أن عملية تعديل السلوك من أهم الفنيات التي تستخدم لعلاج المشكلات السلوكية لدى الأطفال بوجه عام سواء كانوا طبيعيين أو كانوا ذوي احتياجات خاصة وذلك من أجل توفير فرص جيدة للتكيف مع مجتمعهم بصورة طبيعية وبحيث لا يكون هناك غرابه في تصرفاتهم أمام الآخرين.
كما أن تعديل السلوك الإنساني يهدف إلى تغيير السلوك للأحسن وذلك من خلال زيادة السلوك المقبول أو تشكيل السلوك الجديد المراد تعلمه أو إضعاف للسلوك الغير مقبول حيث يتم ذلك في البيئة الطبيعية ومن خلال تنظيم الظروف أو المتغيرات البيئية وخاصة ما يحدث منها بعد السلوك لآن السلوك محكوم بنتائجه، وتعديل السلوك يركز على الحاضر وليس على المـــاضي، كما أنه يــركز على الـــسلوك الــظاهر ولـــيس على السلوك الخــفي، ويعتــمد على القــياس الــموضـــوعي المــباشر، والـــمتكرر، ويستخدم التحليل الوظيفي التجريبي في تفسير السلوك وتعديله، وهو يستخدم المنهج العلمي الذي يركز على استخدام الأساليب القابلة للتنفيذ، والتي يمكن التحقق من فاعليتها بشكل مباشر وكذلك فهو منهج تربوي أكثر منه علاجي، لأنه يركز على استخدام الأساليب الإيجابية.
وتعود جذور تعديل السلوك الى المدرسة السلوكية و إلى العالم الفسيولوجي الروسي ايفان بافلوف وتلاميذه ثورندايك وجون واطسون و سكينر والبرت باندورا. وترى النظرية السلوكية ان معظم سلوكيات الإنسان متعلمة وهي بمثابة استجابات لمثيرات محددة في البيئة فالإنسان يولد محايدا فلا هو خير ولا هو شرير و إنما يولد صفحة بيضاء ومن خلال علاقته بالبيئة يتعلم أنماط الاستجابات المختلفة سواء أكانت هذه الاستجابات سلوكيات صحيحة أم خاطئة وبالتالي فإن هذه النظرية تنظر إلى السلوك الجانح على انه سلوك متعلم وهو عبارة عن عادات سلوكية سالبة اكتسبها الفرد للحصول على التعزيز أو الرغبات وتعلمها الفرد من البيئة فإما ان يكون قد تعلمها بواسطة ملاحظة نماذج سالبة في حياته, أو يكون قد سلك بطريقة سالبة وحصل على التعزيز, أو يكون قد سلك كرد فعل انفعالي وحصل على تفريغ بعض شحنات نفسية سالبة أو يكون قد سلك هذا السلوك تحت ضغط عوامل مرضية معينة وهنا نلاحظ أن معظم سلوكيات أطفال التوحد هى تحت ضغوط مرضية غير معروفة الاسباب ولكن لو حدث تغيير فى البيئة المحيطة لا بد ان يحدث نوع من التغير فى السلوك .
وتعتمد نظرية التعلم السلوكية على ان التعلم يحدث نتيجة مثير ما دون أن يكون للتفكير الواعي أثر كبير في حدوث التعلم مثل تعليم الحيوانات بعض الحركات والاستجابة لمثيرات معينة مثل رؤية الطعام أو تقديمه لها ، فيحدث التعلم ويحفز هذا التعلم بتقديم محفزات تشجيعية أو رضى داخلي وشعور بالسرور والابتهاج لدى المتعلم نتيجة
والسلوك الإنساني لا يحدث في فراغ وإنما في بيئة ما أو بوجود مثير معين، وهو نتاج تفاعل الفرد مع بيئته، ولأن البيئة تتغير فالسلوك أيضاً يتغير والعلاقة بين السلوك الإنساني وبيئته علاقة تبادليه فهو يتأثر بها ويؤثر فيها.
محكات تمييز السلوكيات السوى والغير سوى
وحتى نستطيع الحكم على السلوك لابد من توافر مجموعة من المحكات والتي من خلالها يمكن تمييز السلوكيات المرغوبة والسلوكيات غير المرغوبة. ومن هذه المحكات:
oعدد مرات تكرار السلوك
تكرار السلوك يعني عدد المرات التي يحدث بها السلوك، في فترة زمنية محددة، فمعظم الأطفال يتشاجرون من حين إلى آخر. لكن البعض يتشاجر بشكل متكرر. وتعديل السلوك يهتم بالسلوك الذي تتكرر بانتظام فلا يعنى أن طفل معين أظهر سلوك عدوانى فى وقت معين أن هذا الطفل عدوانى ولكن قد يتصرف الطفل بطريقه غير ملائمة تحت ظروف منفردة. فمثلا قد يكون الطفل متعبا، أو قد يوجد وضع مرهق في البيت، أو قد يثار الطفل من قبل أحد زملائه في الفصل. ففي حالات معينة لا بد يتم تجاهل السلوك أو يخبر الطفل بهدوء بان مثل هذا السلوك غير مقبول ، ويشرح له في نفس الوقت السبب. ويجب قدر المستطاع معالجة الوضع ،فمثلا،تستطيع جعل الطفل المتعب يستريح في مكان هادئ أما فى حالة إذا تكرر السلوك الغير ملائم بانتظام لفترة طويلة فان هناك شيئا في البيئة يعزز هذا السلوك أو قد يعزز هذا السلوك شى داخلى لدى الطفل لذلك يجب على الأخصائي أو الأب أو الأم دراسة ظروف المواقف المختلفة التي يتعرض لها الطفل ثم اتخاذ خطوات منتظمة لتعديل السلوك وهنا يمكن تطبيق ذلك على أطفال التوحد فأطفال التوحد فى أوقات كثيرة يصدرون بعض السلوكيات الغير مقصودة ونتيجة أن الأهل والعاملين فى بعض المراكز يضعون فى اعتبارهم أن هولا الأطفال توحديون فعند صدور السلوك وربما للمرة الأولى يبداون فى لفت انتباه الطفل الى ضرورة عدم تكرار السلوك أو فى محاولة اطفاء الاستجابة عن طريق العقاب اوحرمان الطفل من بعض المعززات وهنا تقتضى مبادى تعديل السلوك الصحيح بضرورة الانتظار حتى يتم تكرار السلوك من الطفل ويعتبر هذا الانتظار احدى التكنيكات العلاجية وهو ما يعرف بالتجاهل.
o فترة حدوث السلوك
بعض السلوكيات تعد غير عادية لأن المدة الزمنية لحدوثها غير عادية، فهي قد تستمر مدة أطول بكثير أو أقل بكثير مما هو عادي. فعلى سبيل المثال عند وفاة شخص عزيز يصيبنا جميعا الحزن ولكن هذا الحزن يتلاشى تدريجيا فاذا استمر لفترات طويلة عن المعتاد فهنا نبدا فى البحث عن المشكلة التى يعانى منه هذا الشخص وجميعنا نمر بفترات تشتت فى الانتباه نتيجة لعوامل معينة مثل الارهاق أو قلة فترات النوم ولكن أذا استمر هذا التشتت لفترات طويلة فهو علامة مرضية ويمكن ملاحظة ذلك لدى أطفال التوحد ففرط النشاط الحركى على سبيل المثال قد يصيب الطفل حتى العادي ولكن لفترة طبيعية نتيجة تناوله بعض الأطعمة فى أوقات معينة ولكن لدى طفل التوحد نلاحظ انه فى العديد من الحالات يكون إحدى سمات التوحد لدى الطفل فرط النشاط الحركى ويلاحظ ذلك من خلال استمرار هذه السمة لفترات طويلة وهنا يبدأ أخصائي تعديل السلوك فى العمل على تعديل سلوك الطفل.
o شكل السلوك
يعني ذلك الشكل الذي يأخذه الفرد أثناء قيامه بالسلوك. مثل شكل الجسم، الحركات والانفعالات المصاحبة للسلوك. فكل سلوك له مجموعة من التعبيرات التى يقوم بها الجسد للتعبير عن هذا السلوك فلو تناقضت هذه الحركات الجسمية مع السلوك نفسه فلابد ان هناك مشكلة لدى الفرد وهنا يمكن لنا أن نتحدث عن مقارنة بين سلوك الرفرفة لدى طفل التوحد وبين الطفل العادى الذى قد يصدر هذا السلوك فى مرحلة عمرية معينة فشكل السلوك عند الطفل وهو الرفرفة التى تكون تعبير عن موقف فالرفرفة هنا تكون متوافقة مع السلوك الكلى للطفل اما فى حالة طفل التوحد تكون غير متوافقة مع السلوك الكلى للطفل
o شدة السلوك
يعتبر السلوك شاذا إذا كانت شدته غير عادية، فالسلوك غير العادي قد يكون سلوكاً قوياً جداً أو ضعيفاً جداً. فعند عقاب طفل بصورة لفظية نتوقع ان السلوك الصادر عنه هو الغضب أو البكاء لفترة محددة ولكن اذا صدر عنه سلوك لامبالاة أو سلوك الضحك فهنا نبحث عن المشكلة التى قد يكون يعانى منها الطفل فقد تكون هناك مشكلة فى الانفعالات لدى الطفل كما فى طفل التوحد
o كمون السلوك
يشير كمون السلوك إلى الفترة الزمنية التي تمر بين المثير وحدوث السلوك (الاستجابة). ونلاحظ بأن بعض الحالات تزيد الفترة الزمنية لديهم حتى يستجيبون للمثير، وهذا الأمر يزيد لدى الأفراد المتاخرين عقلياً بزيادة شدة الإعاقة وبعض اطفال التوحد. فبعض أطفال التوحد والدوان فى الحالات الشديدة وبعض المتاخرين عقليا يتاخر لديهم الانفعال فنجد الطفل عندما يعاقب على فعل معين يقوم بالبكاء بعد فترات طويلة
المعاييرالمساعدة في الحكم على السلوك
هناك بعض المعايير الأخرى المساعدة في الحكم على السلوك منها:
o المعيار الاجتماعي
أحد المعايير المستخدمة للتمييز بين السلوك الشاذ والسلوك السوي هو المعيار المرتبط بالعادات والتقاليد السائدة بالمجتمع. فلكل مجتمع عاداته وتقاليده وقيمه وهذه العادات والقيم تضع الحد بين ما هو مقبول وغير مقبول في ذلك المجتمع من سلوكيات. فعلى سبيل المثال ولزيادة الايضاح اذا وجدت شاب وفتاة يتعانقان فى احدى المدن الامريكية فى الطريق العام فهذا السلوك سلوك مقبول اجتماعيا ولا يعتبر خارج عن العادات والتقاليد والقيم الامريكية ولكن اذا حدث هذا فى احدى شوارع المملكة العربية السعودية فسوف يعتبر ذلك خارج عن المعايير الاجتماعية والدينية وهنا لا بد من محاولة تعديل هذا السلوك
o ارتباط السلوك بالتطور النمائي للفرد
يعني ذلك مدى اتفاقه أو انحرافه عن معدلات النمو الطبيعي ويرتبط ذلك بـ:
1. عمر الفرد الزمني وهو العمر الذى يتم حسابه من تاريخ ميلاد الفرد حتى يوم اجراء الاختبارات
2. عمر الفرد العقلي وهو العمر الذى يتم استخراجه من تطبيق احدى اختبارات الذكاء
3. المشكلات الصحية التي يعاني منها حيث قد توثر المشكلات السلوكية على نمو وارتقاء الفرد
ما هو االسلوك المستهدف ؟ (Target Behaivor)
ويسمى السلوك المراد تغييره في برامج تعديل السلوك بالسلوك المستهدف (Target Behaivor) وقد يكون سلوكاً اجتماعياً أو معرفيا أو فى الخبرات الحياتية أو غير ذلك وقد يكون الهدف تشكيله أو تقويته أو أضعافه وفي برامج تعديل السلوك يتم التركيز على الاستجابة ( Responses) وهي الوحدات السلوكية القابلة للقياس المباشر.
المصدر: مركز الرحمة
نشرت فى 3 فبراير 2011
بواسطة el-rahmapt
تسجيل الدخول
ابحث
عدد زيارات الموقع
2,392,468
مركز الرحمة للعلاج الطبيعى
أ.د/ محمد على الشافعى
استاذ مشارك العلاج الطبيعى للأطفال بكلية العلاج الطبيعى جامعة القاهرة و استشارى العلاج الطبيعى المكثف للأطفال
لمشاهدة قناه الفيديو الخاصة بالمركز