<!--<!--<!--

( عـالـم البيئـــة )

 

اليــوم  العالمي  للتسـامـح

بقـلـم :

د/علـى   مهـــران  هشـام

 

 

يحتفل العالم في السادس عشر من شهر نوفمبر في كل عام  باليوم العالمي للتسامح (Tolerance)  .  تنظم العديد من الحكومات ومنظمات المجتمع المدني  في معظم دول العالم فعاليات ثقافية واجتماعية وفنية وبيئية وإعلامية حيث  تنظيم التظاهرات الايجابية واللقاءات الأخوية التي تدعو إلى التسامح بين بني البشر والتعاون والاتفاق على المشترك وترك المختلف عليه بعيدا عن أي حوار أو مناظرة أو غيرها من أجل تعزيز قيم الفضيلة والمحبة والصداقة والأمن والسلام والأخلاق النبيلة .  هذه  الفعاليات  إضافة إلى الأنشطة  الأدبية والرياضية ومعارض الصور والتراث المجتمعي , وكلها  تجسد في مضمونها المعاني والدلالات لثقافة التسامح في المجتمعات وأهميتها في تعميق روح الولاء والتآخي والتسامح بين أفراد المجتمع بكافة ألوانهم وألسنتهم وعقائدهم وانتماءاتهم الأيدلوجية والسياسية والفكرية والدينية .

عموما, في عام 1996 دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة  الدول الأعضاء ,  إلى الاحتفال باليوم الدولي للتسامح في 16 نوفمبر ، من خلال القيام بأنشطة ملائمة توجه نحو كل من المؤسسات التعليمية وعامة الجمهور (القرار رقم  51/95، في 12  ديسمبر). وجاء هذا الإجراء في أعقاب إعلان الجمعية العامة في عام 1993 بأن يكون عام 1995 سنة الأمم المتحدة للتسامح. وأعلنت هذه السنة بناء على مبادرة من المؤتمر العام لليونسكو في نوفمبر 1995، حيث اعتمدت الدول الأعضاء إعلان المبادئ المتعلقة بالتسامح و خطة عمل متابعة سنة الأمم المتحدة للتسامح.

 كلمات الأمين العام للأمم المتحدة في الاحتفالات السابقة باليوم العالمي للتسامح ركزت على معاني إنسانية سامية مثل أن التنوع كان دائما وأبدا سمة مميزة لحال الإنسان، وإن لم يتقبله بعض البشر , ومازالت روح التعصب  ضد ”الغير“ مصدرا لمشاكل هائلة من المعاناة الإنسانية في كل يوم.

وهذا ما جعل من مكافحة التعصب بكافة أشكاله ركنا أساسيا من أركان عمل الأمم المتحدة على مدار أكثر من 60 عاما. إن الحاجة إلى التسامح اليوم أشد مما كانت عليه في أي وقت سابق في تاريخ الأمم المتحدة,  ففي عالم تحكمه العولمة  وتحتدم به المنافسة الاقتصادية ويتنقل سكانه بين ربوعه وتنكمش على أرضه المسافات وتذوب فيه الحدود ،  حيث أن  الضغوط الناشئة من معايشة الإنسان  لأناس يخالفونه في الثقافة والمعتقد أصبح  حقيقة واقعة مؤداها  احتدام كراهية الآخر وإزكاء مشاعر التطرف والعدوانية  في شتى أرجاء الأرض , مما يشكل خطورة على استمرارية  تعمير الكون  ويهدد الأمن والسلم الدولي .
إن بناء ثقافة يسودها التسامح والمحبة والسلام  بين جميع شعوب الدنيا هي  مسئولية  دولية مشتركة . هذه  الثقافة لازمة  ولا مفر منها , من أجل التوسع  في توفير الحماية القانونية والانسانية وفتح أبواب المعلوماتية والتعليم، كما أن  المبادرات الفردية يجب أن تلعب أيضا دورا في هذا الشأن. التسامح لايعني الاكتفاء فقط  بقبول ما نراه سمات خاصة للشعوب الأخرى دون أن نحرك ساكنا,  إنه يستوجب من كل منا أن يجتهد  في السعي للتعرف أكثر على أحوال الآخر، وفهم منابع الاختلافات القائمة بيننا واكتشاف أفضل الجوانب في معتقدات وتقاليد كل منا، وأن ندرك جميعا ونوقن أن ما يجمع بيننا كبشر أقوى وأكبر بكثير مما يفرقنا.

   إن نشر روحالتسامح  والاعتدال ونبذ العنف والغلو   والعنصرية والفردية الضيقة  والطائفية والكراهية البغيضة  بين أبناء المجتمع الواحد يمثل ضرورة ملحة في هذه المناسبة العالمية .  إضافة إلى   أن , إعادة الألفة والجماعية وإشاعة  البسمة والسعادة والتسامح بين البشر  في هذا العالم المضطرب والذي يفتقر في الكثير من دوله  إلى العدالة والحرية و المليء أيضا  بوسائل            وأدوات الشر والتناحر والاقتتال والحروب الفتاكة والملوثة للبيئة سواء في الشكل أو المضمون , والتى من  أسبابها  المصالح  المادية أو  المنافع  الزائلة  الهالكة

( فيا شعوب ودول العالم ,  لماذا التهالك على الهالك ؟!! ) .

إن التسامح يعني الاحترام وأدب الحوار والقبول  والتقدير للتنوع الثري

للمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد بين البشر.

التسامح أيضا   واجب سياسي وقانوني وأخلاقي وبيئي ويعزز  السلام والتنمية المستدامة والعدالة والحرية والديموقراطية بين الأفراد والقطاعات والدول كما أن ممارسة التسامح تتوافق مع احترام  حقوق الإنسان.

إن التسامح أمر جوهري في العالم الحديث أكثر منه في أي وقت مضى، فهذا العصر يتميز بعولمة الاقتصاد والبيئة وبالسرعة المتزايدة في الحركة والتنقل والاتصال، والتكامل والتكافل، وحركات الهجرة وانتقال السكان علي نطاق واسع، والتوسع الحضري، وتغيير الأنماط الاجتماعية فى العمل والمعيشة,  ولما كان التنوع ماثلا في كل بقعة من بقاع العالم، فإن تصاعد حدة عدم التسامح والنزاع بات خطرا يهدد ضمنا كل منطقة، ولا يقتصر هذا الخطر علي بلد بعينه بل يشمل العالم بأسره.
كما أن التسامح ضروري بين الأفراد وعلي صعيد الأسرة والمجتمع المحلي، وأن جهود تعزيز التسامح وتكوين المواقف القائمة علي الانفتاح وإصغاء البعض للبعض والتضامن , ينبغي أن تبذل في المدارس والجامعات والنوادي والمساجد والكنائس وعن طريق التعليم غير النظامي وفي المنزل وفي مواقع العمل,  وبإمكان وسائل الإعلام والاتصال أن تضطلع بدور ايجابى وبناء في تيسير التحاور والنقاش بصورة حرة ومفتوحة،  إن نشر قيم التسامح وإبراز مخاطر الفرقة  واللامبالاة  تجاه ظهور الجماعات والأيديولوجيات غير المتسامحة كما يؤكدها  إعلان اليونسكو بشأن العنصرية والتحيز الفئوي، يجب أن تتخذ التدابير الكفيلة بضمان المساواة  في الكرامة والحقوق للأفراد والجماعات حيثما يقتضى الأمر ذلك. إن الاهتمام  بالفئات المستضعفة التي تعاني من الحرمان  والظلم الاجتماعي أو الاقتصادي وتدنى مستوى المعيشة الكريمة  , يلزم أن يمثل أولوية جوهرية لدى المجتمع الدولي .

على كل حال,  تعيش الأمة المصرية في هذه الأيام والأسابيع القادمة  ( انتخابات مجلسي الشعب والشورى ) حالة من الحراك الديموقراطى والحوار بين مجموعة من التجمعات والأحزاب والحركات الشبابية الثورية  أو المنظمات الحكومية وغير الحكومية   والتي تحمل أفكارا وقيما ثقافية ودينية واجتماعية واقتصادية وبيئية متوافقة أو متفاوتة ومتنوعة والتي كانت من نتائج  ثورة 25 يناير السلمية العادلة   .

إن تعظيم قيم الوسطية والاعتدال وعدم الغلو أو التطرف واحترام الآخر ونبذ العنف والفردية أو حب الذات   أو العدوانية وظلم الآخر, كل ذلك يدعونا كأفراد أو جماعات ودول أن نحتفل باليوم العالمي للتسامح بتبنيه ونشره وتفعيله سلوكا وعملا وقيمة.

إن التسامح لا يعنى أبدا  ,  المداهنة  أو النفاق أو الصفح عن الفساد والفاسدين المخالفين للتشريعات والقوانين    أو اللصوص والمرتشين   أو القتلة  والإرهابيين  أو الظالمين الحاقدين المتكبرين  , آكلي لحوم  وحقوق الفقراء واليتامى والمساكين  والمستضعفين  ؟!! , فالتسامح صفة للنبلاء والحكماء العادلين الطيبين الطاهرين الذين يدعون إلى الخير والحكمة والعدل والأمن والسلام   وتعمير الكون .

 وصدق الله العظيم : " فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف " ( سورة قريش الآية 3 , 4 )  

والله  المستعــان ,,,,

http://kenanaonline.com/drmahran2020

 

 

 

 

 

المصدر: * مجلة العلم - باب عالم البيئة للدكتور على مهران - عدد شهر نوفمبر 2011 - العدد 421 - القاهرة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 329 مشاهدة
نشرت فى 3 نوفمبر 2011 بواسطة drmahran2020

ساحة النقاش

د/على مهـران هشـام

drmahran2020
......بسم الله..... لمحة موجزة (C.V) 2021 البروفيسور الدكتور المهندس الشريف علي مهران هشام . Prof. Dr. Eng. Ali Mahran Hesham ## الدكتوراه من جامعة هوكايدو.. اليابان ** حاصل علي الدكتوراه الفخرية... ألمانيا. 2012 ** حاصل علي الدكتوراه الفخرية - جامعة خاتم المرسلين العالمية - ، بريطانيا، فبراير 2021 ** »

ابحث

عدد زيارات الموقع

650,738