<!-- /* Font Definitions */ @font-face {font-family:"Simplified Arabic"; panose-1:2 1 0 0 0 0 0 0 0 0; mso-font-charset:178; mso-generic-font-family:auto; mso-font-pitch:variable; mso-font-signature:8193 0 0 0 64 0;} /* Style Definitions */ p.MsoNormal, li.MsoNormal, div.MsoNormal {mso-style-parent:""; margin:0cm; margin-bottom:.0001pt; text-align:right; mso-pagination:widow-orphan; direction:rtl; unicode-bidi:embed; font-size:12.0pt; mso-bidi-font-size:14.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-bidi-font-family:"Simplified Arabic"; mso-bidi-language:AR-SA;} p.MsoFooter, li.MsoFooter, div.MsoFooter {margin:0cm; margin-bottom:.0001pt; text-align:right; mso-pagination:widow-orphan; tab-stops:center 207.65pt right 415.3pt; direction:rtl; unicode-bidi:embed; font-size:12.0pt; mso-bidi-font-size:14.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-bidi-font-family:"Simplified Arabic"; mso-bidi-language:AR-SA;} span.MsoEndnoteReference {mso-style-noshow:yes; vertical-align:super;} p.MsoEndnoteText, li.MsoEndnoteText, div.MsoEndnoteText {mso-style-noshow:yes; margin:0cm; margin-bottom:.0001pt; text-align:right; mso-pagination:widow-orphan; direction:rtl; unicode-bidi:embed; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-bidi-font-family:"Simplified Arabic"; mso-bidi-language:AR-SA;} @page Section1 {size:595.3pt 841.9pt; margin:72.0pt 90.0pt 72.0pt 90.0pt; mso-header-margin:35.4pt; mso-footer-margin:35.4pt; mso-paper-source:0; mso-gutter-direction:rtl;} div.Section1 {page:Section1; mso-footnote-numbering-restart:each-page; mso-endnote-numbering-style:arabic;} -->

حقوق الإنسان بين العالمية والنسبية الثقافية

إعداد

د. صابر أحمد عبدالباقي

كلية الآداب، جامعة المنيا

تعد قضية حقوق الإنسان من أهم القضايا المطروحة حالياً على الساحة السياسية، و التي احتلت الصدارة والاهتمام العالمي والمحلي. فعلى الصعيد العالمي وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ظهرت الحاجة للسلم العالمي وضرورة خلق توازن دولي، إضافة إلى سعي عدد من الشعوب لتحقيق استقلالها وبناء الدولة الوطنية، فظهرت هيئات ومنظمات المجتمع الدولي المعنية بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، والتي انبثقت عنها العديد من الإعلانات والاتفاقيات الدولية في شتى مجالات الحقوق الإنسانية، والتي كان من أهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948.

وقد لوحظ في السنوات الأخيرة محاولات متعددة من قبل منظمات دولية وغيرها لتوسيع  إطار حقوق الإنسان؛ فبالإضافة إلى الحق في الكلام وحرية التعبير، والمساواة أمام القانون، حاولت هذه المنظمات التأكيد على الحق في العمل والحق في التعليم، والحق في التمتع بالثقافة الخاصة التي قد ينتمي إليها بعض المواطنين

ورغم تداول وسائل الإعلام لحقوق الإنسان لايزال الناس يجهلون معناها. فقد أوضح استطلاع للرأي في الولايات المتحدة أن 93% من الأمريكيين لا يعرفون محتوى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فإذا كان الحال هكذا في بلد كالولايات المتحدة فما بالكم ببلداننا.

وحقوق الإنسان هي الحقوق التي يمتلكها الإنسان ببساطة لأنه إنسان، ومن ثم يتم التمسك بها "عالمياً" بواسطة كل البشر. كما أنه يتم اعتبارها "عالمية" أيضاً في مواجهة كل الأفراد وكل المؤسسات، وباعتبارها الحقوق الأخلاقية السامية .. كما أنها مقبولة عالمياً –على الأقل لفظياً أو كمعايير مثلى. وعادة ما تعلن الدول قبولها بهذه الحقوق، وتمثل الاتهامات بانتهاك حقوق الإنسان تهمة قوية على صعيد العلاقات الدولية.

وقد أضحى مفهوم حقوق الإنسان Human Rights من المفاهيم شائعة الاستخدام في الأدبيات السياسية الحديثة وفي الخطاب السياسي المعاصر بشكل عام. وبالرغم من أن بعض الكتابات الغربية تحاول تأكيد "عالمية" مفهوم حقوق الإنسان، فإن دراسات أخرى، خاصة في إطار علم الأنثروبولوجيا، تؤكد على نسبية المفهوم وحدوده الثقافية مؤكدة أهمية النظر في رؤية حضارات أخرى للإنسان وحقوقه انطلاقًا من الفلسفة التي تسود الدراسات الأنثروبولوجية الحديثة، وهي التأكد على التباين والتعددية في الثقافات والخصوصيات الحضارية لكل منطقة.

إن نسبية الثقافة حقيقة لا يمكن دحضها؛ فالقواعد الأخلاقية والمؤسسات الاجتماعية تقيم الدليل الواضح والمدهش على التنوع الثقافي والتاريخي. ولكن إذا كانت حقوق الإنسان هي حقوق لكل البشر، أي أنها عالمية، فكيف يمكن التوفيق بين دعاوى النسبية الثقافية وعالمية حقوق الإنسان؟

تمثل حقوق الإنسان مجموعة متميزة من الممارسات الاجتماعية، مرتبطة بأفكار معينة عن الكرامة الإنسانية، التي نبعت في البداية في الغرب المعاصر استجابةً للتغييرات الاجتماعية والسياسية التي أنتجتها الدول الحديثة واقتصاديات السوق الرأسمالية الحديثة. وقد افتقدت أغلب الثقافات والتقاليد السياسية غير الغربية، كما كان الحال في الغرب القديم، ليس فقط تقاليد حقوق الإنسان، وإنما الفكرة نفسها

ويشبه البعض حقوق الإنسان بأحزمة الأمان في السيارات، ويرى أن افتقاد المجتمعات التقليدية لأحزمة الأمان، يرجع إلى أن ليس لديها سيارات! أما لماذا لم توجد حقوق الإنسان في المجتمعات التقليدية الغربية وغير الغربية؟ فالرد ببساطة أنه، قبل نشؤ اقتصاديات السوق الرأسمالي والدولة الحديثة، لم توجد المشاكل التي تحاول حقوق الإنسان معالجتها، أو الانتهاكات التي تحاول منعها، أو أنها لم تفهم – بشكل واسع – على أنها مشاكل اجتماعية مركزية. فقد دمر اقتصاد السوق القائم على النقود، المبني إلى حد كبير على حقوق الملكية الخاصة غير المحدودة، الأسس الاجتماعية للمجتمعات التقليدية تدريجياً، وخلق أفراداً منفصلين ومتمايزين، بدلاً من الأشخاص الذين يتم تعريفهم من خلال وضعهم في الهرم الاجتماعي، والذين أصبحوا حاملي هذه الحقوق. وقد خلقت الأسواق الحديثة مجموعة جديدة من التهديدات الموجهة ضد الكرامة الإنسانية، ولهذا كانت أحد المصادر الأساسية للحاجة إلى حقوق الإنسان والمطالبة بها. وفي ذات الوقت، خلقت الدولة الحديثة، كفاعل اجتماعي وأداة للبورجوازية الجديدة الصاعدة، مؤسسات وممارسات جديدة، جعلتها قادرة على غزو حياة أعداد متزايدة من البشر وتهديد كرامتهم من خلال وسائل جديدة. وبكلمات أخرى، ليس فقط أن السيارات تسير في طرق غربية، وإنما تفلت من السيطرة وتتسبب في تحطيم المجتمع. وكرد فعل لذلك، بدأ الغربيون في اختراع والمطالبة، ليس فقط بأحزمة أمان، وإنما بقوانين مرور جديدة. فقد انبثقت أحزمة الأمان – أي حقوق الإنسان – في البداية في الغرب لأن السيارات وجدت في الغرب أولاً، ولكن بمجرد أن أصبحت السيارات تسير في طرقات الأجزاء الأخرى من العالم، فإنها جلبت معها الحاجة لأحزمة الأمان، وباقي الأشياء الأخرى.

وإذا كانت الحقوق الشخصية المنصوص عليها في المواد 3-11، والتي تعترف بالحق في الحياة والحرية والأمان الشخصي، وكفالة الشخصية القانونية، والحماية من الرق والاعتقال والحبس أو النفي التعسفي، والحماية من المعاملة غير الإنسانية أو المهينة - تتمتع بالقبول العالمي، إلا أن هناك مجموعة أخرى من الحقوق تخضع للنسبية الثقافية. فمثلا، يعكس حق الموافقة الحرة والكاملة للزوجين الراغبين في الزواج تفسيراً ثقافياً محدداً للزواج، له أصل حديث نسبياً، وهو ليس بأي حال من الأحوال عالمياً اليوم حتى في الغرب. وعلى المستوى الاجتماعي ترى الكتابات الغربية في تحريم الإسلام زواج المسلمة من غير المسلم تقييداً لحق المرأة وإهدارًا لحقوق الإنسان وتمييزًا على أساس العقيدة وحرمانًا للمرأة من حرية اختيار شريكها، في حين تراه الرؤية الإسلامية حفاظًا على الشكل الإسلامي للأسرة وحماية لعقيدة الأطفال وصونًا للمرأة المسلمة من أن يكون صاحب القوامة عليها غير مسلم، وهكذا.

 كما أن الحق في الملكية الفردية لوسائل الإنتاج لا يتوافق مع بعض المجتمعات التي تمتلك فيها العائلات حقوق استعمال فقط للأراضي المملوكة مشاعاً، فالسماح للأفراد بالانفصال وتملك أراضيهم بالكامل سوف يدمر النظام التقليدي.

إن حقوق الإنسان هي أفضل أداة سياسية اخترعتها عبقرية الإنسان لحماية الكرامة الفردية ضد التهديدات النمطية للمجتمع الحديث. ومع هذا فإن النظرة إلى مفهوم حقوق الإنسان لا ينبغي أن تكون مجردة، بل يجب أن تتم في إطار الثقافة السائدة في المجتمع؛ لأنها تتحكم في نوع السلوك والتطبيق العملي له. وقد يكون من الضروري السماح بتباين ثقافي محدود في الشكل والتفسير لبعض حقوق الإنسان، إلا أنه يجب علينا الإصرار على طابعها الأخلاقي العالمي الأساسي.

 

مراجع الدراسة :

 

السيد يسين، الديموقراطية وحوار الثقافات : تحليل للأزمة وتفكيك للخطاب، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2007 ص 32.

http://www.hrea.org/lists2/display.php?language_id=1&id=4556

 جاك دونللي، حقوق الإنسان العالمية بين النظرية والتطبيق، ترجمة مبارك على عثمان، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2006. ص 11.

http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1184649214692&pagename=Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout

 جاك دونللي، مرجع سابق، ص 76.

المرجع السابق، ص 82.

http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1184649214692&pagename=Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout

  • Currently 58/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
19 تصويتات / 758 مشاهدة
نشرت فى 6 ديسمبر 2008 بواسطة drsaber

ساحة النقاش

د. صابر أحمد عبد الباقي دكروري

drsaber
مدرس علم الاجتماع كلية الآداب جامعة المنيا »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

400,670