( عالـم البيئــة )
البيئـة والمجتمـع
بقلم :
د/علـى مهـران هشــام
------------------------------------
يشيـر مفهـوم البيئـة بمعناه العام إلى أنها المحيط أو الوسط الذي يحيط بالإنسان، فهي المكان أو الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته ويمارس فيه الحياة والعلاقات والتفاعلات المختلفة سواء مع أقرانه من البشر أو الكائنات الأخرى , والبيئة بهذا المفهوم تشمل البيئة الطبيعية Ecology والبيئة البشرية الحضارية Human Environment . وبإيجاز يبحث علم البيئة في الأفراد والجماعات والمجتمعات والأنظمة البيئية وحتى في الكرة الأرضية.
لقد تدرجت علاقة الإنسان ومجتمعه بالبيئة منذ ظهور الإنسان على سطح الأرض في مراحل تاريخية متفاوتة , أوضحت آثار التفاعل بين الإنسان وبيئته، كان آخرها تعاظم تأثير الإنسان في مرحلة التقدم التكنولوجي وما ينتج عنها من مشكلات أصبحت تهدد مصير البشر والحياة كلها ، إذ وصلت بعض هذه المشكلات البيئية إلى درجة الخطورة على كوكب الأرض، ومن هذه المخاطر التلوث بأشكاله المتباينة، واستنزاف موارد البيئة الطبيعية، وبرز غول التصحر , تلك العملية التي تتحول فيها الأراضي الصالحة للزراعة أو الرعى إلى أراضي قاحلة أو شبه قاحلة بفعل الإنسان عادة أو بفعل بعض العوامل البيئية، وكذلك المشكلات الناجمة عن الانفجار السكاني في العالم واختلال منظومة التوازن الطبيعي.
لقد شهدت البيئة تدهور مخيفاً خلال العقود الثلاثة الأخيرة، ولا يزال التدهور البيئي العالمي مستمراً بشكل يومي ومتواصل، ففي كل يوم جديد يزداد الهواء تلوثا بالأبخرة والدخان وبالغازات السامة الضارة والخانقة، كما يزداد تلوث الماء في البحار والمحيطات والأنهار بحيث أن 50% من إجمالى أنهار العالم هي الآن أنهار ملوثة، وفي كل يوم أيضاً يزداد حجم الازدحام والضوضاء في المدن المزدحمة أصلاً، كما يتعرض حوالي 20 نوعاً من أنواع الكائنات النباتية والحيوانية للانقراض والإبادة الكلية.
<!--
إن الزيادة السكانية والنمو الاقتصادي والثورة التكنولوجية الحديثة قادت إلى فرض المزيد من الضغوط على الموارد الطبيعية والبيئية، وأصبحت إدارة كل من التغير الديموجرافي والاقتصادي لحماية مصالح الأجيال المقبلة قضية على جانب كبير من الأهمية، ويماثل هذه التغيرات من حيث الأهمية المقدرة المتزايدة للناس على تشكيل حياتهم وتأكيد حقوقهم ورفاهية معيشتهم.
، لقد كانت للجهود العالمية ( مؤتمرات وبروتوكولات ومعاهدات وبرامج وقوانين دولية ومشاريع ومنح ودراسات وأبحاث ) التي بذلت فى اتجاه صيانة البيئة والمحافظة عليها وتنميتها خلال السنوات الأخيرة أيضا , من الأمور التي أبرزت أهمية البيئة من ناحية واستجابة لما تعانيه تلك البيئة من أزمات من ناحية أخرى, ولكن مع أهمية الاهتمام المباشر ببيئة الإنسان ومحيطه المجتمعى والجوانب المختلفة التشريعية، والعلمية والتكنولوجيا التي نتجت عن هذا الاهتمام .. فإن هناك جانباً لا يقل عن هذه الجوانب أهمية إن لم يكن الأساس، ونعني به الاهتمام بتنشئة الإنسان الذي سوف يضطلع بمهمة الصيانة والمحافظة على البيئة وحسن تثقيفه وتربيته وتوعيته وإعداده للقيام بدوره بدرجة أكثر فاعلية . فقد تبين أن الأضرار التي يلحقها الإنسان بالبيئة التي يعيش فيها إنما تنجم عن افتقار الناس أو معظمهم – على الأقل – إلى وجود نسق متماسك من القيم Values المتعلقة بطريقة معاملة الإنسان للبيئة والاهتمام بها والحد من المغالاة في الجهود والتقنيات المبذولة للتحكم في الطبيعة وإلحاق الضرر بها.
على كل حال, فإن أهم الأسباب التي أدت إلى تفاقم المشكلات البيئية في العالم نوجزها فيما يلي:
أ- الزيادة الهائلة والمستمرة في عدد سكان العالم، وخصوصاً في الدول النامية بالرغم من عدم كفاية المصادر المتاحة لهم.
ب - استنزاف مصادر الثروة الطبيعية من قبل الدول الصناعية منذ بداية الاستعمار وحتى الآن.
ج- التقدم الصناعي وإنتاج مواد عديدة وغريبة عن البيئة ولا تتحلل بسهولة، وتراكم العديد من هذه المواد في السلاسل الغذائية.
د - إتباع أساليب الزراعة المكثفة أو الزراعة الرأسية في مختلف مناطق العالم وبالتالي التوسع في استعمال بعض الأسمدة الكيميائية والمبيدات الملوثة .
هـ - قلة أوعدم تكيف الأساليب والتقنيات الحديثة لمعالجة المخلفات الناتجة عن نشاطات الإنسان المعقدة ( نفايات فضائية – نفايات تكنولوجية وحربية – نفايات إشعاعية – ثم النفايات التقليدية ) .
<!--
وخلاصة القول , فمن الخطأ أن ننظر إلى مشكلات البيئة على أنها مشكلة فيزيقية بحته أو أستاتيكية ساكنة، بحيث نغفل الزمن والأبعاد الاجتماعية والإنسانية، ذلك لأن الإنسان والمجتمع هما محور المشكلة والحل , ويمثلان أحد العوامل أو العناصر الأساسية نحو منظومة بيئية آمنة ومتوازنة وجميلة أيضا.
<!--
والله المستعـان,,,,
http://kenanaonline.com/drmahran2020
ساحة النقاش