يبدو وكأنه وجه سينمائي لم يلامس وهج الشمس بشرته البيضاء، ولم تبعثر أجواء الصحراء الرملية شعره الأملس المهذب طوال الوقت، مرتديا ساعة في يده اليمني، تحسبه ممثلا شهيرا يقوم بدور في مسلسل تاريخي ذي ميزانية إنتاجية ضخمة، إنه شاكر وهيب، القائد الشاب لتنظيم «داعش» بالأنبار العراقية، الذي قُتل أكثر من 5 مرات، حسب روايات الاستخبارات العراقية، بل وصل الأمر إلى نشر العديد من الصور التي تظهر مقتله، ولكن ظهوره من جديد كشف أن هذه الصور مجرد «فبركة فوتوشوب».
«وهيب» من مواليد 1986، شهرته «القائد أبووهيب»، كان ظهوره الأول حسبما وجد تقصي «المصري اليوم» على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة على موقع «تويتر»، في فيديو صادم شهير لعملية إعدام سائقي شاحنات سوريين في أغسطس 2013 على الطريق الدولي بين سوريا والعراق، وحينها رصدت الحكومة العراقية 50 ألف دولار لمن يأتي برأسه حيا أو ميتا.
واصل نجم «وهيب» السطوع بقوة في الكثير من الفيديوهات والصور التي تتعلق بعمليات تنظيم «داعش» في العراق، واعتبر البعض اختيار فتي وسيم مهندم ولبق وحماسي هو واجهة إعلامية للتنظيم الدموي، مرتديا ثيابا نظيفة، مبتسما، ومحاطا بالعديد من المقاتلين، كأنه نجم وسط معجبيه.
وسط تعليقات ومنها : «يا جماعة ارحموه للرجل. آخر فيديو ظهر كان مرهق. لا عاد تطلعوه في الإعلام، حفاظا عليه من العيون»، وفي تعليق آخر: «الشاب اللطيف أبووهيب الشرير يتجول في الموصل، جميل أن يعجب به شباب العرب خير من إعجابهم بعلوج هوليوود والأشكال المقرفة».
وتقول صحيفة «الحياة» اللندنية، في تقرير عنه، إن «أبووهيب» نال إعجاباً منقطع النظير، حتى وسط نساء التنظيم اللاتي خرجن عن «حيائهن» لكتابة تغريدات غزل به، إلى جانب سخرية من آخرين بأنه ليس مقاتلا، بل مستعرضا وسامته وملابسه.
ويقول تقرير «الحياة» اللندنية إن المعلومات المتوافرة عنه تفيد بأنه من أهالي الرمادي، ولم يكمل دراسته في قسم المعلوماتية بجامعة الأنبار، حيث اعتقل على يد القوات الأمريكية في عام 2006، بسبب انتمائه إلى تنظيم «قاعدة الجهاد» بقيادة أبومصعب الزرقاوي، وانتقل إلى سجن «بوكا»، حيث أطلق سراحه عام 2009، لكن معلومات أخرى أكدت أنه سُلّم إلى القوات العراقية، وهرب من سجن تكريت عام 2012.
وكان أبرز ظهور لوهيب بداية العام الحالي، وهو يفتش في مقر الحكومة المحلية في الرمادي، برفقة حراس، ثم بعد ذلك حين ظهر في شريط فيديو يرتدي زياً أسود بالكامل، ويؤدي حركات بهلوانية برفقة عدد من عناصر «القاعدة»، تُذَكّر بالمقاطع التي بثها التنظيم لزعيمه «الزرقاوي» عام 2006.
واهتمام التنظيم بـ«أبووهيب» كان واضحاً من خلال التركيز على إظهاره كل مرة في زي مختلف، لكنه مهندم ونظيف وبألوان غير تقليدية ومختلفة عن أقرانه، في آخر شريط فيديو له ظهر وهيب مع مقاتلين خليجيين، يؤدون أغنية داخل بيت محافظ الموصل أثيل النجيفي، فجلس بينهم في مكان مرتفع، لابسا قبعة سوداء مشابهة لقبعة الثائر الأرجنتيني «تشي جيفارا»، دون أن يتخلى عن نظراته السينمائية، وابتساماته الخجولة.
ويؤكد بعض المعلومات التي يتم تسريبها من داخل تنظيم «داعش» أن وهيب ليس قائداً عسكرياً، كما أنه لا يشارك في المعارك، بل تولى مهمات إدارية داخل التنظيم، قبل أن يتم نقله إلى القسم الإعلامي فيه، وأن إظهار وجهه للعلن بصور معدّة بعناية كان قراراً من زعيم التنظيم «أبوبكر البغدادي»، بهدف إظهار شكل آخر من التأثير في الشباب تحديداً، عبر اختراع «البطل الأسطوري الوسيم والغامض» على الطريقة الهوليوودية.
لكن معلومات أخرى تؤكد أنه قائد وحدة خاصة مقربة جداً من البغدادي، تُسمّى «أسود الصحراء»، وهي تتكفل بحمايته، كما أنه كُلّف بمهمات قيادة التنظيم في الأنبار. وأشارت مصادر إلى أنه أُعلن لبعض الوقت والياً على الأنبار.
ويبدو التضارب في تعريف دور «أبووهيب» في التنظيم مقصوداً، ويضاف إلى الصنعة المحكمة لـ«البطل الغامض»، وما يؤكد ذلك أن تنظيم «داعش» سبق أن أعلن مقتله في قصف جوي في الأنبار، قبل أن ينفي هذا الخبر، وينشر صوراً جديدة له. كما أنه يتنقل من مكان إلى آخر، وإحدى الصور عرضته في اجتماع قال التنظيم إنه في «ولاية الجنوب»، قبل أن ينشر صوراً له في ديالى وأخرى في الموصل.