إعجاز القرآن في التركيب الكيميائي للّبن عرف الإنسان اللبن واتخذه غذاء له منذ القدم. إلا أن التركيب الكيميائي الكامل للّبن لم يعرف إلا منذ قرابة مائة سنة فقط. ومع تقدم التقنية الكيميائية أصبح التركيب الكيميائي لأنواع مختلفة من اللبن معروفًا، وأمكن تحديد مكوناته الدقيقة وكمياتها. وقد أصبح من المعروف أيضًا أن تركيز مكونات اللبن يتأثر بعوامل الغذاء والبيئة ونوع الحيوان الحلوب. واللبن قد يكون الطعام الأكثر كمالاً من الناحية الغذائية إذا ما قورن بغيره من الأغذية الطبيعية. وهذه الميزة مهمة لأن اللبن هو الغذاء الوحيد الذي يتناوله الأطفال الرضع خلال الأسابيع الأولى بعد الولادة. واللبن الكامل يحتوي على فيتامينات ومعادن وبروتينات ودهون. وإن أهم عنصرين يفتقر إليهما اللبن بنسبة كبيرة هما الحديد وفيتامين (ج)، واللبن عبارة عن مستحلب من الدهون، وشتاتة غروية من البروتينات، إلى جانب سكر اللبن الذي يوجد في محلول حقيقي. وتوجد هذه المكونات الرئيسة مع مركبات عضوية مختلفة مثل حامض الستريك وبعض المركبات النيتروجينية. وكما تقدم فإن اللون المعتم الذي يمتاز به اللبن يرجع أساسًا لمحتواه من البروتينات وأملاح الكالسيوم(1). وقد أشار القرآن الكريم إلى إنتاج اللبن حيث قال تعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِى الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِمَّا فِى بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ)النحل: 66. ومدلول الآية يمكن أن يتسع ليشمل إنتاج اللبن عند كل الثدييات. وتطلق كلمة (فرث) على ما في الكرش والأمعاء(2)، كما تستعمل بمعنى الأمعاء وخاصة الأجزاء التي تمتص منتجات هضم الطعام. ويتناول هذا البحث ما توصل إليه العلم الحديث من مكتشفات فيما يتصل بمنشأ اللبن الذي يتكون في الغدد الثديية.
الأعضاء التي تنتج اللبن: يعتبر الضرع أو (ثدي الأنثى) من الناحية العلمية غدة كبيرة ذات إفراز خارجي، وهي ساكنة إلى حد كبير، ويتألف الضرع من ثمانية عشر قِسْمًا (فصيصات أو أنظمة) لإنتاج اللبن مدفونة في الدهن والأنسجــة الضامة، وتكثر فيها الأوعية الدموية والقنوات اللمفاوية والأعصاب.
وكل فصيص يتكون من آلاف من الأسناخ الكيسية التي تفرز اللبن والمحاطة بخلايا الظهارة العضلية والتي تصب في القنيات ثم القنوات ثم الجيوب المنتجة للبن التي تنتهي في إحدى مسامات الحلمة لتصب داخل الحلمة في هالة الثدي الشكل (1) أ، ب. وخلافًا للحيوانات الحلوب كالبقر والمعز فإن المرأة ليس لها تجاويف لبنية في نهاية القنوات، ولا يوجد إلا كمية ضئيلة من اللبن في الجيوب المنتجة له، ولذلك فإنه لا بد من حدوث فعل انعكاسي مناسب لإنزال اللبن كي يحصل الطفل الرضيع على كمية كافية منه عند الرضاعة، ويتضمن الشكل (2) رسمًا يوضح الفعل الانعكاسي لإنزال اللبن وتأثير بعض الهرمونات على ذلك. والغدد الثديية هي التي تنتج اللبن، ولكن الكثير من مكوناته يأتي من أنسجة أخرى من الجسم وخاصة الدم والأمعاء، كما تنص على ذلك الآية الكريمة السابقة. التركيب الكيميائي للّبن: يتضمن الجدول (1) موجزًا لتركيب لبن عدد من الحيوانات الثديية، أما الجدول (2) فيتضمن موجزًا للتركيب الكيميائي المفصل لكل من اللبن البشري والبقري. أ ـ الـمـاء: تستخلص الغدد الثديية ماء اللبن كله من الدم(1). والماء بطبيعة الحال هو المادة المذيبة والذي تذوب جميع مكونات اللبن فيه.
|
ساحة النقاش