علم الإدارة وأهميته
د. محمد ماهر الصواف
من المسلم به أن الخبرة والممارسة تعد عاملا هاما في نجاح إدارة المنظمات وفي تحقيق الأهداف ، ألا أنه في ظل تعقد المنظمات وكبر حجمها مع تعقد الظروف البيئية التي تتعامل معها يجعل من المستحيل تحقيق النجاح بالاعتماد فقط على الخبرة والممارسة وطبقا لمبدأ التجربة والخطأ ، واليوم نتيجة انتشار ظاهرة ما يسمى (الإنتاج بالحجم الكبير Mass Production ، ونتيجة سرعة المتغيرات المحلية والعالمية ، وتداخل وتشابك المؤثرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها من العوامل ، أصبح من المستحيل ان نضمن نجاح المشروعات إلا إذا توافر بها من هم قادرون على استخدام أسس ومفاهيم علوم الإدارة الحديثة .
ويجب ألا يفهم من ذلك أن الإدارة هامة فقط لمنظمات الأعمال ، فهي الدعامة التي تعتمد عليها كافة المنظمات الاجتماعية والعسكرية والتعليمية وغيرها ، فكافة المنظمات تملك كماً من الموارد سواء المادية أو البشرية وكلما أخذت بأسس الإدارة العلمية أمكن لها الاستخدام أمثل لهذه الموارد وتحقيق الأهداف بأعلى درجة من الفعالية والكفاءة.
وعرفت الإدارة ومفهومها تطورات مختلفة نتيجة تغير الظروف البيئية وتطور المجتمعات وقد ساهم الفكر الإداري في بلورة عدد من الأسس العلمية التي ساعدت في بناء علم الإدارة والتعرف على الجوانب والأبعاد المختلفة للإدارة المنظمات والعوامل التي تساهم في النجاح في تحقيق الأهداف بدرجات عالية من الفعالية والكفاءة.
ويجب الإشارة أن الإدارة كظاهرة اجتماعية قديمة قدم المجتمعات الإنسانية نفسها ، ورغم أن الكتب والمراجع المختلفة تتكلم عن نشأة علم الإدارة مع بداية القرن العشرين ، ألا أننا يجب إلا نغفل أن الحضارات القديمة مثل الحضارة الفرعونية والحضارة الإسلامية قد عرفت الإدارة ومارست العملية الإدارية بمفهومها الحديث بصفة خاصة عند إدارة الدولة والمرافق العامة ، بل وان للحضارة الإسلامية بصماتها الواضحة على الفكر الادارى العربي وقدمت لنا عدد من الأسس الإدارية التى لم يعرفها العالم المعاصر ألا في القرن العشرين .
وعلى اية حال يُجمع الكتاب والعلماء في مجال الإدارة على أن خروج الإدارة كظاهرة اجتماعية إلى حيز التنظير ووضع المبادى والنظريات لم يكن ألا مع بداية القرن العشرين ومع نشأت الثورة الصناعية.
