الصناعة وتحديات التنمية:
تعتبر الأنشطة الصناعية فى مصر من أهم أركان الإقتصاد القومى من حيث المساهمة فى إجمالى الناتج المحلى (حوالي 34%) ويتضمن ذلك مساهمة الصناعات التحويلية (15.4%) والصناعات التعدينية واستخراج البترول (13.2%) وصناعة التشييد والبناء (5.4%)، وذلك طبقاً لإحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. وفي نفس الوقت يعتبر قطاع الصناعة من أكبر القطاعات المستهلكة للطاقة . ومن هنا فإنه ينبغى دعم الصناعة فى مصر لمواجهة التحديات التى تواجهها لتحسين قدرتها التنافسية. ومن أهم هذه التحديات محدودية الموارد من الطاقة والمياه والخامات مع التوقعات بإستمرار إرتفاع أسعارها.
مفهوم التنمية الصناعية الخضراء:
تتجه الدول الصناعية المتقدمة إلى تأمين استدامة التقدم والتطور وأخذ المبادرة من خلال مفهوم التنمية الصناعية الخضراء كأحد مكونات الإقتصاد الأخضر والذى يحقق متطلبات التنمية للأجيال الحالية مع المحافظة على الموارد الطبيعية لصالح الأجيال القادمة. ويعتمد ذلك علي زيادة كفاءة استخدام الموارد من المواد الخام والمياه والطاقة مما يحقق النمو بمعدل يفوق معدلات استهلاك الموارد. ويتفق الإطار العام للتنمية المستدامة في مصر مع هذا الهدف حيث يؤكد علي ضرورة زيادة معدل النمو الصناعى من خلال التوسع فى تكنولوجيات الإنتاج الأنظف والتوافق مع القوانين والتشريعات البيئية وقواعد السلامة والصحة المهنية مع تشجيع الشركات الصناعية علي تحمل مسئوليتها الإجتماعية.
الطريق نحو التنمية الصناعية الخضراء :
إن أهم مؤشرات تحقيق الصناعة الخضراء هو زيادة معدل النمو الصناعى مع تقليل الأثار البيئية لهذا النمو. ويمكن تحقيق ذلك بزيادة كفاءة استخدام الموارد من المواد الخام والمياه والطاقة، أى زيادة الإنتاج دون زيادة مماثلة فى استخدام الموارد مما يحسن إقتصاديات الصناعة ويزيد قدرتها التنافسية خصوصاً مع الإرتفاع المستمر فى أسعار الطاقة والموارد الطبيعية الأخرى. وينطبق ذلك علي الصناعات القائمة والصناعات الجديدة .
وفي هذا الاطار فانه يمكن تحقيق تحقيق التنمية الصناعية الخضراء بالعمل بالتوازي علي المحاور التالية:
1. "تخضير" الصناعات القائمة من خلال تحسين كفاءة وفاعلية استخدام الموارد مما يؤدى إلى زيادة الإنتاجية وتحسين الكفاءة الإقتصادية والقدرة التنافسية.
2. خلق صناعات جديدة "خضراء" والتى تستهدف التوسع في تطبيق التكنولوجيات البيئية مثل المصانع التى تعمل فى إنتاج وحدات الإستفادة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والكتلة الحيوية، وذلك بالإضافة إلى الخدمات البيئية مثل الإستشارات فى مجال ترشيد الطاقة وتحسين نظم التعامل مع المواد الكيميائية.
ولعل الموقع الفريد الذى تتمتع به مصر من حيث توافر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مع توافر المخلفات الزراعية والمنزلية يفتح مجالاً جديداً واعداً للإستثمار في مجال التنمية الصناعية وخلق فرص العمل الخضراء لتحقيق التنمية الاقتصادية التى تحقق متطلبات الحاضر ولا تستنزف الموارد المحدودة التى هى من حق الأجيال القادمة.