التفكير في التفكير.         80 - 80.                   (  النيو   نورم....ومتطلبات  الحاضر والمستقبل )  .. البروفيسور الدكتور الشريف علي مهران هشام. 

مع حدوث التقلبات   الكونية المركبة والمعقدة والمتشابكة في جميع مناحي الحياة من امراض مؤلمة للبشر أو تدهور  للأوضاع البيئية المتزنة طبيعيا وذلك نتيجة الجشع المادي وتغليب التكنولوجيا والمنفعة المادية علي الاستقرار واستمرار تعمير الكون والذي انعكس علي أنماط التنمية الشاملة  والإنسان والحجر  والشجر والنباتات والاحياء المائية وعلي الأرض وفي السماء . ..إن العالم الافتراضي وما يشمله من برامج إلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي Meta  أدت إلي تغييرات واسعة في جسم   وصحة الأسرة وعلاقات الناس وتغييرات في معايير  التعلم والتعليم والتدريب والعلاقات الانسانية ..وسواء كان التأثير بالسلبية أو الإيجابية فإن أثره  اصبح كبيرا. وملموسا. علي الارض والفضاء ...علي الجانب الاخر،  فقد ادي فيروس كوفيد 19 وتحوراته المتلاحقة إلي حدوث تغييرات نفسية وروحية ومادية وجسدية وفلسفية علي معظم سكان كوكب الارض ..فلم يعد هناك فرق كبير بين الغني والفقير أو صاحب الجاه والمقام والأقل مركزا ..أو العالم والأقل تعلما....شعر الناس كلهم أن الكل في واحد.....وان الهواء واحد ..ولا قيمة للحدود الجغرافية أو الإدارية أو حتي السياسة أو الاقتصاد ...كل هذه الأمور ..أدت إلي ضرورة  التفكير  بشكل جديد  وان السلوك العام للأفراد والجسم المجتمعي ، يلزم ان يكون  غير نمطي او تقليدي... لذلك ظهر مصطلح جديد يواكب بعض هذه التغيرات أو التقلبات المفاجئة... 

مصطلح النيو نورم.      The New Norm  هو مصطلح بدأ ينتشر في الولايات المتحدة .الامريكية  بعد ما حدث في امريكا من وباء الكورونا   ....ويعني هذا المصطلح هو اتباع  نظام طبيعي جديد  يلزم علينا أن  نتبعه بل  ان نتعود عليه The new normal situation

يقصدون بالنيو نورم التعود على لبس الكمامة والتحصين والنظافة الفائقة وعدم المخالطة والحرص والحيطة  في اي مكان مزدحم. كل هذه الامور لم تكن في الحسبان ولم تكن في أو من  اولويات اهتماماتنا قبل الوباء والآن أصبحت شيء طبيعي ومعتاد لا غرابة فيه  وقد تعود عليه الناس أو كما يقولون نيو نورم.  

عندما تكبر في العمر وتخرج على المعاش مثلا لا بد ان يكون لك أيضا نيو نورم او حياة جديدة تتعود عليها وتقبل بها في فترة التقاعد حتى يأتي أجلك. 

سبع أمور ستقابلها كمتقاعد وتكون لك شيء طبيعي جدا أو نيو نورم بعد خدمة طويلة في العمل العام او الخاص:

١- المرض وهو اعتلال في الصحة يأتي متدرجا مع تقدم العمر ويتسلل إليك من حيث لا تدري وان اختلفت شدته او طرقه ولكنه امر طبيعي جدا يجب ان تتقبله وتتعامل معه بصبر وحكمه. لا تاخذ الامر وكأنه كارثة بل تطور طبيعي او نيو نورم سيرافقنا في الحياة كلما امتدت بنا. الأجساد مجرد مواد حيوية تبلي مع الزمن ولا تتوفر لها قطع غيار مناسبة في معظم الاحوال.  والمهم هو سلامة المخ  والضمير والسريرة. 

٢- يجب أن تشكر الله انك تستطيع السير ولو لدقائق ولكن لا تفكر في مشاوير زمان والتجول في الأسواق والمتنزهات كما كنت في شبابك والجديد الذي تقبل به هو ان تمشي قليلا ان استطعت وتستريح قليلا، وتقف قليلا وتجلس معظم الوقت وهذا ما يجب ان تتعود عليه وتستقبله برضاء نفس. حتى ولو فقدت القدرة على السير فهناك وسائل عديدة تبقيك في قمة نشاطك وعطائك ولو مقعد. لقد حكم في العالم لسنوات رجال مقعدين.   

٣- لا تهتم بنظرة الناس لك عندما ينادونك بالحاج ويتعاملون معك احيانا وكأنك آيل للسقوط فيبتعدون عنك او يهمون بمساعدتك على الوقوف او المشي. هذا هو ايضا وضعك الطبيعي الجديد ولا غرابة فيه فمظهرك الخارجي لا يكذب حتى ولو كنت تتمتع بصحة جيدة. أنه نيو نورم .

٤- أولادك وبناتك الذين ربيتهم وتظن انهم سيكونوا رهن إشارتك في أي وقت في هذا العمر كبروا ايضا واصبحت لديهم مسئوليات في العمل والأسرة فلا ترتكن إليهم ولا تنتظر منهم الكثير خاصة انهم يعيشون في مجتمع لا يرحم. تعود على ان لا تطلب معونة احد الا الله وان تعتمد على الله ونفسك حتى في هذا العمر  فهذا هو أيضا النيو نورم الذي يجب ان تقبل به. 

٥- ستقضى باقي عمرك مع زوجتك وهي في مثل عمرك وتمر بنفس ما تمر به وقد تكون اكثر منك وجعا وضعفا فكن رحيما فيما تطلب وأنيسا حين تطلب منك شيء واسمع لها جيدا ولا تفعل ما يضايقها لأنك انت من ستدفع الثمن لو بعدت عنك لأي سبب واعتبر هذا ايضا النيو نورم. 

٦- ستكون اخبار وفيات الاصدقاء والأحباب ممن هم في عمرك او اكبر منك متكررة وهذا امر عادي ونيو نورم لك فلا تبتئس كثيرا فهذه سنة الحياة ولكن اعتبر  من فقدتهم فالموت ليس ببعيد عن أحد وادعوا الله بحسن الخاتمة. 

٧- النيو نورم لك أيضا هو ان تختار الصديق المناسب الذي لا يزعجك ولا يطمع فيك وتأنس به ويأنس بك عندما تلتقيان وتختار العمل الذي تشغل به وقتك دون اجهاد يسبب لك المزيد من الآلام وغالبا سيكون عملا في مجال خبرتك تفيد به الناس ان استطعت ودون مقابل وهنا ستشغل وقتك وتكسب ثواب ودعاء الناس لك.  8 - اقتنع واقنع كل محبينك أو من حولك بأن القناعة والرضا وجبر الخواطر والفعل الطيب وما ينفع الناس..وحب الآخر . والتقرب الي الله بحسن الطاعات والصدقات  هو الثروة. الحقيقية سواء كانت   مادية او روحية او النفسية،  وتوقع كل  المخاطر  والعقبات.وان الآخرة خير وابقي...                           9 -  لا تُجامل في مستقبلك او مشاعرك وراحة بالك،  فلا أحد غيرك  سوف يتحمل العواقب ونتائج أفعالك وقرارتك .

                                                                    وخلاصة القول ،  طبائع البشر واختلاف مشاربهم فطرة كونية ...وهي سمات إيجابية لاستمرار تعمير الأرض بسلام  ... ‏ عموما،   تختلف طبيعة كل إنسان عن غيره، فما يرتاح له شخص معين قد يزعج غيره، وما يزعج غيره قد يشعره بالراحة والسرور، فعلى كل إنسان أن يراجع نفسه ليرى ما يسبب له الإزعاج ويتخلص من هذه المسببات كي لا تؤثر سلباً على حياته وتسبب له الأرق وعدم الراحة، وأن يعمل جاهداً على استثمار الأشياء التي تسبب له الراحة والسرور، فأساس هذه الحياة الراحة والرضا فمن شعر بالسعادة بإمكانه أن ينطلق نحو مجالات الحياة والإبداع والعمل.

معاني السعادة طاقة من الرضا بالقضاء والقدر لامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، وبالتالي لا يصيب الإنسان إلا ما كُتب  له فليسعى جاهداً برضا وسرور دون خوف من مستقبل أو خوف على رزق. إحساس بالسرور وشعور بالارتياح وعدم الخوف والسعادة  والتوكل والاعتماد على الله في تحقيق الخير في الأمور كلها. اطمئنان القلب وانشراح الصدر وسرور الروح. ...كونوا اهلا ...بعضكم لبعض بعيدا عن لغة المصالح والاطماع الزائلة والزائفة ...الصداقة والإخلاص هي الابقي أثرا وتمكث في الارض .  هكذا كان الآباء والأجداد والعرب الكرماء والشرفاء والصادقين .يفعلون..يذكر  في الأثر القديم،  والذي يلزم أن نحافظ علي قيمه  وما به من فضائل وعبر عظيمة ،،،،

يذكر  ان العرب قديما من عاداتهم  النبيلة  في أفراحهم  إن يوزعون اللحم في أرغفة من الخبز  ..

فان فاق عدد الحضور كمية أرغفة اللحمة ..فكانوا يلفون أرغفة الخبز فارغة و يوزعونها على المقربين و الأصحاب و من يحسنون الظن بهم كأنهم من اهاليهم ، 

فيبدأون بأكلها و كأن بها لحم ..

وفي احد الاحتفالات  فتح أحده الحضور  رغيفه و لم يجد به لحماً فصاح بأعلى صوته أمام الملأ ..            يا أبا فلان رغيفي من غير لحم ..

فرد عليه صاحب البيت :حقك علينا افتكرتك من ( أهلي واسرتي )...

والحكمة ، انه في هذه الأيام كم خُدعنا بأشخاص ظننا أنهم منا  ومن اهلنا واقاربنا و سيردون غيبتنا و يحمون ظهورنا و سيخلصون لنا ..ولكن  كان ظننا في غير مكانه وللاسف ظننا لم يصادف أهله...علي الجانب الاخر، يلزم أن نستمر في التفاؤل وان تبشروا بالخير والدعوة الي التعاون والمحبة ونبذ الفرقة والكراهية حتي يظللنا الأمن  والسلام واستمرار الخير والاستدامة والرخاء للجميع   وبالجميع  .  والله المستعان، ،،،