الهوية المعمارية .. وجماليات العمران الكويتى

 

 لقاء للدكتور / على مهران هشام

جريدة السياسة الكويتية

-------------------------------------------

حاوره- عايد العرفج:
لدينا في الوطن العربي علماء كبار وخبراء متميزون في كل المجالات العلمية, ولكن الاستفادة منهم تكون بنسبة قليلة وبالمقابل تستفيد منهم دول الغرب وشرق اسيا, وتنهل من خبراتهم العملية وتستفيد من افكارهم الابداعية وتحولها الى مشاريع عالمية تطور بها بلدانها وتحصل على دخول مالية عالية.
وفي هذا اللقاء حاورت »السياسة« العالم العالمي والخبير العربي في الهندسة المعمارية البيئية واستاذ التخطيط البيئي والعمراني في جامعة هوكايدو اليابانية, ومدير تحرير مجلة الابداع العالمية باليابان لدول الشرق الاوسط الدكتور المهندس علي مهران وهو اول مصري وعربي يتسلم الجائزة العالمية للابداع البيئي من اليابان التي تمنح للعملاء البارزين في مجال البيئة والعمران ممن يكون لابحاثهم النظرية وتطبيقاتهم العملية في مجال البيئة وربطها بمسار وحركة العمران من أجل احياء ورفع الحس البيئي والجماليات البصرية على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي.
وأكد د. مهران ان الهندسة العمرانية البيئية تراعي الظروف المناخية والبيئية والاجتماعية للمنشأة وتعتمد على تحويل المنشأة العمرانية تعبر إلى هوية وعمل مستخدم العقار, لان الاحتياجات تختلف بين المهن المختلفة.
واشار د. مهران إلى احد ابتكاراته العلمية وهي العمارة الخضراء وتعني العمارة النقية الصافية التي يتم بها مزج ثلاثة ألوان وهي لون السماء الازرق ولون الشجر الاخضر واللون الطبيعي للبيئة المحيطة وهو اللون الاصفر بالنسبة لرمال الكويت الصحراوية, منتقداً في الوقت نفسه السلبيات الكثيرة للعمارة الكويتية الحديثة والتي لا تناسب البيئة الكويتية, حيث ان الحداثة ليست استقدام مواد البناء من الخارج, ولكن الاهم من ذلك هو الحصول على الاحتياجات الضرورية التي يحتاجها البلد والبناية وذلك لان البيئة الكويتية لها وضعها الخاص وتحتاج الى مواد جيدة وليس مواد غالية فقط. ووجه د.م مهران اللوم الشديد الى الاجهزة الحكومية عامة وجهاز البلدية خصوصاً التي اتجهت الى استقدام الخريجين الجدد لرخص رواتبهم 500 دينار والابتعاد عن استقدام الخبراء المتمكنين واصحاب الخبرات العريقة ولهذا السبب تأخرت الكويت كثيراً وتعطلت عندها مشاريع التنمية العمرانية بالذات واصبحت في اخر الركب الخليجي, ونصح د. مهران ملاك المنازل بالابتعاد عن مقاولي الرصيف والبقالات الهندسية والاتجاه الى شركات المقاولات المصنفة والمكاتب الهندسية الكبيرة.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
نود ان تشرح لنا عن معنى مسمى الهندسة العمرانية البيئية والفرق بينها وبين الهندسة المدنية?
الهندسة المدنية تعتني بالاساسات والتسليح وحمولة السقف من الحديد والاسمنت وطريقة عمل المخططات الانشائية والهندسية واختبارات الاساسات والتربة, اما العمارة البيئية فهي عمارة تراعي الظروف المناخية والبيئية والاجتماعية للمنشأة, وهي تعتمد على تحويل المنشأة العمرانية الى خدمة تعبر عن هوية وعمل الساكن, فالطبيب تختلف طلباته عن المهندس واستاذ الجامعة تختلف احتياجاته عن المحامي ... الخ, وهذه تصنيفات تختلف فيما بينها مثل الاختلافات الكبيرة في الدهانات المستخدمة في الألوان والأنواع والسيراميك وما إلى ذلك.
نود ان نتعرف على احد ابتكاراتك العلمية وهي العمارة الخضراء?
العمارة الخضراء هي احد ابتكاراتي التي قدمتها في تعيينات القرن الماضي, وهناك فرق كبير بين العمارة الخضراء والعمارة الصديقة للبيئة, فالعمارة الخضراء هي العمارة النقية الصافية التي تلامس ثلاثة ألوان, هي لون السماء الازرق ولون الشجر الاخضر واللون الطبيعي للبيئة المحيطة وهي اللون الاصفر للرمال الصحراوية الكويتية ويختلف اللون الثالث باختلاف لون الارض مثل الارض الصحراوية او الارض الطينية.
هذا من ناحية الشكل اما المضمون فلابد أن يتم أخذ كل العناصر البيئية صاحبة الثلاثة ألوان السماء, النبات والارض ومزجها في بناء العمارة وقد رأيت هذا النموذج في الكويت في مباني كثيرة من ضمنها مبنى منظمة الاقطار العربية المصدرة للنفط »الاوبك« والموجود في شارع المطار ومطبق به كل عناصر العمارة الخضراء, فوجود النافورات والاحواض والاعشاب وغيرها توحي ببعض الرموز العمرانية مثل تقسيم السلملك والحرملك والمشربيات.
ما سلبيات وايجابيات البيئة العمرانية الكويتية?
لابد ان نعرف القارى ان هناك فرقاً بين المناخ والبيئة, فالمناخ يشمل درجة الحرارة وسقوط المطر وحالة والطقس والرطوبة والرياح, اما البيئة فهي توافق حيوي بين كل الرموز والادوات المحيطة بنا فالبيئة العمرانية في الكويت قديما تكيفت مع البيئة المحيطة, فكما نرى في البيوت القديمة الفراغات والمناور تطل على الداخل, بمعنى ان الفراغ داخلي وحوله المحددات العمرانية مثل غرف النوم وغرف المعيشة ولوازمها واشجار النخيل الذي له استخدامات متعددة وهو ملطف للفراغ الداخلي.
وهذا الطابع العام كان يتكيف مع البيئة ومع الطابع الاجتماعي للاسرة الكويتية لانها تتميز بالتمسك بالدين والمحافظة على العادات والتقاليد والخصوصية.
اذا ما الفرق بين البيئة العمرانية القديمة والبيئة العمرانية الحديثة?
البناء العمراني الحديث لا يراعي الطابع العام والبيئة التراثية, وهناك ايضاً من السلبيات في البناء الحديث والذي رأيته أكثر من مرة عند بناء الابراج العالية في العاصمة »الكويت« والتي ازدادت في الاونة الاخيرة وتعتمد اعتماداً كبيراً على التلبيس الزجاجي للواجهات الامامية والذي اعتبره خطأ كبيراً لانه لا يتكيف مع المناخ الحار لدولة الكويت ولكنه فقط يدل على الحداثة والمظهر البراق.
اما اذا تحدثنا عن المبنى العمراني الحديث في الكويت كوحدة عمرانية منفصلة نجد انها مبان عمرانية جيدة ولكن الطابع العام يفتقد للهوية العمرانية الكويتية.
العقار هو ملك صاحبه, وهذا الكلام يعتبره البعض تدخلاً في املاكه عندما يجبر على بنائه بطريقة واحدة?
العمارة الكويتية العامة هي ملك البلد والمجتمع والعيون التي تنظر لها, اما الطابع الداخلي فهو ملك للمالك يقسمه كيفما يشاء ومن الضروري ان تكون القوانين الصادرة من البلدية ملزمة للملاك بتحديد الطابع الخارجي للعمارة سواء من حيث الالوان او الفتحات او الشبابيك او مواصفات او ارتفاعات بطابع يحافظ على الهوية المعمارية الكويتية.
وعليه ايضاً ان يحافظ على الجماليات العمرانية لعمل التوازن المطلوب, لانه لا يليق ان تنشأ منشأة جديدة بارتفاع 30 دوراً وبجانبها مبنى يتكون من 4 ادوار لان هذا يعمل على اخفاء خط السماء sky line والنقطة الاخرى المهمة هي انه لابد ان نسأل عن الحاجة التي دعت الى بناء هذا المبنى في هذا الوقت ومن هذا المنطلق أود ان أوكد أن اهم مبدأ في الهندسة العمرانية هو الوظيفة ثم الجمال والذي يتمثل في ان يكون المبنى في خدمة الانسان وليس العكس كما هو حاصل في بعض المبانى, لذلك فالمناخ الكويتي الحار وكثير الاتربة ودرجة الحرارة المرتفعة في اغلب فصول السنة تحتاج الى فراغات وعناصر تلطيفية مثل اضافة شجرة النخيل التي لا تحتاج الى مياه كثيرة, وايضاً لابد من تنسيق المواقع land skip وهذا دور يقوم به المجتمع ككل وفق ضوابط وارشادات من الجهات الحكومية بعيداً عن العمل الفردي كما حصل في تركيب ارصفة لعمارات متجاورة بألوان مختلفة, فهذا تشوية بصري لا يليق بالعمارة الكويتية وهناك طابع عام للارضيات والابواب وغيرها طبقا لمعايير عامة محلية.
وانا معجب جداً بمنزل موجود في جنوب السرة ملك لاحد المواطنين الذي بناه بتنسيق عمراني جيد ومحافظ على الهوية الكويتية التراثية بطابع عصري, واتمنى ان يراه الجميع ويتمتعوا بجمال المنزل.
ما الاخطاء الشائعة في تشطيبات العمارات الاستثمارية بالذات?
ملاك العمارات الاستثمارية يسيرون على مبدأ ان اغلب المستأجرين هم من المقيمين, وبالتالي يعتمد الملاك على التشطيبات الرديئة ذات الكلفة الرخيصة فتمديد الكهرباء وتركيب السيراميك وصبغ الابواب والحوائط وتعليق الديكورات كلها من الانواع رديئة الجودة علماً بأنه من المفترض ان يدفع التاجر لكي يجمل بنايته, فالبلد بلد الكويتيين وليست بلد الاجانب, ويجب على التاجر ان يبني بنايته على اساس العوامل الثابتة وهي بقاء الكويتيين.
وما العناصر الجيدة للتشطيبات الداخلية والخارجية للمباني?
كثير جداً من العناصر الانشائية التي تدخل في بناء العمارة الكويتية هي عناصر مستوردة وبها نوع من التقليد ولا تحاكي البيئة الكويتية, فالسيراميك عنصر له اضراره مثل تسببه في زيادة البرودة في فصل الشتاء وثانيا الانزلاقات المتكررة التي تحصل لسكان الشقة بسبب السير عليه, والبديل المناسب هو تركيب البلاط المربع مثل الكاشي او تركيب الارضيات الخشبية »الباركيه« التي تتميز بالبرودة صيفاً والدفء شتاء, والمنازل الكويتية القديمة تستخدم مثل هذه المواد الخشبية في الاسقف والارضيات وليست الحداثة ان آتي بمواد بناء من الخارج لسبب وحيد هو انني غني, والأهم هو الحصول على الاحتياجات الضرورية التي تحتاجها بلدي وبنايتي.
وهناك ملاحظة يجب ان اذكرها وهي وجود تشققات متعددة في حوائط المنازل والشقق في الكويت والسبب الرطوبة العالية في مناخ الكويت وايضاً بسبب عدم استخدام مواد عازلة جيدة, وايضاً بسبب عدم خلط الاسمنت المستخدم في المساح بمواد متوازنة.
في وقت من الاوقات كنت مستشاراً في وزارة الاسكان التي ما زالت تعاني من الازمة الاسكانية فلماذا لم تقدم حلولاً واقعية لهذه الازمة?
لان بعض المسؤولين الحكوميين لا يستمعون الى المستشارين وحتى لو استمعوا اليهم فان مصير آرائهم الادراج وبالتالي علينا ان نؤكد ان الدولة ممثلة بوزارة الاسكان والمؤسسة العامة للرعاية السكنية ان استمرت في اسلوب العمل الحالي فانهم لن يصلوا الى شيء لان الازمة الاسكانية تزداد تعقيداً وتسببت في نشر الاكتئاب والاحباط لدى الشباب الكويتي.
وأرى ان الحل يكمن في التعاون التام بين القطاعين الحكومي والخاص, والدولة عليها ان توفر الاراضي لتكون فقط مخصصة للرعاية السكنية ويتم منح كل شركة استثمارية وعقارية مجموعة كبيرة من قطع الاراضي لكي تبني عليها منازل للكويتيين بمواصفات محددة مسبقاً ومتفق عليها, وتتم ايضاً مراقبتها من الحكومة للشركات الخاصة لتنفيذ مراحل المشروع, وان لا تكون هذه الرقابة تعسفية من المسؤولين على هذا القطاع.
اذا من يتحمل الاخطاء الشائعة في العمارة الكويتية المواطن ام المهندس المعماري ام البلدية?
المسؤولية مشتركة ويتحملها الجميع والذين لابد ان يتكاتفوا لاظهار المعمار الكويتي بالمظهر الجميل, ولكن يقع الجزء الاكبر من المسؤولية على البلدية التي اتجهت الى استقدام المهندس »النص كم« والرخيص في السعر وانا في هذه المقابلة اطالب الجهات الحكومية الرجوع للسياسة القديمة المتبعة في السبعينات من القرن الماضي في استقدام الخبراء المتمكنين من عملهم حتى لو استلموا رواتب تصل الى 2000 دينار لان هذا افضل من جلب خريجين جدد يفتقرون الى الخبرات المطلوبة العلمية والفنية وليس لديهم القدرة على اتخاذ القرار الصحيح.
ولكن من حق الدولة تجيير المناصب لمواطنيها فلماذا الاعتراض?
فعلاً هذا حق للدولة, ولكن يجب وضع الرجل المناسب في المكان المناسب, فأنا كخبير عالمي ودكتور ومهندس للهندسة العمرانية البيئية لن اقبل ان يرفض مشروعي طالب درس على يدي وليس لديه الخبرة الكافية فالعمارة كائن حي مثله مثل الانسان يمرض وممكن ان يموت, والحاصل الآن ان قرارات المسؤولين الحكوميين والتأخير والروتين قد قتل المشروعات العقارية النوعية في الكويت?
والدليل على ذلك ان احد المستثمرين الكويتيين استقدم خبيراً عالمياً لتنفيذ مشروع في الكويت واتفق معه على راتب 30 الف دينار, وبعد تقديم المشروع للبلدية تم تأخيره وتعطيله لان مهندس البلدية لم يوافق على هذا المشروع من غير اسباب حقيقية فقام المالك بتنفيذ المشروع في احدى الدول الخليجية, وهذا الامر ساهم بابطاء التنمية في الكويت.
برأيك لماذا يتعرض المواطنون لمشكلات هندسية وفنية وايضاً عمليات غش عند بناء منازلهم?
على المواطن ان يهتم بكل مراحل البناء ولا يفكر في توفير الامور الضرورية ويصرف مبالغ كبيرة على كماليات المبنى اولاً عليه ان يتعاقد مع شركة مقاولات مرخصة ومصنفة والبعد كل البعد عن مقاولي الرصيف الذين يبيعون الوهم للمواطنين بكلمات معسولة وفهلوة مكذوبة فقط لانهم رخصوا الاسعار والتي يتحول معها بناء المنزل الى اغلى الاسعار بسبب الخسائر المتوالية في اصلاح عيوب البناء.
وثانياً عليهم الذهاب الى مكتب هندسي ذي سمعة طيبة ومشهود له بالكفاءة من المجلس البلدي, والابتعاد عن البقالات الهندسية التي تبيع المخطط الهندسي بالجملة والذي يعتبر اهم جزئية في بناء العقار الذي ينجزه ويخططه مهندس حقيقي.
اذا بماذا تنصح المواطنين عند البناء وماذا يعتمدون من أسس ومعايير?
اولاً يجب على المالك ان يعرف لماذا يبني منزله, وماذا يريد منه لاسيما انه منزل العمر وثانياً عليه ان يختار المنطقة المناسبة والموقع المناسب.
وثالثاً يجب عليه ان يهتم بالمواصفات التي تحقق معايير الامان لاطالة عمر المبنى وتركيب العوازل المانعة للضوضاء والتفكير بجدية والمقارنة بين تركيب التكييف المركزي والعادي, لاسيما ان بعض انواع المكيفات المركزية ملوثة وبها فطريات.
وعلينا ان نتساءل لماذا لا نتجه للطاقة البديلة التي تستخدم في المباني الذكية مثل تركيب ألواح زجاجية تمتص الطاقة الشمسية, واتمنى من دولة الكويت ان تقيم مصنعاً للطاقة الشمسية التي تمتلك منها 6500 ساعة شمسية في السنة الواحدة وبمقارنة مع اليابان التي تمتلك 1900 ساعة شمسية في السنة الواحدة فقط وتستفيد منها بأعمال كثيرة, من ضمنها تشغيل جميع اليافطات الاعلانية وانارة الشوارع, والاستفادة منها في المباني الحكومية العامة, ففي اليابان يسيرون على حكمة تقول »لا مستحيل اليوم فالمستحيل اليوم ممكن في الغد .. والغد قريب« لذلك على الكويت ان تستفيد من الطاقة الشمسية حتى لو على نطاق ضيق, وتقوم اولاً بحملة اعلامية وتزيد القرض السكني لكي ترغب المواطن الكويتي في استخدام هذه الطاقة.
كيف تستطيع الكويت استخدام هذه التقنيات والخبرات العلمية والعملية الغريبة عليها?
ليس هناك مانع من الاستفادة من الخبرات العالمية ومن الدول التي سبقتنا في العلم, واليك المثال فعند بناء برج الاتصالات استشارتني الحكومة الكويتية في بناء البرج, وعند دراستي للبرج طلبت اضافة »معامل الزلازل« الذي سيزيد الكلفة فقط 10 في المئة من قيمة المشروع الاجمالية ولكن المقاول رفض الفكرة منذ بدايتها متحججاً بأن الكويت بعيدة عن الزلازل, مع العلم ان الزلازل ضربت الكويت اكثر من مرة ولكن الحمد لله بدرجات قليلة على مقياس ريختر, اذا من الممكن ان تضرب الزلازل البلد في اي وقت.
وبالمقابل قدمت دراسة مجانية لأحد المستثمرين الكويتيين عند بناء برجه المطل على شارع فهد السالم من امكانية تركيب »معامل الزلازل« ووافق على الفور مع زيادة الكلفة عليه 10 في المئة لانه يريد ان يحافظ على البرج عند حدوث اي زلزال لا سمح الله.
نود ان تشرح لنا عن معنى »معامل الزلازل? وكيف يعمل?
هو نظام السوست في اليابان, ويعمل على توفير وسائل الامان في مواجهة الزلازل, وهو عبارة عن ثلاث طبقات من الخرسانة بينها طبقات من الحلقات والصفائح ومواسير فولاذية وفوق كل ذلك العمود الخرساني, وحتى لو حصل الزلزال سيتأرجح المبنى دون ان يسقط وللمعلومة اليابان تتعرض يومياً ل¯ »5 إلى 12« زلزالاً, وهي منطقة نشطة زلزاليا.
لماذا صغرت مساحات الشقق عن السابق كثيراً, وهل للطمع دور في ذلك?
هذه المسألة تعود للمستثمرين وعليهم ان لا يبالغون في الايجارات المرتفعة في الوقت الحالي, وانا اعتقد ان التقييم العقاري للتأجير والبيع في الكويت لا يعتمد على اسس ومعايير محددة, وهذا يجرنا الى مشكلات مستقبلية, والذي لابد منه ان يكون النمو طبيعياً ويسير على نظام التنمية المستدامة, وانا اتمنى ان اوجه نصيحة للملاك والمستثمرين ان لا يعتمدون على نظرية النفعية المادية التي يعيش عليها بعضهم ويقوم بتضييق المساحات وتصغير الصالة واقطاع غرفة منها زيادة على الموجود ومع هذا الايجارات مرتفعة.
اذا ما اسس التقييم العقاري ومبادئه?
ليس العائد الشهري وليس النسبة المئوية للعقار هي اساس ومعيار للتقييم العقاري المنطقي, وهذا هو الحاصل الآن فعندما يتجه المستثمر الى المكتب العقاري لكي يبيع عقاره أول سؤال هو كم?, نسبة العقار فاذا كانت 10 في المئة اذا العقار يساوي مليون دينار, ولكن التقييم الحقيقي يعتمد على معايير كثيرة جداً منها مساحة العقار وتوافقه مع المعلم العام للعقار وما درجة توافقها مع البيئة العمرانية وما درجة جمالية العقار وما نوعية المواد الانشائية والمواد التشطيبية له, وما درجة الناحية التنظيمية للعقار وهل هو مخالف للانظمة واللوائح ام لا وهل العقار دائم التنمية والتطوير.
ما توقعاتك للسوق العقاري الكويتي خلال العام الجديد?
السوق العقاري الكويتي يعتمد على نشاط الكويتيين وهم مشهورون جداً في نشاطهم العقاري ومنذ القدم كان السوق العقاري يستطيع ان يقف على رجليه في كل وقت, ولكنه سيتحرك ببطء وباتجاه تصاعدي الى ان يصل الى مرحلة التوازن في منتصف عام 2010 واتمنى من رجال العقار في الكويت ان يبدأوا في عمل ندوات عقارية لتوعية الناس والعقاريين ايضاً, فالعقار ليس سلعة مثل السلع الاخرى وهو سلعة ذات قيمة وعليهم ان لا يبالغون في المكسب وتكون الربحية معقولة.
وهذا هو دور اتحاد العقاريين والسماسرة وعليهم نشر الثقافة العقارية وتوضيح الصورة الجمالية للعقارات القديمة والجديدة لان التلوث البصري العمراني منتشر في الكويت ولابد من تشكيل هذه التجمعات والندوات واللقاءات واللجان لنقوم بتوصيل الرسالة العقارية السامية الى اللذين يريدون بناء او شراء عقارات جديدة.
ما رأيك بالابراج الجديدة ذات الطوابق المرتفعة في العاصمة?
اي بناء يشيده الانسان عليه ان يفكر بالحكمة المنطقية التي تتمثل في الاتزانية الفطرية بين متطلبات البيئة وبين احتياجات التنمية, والسؤال الاهم هو هل التنمية تحتاج الى هذه الارتفاعات الشاهقة والذي له حق الاجابة هو الحاجة الفعلية للسوق واتمنى ان لا تكون تقليداً للغرب او لابراج امارة دبي لكي يتفاخر بها اصحاب العقارات.
اما السبب الذي انا اعتقده في الاتجاه التصاعدي لطوابق الابراج لان الاراضي المعروضة في العاصمة قليلة جداً والتي تسببت في ارتفاع قيمة الاراضي الى ارقام فلكية, وبذلك يتجه مالك العقار الى الارتفاع بطوابق البرج وذلك لتعويض رأسمال الاراضي المشتراة.
برأيك ما الاسباب التي دعت الشركات الكويتية الى الهروب بأموالها للاستثمار في دول الخليج?
اقولها وبصراحة المستثمر الكويتي يتمنى اعمار بلده لكن البيروقراطية السيئة ابعدته عنها, فالمستثمرون الكويتيون عمروا بلدان العالم, والدول العربية والخليجية خير شاهد على النشاط العمراني الكويتي, ومثال على ذلك نجد ان 60 في المئة من المستثمرين والمطورين العقاريين في دبي هم كويتيون.
لقد رأيت مشروعاً في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية على البحر الأحمر وهو منتجع سياحي صاحبه كويتي وفي الطرف المقابل من البحر في مصر ايضاً منتجعات سياحية صاحبها كويتي!
ولابد ان نتساءل ما الذي حدا بالمستثمرين الكويتيين الى الهروب من الكويت والجواب هو التأخير وتعطيل المصالح التي تساوي الملايين, والمطلوب هو توحيد الجهات الرقابية في جهة واحدة للتعامل بشفافية واختصاراً لوقت المستثمرين الثمين, وان يكون على رأس هذا الجهاز الحيوي خبراء بكفاءة عالية قادرون على اتخاذ قرارات نافذة وذلك لانجاز المعاملات وتوحيدها وجذب المستثمرين الى الكويت, ولكن انا اعتقد ان هذ لن يحدث في الوقت الراهن لان هناك بعض العقول التي تعتقد ان القطاع الخاص لصوص, ولكن بالمقابل انا أؤكد ان القطاع الخاص شريك هام وحيوي في تنمية البلد.
ما الافضل للمستثمر العقاري هل يبيع ام يشتري ام يجمد عقاره ويحصل على الريع الشهري?
الازمة المالية العالمية اصبحت عقارية ايضاً وستستمر الازمة في العام الحالي والى منتصف عام 2010 والمشكلة العقارية اكبر من المتوقع وستأخذ وقتاً أكبر لمعالجتها, ولما سئل امبراطور العقار الاميركي العالمي »سام زين« هل يجب الاستمرار في الاستثمار العقاري ام التوقف افضل اجاب »سام زين« الاستثمار في العقار يظل دائما وابدا افضل واكثر امنا واقل خسارة من بين جميع أنواع الاستثمارات الاخرى.
وطالب »سام زين« الجميع ان يعرفوا ان مراحل الازمة العقارية تنقسم الى مراحل هي انكماش ثم الركود ثم الكساد وهذه المراحل يختلف فيها بعض الناس.
وعلى ضوء هذا الوضع اود ان اؤكد ان مرحلة الانكماش سائدة في الكويت حالياً وهي تتمثل في انتشار حالة من الهلع والخوف بين الناس والمستثمرون الان لا يعرفون ما الذي يفعلونه فلا يستطيعون ان يقرروا هل يبيعون ام يشترون ام يطورون ام يتوقفون!
ما افضل دول العالم في الاستثمار العقاري?
احب ان اكرر كلام »سام زين« عندما نصح بالاستثمار العقاري في أربع دول في العالم وبالترتيب هي البرازيل ثم الصين ومن ثم المكسيك وبعدها مصر, وبالحديث عن مصر نجد انها ستتميز بثلاث مميزات اولها انها سوق عقاري بكر, وتحتاج الى التطوير والتعمير العقاري باستمرار وثانيها العدد الكبير للشعب المصري والذي يفوق 80 مليون نسمة والذي يحتاج دائماً العقارات الجديدة, وثالثها تدني العملة المصرية والتي ترغب المستثمرين وتجذبهم, لان 100 الف دينار في الكويت لا تقيم مشروعاً عقارياً ولكن بالمقابل ان هذه ال¯ 100 ألف دينار تساوي مليوني جنيه مصري والذي يستطيع به المستثمر ان ينشئ مشروعاً عقارياً ناجحاً حيث ان الطلب على الوحدات السكنية في مصر مرتفع ومستمر.
ما طريقة وكيفية بناء وتشييد المنازل في اليابان?
عملية بناء المنازل في اليابان تختلف اختلافاً كلياً عن كل دول العالم, لانها دولة كثيرة الزلازل حيث تحصل بها يومياً من 5 الى 12 زلزالاً فمعظم المباني في اليابان مناطق وعرة وخطرة زلزاليا, لذلك تبنى المنازل من دورين فقط وتكون الاسقف خشبية وحتى المباني العامة لا توجد بها طوابق مرتفعة, فمساحة اليابان 378 الف كم والشعب الياباني تعداده 130 مليون نسمة يعيشون على 30 في المئة من المساحة العامة لليابان لان 70 في المئة منها مناطق وعرة تتكون من بحيرات وانهار وجبال ومع هذا نسبة الازعاج والضوضاء في اليابان اقل من 30 ديسيبل وبالمقابل الضوضاء في مصر 70 ديسيبل!
وهناك ابراج ذات الطوابق المرتفعة مثل برج سانشاين الذي يرتفع ل¯ 100 طابق ويقع في جزيرة هونشو وتم تطبيق معايير معامل الزلازل ومبني على احدث طراز وهناك انواع كثيرة من هذه المباني مقامة على احدث تكنولوجيا ولكن للحاجة وللتنمية المستدامة اقيمت هذه المباني وليس العكس.
هل السوق العقاري الياباني سوق رائج ام لا? ولماذا?
السوق العقاري الياباني سوق رائج واسعار العقارات به مرتفعة جداً وهذا بسبب ان دخل الفرد الياباني مرتفع جداً فالتنمية هناك متوازنة ولا يمكن ان ترتفع اسعار العقارات والايجارات لوحدها او على مزاج تجار العقار, فالرقابة والتقييم تقوم على اسس ومعايير تدخل ضمن دراسات هيئة المردود البيئي EIA وتعتمد على دراية الزلازل ودرجة الرياح والرطوبة ونوع التربة وعلاقة المالك للمنزل بالسكان المحليين وما هي درجة الضوضاء في الشوارع وما درجة قرب او بعد المنزل من الخدمات مثل مراكز التسوق والمدارس والمصحات.


المصدر: لقاء للدكتور على مهران هشام - جريدة السياسة الكويتية اليومية 2009- دولة الكويت
  • Currently 221/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
74 تصويتات / 1379 مشاهدة
نشرت فى 24 يوليو 2010 بواسطة drmahran2020

ساحة النقاش

د/على مهـران هشـام

drmahran2020
......بسم الله..... لمحة موجزة (C.V) 2021 البروفيسور الدكتور المهندس الشريف علي مهران هشام . Prof. Dr. Eng. Ali Mahran Hesham ## الدكتوراه من جامعة هوكايدو.. اليابان ** حاصل علي الدكتوراه الفخرية... ألمانيا. 2012 ** حاصل علي الدكتوراه الفخرية - جامعة خاتم المرسلين العالمية - ، بريطانيا، فبراير 2021 ** »

ابحث

عدد زيارات الموقع

659,620