جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
|
|
القاهرة -سحر فؤاد أحمد
|
الفئات الرئيسية للموضوع |
|
|
في كل يوم تتكرر النداءات إلى كل أم وتتعالى الصيحات في مختلف بلدان العالم -عبر وسائل الإعلام- بضرورة العودة إلى الرضاعة الطبيعية.فهل تراجعت نسبة الأمهات اللاتي يرضعن أطفالهن صناعيا؟الإجابة بالنفي، ففي كل يوم تنضم آلاف الأمهات إلى قائمة الرضاعة الصناعية ويستجبن لإغراءات شركات تصنيع أغذية الرضع التي تضرب عرض الحائط بكل التحذيرات وتتبع أساليب ملتوية في ترويج منتجاتها. الهيئات والمنظمات العالمية المهتمة بالطفولة لم تستسلم في تلك الحرب التي تدور على ساحة الأطفال الرضع. تعالوا نطالع مشاهد إحدى معارك هذه الحرب.نساء مأجورات!في عام قام مهندس الكيمياء هنري نستلة- في فرانكفورت بألمانيا بتركيب خليط من الدقيق وحليب البقر المجفف من أجل تغذية الأطفال الرضع. وقد تنبأ نستلة بأن يكون لهذا الإنتاج مستقبل كبير حيث ذكر أن هذا المسحوق قد ركب في ظروف علمية صحيحة ويتضمن نوعا من الغذاء المحتوي على كل ما يرغب فيه الإنسان.غير أنه لم يتصور أن يتحول عمله إلى شيء ضار بالأطفال أو أنه سيأتي يوم يكتب فيه دعاة حماية الأطفال -بعد مائة عام من اكتشافه- وثيقة عنوانها نستلة يقتل الرضع!!وكيف لا، وقد أخذت أوروبا الشمالية تمتلئ بالمصانع فور اكتشافه، وبدأت نسبة العمالة النسائية تزداد بعد أن أتيحت لهن الفرصة للاستغناء عن إرضاع أطفالهن من أثدائهن وأوكلن أمر مواليدهن الجدد إلى نساء مأجورات!!وشيئا فشيئا زادت نسبة الشركات الدولية الكبرى المنتجة لغذاء الرضع والتي تحتل شركة نستلة مكانا متميزا بينها حيث تعد من أكبر الشركات في العالم برقم مبيعات يتجاوز ميزانية سويسرا ذاتها، أما نفقاتها على الدعاية فتتجاوز ميزانية منظمة الصحة العالمية.ادعاء الأفضلية!غير أن مجموعة المنظمات المراقبة للرضاعة الطبيعية- والتي تضم منظمة من بينها الجمعية الطبية البريطانية والمكاتب الأوروبية لمنظمة الصحة العالمية واليونسيف وغيرها، قد كشفت عن الممارسات التجارية اللاأخلاقية للشركات الدولية الكبرى المنتجة لغذاء الأطفال والتي تنتهك القانون الدولي للتجارة في بدائل حليب الأم حيث أوضحت هذه المنظمات أن تلك الشركات تستهدف النساء اللاتي يرفضن التخلي عن الرضاعة الطبيعية في المستشفيات ومصحات التوليد ورعاية الأمومة، لاسيما في بلدان العالم الثالث وتعمل على إغرائهن وإقناعهن بأفضلية الأغذية الصناعية من خلال ممرضات مأجورات وتزويدهن بعد الوضع بمسحوق الحليب ورضاعات ومصاصات مجانا. ومن ناحية أخرى تحرص هذه الشركات على إغداق المنح المالية والهدايا على موظفي المستشفيات، وكذلك توزيع معدات وأجهزة مجانية على مؤسسات الرعاية الصحية وأقسام التوليد التي تفتقر إلى تلك الأجهزة والمعدات. وقد حققت هذه الممارسات التجارية نجاحا ملحوظا وانتشارا في مختلف أنحاء العالم.ففي العالم الثالث انخفضت نسبة النساء اللاتي يرضعن أطفالهن طبيعيا إلى ، أما على المستوى العالمي فقد وصلت هذه النسبة إلى الثلث وقد تعددت ردود الفعل إزاء الممارسات التجارية للشركات المنتجة لغذاء الأطفال.ففي عام نشر المناضلون من أجل الطفل كتيبا بعنوان نستلة تقتل الأطفال كلف مؤلفيه الإحالة إلى القضاء بتهمة التشهير وجنت شركة نستلة بعض المكاسب من هذه القضية رغم تعرضها للانتقاد. لكن الجمعيات المدافعة عن الأطفال لم تلق السلاح بل قامت بالتعاون مع الشبكة الدولية لغذاء الأطفال بإعلان مقاطعة نستلة وهو إجراء قوى النشاط في أمريكا الشمالية وكان من اللازم القيام بمزيد من الجهد ووضع مدونة سلوك تهدف إلى إدخال الاعتبارات الأخلاقية في صناعة الحليب. وقد تم بالفعل وضع هذه المدونة من قبل منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونسيف والمنظمات الحكومية النشطة وكذلك صناعة الحليب نفسها التي استشيرت عند صياغة المدونة، وعلى الرغم من معارضة الشركات الأمريكية المصنعة لحليب الأطفال لهذه المدونة في عام إلا أنها لقيت قبولا من الوفود العالمية الحاضرة لمؤتمر الجمعية العالمية للصحة في العام نفسه والذي وضع القانون الدولي للمتاجرة ببدائل حليب الأم.ذلك القانون الذي يمنع الإعلان عن مسحوق الحليب، الظاهر منه والخفي ولاسيما في مؤسسات العلاج، كما يمنع كل توزيع مجاني لهذا المسحوق ويحث على الحديث بانتظام عن أفضلية حليب الأم عن جميع أنواع الحليب المبيع في الأسواق، ويطالب القانون جميع البلدان الأعضاء في منظمة الصحة العالمية بإدخال المبادئ الأساسية التي يحتويها القانون في تشريعاتها الخاصة.استهداف النساءوفي عام أعلنت الكنيسة الإنجليزية أنها أعادت النظر في ملف مسحوق الحليب ومن أجل ذلك قامت بتشكيل مجموعة المنظمات المراقبة للرضاعة الطبيعية بهدف التأكد من تطبيق القانون من خلال القيام ببحث معمق حول الرضاعة الطبيعية. وقد تم بالفعل إجراء البحث عام في أربعة بلدان هي جنوب إفريقيا وبنجلاديش وبولونيا وتايلاند، وشمل () أم شابة في كل بلد منها، كما شمل عاملا صحيا في أربعين مؤسسة. وخرج البحث بنتيجة مفادها أن شركة تجارية منها نستلة انتهكت مدونة السلوك الخاصة بمسحوق الحليب فجميعها واصلت مسيرتها السابقة في نشر الدعاية السلبية عن الرضاعة الطبيعية بين الأمهات الوالدات حديثا من خلال إرسال مندوبيها إلى مصحات التوليد وتوزيع الهدايا وعينات من المسحوق وزجاجات الرضاعة وكتيبات بطريقة الاستخدام. وباختصار أشار البحث إلى أن النظام الصحي في المستشفيات ما زالا هدفا مختارا للاستراتيجية التجارية لشركات تصنيع مسحوق الحليب ولاسيما في تايلاند وبنجلاديش، وهما البلدان الأشد فقرا في عينة البحث واللذان تعاني مصحات الأمومة فيهما نقصا في الأجهزة والمعدات ويتلقى الموظفون فيها رواتب زهيدة، أما في بولونيا وجنوب إفريقيا فإن الاستراتيجية مختلفة إذ إن النساء هناك مستهدفات سواء كن داخل مؤسسات العلاج أو خارجها.فوائد الرضاعة الطبيعيةوإزاء هذه النتائج وضعت كل من منظمة اليونسيف ومنظمة الصحة العالمية برامج تطالب المستشفيات بضرورة اتخاذ موقف ثابت لفائدة الرضاعة الطبيعية، وقد حددت المنظمتان عشرة شروط لتحقيق ذلك منها:البدء فور حدوث الولادة بإرضاع المولود من ثدي أمه والإقلاع عن إعطاء المولود المصاصة أو الرضاعة، ومنع وجود الممرضات المزيفات المأجورات من قبل الشركات، وغير ذلك. وقد أعلنت المؤسسات التي طبقت هذه الشروط مستشفيات صديقة للأطفال، ومنذ ذلك الوقت دخلت آلاف من مصحات الأمومة ضمن هذه المؤسسات غير أنه استكمالا لهذه الخطوة كان يجب على دعاة الرضاعة الطبيعية توضيح مخاطر الرضاعة الصناعية، فهي من جهة تتسبب في هجمات متعددة الجوانب للميكروبات والفيروسات والطفيليات بسبب تلوث الماء أو الرضاعة غير المعقمة في غياب وسائل الحفظ الصحي. ومن جهة ثانية قد يؤدي الأمر إلى توسع سوء التغذية بسبب زيادة كمية الماء الممزوج به مسحوق الحليب. ومن هنا جاء تقرير اليونسيف من أنه يموت حاليا حوالي المليون ونصف المليون طفل كل سنة بسبب الآثار المباشرة لتغذية المواليد صناعيا، ويصاب معظم هؤلاء الأطفال بالجفاف، إضافة لأمراض تنفسية يمكن أن تقل خطورتها من خلال الرضاعة الطبيعية، حيث يحتوي حليب الأم على أجسام مضادة تحمي الرضيع من بعض أنواع العدوى. ومما يجدر ذكره أن أول حليب تفرزه الأم بعد ساعات أو أيام قليلة من الوضع يتمتع بخواص قوية مضادة للعدوى، كما أن حليب الأم يحتوي على مجمل المواد المغذية التي يحتاج إليها الرضيع، فضلا عن دور الرضاعة الطبيعية في نسج الروابط العاطفية الخاصة بين الأم ووليدها الجديد.وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن دعاة الرضاعة الطبيعية لا يشككون في أهمية مسحوق الحليب كمادة غذائية أثناء فترة الرضاعة ولكن بشروط محددة جدا منها على سبيل المثال عدم قدرة المولود الفيزيائية على تناول حليب أمه (وهي حالة نادرة الوقوع) ومنها أثناء الحروب حيث يحرم المواليد من أمهاتهم
|
المصدر: مجلة الأسرة
معاً...نحو مستقبل أفضل في تعليم وتعلم الرياضيات
ساحة النقاش