حكاية تناقلتها الأجيال عبر زمن كانت فيه السقاية روح الإنسان، فهى مهنة قديمة كانت لها أصولها وحرفتها وعاشقيها، نقلتها كروت البوستال من خلال عدسة المصورين الأجانب والمستشرقين الذين قاموا بتوثيق الحياة المصرية والعربية، موضوع استلهم منه قصة وتحولت إلى فيلم سينمائى كبير قام ببطولته الفنان القدير عزت العلايلى ومجموعة من الفنانين والفنانات الذى عاصروا الفن الجميل فى وقت الرقى.
مهنة السقا أو السقاء عاشت فى وجدان الكثير وفى أذهان أجيال عاصرته حتى دخلت المياه المدن والقرى والنجوع واندثرت تماما هذه المهنة من الوجود، لكن بقى أثرها باقيا فى أماكن سياحية أو بعض المساجد العتيقة فى مصر المحروسة بالمدن أو بعض القرى.
أخذت مهنة السقا فى الاحتضار منذ عام 1865م حينما أنشئت شركة المياه، وبدأت فى إنشاء آلات الضخ وأنابيب للمياه توزع المياه داخل مدينة القاهرة، لكن السقا لم ينته نهائيا، فهناك بعض المناطق العشوائية حول القاهرة لا تصل إليها المياه النظيفة، وبذلك يكون هناك ضرورة لوجود هذه المهنة لكى ينقل المياه إلى هذه المناطق.
وفى ذلك الوقت، كان السقاءون يحملون القِرَب المصنوعة من جلد الماعز على ظهورهم، وهى مملوءة بالماء العذب، وقد يكون معهم برميل كبير مملوء بالمياه رُكِّبت فيه حنفيات من الخلف، وتجره الدواب كالحصان والحمار.
كان السقا يصل بالماء إلى الأسبلة مرة، ويتقاضى ثمن خدمته فى وقتها، أما المنازل فيحصل على ثمن خدمته عن طريق علامة أو شرطة يضعها على باب المنزل كلما أتى ببرميل، ثم يكرر وضع العلامات.
ولكن هذه الطريقة عُرضة للمسح، فلجأ إلى طريقة أخرى بإعطاء صاحب المنزل مجموعة من الخرز (على سبيل المثال عشرون خرزة)، وكل مرة يأتى بالماء يأخذ واحدة وعندما ينتهى الخرز يكون بذلك قد أتى بعشرين برميلا، ويتقاضى وقتها أجرته كاملة من صاحب البيت.