إذا ماتت الضمائر البشرية تتأخر المجتمعات
د. محمد ماهر الصواف
يعتبر الضمير عموماً حالة معينة فى الوعى البشرى الذى يحدد كيفية الحكم على أمر ما. فيتحرك الشخص إنطلاقا من أسباب أخلاقية وقيم داخلية لتنفيذ إجراءات معينة أو الإمتناع عن تنفيذه . وينظر للضمير الشخصى على أنه يرتبط بالقيم والأعراف المجتمعية المستقرة وأيضاً من الإتجاهات الأخلاقية للفرد. فبدون التوجه الأخلاقى هذا يبقى الضمير "فارغاً". أى أنه إذا افتقد الشخص مسؤوليتة الأخلاقية تجاه المجتمع، ولم تترسغ لدية القيم الأخلاقية في المراحل الأولي من العمر يصبح ضميره "أعمى". فهو فى هذه الحالة لا يستطيع التمييز فيما إذا كان عمل ما خطأ أم صواب أو التمييز بين ما هو حق وما هو باطل.
ويمكن القول أن الضمير هو تراكمات ثقافية ومعرفية يختزنها الفرد تجسد مجموعة من المبادئ والقيم الأخلاقية تحكم الإنسان وتأسره ليكون سلوكه جيدا محترما مع الآخرين محافظاً على مشاعرهم ولا يظلمهم ويراعى حقوقهم ، وباختصار شديد هو ميزان الشعور والوعى عند الإنسان لتمييز الصح من الخطأ فهى محرك خفى فى نفس كل إنسان تهديه إلى الخير وتبعده عن الشر .
فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام فيما رواه الْخُشَنِيَّ يَقُولُ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِمَا يَحِلُّ لِي وَيُحَرَّمُ عَلَيَّ ؟ قَالَ : فَصَعَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَوَّبَ فِيَّ النَّظَرَ ثم قال :
( الْبِرُّ مَا سَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ وَالْإِثْمُ مَا لَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ)
وهنا تثور التساؤلات التالية : هل يمكن ان تتقدم الأمم وترقى إذا مات الضمير وإنعدمت الأخلاق وافتقد الناس القدرة علي التميز بين الخير والشر ؟ وما هي اسباب إنعدام الضمير في مجتمعاتنا ؟ فقد إنتشر الفساد ، والنفاق، والكذب، وإنحدرت الأخلاق، وإنعدمت القيم المحمودة ، ونقصت العدالة ، وضاعت الحقوق ؟ وكيف يمكن أحياء الضمير؟
هذه التساؤلات يحب ان تلقي الإهتمام الكافي من التربوين ، والمفكرين والإعلاميين للبحث عن حلول لإحياء الضمير، حتي تتحقق الأهداف المرجوه من جهود التنمية و هذا ما سنحاول مناقشته في مقال قادم بإذن الله .