أحداث مسلسل يونس ولد فضة : تتحدث عن المجتمع الصعيدى وكأنه مجتمع متصارع ومتحارب فيما بينه ، هذا المسلسل يعطى انطباع سيئ عن المجتمع الصعيدى ، الذى أظهرته أحداثه بأنه مجتمع جشع ، وأنه جمع ثروته اما من تجارة المخدرات أو تجارة الآثار
بينما الصعيدى فى الواقع والصعيدى فى الدراما فارق كبير لا يعرفه إلا الصعايدة أنفسهم، فهم الذين يشاهدون المسلسلات الصعيدية ويضربون كفاً بكف لأنها لا تعبر عنهم، فليست هذه هى طريقتهم فى الكلام ولا تلك هى ملابسهم ولا ما يشاهدونه له علاقة بقضاياهم
عاماً بعد آخر لا تخلو الدراما التليفزيونية من المسلسلات الصعيدية ولا يتوقف الصعايدة عن إعلان غضبهم مما يقدم، فهم لا يعيشون فى قصور وبيوت فاخرة
الثأر ثم الثأر ثم الثأر هكذا لخصت الدراما قضايا المجتمع الصعيدى، وابتعدت عن كل مشاكله الحقيقية، مما ساهم فى زيادة الفجوة بينها وبين المعروض على الشاشات، خاصة أنه فاق الخيال بكثير واقترب إلى الفانتازيا الضاحكة أكثر منه إلى خيال المؤلف .
المؤلف ابتعد عن الواقعية فى كتاباته واتجه فى الفترة الأخيرة إلى كتابة قصص رومانسية أحداثها مليئة بالأكشن ونسبها إلى الصعيد، رغم أنها ليس لها أى علاقة بالصعيد
نحن فى حاجة إلى عمل يتناول قضية الفقر فى الصعيد، دون إغفال أن الصعيد دخله الإنترنت والدش، مع إبراز المسافة البعيدة جداً بين التنمية فيه والتنمية فى القاهرة، وأطالب بكتابة أعمال تنبه الحكومة بمشاكل المجتمع الصعيدى، خاصة أنه أخرج العديد من رموز المجتمع
السائد فى مسلسلات الصعايدة هو ظهور البطل على انه رجل قوى يتقابل مع امرأة من من خارج الصعيد ويدخل معها فى صراع ينتهى بعلاقة حب بينهما، كما يظهر المجتمع الصعيدى فى الدراما دائما على أنه مجتمع مغلق رغم نجاحه فى التعليم، و لا يمكن التعبير عن الصعيد بصدق إلا بالنزول إليه، وأطالب كتاب الدراما بالنزول إلى مكان محور الأحداث لمعرفة كيف تتكلم الناس وماذا تلبس فالملابس التى يرتديها «صعايدة المسلسلات» ليست لها علاقة بالصعيد، كما أن بنات الصعيد لسن قبيحات كما يظهرن
فى المسلسلات لأن أغلبهن جميلات .
الأعمال الفنية التى تقدم حاليا عن الصعايدة بأنها لا تمت للصعيد بصلة، وكلها مكررة
وأطالب الدولة وكتاب الدراما بأن يهتموا بالمشاكل الحقيقية التى يعانى منها الصعايدة، وأطلب من كتاب الأدب الذين يكتبون عن الصعيد أن يركزوا فى كتاباتهم على تلك المنطقة، ويكشفوا حياة الفقر والعزلة .
كل الأعمال التى تناولت الصعيد ليست لها أى علاقة بواقعه، فهو صعيد جديد اخترعه كتاب الدراما ليتماشى مع سوق المسلسلات التليفزيونية .
لا أعرف ماذا حدث للكاتب فى كتاباته عن الصعيد، فهى مغايرة تماما لما شاهدناه، فالصعيد تركيبة فريدة من نوعها تضم نهراً وصحراء وجبالاً ونخيلاً.. أين ذلك فى المسلسلات؟ وهناك كسل فى الإخراج، فبدلا من أن تنزل الكاميرا لتظهر الجمال الكونى فى الصعيد، نجد كما كبيرا من الديكورات الفخمة ، فقدمت صعيدا مزورا من داخل استوديوهات بلهجة ليست لها علاقة بالصعيد .
على مدى السنوات الماضية تدور دراما الصعيد فى موضوعين متكررين، أما قضية الثأر الناتج عن صراع العائلات، أو شخصية الرجل الغنى الذى يتحكم فى البلد، فى حين لم يشاهد المشاكل الحقيقية التى تعانى منها مدن وقرى الصعيد المحرومة من التنمية، كما لم ير الصعيدى الفقير الذى ترك بلدته وهاجر إلى القاهرة والإسكندرية للبحث عن فرصة عمل وتوضيح المعاناة التى يتعرض لها وشعوره بأنه غريب وهو فى بلده.
الدراما لم تتطرق أيضا لمشاكل «الصعايدة» الذين يعملون فى دول الخليج بعد أن اشتد عليهم الفقر، الأمر الذى عرضهم لإهانات فى تلك البلاد، والغريب أن هناك موضوعات يتجاهلها كتاب الدراما الصعيدية ومنها عبارة «السلام 98» التى راح ضحيتها أكثر من 100 شخص من محافظتى قنا وسوهاج، وذلك أهم من الثأر الذى أوشك على الانقراض بعد انتشار التعليم فى كل قرى الصعيد.
واتعجب !! من طريقة تناول الدراما لشخصية الصعيدى ، الدراما قدمت الصعيدى على أنه «أبله وعبيط» وعدوانى ويعشق الدم، وانعكس ذلك على نظرة المشاهد إلى الصعايدة، وكأن مؤلفى هذه الأعمال لم يقرأوا عن الجهود التى بذلها أهالى الصعيد فى بناء السد العالى ..ألخ
وآرى أن مسلسلات الصعيد تخالف الواقع الذى نعيش فيه، والدراما دائماً تعرض الأسرة الصعيدية على أنها مفككة ومليئة بالخلافات، والزوج دائما لا يراعى حقوق زوجته، ويتزوج كثيراً، رغم أن الأسرة الصعيدية أكثر استقراراً من أسرة القاهرة، ونادراً ما تجد تعدد زوجات أو طلاق عندنا، والشىء المستفز هو تكرار قضية الثأر فى كل الأعمال وإظهار الصعيدى على أنه رجل إرهابى ، وذلك يضر بالأمن القومى، لأنه يتسبب فى خلافات فئوية
ويعطى صورة سيئة للرجل الصعيدى، فهو مزواج وظالم لأبنائه ونموذج غير مشرف للصعايدة، والشر الذى يملأ بعض شخصيات المرآة ليس له وجود فى مصر كلها وليس فى الصعيد فقط، فهى شخصية خرافية مشوهة وتعتبر استكمالاً لتشويه صورة المرأة فى الصعيد .
والسؤال: لماذا لم تلتفت الدراما للقضايا المهمة، وهل يعرف الكتاب أن ما يفعلوه يصنع حواجز بين الوادى والدلتا رغم أن الكل مصريين؟