موقع مزيف احذر الدخول فيه

موقع مزيف احذر الدخول

authentication required

 

أبي يُشبهُني كثيراً؛ 
لا يحلمُ أبداً وإنّما يَرى
وكثيرا ما يُفَسِّرُ هُو بنفسِه
رُؤاهُ الخضراء والحمراء والبيضاء
هكذا عَرفْتُهُ وعَرَفْتُكَ أيضاً
أيّها العابدُ السّاجدُ المدثَّرُ بإزار الألم 
والمُتبرقعُ بخرقة الدَّمْعِ والأنينِ
*
أبي يُشْبهُني كثيراً؛
لا يكتبُ شِعْراً أبداً
وإنّما يَرْوي ما يَرَى
فيحسبهُ النّاس كلاماً 
مِنْ نسج الذّاكرةِ والخيالِ
لذا، حينما اقتربَ مَوْعدُ ميلادي
رأى بعيْنِ قلبهِ 
شمسا عظيمةً تشْرقُ مِنْ أسيف 
قالَ عنْها النّاسُ إنَّهَا مُجرّدُ قصيدةٍ 
مِنْ قصائدهِ الجديدة
*
أبي يُشبهُني كثيراً؛
لهُ قلبٌ أبيض وأنا فيهِ
شمسٌ لا تتحدَّثُ إلاّ معَ العذارى
ولا تروِي لأحدٍ سواكَ
أيها الناسكُ الأخضَر
حكايات تلكَ الحُقول 
التي تتسَرْبَلُ بالعِشقِ 
كُلّمَا أزْهَرَ الرَّبيعُ 
فوقَ ضفافِ الشّعبة الأحْمر
*

أبي يُشبهُني كثيراً؛
فهُو مِزهريّةٌ منَ الزّمُرُّد الخالص
تزيّنُ مائدةَ الحرفِ
وتملأُ صباحَ الفُؤاد بأريج المسكِ الدِّمشقيّ
والعنبر اليَمَنيّ والبخُور النَّجَفيّ،
مزهريّةٌ فيها باقة كبيرةٌ مِنْ أزهار الأذريون؛ 
الأذريونِ الذهبيّ الأحمَر
والأذريونِ النّاريّ الأصفر
والأذريون الزئبقيّ الأزرق
وكل زهرةٍ في هذه الباقةِ هي صلاةٌ
لا تلهجُ إلا بالتّسْعةِ والتسعين اِسْماً
وباِسْمِ الهُو الذي لا أحدَ يعرفُهُ سواكَ
أنتَ أيها النَّجْمُ الزّمزميّ
يا صاحبَ الخاتم بينَ الكتِفيْن
والغيمةِ التي هطلتْ على الكون
رحمةً للعالمين.

*
(من ديواني: 99 قصيدة عنكَ، دار الفرات للثقافة والإعلام، العراق، 2015.)

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 30 مشاهدة