تنمية القدرات الإبداعية
إعداد دكتور/ حلمي الألفي
تُستخدم كلمة ” الإبداع ” فى مجالات كثيرة مثل علم الإدارة والسياسية والنفس وغير ذلك...، لتحديد بعض الملامح والخصائص المميزه لشخصية الإنسان، مثل التلقائية ومستويات الذكاء، والاهتمام الجاد بدراسة الإبداع وبطريقة علمية منظمة يسهم في تحقيق الفكرة الإبداعية من ثنايا الابتكار الإنساني، فالعقل المبدع الخلاق يَزْخَرُ دائمًا بالأفكار والتصورات الجديدة، بالإضافة إلى قدرة ذلك العقل على تقبل الجديد والاستجابة له والتعامل معه حسب المعطيات، ثم الحَدْس ونَفَاذ البَصيرة.
بينما يرى بعض علماء النفس والسلوك التنظيمي والعلوم السياسية، أن العبقرية لا تورث، بل هى تكتسب تُصنع من ثنايا العوامل البيئة والتربية والإعداد والأسري والمدرسي، كل هذه عناصر أساسية تساهم في تشكيل شخصية الطفل منذ ولادته حتى يتخرج من الجامعة ويصبح عنصر فعال في المجتمع، حتى بالنسبة لمن منحتهم الطبيعة العديد من المواهب المكتسبة أو الوراثية.
إن الإبداع هو حصيلة توافق عدد من العناصر الذاتية الداخلية، مع عوامل أخرى خارجية أو بيئية. وتكشف الدراسات أن كل شخص يمتلك قدرًا ما من تلك المقدرة الخاصة التى وهبها الله سبحانه وتعالى لكل إنسان منذ ولادته فعليه أن يكتشفها وينميها من ثنايا قدرته الذاتية، التى نسميها ” الإبداع ”،
ويأتي دور المنزل والمدرسة وأنه يمكن تعهد هذه المقدرة وتنميتها بالتدريب والمران. ذلك أن السلوك الإبداعى يتضمن كثيرًا من عناصر: حب الاستطلاع، والرغبة فى الكشف والارتياد، وإثارة التساؤلات، وتقديم إجابات غير تقليدية وغير مألوفة عن هذه التساؤلات، وظهور كثير من علامات الاستفهام والتمايز فى التفكير والتجربة.
إن الإبداع هو القدرة على التعامل – بطريقة متميزة – مع المشكلات الغامضة أو غير المحددة، والعثور على افتراضات جديدة وأصيلة، وتجريب أساليب وتطبيقات جديدة تمامًا. والتفكير الإبداعى تفكير غير تقليدى أو غير مألوف، لذلك فإن الإبداع يجب أن تُتاح له الفرصة لإثبات أهميته وفائدته وتطبيق الفكرة عمليا من ثنايا الابتكار. لكن هذا ليس معناه أن النشاط الإبداعى يجب أن يدور دائمًا حول الأمور النافعة أو المجدية.
إن معظم العلماء يعطون أولوية لعنصر ” الجِدَّة ”، التى تشير إلى الأصالة والابتكار . وأن تكون هذه الجدة قادرة على التكيف مع الواقع، بحيث يكون العمل الإبداعى استجابة لمشكلة معينة، أو تقديم حَلّ لمشكلة ، ويشترط بعض الباحثين فى العمل الإبداعى أن يكون جديدًا ومفيدًا نافعًا. وهناك عدد كبير من العلماء يميلون إلى التمييز بين نوعين مختلفين من القدرات، العقلية:
الأولى : هى القدرات التى يمكن قياسها باختبارات الذكاء المعروفة ،
بينما الثانية: هى قدرات استثنائية، يُطلق عليها اسم ” القدرات الإبداعية “.
إن مستوى الذكاء المطلوب للإبداع يختلف من مجال لآخر ، بحيث إنه قد يكون منخفضًا فى بعض الأحيان إلى درجة تثير الدهشة . والإبداع ظاهرة صحية عامة، يمكن أن نجدها فى كل المجتمعات الإنسانية النامية منها والمتقدمة، وفى مختلف مراحل التطور الاجتماعى والثقافي. كذلك لا يقتصر الإبداع على سن دون أخرى، وإنما يمكن أن نجد إبداعًا فكريًّا أو فنيًّا لدى الأفراد من مختلف الأعمار، فهناك الكثير من الإنجازات الكبرى فى مجالات العلوم والفنون، قد قام بها أشخاص مبدعون فى مراحل متأخرة.
ولعل أهم المظاهر المشتركة بين المبدعين، هو مدى ما تتيحه العلاقة بين الوالدين والطفل من فرصة لتحرر الطفل وانطلاقه، وبالتالى استقلال شخصيته. بالإضافة إلى كثرة الفرص المتاحة للاحتكاك بالثقافات الأخرى المختلفة والاتصال بالآخرين، وغير ذلك من العوامل التى تساهم فى تعميق التجربة الذاتية وتنوعها، وزيادة الخبرة وشمولها. إن الإبداع يحتاج إلى الشعور والإحساس بالحرية والثقة بالنفس والعدالة، وعدم الكبت أو الرضوخ لأى نوع من أنواع القهر.
عوامل القدرة الإبداعية
الطلاقة:
وقُصد بها القدرة على إنتاج أكبر عدد من الأفكار الإبداعية. فالشخص المبدع شخص متفوق من حيث رصيد الأفكار التى يقترحها حول موضوع معين.
وهناك تدريبات يمكن أن يمارسها الطفل منذ الصغر من ثنايا المنزل أو المؤسسة التعليمية لسرعة التفكير للمساهمة تنمية الإبداع الفكري
المرونة:
ويُقصد بها القدرة على أن يغير الشخص وجهته الذهنية لتنمية العقل الذهني ليصبح عقل مفكر قادر على أكتشف حقيقة الأشياء أو الظواهر الإجتماعية المتعددة عندما يتغير الموقف، أى قدرته على التحرر من الأفكار النمطية، ومن الانغلاق داخل معتقداته الذاتية، ومحاولة تحقيق الإبداع الفكري وتطبيقه عمليا في صورة أبتكار للمساهمة في تنمية مجتمعه الذي ينتمي إليه.
الشعور بطبيعة المسكلة:
فالشخص المبدع يكتشف الأخطاء بطريقة سريعة، كما يتبين نواحى النقص والقصور والضعف الكامنة فى الأشياء بصوره أوضح وأسرع من غيره، كما تكون لديه القدرة على اقتراح حلول إبداعية لحلةالمشكلة، فهذه القدرة، تزيد احتمالات وصول المبدع إلى الخلق والابتكار وأاختيار البديل من بين البدائل المتاحة واتخاذ القرار المناسب في الوقت المحدد، لأنه من الحساسية للمشكلات، مما يسهم في حل المشكلة وإزالتها. فالمبدع يتنبه للأشياء التى لا يلحظها غيره، ويراقبها، وهو بهذا أكثر تفتحًا على بيئته.
الفعالية:
فالشخص المبدع لا يقتبس أو يردد أفكار المحيطين به. ويمكن الحكم على الفكرة الإيجابية الفعاله فى ضوء عدم خضوعها للأفكار التقليدية الشائعة. والشخص صاحب التفكير الفعال، هو الشخص الذى يبحث عن أفكار جاده وأفعال تختلف عن أفكار الآخرين. ولقد أثبت علماء السلوك الاجتماعى، وجود هذه القدرة إلا أنها تحتاج إلي تنمية لذا يجب على المبدع أن ينمى هذه القدرة
ويمكن القول أن هناك بعض العوامل التي ينمي القدرة الإبداعية منها :
<!-- تهنئة الشخص على الفكرة الجديدة التى ينتجها، تساعد كثيرًا على نمو القدرة على إمكانية تقديم استجابات أصيلة.
<!--إتاحة الفرصة للاستخدام العملى للأفكار الإبداعية، يعزز من الأصالة ويزيد من تواترها. ،
<!--على الكبار أن يُظهروا اهتمامهم بتصورات الأطفال الخيالية وأن يشاركوهم فيها، بتأليف قصة مثلاً تدور حول تصورات الطفل الخيالية، فيحس الطفل أن الحاضن يشاركه خياله ويتخيل معه. وكلما شب الطفل وترعرع، كلما اتضح له، طبيعيًّا، الخط الفاصل بين الحقيقة والخيال.
وهناك الكثير من الآباء يتملكهم القلق إزاء تخيلات الطفل فى سن الثالثة معتقدين أنها قد تتحول فى ذاكرته إلى أكاذيب وأوهام، وأنه لن يتعلم التمييز بين الواقع والخيال. أما الحقيقة ، فهي أنه من الصعب أن يفرق الطفل فى هذه السن بين الواقع والخيال
<!--احترام قدرات الطفل الموهوب
ولتنمية قدرات الطفل الموهوب ومواهبه الإبداعية، فإن علينا احترام رأيه، والإجابة عن أسئلته بحسن تصرف، وأن ندرس معه أى مشكلة يبحث لها عن حل، مع تشجيعه ومناقشته فى المسائل المختلفة، مع مراعاة مستواه العقلي، واحترام قدرته على التفكير. كذلك فإن علينا أن نتوقع من الطفل العمل الذى يتناسب مع قدراته، وألا نطلب منه ما لا يتناسب إلا مع من هم أكبر منه سنًّا.
<!--الاهتمام بالميول الإبداعية للأطفال
كذلك فإن علينا – لتنمية قدرات الطفل الإبداعية – أن نهيئ له بيئة تقدم له فرصًا لمواجهة مختلف الميول، كما نقدم ما يمكن أن يتحدى قدرات الطفل فى الحدود المعقولة، ليكون هذا حافزًا على نموها وتطورها. وعلينا أن نعطي الطفل حرية العمل فى شتى مجالات ميوله، وأن نساعده على استخدام مواهبه من حيث القدرة على الخلق والابتكار.
<!-- تشجيع الطفل على استحداث استخدامات جديدة لأشياء أو لمواد مألوفة، هو شكل من أبرز أشكال تنمية التفكير الإبداعى عند الأطفال. إن الأطفال يبحثون دائمًا عن مواد مألوفة حولهم لاستخدامها فى لعبهم الإيهامي، وهم يفعلون ذلك عندما لا يجدون المواد الحقيقية، وذلك لكي يتخذ الدور الذى يلعبونه الشكل الأقرب إلى الواقع. وكلما كان نشاط الطفل فى لعب الأدوار الإيهامية أو التمثيلية حافزًا على البحث والوصول إلى أفكار جديدة وبعيدة عن المألوف، كلما يكون قد حقق عنصرًا أساسيًا من عناصر الابتكار الذي يولد من ثنايا التطبيق العملي للتفكير الإبداعي الفعال.
<!--