موقع مزيف احذر الدخول فيه

موقع مزيف احذر الدخول

إنفجرت الألوان في سماء المدينة، كانت المرة الأولى التي تحتفل فيها منذ أن جالت الهمر في شوارعها أول مرة قبل نحو عشرة اعوام.
ساعة كاملة، والانفجارات المسالمة تبدد هدوء ما قبل حظر التجوال، تترجم صفحة النهر إنفلاقاتها الخضر والبيض والحمر والزرق، والناس مندهشون، ويفتشون عن سر هذا الفرح المفاجئ.
هل هو يوم الاستقلال الوطني، ولكن من أي احتلال، الأمريكي، البريطاني، العثماني، الصفوي. لكن لا أحد يحتفظ في ذاكرته بتواريخ الاستقلال من الاحتلالات القريبة او البعيدة، الحكومات المتعاقبة المحلية أو المركزية تتجاهل الأمر، والمواطنون لا يكترثون، حتى المحتلون أنفسهم، أسقطوا من ذاكراتهم الوطنية تورايخ غزو بلادنا، او ربما لم يعترفوا بعد بإنتهاء الاحتلال.
كنا عالقين داخل مركباتنا في الجهة الاخرى من النهر، لأننا خالفنا تعليمات نقطة التفتيش في مدخل الحي، ولم نصل في الوقت غير المعلن لحظر التجوال، فأخذنا نقتل الوقت بالبحث عن سر بهجة ضفة المدينة اليمنى، الإذاعات المحلية كانت منشغلة في ذلك الوقت بتلقي إجابات بشان أسئلة عن الاسماء التي تبدءا بحرف الواو، أو بأشهر الاكلات الشعبية في العهد الملكي، أو عرض أغنية لأم كلثوم، او حوار غير مفهوم لطرفين مجهولين.
وفي اتصالات هاتفية أجراها البعض منا، وجدنا ان وسائل الاعلام المحلية المرئية في تلك الأثناء، كانت وكما هو الحال دوما، منقسمة بين ملمع لصورة المسؤولين، وأخرى مشوهة، وأشرطة اخبارها نائمة منذ الصباح، ولم يفكر أي منا بسؤال عناصر الأمن المتحلقين حول إطار يحترق، لأننا كنا على ثقة تامة من عدم حصولنا على أجابة، ولا حتى بإيماءة.
فسرحنا بخيالاتنا، وأخذنا نشطب على الاعياد والمناسبات الدينية والوطنية واحدة بعد الاخرى، فلم يكن عيد المعلم، او الجيش والشرطة، أو العمال، أو الأم، أو الربيع، أو رأس السنة، أو المولد، أو عاشوراء، او الفطر أو الأضحى، ولا الشجرة، ولم يكن شهر نيسان الحزين، ولا تموز، ولا افتتاح مشروع أو معرض او انطلاق مهرجان، ولا نصراً رياضياً لناد أو منتخب.
كنت الاكثر تمددا في الخيال، وظننت انه الاعلان ربما عن الإقليم، صفق البعض عندما أفصحت عن ظني، وآخرون سألوني فورا إن كانت الانبار وديالى وصلاح الدين معنا !!.
انطفأت السماء، دون ان نعرف سبباً لاشتعالها بالضوء، وتوقفت حواراتنا الخائبة بشانها، كنا ننتظر ان تغفر نقطة التفتيش خطأنا التوقيتي الفادح لحظة أن هز تفجير مدو المكان بأسره، تبعته نوبة اطلاق نار جنونية، طرزت السماء أشرطتها الحمر، كنا خائفين، ومتكورين في مقاعدنا، لكننا في الاقل كنا نعرف سبباً لخوفنا، بعد ان عجزنا قبلها عن معرفة سبب لفرحتنا.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 65 مشاهدة
نشرت فى 30 إبريل 2016 بواسطة dsdsdsfffssff