النقابة العربية للصحافة والااعة والتليفزيون والاعلام الاليكترونى

اعلام واحد يجمعنا

البحر أمامكم والبطالة خلفكم
  بقلم / ابراهيم البسيونى

 رغم تكرار حوادث الغرق الجماعية في أعماق البحر المتوسط فوق قوارب الموت القديمة المتهالكة التي تبحر إلي المجهول في جنح الظلام. إلا أن رحلات الموت لا تتوقف.. رغم سقوط الآلاف من الشباب في قبضة سلطات الدول المختلفة قبل ترحيلهم إلينا وفي أيديهم القيود الحديدية. إلا أن عمليات الهجرة غير الشرعية مستمرة. يكاد لا يمر يوم واحد إلا ويصل إلي مطار القاهرة العشرات بل المئات من الشباب عقب القبض عليهم أثناء محاولتهم دخول بعض البلدان الأوروبية بطرق غير شرعية.. يكاد لا يمر شهر إلا ونفاجأ بحادث مروع يتعرض له فوج من الشباب الحالم بالسفر إلي شاطئ الثراء علي الجانب الآخر من البحر المتوسط وتعود إلينا جثثهم بعد أن يغرق مركبهم وتضيع أموالهم وتتلاشي أحلامهم.


شهر أكتوبر الحالي شهد العديد من حوادث الهجرة غير الشرعية منها علي سبيل المثال لا الحصر.. غرق 13 شخصا وإنقاذ 116 من بينهم 74 فلسطينيا و40 سوريا و4 مصريين قبل أن تلتهمهم الأسماك بعد غرق مركبهم بالسواحل الغربية بالإسكندرية أثناء محاولتهم السفر إلي إيطاليا.. ويوم الأحد الماضي أنقذت البحرية الإيطالية 254 مهاجرا سوريا ومصريا من بينهم 94 قاصرا كانوا علي متن زورق يحمل أكثر من طاقته قبالة سواحل صقلية بعد رحلة قادمة من مصر.. وفي نفس اليوم تمكنت وحدات من القوات البحرية للقوات المسلحة من إنقاذ 31 مصريا من الغرق بعد شحوط أحد اليخوت بالقرب من جزيرة الجفتون بالبحر الأحمر.
ظاهرة الهجرة غير الشرعية جريمة خطيرة لا يجب أن تمر دون توجيه انتقاد إلي السياسات الحكومية الخاطئة في التعامل مع مشكلة البطالة ومواجهة عصابات تهريب المهاجرين.. كما لا يجب أن تمر دون انتقاد سياسة الاتحاد الأوروبي التي تعتمد علي الحلول الأمنية فقط لمواجهة تفاقم الظاهرة. أسباب الظاهرة معروفة وهي: زيادة أعداد الخريجين عاما بعد عام وقلة فرص العمل مما يؤدي إلي زيادة نسبة البطالة الأمر الذي يؤدي إلي قبول الشباب أدني الأعمال في الخارج نظرا لوجودهم بطرق غير شرعية في ظل الأمل المفقود لهم داخل بلادهم.. وهناك أسباب أخري منها: استمرار الحكومة في سياسة الاعتماد علي القطاع الخاص فقط لتوفير فرص عمل جديدة مما يؤدي إلي تفاقم مشكلة البطالة التي تدفع الشباب إلي الانتحار الجماعي في أعماق البحر.. كما أن تراجع معدلات النمو الاقتصادي بسبب الخصخصة وانسحاب الدولة من المشروعات الإنتاجية وضعف القطاع العام وبالتالي اللجوء إلي الخاص وعدم قدرته علي استيعاب العاطلين بتوفير فرص عمل لهم من الأسباب المهمة لتفاقم مشكلة البطالة والهجرة غير الشرعية. ويمكن القول: إنه رغم المؤتمرات والندوات التي تعقد بين الحين والآخر لتوعية الشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية.. ورغم الجهود التي تبذلها وزارة القوي العاملة والهجرة بتوقيع العديد من الاتفاقيات مع بعض الدول الأوروبية وخاصة إيطاليا لتدريب الشباب وإلحاقهم بسوق العمل في تلك الدول بطرق شرعية. إلا أن ذلك لا يكفي للقضاء علي هذه الظاهرة الخطيرة المرعبة.. الأمر يتطلب تحركا سريعا وعاجلا لمواجهة المشكلة لإنقاذ شبابنا من الموت والتعرض لمهانة الاعتقال والترحيل.. الأمر يتطلب مواجهة عصابات تهريب البشر واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم.. الأمر يتطلب توعية حقيقية للشباب.. بمخاطر الهجرة غير الشرعية عن طريق عقد اللقاءات والندوات والمؤتمرات مع الشباب بالقري والنجوع وليس في المكاتب المغلقة. المصيبة أن حكومتنا الموقرة لا تتحرك كعادتها إلا عقب وقوع الكارثة فنسمع ونقرأ تصريحات وردية وعبارات رنانة.. المصيبة الكبري أن التحرك لا يستمر طويلا وسرعان ما تدفن تلك التصريحات الوردية والعبارات الرنانة مع جثث القتلي.
مشكلة البطالة تحولت إلي قنبلة موقوتة تهدد المجتمع بانتشار الانحراف الاجتماعي وارتفاع معدلات الجريمة.. مشكلة البطالة تؤدي إلي انتحار المئات من الشباب سنويا.
المصيبة أن البطالة في مصر هي بطالة متعلمة لأن الغالبية العظمي منهم من خريجي الجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة.. فبعد إلغاء تعيين الخريجين منذ عام 84 تركت الحكومة هؤلاء الشباب نهبا للبطالة لعدم قدرتها علي طرح حلول حقيقية وجذرية للمشكلة المتفاقمة وهذا يعني إهدار طاقات وموارد استثمارية دون أن ينتج عنها عائد.
الكارثة أن حكومتنا تلجأ دائما إلي تسطيح أو تهميش القضية فعندما تأتي المنظمات الدولية ببيانات وإحصائيات عن ارتفاع نسبة البطالة يتم تكذيبها ويقدم لنا رئيس الحكومة أرقاما وإحصائيات مختلفة بالطبع تكون أقل بكثير وعندما يغرق فوج من الشباب في أعماق البحر يتحدثون عن أخطاء الشباب في الهجرة غير الشرعية وينسون أو يتناسون الأسباب التي دفعتهم إلي ذلك وعندما ينتحر شاب لفشله في الحصول علي فرصة عمل يتهمونه بالمرض النفسي.
ظاهرة الهجرة غير الشرعية خطيرة.وأكبر من أن ندفن رءوسنا في الرمال أو أن نتبع منهج جحا في الحياة طالما أن المسألة لم تصل إلي بيته.. الأمر خطير ويحتاج إلي تحركات سريعة وجادة لإنقاذ شبابنا خاصة بعد أن أصبح شعارهم
"البحر أمامنا والبطالة خلفنا".

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 107 مشاهدة
نشرت فى 28 أكتوبر 2013 بواسطة ebrahime

ابحث

عدد زيارات الموقع

255,289

بــيـــان هــــــام

تعلن جريدة الجمهورية عن فتح باب تلقى السير الذاتية لكبار الكتاب نظرا  لحاجة الجريدة بفرع الدلتا - عن التعاقد مع 10 من كاتبى مقال الراى من كل المجالات ولكن تحت بند هموم ومشاكل الناس والجريمة نظرا لتخصص الموقع الالكترونى فى هموم الناس وقضاياهم من خلال الخدمة التى نقدمها لكل اهل الدلتا 
الشروط الواجب توافرها 
1- ان يكون من المؤهلات العليا 
2- ان يكون سبق لة الكتابة كعمود للراى فى اكثر من جريدة خبرة 3سنوات على الاقل ترفق شهادة الخبرة 
3- العمرلايقل عن 35 عاما 
4- الحصول على كراسة الشروط 
5- شهادة حسن سير وسلوك 
6- 6 صور شخصية 4×6 
7- صورة الرقم القومى

8- صحيفة الحالة الجنائية مقدمة خصيصا الى الجريدة 
مع رجاء  الجريدة بالتوفيق للجميع 
للتواصل (01012882211) من الساعة 11صباحا حتى 8مساءا