للأمم المتحدة المعنيان مباشرة بحقوق الإنسان

أولا: مجلس حقوق الإنسان

تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15 مارس 2006 القرار رقم (251/60/ القاضي بإنشاء مجلس حقوق الإنسان اعترافا من جانب الحكومات في الجمعية العامة بأنة يتعين تكليف هيئة رفيعة المستوي في الأمم المتحدة بجهود حماية حقوق الإنسان وتعزيزها.
وفي 9 مايو /أيار 2006م انتخبت الجمعة العامة (47) دولة لعضوية المجلس من بين (63) دولة مرشحة و يتعين علي الدول الأعضاء عند انتخاب أعضاء المجلس أن تأخذ في الحسبان إسهامات الدول المرشحة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان وتعهداتها والتزاماتها الطوعية تجاه هذه الحقوق" لهذه الأسباب قدمت جميع الدول المرشحة تعهدات طوعية بالتزامات من اجل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها علي الصعيدين الوطني والدولي والتعاون مع الإجراءات الخاصة بحقوق الإنسان.
ويحل مجلس حقوق الإنسان ـومقره جنيف ـ محل لجنة حقوق الإنسان بوصفه هيئة فرعية تابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة ويتكون من (47) دولة عضو موزعة حسب التوزيع الجغرافي العادل بين المجموعات الإقليمية علي النحو التالي: ( 13) للمجموعة الأفريقية, (13) للمجموعة الآسيوية , (6) لمجموعة أوربا الشرقية , (8) لمجموعة أمريكا اللاتينية , (7) لمجموعة أوربا الغربية ,ودول أخري؛ وتوجد في المجلس الحالي سبع دول عربية هي : المغرب ـ جيبوتي ـ تونس ـ الجزائر ـ الأردن ـ البحرين ـ والسعودية .
وتمتد فترة ولاية أعضاء المجلس ثلاث سنوات ولا يجوز إعادة انتخابهم مباشرة بعد شغل ولايتين متتاليتين ويتحلى الأعضاء المنتخبون في المجلس بأعلى المعايير في تعزيز وحماية حقوق الإنسان, وان يتعاونوا مع المجلس تعاونا كاملا ويخضعون للاستعراض بموجب آلية الاستعراض الدوري الشامل خلال فترة عضويتهم ؛ويجوز للجمعية العامة أن تقرر بأغلبية ثلثي الأعضاء تعليق عضوية أي عضو في مجلس حقوق الإنسان إذا ارتكب انتهاكات جسيمة وممنهجة لحقوق الإنسان .يجتمع المجلس بانتظام خلال العام في ثلاث جلسات علي الأقل بينهم جلسة رئيسية تمتد فترة لا تقل مدتها عن عشرة أسابيع ويجوز له عقد جلسات استثنائية عند الضرورة بناء علي طلب من احد أعضاء المجلس ويحظى بتأييد ثلث أعضاء المجلس مما يسمح للمجلس بالتجاوب بسرعة اكبر وبفعالية مع الحالات الخطيرة والعاجلة وكذلك المتابعة الدائمة..

مهام وصلاحيات المجلس

يقوم المجلس بالعديد من المهام ويتمتع بالعديد من الصلاحيات والآليات لمعالجة مسألة انتهاكات حقوق الإنسان فهو يقوم بجميع مهام ومسئوليات لجنة حقوق الإنسان إذ تمتد اختصاصاته إلى كل الأمور المتعلقة بحقوق الإنسان من تقديم المقترحات و التوصيات فيما يتعلق بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان و الإعلانات و الاتفاقيات الدولية بخصوص الحريات المدنية و أوضاع المرأة و حرية الإعلام و حماية الأقليات و مكافحة التمييز العنصري , و له أن يوصي بإنشاء اللجان الفرعية التي يراها ضرورية .
كما تمتد اختصاصاته إلى دراسة الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان , و الشكاوى المتعلقة بهذه الانتهاكات , حيث يضع آلية مفصلة و إجراءات موجهة حسب الدولة أو حسب الموضوع تعمل من خلال مقررين خاصين و مجموعات عمل تهدف إلى مراقبة الالتزام من قبل الدول باتفاقيات حقوق الإنسان و التحقيق في الانتهاكات المزعومة من خلال لجان تقصي الحقائق. هذا زيادة على الخدمات الاستشارية و المساعدة الفنية و النشر بهدف تخطي العقبات التي تعترض إمكانية التمتع بحقوق الإنسان سواء السياسة أو الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية أو حقوق الأقليات و النساء و الأطفال,...
واستعراض مختلف المهام السابقة وتحسينها وترشيدها بما في ذلك مراجعة عمل المقررين الخاصين من اجل تعزيز دورهم وتلافي النقائص في طرق عملهم ..بالإضافة إلى خلق وتطوير آليات أخرى زيادة على صلاحية المجلس المستحدثة والمعروفة بالية " المراجعة الدورية الشاملة" والتي بموجبها تخضع جميع الدول الأعضاء وبصفة دورية لهذه المراجعة التي تستند إلى معلومات موضوعية وموثوق بها لمدى وفاء كل من الدول الأعضاء بالتزاماتها وتعهداتها في مجال حقوق الإنسان ؛ ومنذ الدورة الأولى تبنى المجلس قرارا بإنشاء فريق عمل لوضع أساليب وحدود زمنية لهذه الآلية.
ولكون الجمعية العامة للأمم المتحدة ستستعرض وضع المجلس وتقييم عمله بعد خمس سنوات من بداية مزاولته لمهامه فمن الممكن فعلا أن تترسخ سلطة المجلس لدرجة تبلور إرادة دولية عامة برفع مكانة المجلس ليصبح جهازا رئيسيا من أجهزة الأمم المتحدة عبر تعديل ميثاق المنظمة .

ثانيا: اللجنة الفرعية للأمم المتحدة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان
أنشئت هذه اللجنة بموجب قرار لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رقم 9 لسنة 1946م وتتألف حالياً من26 عضواً كانت تنتخبهم لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بالتشاور مع الأمين العام للأمم المتحدة من بين مرشحي الحكومات لمدة ثلاث سنوات و على أساس التقسيم الجغرافي, و تعمل اللجنة على دراسة حالات انتهاكات حقوق الإنسان عبر مجموعات العمل و المقررين الخصوصيين و الدراسات إذ هي بموجب قرار إنشائها تختص في إعداد الدراسات المتعلقة بالتمييز العنصري، وانتهاكات حقوق الإنسان و حماية الأقليات و دراسة الشكاوي الخاصة بالانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان و اتخاذ القرارات و التوصيات بصددها زيادة على القيام بأية مهمة يكلفها بها المجلس الإقتصادي و الإجتماعي و مجلس حقوق الإنسان؛ و تستند اللجنة في توصياتها إلى تقارير أربع مجموعات عمل تجتمع قبل بداية دورتها السنوية و هي:
ـ المجموعات الخاصة بأشكال معاصرة من العبودية .
ـ المجموعة الخاصة بالسكان الأصليين.

ـ مجموعة العمل لإدارة العدالة.

ـ مجموعة عمل دورية للأقليات زيادة إلى مجموعة العمل المعنية بالبلاغات المرتبطة بالإجرام رقم 1503. و يحق للدول الأعضاء و المنظمات الحكومية و غير الحكومية حضور جلسات اللجنة الفرعية و الاشتراك في المناقشات دون أن يكون لهذه الأخيرة حق التصويت على توصياتها.

المطلب الثاني:الأجهزة المسئولة عن تطبيق اتفاقيات الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان
هناك ستة أجهزة أنشأتها الاتفاقيات الخاصة بموضوعات محددة من موضوعات حقوق الإنسان نرى أنه من الضروري الإشارة إليها و لو باختصار إضافة إلى الإجراءات المتبعة في إطار منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلوم و الثقافة و منظمة العمل الدولية :-

1. لجنة حقوق الإنسان أو لجنة الحقوق المدنية و السياسية :

تعد لجنة حقوق الإنسان الهيئة المنوط بها حماية الحقوق المنصوص عليها في اتفاقية الحقوق المدنية و السياسية وقد تضمنت المواد من 28_45 أي القسم الرابع من الإتفاقية و كذلك البرتوكول الاختياري الملحق بيان أحكام الرقابة على هذة الإتفاقية ,حيث حددت المادة 28 من الإتفاقية تشكيل اللجنة التي تتشكل من18 عضواً مهمتها ضمان و إحترام الحقوق المدنية و السياسية , و يتم اختيار أعضاء اللجنة عن طريق الانتخاب من بين مواطني الدول الأطراف في الإتفاقية .
وتتلقى اللجنة تقارير من قبل الأطراف عن الإجراءات التي اتخذتها و التي من شأنها تأمين الحقوق المقررة في الإتفاقية أو تبين مدى التقدم الذي أحرزته في هذا المجال أو تبين التقارير المعيقات التي تؤثر على تطبيق الإتفاقية إن وجـدت ( المادة 40 من الإتفاقية ) كما يجوز للجنة مراجعة شكوى تقديمها دولة طرف أخرى لا تقوم بتنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقية وفقاً لما تطلبه المادة 41 منها و يحق لها أيضاً النظر بالبلاغات و الشكاوي الكتابية المقدمة من أشخاص يدعون أن حقوقهم قد انتهكت شريطة أن تكون تلك البلاغات ضد الدول الأطراف في الإتفاقية و كذلك بالبروتوكول الاختياري الملحق بها.
و عموماً تجتمع اللجنة في العادة ثلاث مرات سنوياً و لمدة ثلاثة أسابيع للدورة الواحدة,و لأن اللجنة تعطي اهتماما كبيراً بالمعطيات التي تقدمها المنظمات غير الحكومية فقد أوصت المنظمات بأن تجعل تقاريرها علنية بالكامل و متوفرة للمنظمات غير الحكومية الوطنية قبل وقت كاف من النظر فيها من قبل اللجنة , بل و منذ 2000 أصبحت اللجنة تنظر البيانات الشفهية و الكتابية التي يقدمها ممثلو المنظمات غير الحكومية الدولية و الوطنية .

2- لجنة الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية والثقافية :

هي اللجنة المكلفة بمراقبة تطبيق الميثاق العالمي للحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية و قد تشكلت بناءً على قرار المجلس الإقتصادي و الإجتماعي 1985* من 18 خبيراً ينتخبهم المجلس لمدة أربع سنوات على أساس التوزيع الجغرافي للدول الأطراف و تجتمع اللجنة في دورة سنوية واحدة لمدة لا تزيد عن ثلاثة أسابيع ترفع بعدها تقريراً سنوياً إلى المجلس.
و تدرس اللجنة التقارير التي تقدمها الدول الأطراف المعنية بشأن الخطوات التي قامت بإتخاذها لتطبيق الحقوق المبينة في الميثاق العالمي للحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية حيث يتم دراستها بشكل علني للوقوف على التقدم المحرز و كذا كيف يمكن للدول الأطراف أن تحسن تطبيقها للميثاق.
أما بخصوص المنظمات غير الحكومية فيجوز لها فقط أن تعبر عن إهتماماتها إما شفوياً خلال الإجتماع الأول للمجموعات ما قبل الدورات أو إلى مقرري الدول المعنية أو حتى إلى الأمانة العامة لتوزيعها على مجموعات العمل , و يمكن لها خصوصاً تلك التي لها وضعية إستشارية تقديم بيانات مكتوبة من شأنها المساهمة في ضمان الحقوق المعترف بها في العهد .

3- لجنة القضاء على التميز العنصري :

هي اللجنة التي تسهر على تطبيق الإتفاقية العالمية للحد من جميع أشكال التميز العنصري 1965م و تتألف من 18ى عضواً ينتخبون من قبل ممثلي الدول الأطراف و بنفس شروط اللجان السابقة أي كخبراء مستقلين , و تجتمع مرتين كل سنة لمدة ثلاثة أسابيع , و تقوم بدراسة تقارير الدول المادة(9) كما تقوم بنشر الإجراءات الوقائية المراجعة في حالة التقارير المتأخرة , و أخيراً إصدار الآراء حول البلاغات الفردية المادة(14) .
و بخصوص دور المنظمات غير الحكومية فقد باشرت اللجنة بإستلام أية معلومات من المنظمات غير الحكومية على تقارير الدول الأطراف, كما يجتمع أعضاء اللجنة أحياناً مع ممثلي هذة المنضمات قبل النظر بتقرير دول ما.

4 - لجنة القضاء على التميز ضد المرأة :

تهتم هذه اللجنة بتطبيق الاتفاقية الدولية حول القضاء على التميز ضد المرأة 1979م وتتألف من 23 خبيرا من مواطني الدول الأطراف يراعى في اختيارهم ذات الشروط المشار إليها عند دراسة اللجان السابقة ,وتجتمع اللجنة مرتين في السنة لمدة ثلاثة أسابيع .
وتنظر اللجنة في التقارير المقدمة من قبل الدول ومراجعة التقدم الحاصل في تطبيق الاتفاقية ,كما انه يمكن للجنة بموجب البروتوكول الاختياري المعتمد 1999م أن تتلقى وتنظر في البلاغات والشكاوي الفردية والقيام بإجراءات التحقيق حول الانتهاكات الجسيمة للحقوق الواردة في الاتفاقية , وتلعب المنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية دورا هاما في عمل اللجنة خاصة منذ 1997م .

5- لجنة مكافحة التعذيب:

تتألف اللجنة من عشرة خبراء ينتخبون بنفس طريقة انتخاب اللجان السابقة وتنحصر مهمة اللجنة في مراقبة تطبيق اتفاقية حضر ممارسة التعذيب 1948م وتقوم اللجنة بدراسة تقارير الدول الأطراف حول تطبيق أحكام الاتفاقية. وبموجب المادة عشرين يجوز للجنة إجراء تحقيق في حالة حصولها على معلومات موثقة وأدلة على ممارسة التعذيب بشكل منظم في أي دولة طرف مع مراعاة شروط المادة 28 أي حالة الدول التي لا تقر بهذا الدور.
كما أنه بموجب المادة 21 يجوز لأي دولة تقربان للجنة أهلية استلام و النظر بشكوى مقدمة من دولة طرف ضد أخرى لا تفي بالتزاماتها بموجب الاتفاقية كما إن لها أن تنظر في البلاغات والشكاوي الفردية إذا ما أعلنت أي دولة في أي وقت أنها تقبل اختصاص اللجنة بممارسة هذا الإجراء وذلك وفقا للمادة 22 من الاتفاقية .

6- لجنة حقوق الطفل :

تنص المادة 43 من اتفاقية حقوق الإنسان 1981م على تشكيل لجنة تتألف من 18 خبيرا ينتخبون لمدة 4 سنوات تهتم بمتابعة تنفيذ الدول الأطراف لالتزاماتها بموجب الاتفاقية ,وتجتمع اللجنة ثلاث مرات في السنة ولمدة ثلاثة أسابيع لدراسة التقدم الذي أحرزته الدول في تنفيذ التزاماتها .
وبموجب المادة 44 من الاتفاقية على الدول أن تقدم للجنة تقاريرها حول التدابير التي تم اتخاذها لتطبيق الحقوق المعترف بها في الاتفاقية وكذا العوامل والصعوبات التي تؤثر على درجة تنفيذ التزامات . وتلعب المنظمات دورا أساسياً في تعزيز ومراقبة حقوق الطفل حيث تشجع اللجنة هذه الهيئات على تقديم التقارير البديلة والتي تزود اللجنة بتحاليل أكثر شمولية حول حقوق الإنسان في دولة معينة وتدعى مثل هذه المنظمة أو ( التحالف الوطني في المنظمات غير الحكومية ) التي قدمت تقاريرها كتابية لحضور اجتماعات عمل اللجنة .
تلك إذا لمحة مختصرة عن الجهات الرئيسية للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان سواء الأجهزة المركزية أو الأجهزة المسئولة عن تطبيق اتفاقيات الأمم المتحدة فما هي آليات عمل هذه الأجهزة ؟ وكيف تتم عملية المراقبة ؟
وما هي إجراءات تقديم البلاغات والشكاوي حول الخروقات المتكررة للحقوق المتضمنة في الاتفاقيات الدولية ؟


المبحث الثاني: إجراءات متابعة تنفيذ اتفاقيات حقوق الإنسان

تتعهد كل دولة طرف في اتفاقيات حقوق الإنسان باحترام الحقوق المعترف بها بالاتفاقية وبكفالة هذه لحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها بدون تميز , وبان تكفل توفير سبيل فعال للتظلم لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته , وبان تبت في الحقوق التي تدعي انتهاكات سلطة مختصة , ........ ( انظر على سبيل المثال المادة الثانية من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية )
والواقع أن التنصيص على الحق دون وجود آليات تحميه يكون عرضة لعدم الاحترام في كثير من الأحيان من قبل الدولة ,لذلك تم وضع مجموعة من التدابير والإجراءات التي تمكن الدول والمنظمات الدولية غير الحكومية وكذلك الأفراد من كتابة التقارير والبلاغات والشكاوي حول حدوث انتهاكات و خر وقات موجهه ضد الحقوق التي تكفلها كثير من الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان مطالبة الجهات الدولية المعنية وعلى رأسها لجان حقوق الإنسان في إطار منظومة الأمم المتحدة باتخاذ ما يلزم إزاء هذه الخروقات .
ومع أن هذه الآليات تعمل على أساس إجراءات متنوعة مما يعني وجود بعض الاختلافات الإجرائية إلا أنها أي تلك الإجراءات متشابهة من حيث تصميمها وعملها , من هنا سنقدم وصفا عاما لتلك الإجراءات مخصصين مساحة مستقلة للإجراء المعروف بالإجراء رقم 1503 .
المطلب الأول : تقارير الدول وآلية البلاغات والشكاوى
فيما يتعلق بتقارير الدولة حول كيفية تطبيقها للاتفاقيات التي هي أطرافا فيها نلاحظ عموما أن الدولة عليها تقديم مثل تلك التقارير خلال سنة أو سنتين من انضمامها وكل أربع أو خمس سنوات بعد ذلك حسب كل حالة على حدة
وتقارير الدول تكون علنية حيث يقوم ممثلو الحكومة بتلاوة التقارير وبيان التدابير والإجراءات المتخذة من اجل تنفيذ الاتفاقيات كذا الصعوبات أن وجدت ومن ثم الإجابة على الأسئلة التي يضعها أعضاء اللجان المعنية وفي الأخير تتبنى اللجنة الملاحظات الختامية بداية بالجوانب الايجابية أو الصعوبات التي تواجه تطبيق الاتفاقية والمجالات الرئيسة لاهتمامات الدول الأطراف وأخيرا التوصيات , وتعد بذلك تقريرا تبلغه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي .

أما بخصوص البلاغات والشكاوي الفردية فلكي يسمح بتقديمها لابد أولاً من التأكد من كون الدول الطرف المشتكي بها طرفا في المعاهد المعنية وقد صادقت عليها ,وثانيا يجب أن تكون الدولة الطرف قد اعترفت باختصاصات اللجنة المنشأة بموجب الاتفاقية المعنية بالنظر في الشكاوي المقدمة من أفراد وهذا شرط الأخير غير متوفر إلا في أربع حالات هي :

1-حالة البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالمعهد بالحقوق المدنية والسياسية .
2-حالة البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
3-المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب .
4- حالة المادة 14 من الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري.

ويمكن لأي شخص أن يتقدم بشكوى ضد أي دولة تتوفر فيها الشروط السابقة سواء تعلق الأمر به شخصيا أو نيابة عن شخص آخر شريطة موافقته المكتوبة و أحياناً لا تكون هناك ضرورة للأذن أو الموافقة خاصة من قبل القصر أو عديمي الأهلية أو الحالات القاهرة ,
والواقع أن اللجان لا تنظر بالبلاغات أو الشكاوي إلا بعد تأكدها من مقبولية الدعوى المرفوعة من حيث وقع الشخص فعلا ضحية انتهاك سبب له ضرر مباشر جراء فعل أو امتناع عن فعل صادر عن الدولة الطرف في معاهدة ما وخارق لحق تحميه تلك المعاهدة مع تقديم الأدلة الكافية عن تلك الخروقات التي لا بد أن تكون ارتكبت بعد دخول الاتفاقية حيز النفاذ بالنسبة للدولة المعنية ,مع مراعاة استنفاذ جميع سبل الإنصاف المحلية وكون القضية غير معروضة أمام أي آلية من آليات التسوية الدولية وان الدولة المعنية لم تتحفظ على إجراء كهذا .

وبعد الحسم في مسالة المقبولية وتأكد اللجنة من أن الدعوى مقبولة تنتقل إلى النظر في موضوع الدعوى في جلسات مغلقة بعد أن تكون قد أحاطت الدولة المعنية بالقضية المعروضة طالبة منها تقديم وثائقها بشان مقبولية الدعوى وكذا موضوع الدعوى كما يحال القرار أيضاً إلى الجهة التي قدمت الشكوى, وإذا ما تأكدت اللجنة أن مقدم الشكوى فعلا ضحية انتهاك تدعو الدولة المعنية إلى تقديم معلومات في غضون ثلاثة أشهر عن الخطوات التي اتخذتها لتنفيذ استنتاجاتها ومع تباين الإجراءات في الاتفاقيات الدولية إلا أن ما اشرنا إليه يشكل الخطوط التي تلتقي عندها مختلف إجراءات الشكوى منذ بداية رفعها حتى إحالة الدعوى إلى المقرر الخاص للجنة المعنية وذلك للنظر في التدابير الواجب اتخاذها عندما لا تتخذ الدولة الطرف الخطوات المناسبة .

المطلب الثاني
الأجراء (1503)

يعد هذا الأجراء أقدم آلية للشكوى في مجال حقوق الإنسان ضمن منظومة الأمم المتحدة و يسمى بالإجراء رقم 1503 إشارة إلى قرار المجلس الإقتصادي و الإجتماعي رقم1503 لسنة 1970م.
و بموجبه تنظر لجنة حقوق الإنسان في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و حرياته الأساسية متى ما شكلت تلك الانتهاكات نمطاً ثابتاً من الانتهاكات التي يقوم عليها دليل موثوق.
و يمكن لأي فرد أو مجموعة تدعي أنها ضحية لهذا النوع من الانتهاكات كما يمكن أيضاً لآي شخص أو مجموعة أو أي منظمة غير حكومية لديها علم مباشر و موثوق بهذه الانتهاكات أن يقدموا شكوى حول هذة الانتهاكات , و لا يشترط بموجب هذا الأجراء أن تكون الدولة المشتكي ضدها قد صادقت على معاهدة محددة أو وضعت حدوداً لالتزاماتها بموجب المعاهدة ,كما أن تقديم الشكوى بموجب هذا الأجراء لا يلزم الشاكي بالرد و لا بتقديم معلومات إضافية في مرحلة تالية.
و على غرار ما هو معمول به بموجب الإجراءات التي أنشأتها اتفاقيات حقوق الإنسان المشار إليها لا تشرع اللجنة في دراسة موضوع الشكوى إلا بعد تأكدها من مقبولية الدعوى المرفوعة .
و عليه فإن الخطوات المتبعة بموجب هذا الإجراء هي كالتالي:

1- بعد ورود الشكاوي إلى اللجنة تقوم الأمانة العامة بفحصها و تستبعد بموافقة مقرر مجموعة العمل المعنية البلاغات التي لم تستوفي شروط إرسالها إلى الحكومات للتعليق و الرد عليها.
2- في حالة البلاغات و الشكاوى التي اجتازت مرحلة الفحص الأولى في السنة السابقة و التي أحيلت إلى الحكومات للتعليق عليها و الرد قبل شهرين من اجتماع الفريق العامل يجتمع الفريق المعني بالرسائل و ينظر في الشكاوي و في آية ردود ترد من الحكومات بهدف توجيه انتباه الفريق العامل المعني بالأوضاع إلى آية حالات تكشف على وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و حرياته الأساسية.
3- في السنة الموالية يجتمع الفريق العامل المعني بالحالات للنظر في الحالات المحالة إليه, و يقرر ماذا كانت الحالة المحالة إليه تكشف عن إنتهاكات متكررة و وممنهجة لحقوق الإنسان و ذلك في ضوء جميع معلمات و مواد المراحل السابقة و له إما أن يحيل الحالة إلى لجنة حقوق الإنسان مرفقة بخيارات محددة بإتخاذ تدابير معينة و أما أن يحتفظ بها للنظر فيها مجدداً أو أنه يغلق ملف القضية.
وفي كل الأحوال فالإجراءات المتبعة داخل الفرق المعنية بفحص الرسائل و كذلك الحالات هي إجراءات سرية تقوم على أساس المواد المكتوبة بحيث لا تمثل لا الحكومات و لا الجهات الشاكية و لا يطلع على قرارات الفريق العامل سوى الحكومات فقط .
4- بعد شهر من المرحلة السابقة تنظر اللجنة (لجنة حقوق الإنسان ) في جلسة مغلقة في الحالات المحال إليها و يدعي ممثلو الحكومات المعينة إلى الرد على أسئلة اللجنة التي تعقد بعد ذلك اجتماعا مغلقاً تنظر فيه في قرارها النهائي.
وللجنة عدة خيارات فهي أما أن تبقى الوضعية قيد الدراسة أو تعين لها خبيراً مستقلاً أو توقف النظر في المسألة بموجب هذا الأجراء أو أنها قد تقدم توصيات إلى المجلس الإقتصادي و الإجتماعي

و تبقى كل الإجراءات قيد السرية ما لم يقرر المجلس الإقتصادي و الإجتماعي عكس ذلك أو ما لم تعلن الحكومة المعينة رغبتها في جعل الملفات علنية.

وأخيراً يتضح أن الهدف من الأجراء 1503 ليس توفير الحماية القانونية للأفراد ضحايا الانتهاكات و إنما تجميع المعلومات المرتبطة بحالة معينة تكشف عن نمط مستمر من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

 

elgendiart

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 819 مشاهدة
نشرت فى 24 فبراير 2011 بواسطة elgendiart

ساحة النقاش

elgendiart

elgendiart
المدير العام ورئيس أدارة هيئة تحرير المجلة محمد نجيب الجندى ايطاليا »

السيرة الذاتية

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

115,942

اعلان اليوم

اعلان اليوم


للاعلان على مجلة أراء وافكار
رجاء الاتصال على العنوان التالى



[email protected]

[email protected]



Free Image Hosting at www.ImageShack.us
Free Image Hosting at www.ImageShack.us
Free Image Hosting at www.ImageShack.us