((  تَوظيف ))

 

إنّي أحبُّ تلكَ النبرةَ الملائكيةَ

وتلكَ الحرّيةَ الشامخةَ الوحيدةَ التي 

يتمتّعُ بها الطرفانِ اللذانِ يذكرُهما الكاتبُ

في عقدِ القرانِ المقدّسِ

 

الذي يطولُ عنقُهُ لعمرٍ وجيلٍ،

لكنّ هذهِ النبرةَ تختفي بمجرّدِ الملامسةِ

الوقتيةِ..

 

وبعدَها يُخلقُ من الطرفينِ مدنُ عنانٍ صراخُها يصلُ للسماءِ، ومعَ الأسفِ أن

اذكرَ هذا..

 

ومن بينِ كلِّ هؤلاءِ المنحنيةِ رؤوسُهم على الصدورِ نطلقُ التصحيحَ، وعلينا أن

نجدَ إصلاحاتٍ فكريةً تقتلُ تلكَ الاعرافَ التي

امتدَّتْ من الجاهليةِ إلى الآن... 

 

إنّها الصراحةُ، ورغمَ أنّ كلَّ الطالبينِ والمتقدّمينَ والواقعينَ لديهم المعرفةُ بأنّ هكذا عقدٍ باتَ

يخرقُ الهدوءَ والسعادةَ،

فعلينا أن نوظّفَ زواجَ الروحِ في مكانهِ المناسبِ قبلَ زواجِ الأبدانِ..

 

فلنخلقْ فيئًا مشتركًا وارتياحًا مسبقًا..

ولنمنعِ التشرّدَ القلبيَّ ونوقفْ ذاكَ التسوّلَ

بأرجاءِ المادّةِ..

 

كلُّ ما علينا فعلهُ هو تصنيفُ الروحِ

بجدٍّ، والوقوفُ على عيوبِها وكيفَ نجدُ

لها نصفًا آخرَ بعدَ الوصولِ بها لشواطئِ السموِّ...

 

وأنا لا أقصدُ بحديثي هذا تلكَ الأرواحَ

التي تكونُ بحرًا دونَ شواطئٍ

لها حريّةُ التصرّفِ وهي من النوعِ المتحرّرِ

إلاّ الخضوعَ لقانونٍ سماويٍّ، تلكَ الروحُ نتاجُ 

تراكمِ العاداتِ التي عنوانُها واضحٌ ومضمونُها

شائكٌ والتي تستغلُّ الانظمةَ الإنسانيّةَ

لمصالحِها الشهويّةِ، وأحدُ أسلحتِها التغريرُ

عندَما تجدُ روحًا ضعيفةَ الفقهِ...

 

الذي أريدُ أن أصلَ بهِ من خلالِ هذا

الموضوعِ هو إيجادُ الفرقِ بينَ زواجِ الأرواحِ

وزواجِ الأبدانِ.. 

 

والتسميةُ واضحةٌ علينا السعيُ لتحويلِ النوعِ الثاني للنوعِ الأوّلِ بالرياضةِ الروحيّةِ

التي تتضمّنُ وتنصُّ على تربيةِ الروحِ 

وإجهاضِ كلِّ تعويدٍ مشوّهٍ يجعلُ الروحَ نحيلةً لا تقوى على الحربِ وجهازِ المناعةِ بها قد عُطِّلَ...

 

وكما يقولُ علمُ النفسِ خالفْ كلَّ رغباتِكَ

مهما كانَ نوعُها بهيميّةً أو سبعيّةً أو عقليّةً..

 

وإن أردْنا البدءَ علينا بثلاثٍ: 

المعاهدةِ، المراقبةِ والمحاسبةِ..

 

عاهدْ نفسَكَ أن لا تفعلَ فعلًا تعودْتَ عليهِ..

راقبْ نفسَكَ كي لا تعاودَ فعلَ ما كنْتَ تفعلُهُ..

حاسبْ نفسَكَ إذا وجدْتَها فعلَتْ ما كانَتْ تفعلُهُ.. 

والمعاهدةُ مشروطةٌ بعقوبةٍ ما تذكرُها قبلَ أن تبدأَ..

 

أحمد الناصري.. 

 

2015/12/20

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 45 مشاهدة
نشرت فى 18 يوليو 2016 بواسطة elgaribhamed

عدد زيارات الموقع

109,374