تطوير المنهج


أ / محمود الفرماوى

   

 

 إن كلمة التطوير من الكلمات الشائعة الاستخدام ، وهي تشمل جميع الجوانب (( الطب ، الهندسة ، الزراعة ، ......الخ ))


مفهوم تطوير المنهج :


مما لا شك فيه أن بناء المنهج يختلف عن تطويره في نقطة أساسية فالبناء يبدأ من الصفر ـ من لاشيء ـ أما التطوير فهو يبدأ من شيء قائم وموجود فعلاً ولكن نريد الوصول به إلى أفضل صورة ممكنة .
ويقصد بتطوير المنهج تصحيح أو إعادة تصميم المنهج بإدخال تجديدات ومستحدثات في مكوناته لتحسين العملية التعليمية وتحقيق أهدافها .
ولكي تتم عملية التطوير بصورة سليمة فلابد أن تكون أهدافها واضحة وشاملة لجميع
جوانب العملية التعليمية ومعتمدة على أسس علمية ، وأن تكون مستمرة وتعاونية يشترك فيها جميع المختصين في التربية والتدريس ، وحتى تتحقق عملية التطوير لابد أن تكون مسايرة جنباً إلى جنب مع عملية تقويم المنهج حيث يتم تحديد الأخطاء وأوجه الضعف ونواحي القصور في المنهج ثم تُجرى الدراسات والتجارب لمحاولة التخلص من هذا القصور مع الاستفادة من الاتجاهات والخبرات التربوية واختيار المناسب منها والصالح لعاداتنا ولمجتمعنا.


مكونات المنهج :


يوجد العديد من المكونات الأساسية للمنهج وهي متداخلة ومترابطة مع بعضها البعض ويؤثر كلُ منها في الآخر ومحصلتها في النهاية هي إحداث تغير في سلوك الطالب ويمكن تلخيص أهم مكونات المنهج في العناصر التالية :


(1) الأهداف :


لكل إنسان هدفأو غاية يسعى إليها في حياته وكلما كان هذا الهدف واضحا ومعروفا  كلما تمكن الانسان من تحقيقه ، وفي مجال التربية والتعليم فإن الاهداف هي التغيرات التي نريد أن يحدثها المنهج في سلوك وشخصية الطالب نتيجة مروره بخبرات تعليمية محدده وتفاعله معها .
كما أن تحديد الأهداف والغايات يساعد على تنسيق الجهود وتوجيهها لأخيار المحتوى والطريقة والوسيله والتقويم ويشترط في الاهداف أن تكون متمشية مع فلسفه وثقافة المجتمع وحاجاته ومراعية لطبيعة وخصائص المتعلم وأن تكون واقعية وغير متناقضة فيما بينها وأن تشمل جميع مجالات الأهداف ومستوياتها . 


(2) المحتوى :


هو عبارة عن الخبرات التعليمية المخطط لها والتي تقدمها المقررات الدراسية ويشترط في المحتوى أن يكون مرتبطاً بالأهداف ومحققاً لها وصادقاً من الناحية العلمية.
وأن يكون مواكباً لأحدث ما تم التوصل إليه ، ومرتبطاً بثقافة الطالب ، ومراعياً لميوله وحاجاته، ومتوازناً بين الشمول والعمق ، ومترابطاً ومتوازناً مع محتوى الفروع الأخرى، ومراعياً للفروق الفردية بين الطلاب

(3) طرق التدريس :


يقصد بطريقة التدريس الأسلوب المخطط الذي يستخدمه المعلم لمساعدة الطلاب على اكتساب خبرات التعلم وتحقيق الأهداف الموضوعة ، وتختلف طريقة التدريس باختلاف طبيعة الموضوع فمن الموضوعات ما يفضل إشراك الطلاب في مناقشته ومنها ما يستحسن فيه العرض والإلقاء ، ومنها ما يحتاج إلى وسائل حسية أو نماذج وصور.
وتختلف كذلك الطريقة باختلاف طبيعة الطلاب وما بينهم من فروق فردية وباختلاف إمكانيات المدرسة وعدد الطلاب داخل الصف الدراسي ، إلى غير ذلك من العوامل الأخرى ، وباختصار فان المعلم المتمكن هو الذي يختار الطريقة التي تناسب الموضوع الذي يقوم بتدريسه وتناسب الوسط الذي تطبق فيه .
وينبغي أن تعتمد طريقة التدريس التي يتبعها المعلم على بعض الأسس العامة التي تجعل منها طريقة جيدة وناجحة ومنها :
أن تكون مراعية لسن وقدرات وميول الطلاب والفروق الفردية بينهم ، وتراعي التسلسل المنطقي في
عرض المحتوى ، وأن تثير تفكير وتطلعات الطلاب ، وتكون متوافقة مع أساليب ونظريات التعلم ، وتكون مرنة وصالحة للتكيف والتغيير إذا دعت الظروف لذلك ، ويجب أن تنظم خطواتها حسب زمن الحصة المحدد.


(4) الوسـائل التعليمية :

 

 

تستخدم الوسائل التعليمية في تدعيم طرق التدريس وتأكيد فعاليتها وذلك لأن وسائل الاتصال التعليمية تساعد على تحسين مستوى التدريس، وتثير اهتمام الطالب بالموضوع الذي يتعلمه ، وتنوع الخبرات التي تساعده على التعلم ، وتزيد من قدرته على الدقة والملاحظة ، وتنوع أساليب تعزيز التعلم ، وتساعد على تكوين اتجاهات إيجابية نحو المادة كما تقلل من نسبة نسيان المتعلم ، وكلما كانت الوسيلة مناسبة وصحيحة كلما ساهمت في تحقيق أهداف الدرس ويقصد بالوسائل التعليمية ( المواد والأجهزة والمواقف التعليمية التي يستخدمها المعلم
في مجال الاتصال التعليمي بطريقة ونظام خاص في توضيح فكرة أو تفسير مفهوم غامض أو شرح أحد الموضوعات بغرض تحقيق الطالب لأهداف سلوكية محددة )


 
 (5) الأنشطة التربوية :

 


يعتمد المنهج الحديث على أساس نشاط الطلاب وإيجابيتهم ومشاركتهم في جميع الأمور وبالتالي فإن دور المعلم هو دور المرشد أو المهيئ للظروف المناسبة أمام الطلاب لكي ينشطوا ويشاركوا في تحقيق الأهداف كما أن مشاركة الطلاب في الأنشطة تزيد من قدرتهم على الإنجاز في المادة وعلى التفاعل الاجتماعي مما يولد لديهم القدرة على اتخاذ القرار ، وتشكل الأنشطة المدرسية أحد العناصر المهمة في بناء شخصية الطالب وصقلها وتساعد على تنمية ميوله ومواهبه .
كما أن كثيراً من الأهداف يتم تحقيقها من خلال الأنشطة التلقائية التي يقوم بها الطلاب خارج الصف الدراسي ، والتربية المتكاملة تتطلب مناخاً عاماً يسود المدرسة ويهيئ الظروف المناسبة لممارسـة النشاط .
ويمكن أن يُعرف النشاط التربوي على أنه البرنامج الذي تقوم به المدرسة وينفذ داخلها أو خارجها ويهدف إلى إثراء المقرر الدراسي وتنمية قدرات ومعارف واتجاهات الطلاب.


(6) التقويم :


يقصد بالتقويم في مجال التربية أنه تلك العملية التي تحدد إلى أي مدى تحقق الخبرات التربوية التي يمر بها الطلاب الأهداف التي وضعت من أجلها . ويُعرف إجرائياً على أنه عملية جمع وتصنيف وتحليل وتفسير بيانات كمية أو نوعية عن أي جانب من جوانب عملية التعليم والتعلم بهدف إصدار حكم يؤدي إلى تصحيح المسار بما يتفق مع الأهداف المرغوبة . ويمكن القول بأن عملية التقويم هي عملية تشخيص وعلاج ووقاية ، كما تعتبر أحد أهم جوانب العملية التعليمية فهي تساعد المعلم على تحديد مستويات طلابه وتحديد مدى بلوغهم للأهداف المنشودة ، وتعتبر مؤشراً لكفاية المنهج بجميع مكوناته من حيث ملاءمة الأهداف ومعرفة ما تحقق منها مع تحديد المعوقات التي حالت دون تحقيق الأهداف الأخرى ، كما تبين مدى ملاءمة المحتوى وطرق التدريس والوسائل والأنشطة للأهداف ومساهمتها في تحقيقها ، وبالتالي فهي تعطي مؤشرات للحاجة إلى تطوير المنهج وتساهم في توجيه الدراسات والبحوث الخاصة بالمناهج مما يؤدي إلى الارتقاء بمستوى العملية التعليمية بأكملها .
ولا يمكن أن تكتسب نتائج التقويم هذه الأهمية إلا إذا بُنيت على أسس سليمة وذلك بأن تكون مستمرة بحيث يبدأ قبل عملية التدريس وذلك عند وضع الأهداف وتستمر أثناء بناء المنهج وتجريبه ثم تستمر جنباً إلى جنب مع عملية التدريس إلى ما بعد الانتهاء منها ، ولابد أن يُبنى التقويم على أهداف واضحة ومخطط لها بصورة جيدة وأن يكون بعيداً عن الارتجالية والعشوائية ، وأن يكون شاملاً لجميع نواحي النمو وبجميع مستوياتها . و من المؤكد أن التقويم الجيد يجب أن يكون تعاونياً بحيث يشارك فيه المعلمون والطلاب وأولياء الأمور والمشرفون التربويون وغيرهم من ذوي الخبرة ، وأن يكون عملياً بحيث لا يتطلب خبرات أو أجهزة أو أماكن غير متوفرة في المؤسسة التربوية ، ويكون اقتصادياً في تكلفته وفي الوقت اللازم لإعداده وتنفيذه واستخلاص نتائجه . وتعتمد دقة نتائج التقويم وصدقها على دقة وصدق أدوات القياس المستخدمة فيه مثل الاختبارات بأنواعها وأدوات الملاحظة والاستبانات والمقابلة والواجبات اليومية وغيرها من الأدوات .


الفرق بين التطوير والتغيير


يوجد فرق شاسع وكبير بين التطوير والتغيير ، ومن هذه الفروق ما يلي :
1)     التغيير يتجه نحو الأفضل أو ألا سوء ،

بينما التطوير يتجه نحو الأفضل والأحسن .


2)     التغيير يحدث بإرادة الإنسان أو بدون إرادته

بينما التطوير يحدث بإرادة الإنسان ورغبته الصادقة .


3)     التغيير جزئي إذ ينصب على جانب معين أو نقطة محددة

بينما التطوير شامل ينصب على جميع جوانب الموضوع .

*التطوير عملية شاملة وديناميكية :


أ)     شاملة : لأنها تنصب على جميع الجوانب وتمس جميع العوامل المؤثرة في الموضوع
ب)     ديناميكية : لأنها جميع العناصر التي تدخل فيها تكون في تفاعل مستمر ، وكل عنصر يؤثر في غيره من هذه العناصر .


*أهمية تطوير المنهج :


إن عملية تطوير المنهج هي عملية هامة لا تقل أهميتها عن عملية بناءه ، والدليل على ذلك هو انه لو قمنا بأعداد منهج بكافة صور التكنولوجيا والتقدم الحديث ، أهمل هذا المنهج لسنوات عدة ، فسيحكم عليه بالتجمد والتخلف ، ومن هنا تظهر عملية تطوير المنهج لدرجة انه من يقوم في أيامنا هذه بعملية بناء المنهج لا بد ان يضع تحت نصب عينيه أسس تطويره


*دواعي التطوير :


توحد هناك عدة دواعي و أسباب لتطوير المنهج منها :
1)     طبيعة العصر الذي نعيش فيه ، يسهم في التقدم العلمي والتقني
2)     سوء وقصور المناهج الحالية :ويتم معرفة ذلك من خلال نتائج الامتحانات وتقرير الخبراء والموجهين والفنيين ،و أخر نتائج البحوث التربوية
3)     عدم قدرة المناهج الحالية على الإسهام الفعال في التغيير الاجتماعي
4)     عجز المناهج الحالية عن ملاحقة التطور في الفكر التربوي والنفسي
5)     ارتفاع نسبة الفاقد في التعليم
6)     مشكلة الغزو الثقافي


خطوات تطوير المناهج :


تعتمد عملية تطوير المناهج على مجموعة من المراحل والعمليات والخطوات وهذه المراحل تساعد في
 
 
الوقوف على أرض صلبة وتساهم بصورة جيدة في تحقيق الأهداف المنشودة منه، وهذه الخطوات تختلف
في بعض الأحيان. أو قد يختلف مسماها ، كما قد يعتريها بعض التغيير وفقاً لاتجاهات القائمين بعملية
التطوير وفقاً للظروف المحيطة بعملية التطوير.

 
1981وترى (كوثر حسين كوجاك ، 1990 : 3) أن أهم مراحل وعمليات تطوير المنهج قد تمر في عدة نقاط كالأتي :


1- الوصف
الوضع الراهن للمنهج المراد تطويره وتحليل محتواه، وتحديد نواحي القصور والمشكلات بجوانبها المختلفة، وتحديد مدى الحاجة إلى التطوير.
2- التخطيط:
ويشمل المنهج المراد تطويره بجميع جوانبه، مع تحديد الاحتياجات المستقبلية واستراتيجية التعليم، ومدخلات عملية التطوير، ويمكن حذف أو إضافة، أو مراجعة وتحسين بعض أجزاء من المناهج الحالية. 
3- التصميم
أي ترجمة الفلسفة العامة للتربية إلى أهداف، وتحديد المواد الدراسية ومحتواها، ووسائل تنفيذها، وعدد ساعات تدريسها، مع وضع التخطيط الأفضل لجوانب المنهج، وإعادة تنظيم المحتوى.
4- الابداع
وفى هذه المرحلة يتم إيجاد حلول للمشكلات المختلفة، وتأخذ هذه الحلول عدة صيغ جديدة.
5- البناء
وفيه يتم وضع المقررات المأخوذة بواسطة مخططي ومطوري المناهج للمنهج المطور بعناصره المختلفة، من أهداف ومحتوى وأنشطة ووسائل ومواد تعليمية متكاملة في تتابع تكتيكي، ووفق الأسس التربوية والعلمية واستراتيجيات التعلم الحديثة.
6- التجريب
للتأكد من سلامة المنهج المطور، قبل التصميم وذلك لمعرفة نواحي القوة لتدعيمها، السالبة لمحاولة تجنبها.
7_ التقويم
وهذه المرحلة للحكم على مدى نجاح أو فشل عملية تطوير المنهج، أو المنهج المطور ذاته، مع تشخيص الواقع الحالي من خلال التجريب وذلك لتأكيد الدور الرئيسي لاتخاذ القرارات، والحصول على تغذية راجعة.
8- التنقيح :
وبمراجعة المنهج في ضوء التقييم يتم التنقيح، وإخراجه في صورته النهائية.
9- متابعة:
وهى مرحلة متابعة المراحل السابقة أي المتابعة المرحلية، ثم متابعة التنفيذ والتطبيق للمنهج المطور، (وهى مرحلة مفتقدة في معظم الجوانب الإدارية والتنفيذية ، العاملة والتربوية).

ويرى (حلمي الوكيل ، حسين البشير ، 1999: 181-251) أن تطوير المناهج تعتمد على مجموعة من الخطوات، وهذه الخطوات إذا تم الالتزام بها في عملية التطوير فإنها تؤدى إلى الوقوف على أرض صلبة وتساهم مساهمة فعالة في تحقيق الأهداف المنشودة منه. ويلاحظ أن تسلسل هذه الخطوات قد يعتريه شئ من التغيير وفقاً لاتجاهات القائمين بعملية التطوير وفقاً للظروف المحيطة.


مجالات النشاط التي يمكن استخدامها في تالمطور المنهج:


1)     أوجه نشاط غير ظاهرة:-
-       الاستماع إلى وصف من المعلم أو الطالب بسبب تعذر وجود وسائل حية مثل وصف حادث تاريخي 0
-   الاستماع إلى نقاش في ندوة أو مناظرة بين مجموعة من الطلاب أو بين المعلم والطلاب أو بين مجموعة من الخبراء والمتخصصين 0
-       يطلب المعلم من الطلاب الاستماع ومشاهدة فيلم ثم يطلب منهم كتابة تقرير عما تضمنه الفيلم 0
-       مشاهدة صور ودراستها 0
2)     أوجه النشاط العملية :-
-       رسم خرائط أو رسوم أو توقع بيانات على الرسم 0
-       عمل مجسمات بهدف زيادة فهم الطلاب لموضوعات الكتاب بتحويلها من الصورة اللفظية إلى الصورة الحسية 0
-   جمع صور تاريخية وطوابع بريد وأحجار وعينات من المحاصيل ، وذلك بهدف تدريب الطلاب على استخدام مصادر تعلم متعددة إلى جانب الكتاب المدرسي 0
 
3)     أوجه النشاط النظرية :-
-قراءات إضافية وتشمل قراءات في الكتب والمراجع والصحف اليومية وكتاب تقارير أخبارية عن أهم الأحداث الجارية والقضايا المعاصرة 0
-إعداد خريطة زمنية توضح التتابع الزمني 0
4)     النشاط خارج حجرة الدراسة :-
ويتضمن نشاط داخل المدرسة وخارج المدرسة ومنها زيارة متاحف ومعارض ومصانع وغيرها 0

 

 

 

 

 

المصدر: المراجع حلمي الوكيل و محمد المفتي ، أسس بناء المناهج وتنظيماتها ، مطبعة حسان ، القاهرة ، 1982م . الدمرداش سرحان عبد المجيد ، المناهج المعاصرة ، مكتبة الفلاح ، الكويت ، ط3 ، 1981 فوزي طه و رجب الكلزة ، المناهج المعاصرة ، مطابع الفن ، ط1 ، 1983م حسين حمدي الطوبجي ، وسائل الاتصال والتكنولوجيا في التعليم ، ط 7 ، 1984 م ، ص 41 . يحي هندام و جابر عبد الحميد جابر ، المناهج أسسها تخطيطها تقويمها ، ط 3 ، 1978 م ، ص 13
elfaramawy

محمود الفرماوى

ساحة النقاش

mahmoud elfaramawy

elfaramawy
أ / محمود الفرماوى 1- بكالوريوس تكنولوجيا التعليم كلية التربية النوعية جامعة عين شمس 2009م 2- ماجستير تكنولوجيا التعليم بكلية التربية جامعة العريش 3- باحث دكتوراة تكنولوجيا التعليم بكلية التربية جامعة العريش »

عدد زيارات الموقع

1,988,260

تسجيل الدخول

ابحث