نظرية التفكير في التفكير 31 - 31.                               ( الكوتشنج والمهن المساعدة )                           البروفيسور الدكتور علي مهران هشام

ما هو الكوتشنج ؟
هل التدريب هو الكوتشنج ؟ وماهي المهن المساعدة ؟
لتعميم الفائدة
وللإجابة على هذه التساؤلات ...يلزم أن نتحدث قليلا عن المهن المساعدة (Helping Professions)، وهي مهن تقوم على مساعدة الآخرين ولا يدرك الكثير من ممارسيها ماهي ولا يميز الكثير من مرتاديها بينها.

لفد ذهب البعض إلى أن المهن المساعدة أربع مهن بينها وبين الكوتشينج تشابه، ولكني من خلال البحث والمتابعة ونري أن المهن المساعدة ( خمس ) مهن رئيسة وتأتي الكوتشنج كإضافة لتلك المهن الجليلة ، وكانت مهنة التعليم هي أول المهن المساعدة للإنسان، حيث لم ترد سابقاً في المهن المساعدة ..

ولكن ما تعريف المهن المساعدة ؟؟
المهن المساعدة : هي المهن التي تقوم على مساعدة الآخرين بشكل ما، وهي خمس مهن غير الكوتشنج ويحصل أحياناً التباس بينها وبين الكوتشينج وهي :
( التعليم ، التدريب، العلاج، الاستشارة، والإرشاد ).

ولأن مصطلح ( الكوتشنج ) مصطلح متعارف عليه فسوف أورده لكي لا يختلف المعنى ولكني أأكد أن الكوتشنج عندي هو ( التوجيه الشخصي الفعّال ).

المهنة الأولى: التعليم :
التعليم هو من المهن المساعدة للإنسان ويقوم المعلم بدور توصيل المعلومة للمتعلم ( التلميذ )، وعلى المتعلم أن يكمل بقية مشوار التعلم حسب ما أملا عليه المعلم وله العديد من الطرق والأماكن أما الكوتشينج فلا يعتمد على التعليم فله طريقة أخرى، وليس التعليم مجال حديثنا هنا.

المهنة الثانية: التدريب
التدريب هو عملية “تنمية مهارة”، ويتم على شكل برامج تدريبية ( دورات )،
فهناك تدريب مهني وهو التدريب على المهام الوظيفية أو الفنية، وهناك تدريب فني وتدريب إدار ، وتدريب رياضي .... الخ ، ويهدف التدريب في الغالب إلى تطوير مهارة معينة ويجب أن يركز عليها المدرب، حيث يقوم المدرب بمساعدة المتدرب على تنمية تلك المهارة من خلال التطبيق والممارسة العملية وغير ذلك من الوسائل التدريبية المعروفة، وهذا أحد الفروق بين التدريب والكوتشنج .. ولن نخوض في ذلك هنا كثيراً ...

المهنة الثالثة :
العلاج (Therapy/Counseling)
العلاج هو عملية تركز على المشكلة بغرض حلها، ومن ذلك أن يتعرف المعالج على المشكلة التي يعاني منها الشخص من خلال الأعراض وتشيخصها، ويهدف للوصول إلى حل يعود بالشخص إلى حالته العادية ويستخدم تلك الطريقة ممارسي علم النفس ومن اليهم ، أما الكوتشينج فلا يُركز على المشكلة، وهذا أحد الفروق بينه وبين العلاج النفسي.

المهنة الرابعة : الاستشارة (Consulting)
يقوم الاستشاري بمساعدة الآخرين من خلال خبرته في مجال معين. فالاستشاري الطبي لديه خبرات يقدمها في الطب وبمجالات طبية دقيقة ، والاستشاري الهندسي كذلك، والاستشاري المالي لديه خبرات يساعد الآخرين بها في المجال المالي .. الخ ، ويعتمد الاستشاري على الخبرات المتراكمة في مجال أو موضوع ما. أما الكوتشينج فلا يعتمد على الخبرة في المجال، بل ولا حتى المعرفة السابقة به، وذلك ما سوف نوضحه لاحقاً

المهنة الخامسة : الإرشاد (Mentoring)
يعتمد الإرشاد في الغالب على الأقدمية في مكان أو منظومة ما، وتكون العلاقة بين المرشد (Mentor) والمسترشد (Protégé) علاقة المعلم بالتلميذ، أو الأستاذ بالتابع، فالمرشد يوجه وينصح المسترشد بالطريق الذي عليه أن يسلكه لكي يتقدم في وظيفته أو عمله أو حياته، وغير ذلك. فالإرشاد يعتمد على الخبرة أيضاً ولكن الفرق بينه وبين الاستشارة أن الخبرة هنا والنصيحة تتعلق بالشخص السائل، في حين إن خبرة ونصيحة الاستشاري تتعلق بمهمة أو موضوع معين، وذلك أيضاً ليس هو الكوتشينج، لأن ( الكوتش ) لا يُخبر العميل بما يجب أن يفعل.

فإذا لم يكن الكوتشينج شيئاً من هذا ولم يكن هذا هو ما يفعله ( الكوتش )، فما هو الكوتشينج؟ وما الذي يفعله ( الكوتش )؟

والآن نأتي للمهنة التي بها تحقق الكثير من الانجاز لدى الكثير من الناس وفي مجالات كثير ( تجارية ، رياضية ، صحية ، أسرية ، شخصية ، اجتماعية ... الخ ،،، )
إنه ليس سحراً ولا فيه من المبالغات ولكنها التجارب والمعطيات ..

المهنة السادسة : الكوتشينج
( الكوتشينج ) برز هذا المسمى حديثاً وقد وردت له تعريفات عديدة معظمها يدور حول نفس المضمون.

وقد التبس مفهوم ( الكوتشنج ) لعدم وجود ترجمة عربية واضحة، ولعل هذا من أسباب حصول التباس في مفهومه مع المهن المساعدة الأخرى.
ولكننا نجتهد لنصل للمفهوم العربي والأصل الحقيقي له، وكان الإدراك أن ( الكوتشنج ) هو ( التوجيه الشخصي الفعّال ) وهي ليست ترجمة حرفية ، بل أتى هذا المسمى بعد دراسات وجلسات في ( التوجيه الشخصي ) غيرت الكثير من المفاهيم والأعمال والسلوك لدى المستفيدين ( تجربة شخصية قمت بممارستها )
و لنا في رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أسوة حسنة ( الحديث )،،،

( عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: إن فتى شابًّا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا! فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه! فقال: ((ادنه))، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: ((أتحبه لأمك؟))، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناس يحبونه لأمهاتهم))، قال: ((أفتحبه لابنتك؟))، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناس يحبونه لبناتهم))، قال: ((أفتحبه لأختك))، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناس يحبونه لأخواتهم))، قال: ((أفتحبه لعمتك؟))، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناس يحبونه لعمَّاتهم))، قال: ((أفتحبه لخالتك))، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناس يحبونه لخالاتهم))، قال: فوضع يده عليه، وقال: ((اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصِّن فَرْجَه))، فلم يكن بعد - ذلك الفتى - يلتفت إلى شيء؛ رواه أحمد بإسناد صحيح ).
من هذا الحديث يتضح لنا أن رسولنا الكريم كان موجهاً شخصياً وفعالا أيضاً .

إذا : الكوتشينج يكون عملية نقاش أو حوار بين المستفيد و ( الكوتش ) ( الموجه الشخصي )، لكنه ليس مجرد دردشة، بل هو حوار من نوع خاص جداً، ففي حوار الكوتشينج لا يقوم ( الكوتش ) ( الموجه الشخصي ) بتعليم أو بإعطاء نصائح، أو بتطبيق خبراته، ولا يعالج “الأمراض”، ولا يُركز على المشكلات.
( الكوتشينج ) عملية تركز لتسهيل الوصول إلى الهدف من خلال توجيه الأسئلة وإعطاء التغذية الراجعة (feedback) بطريقة خاصة جداً تغوص في قلب الهدف، ويتم الوصول إلى قلب الهدف من خلال إجابات المستفيد نفسه دون التدخل بمعلومات أو اقتراحات من الكوتش.
الكوتشينج يركز على الهدف وليس المشكلة. وهذا فرق أساسي بينه وبين العلاج. فالعلاج يركز على التغيير الإصلاحي (remedial change) وهو الذي يهدف إلى الانتقال من المنطقة السلبية إلى المنطقة المتعادلة، أما الكوتشينج فيركز على التغيير الارتقائي (generative change) والذي يهدف إلى الانتقال من المنطقة المتعادلة إلى الارتقاء في المنطقة الإيجابية، حيث تجري عملية تحقيق الذات ويكتشف المرء قدراته والخيارات المتاحة أمامه وتظهر أمامه الموارد التي يحتاج إليها للوصول إلى أهدافه.
كيف يتم ذلك ؟؟ ....
هذا ما سيتدرب عليه ممارسي الكوتشنج في المرحلة الأولى من برنامج ( الكوتشنج ).
الشكر والتقدير للدكتور أحمد البدري ابن اليمن العزيز والسعيد.

والله المستعان ،،،