المذهب الفردي ونظرته للحرية الفردية
د. محمد ماهر الصواف
المذهب الفردي نشأ فى أواخر القرن الثامن عشر محدثا ثورة فى الفكر السياسي الأوربي ، وبفضل ما قدمه من افكار تغيرت النظرة الي الحريات وحقوق الأفراد وتأثرا بها نشأت نظم سياسية واقتصادية حكمت الدول الحديثة زمنا ليس بالقليل.
ظهر هذا الذهب انعكاسا للتعسف والاستبداد الذي عرفته الدول الأوربية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا نتيجة هيمنة رجال الدين والملكية المطلقة. وتقوم أفكاره على أن الفرد بكونه أسبق على وجود المجتمع وبالتالي على المجتمعات فمن الطبيعي ان يكون هو محور الاهتمام، ويجب الاعتراف باستقلاله بالشكل الذي يمكنه بحرية من تنمية قدراته والمبادأة بالأفكار والإبداعات التي تخدم المجتمع وتحقق تقدمة. فالفرد هو الأساس فى المجتمعات والقوة الدافعة له . وهو غاية وجود الدولة وعليها ان تعمل على تحقيق أغراضه وتامين حقوقه الطبيعية و الحفاظ علي ذاتيته وأولوياته. ومن ثم لا يجوز للدولة ان تتجاوز سلطاتها حدودا معينه بحيث يقتصر مهمتها علي حماية الحقوق والحريات الفردية من أي تعدي عليها من قبل ألآخرين وعلي تمكين الفرد من التصرف بحرية وفق إرادته شريطة ألا يتعدى علي حق الآخر.
ويجب الاشارة ان المذهب الفردي كان فى جوهره ومن حيث أصل نشأته مذهبا اقتصاديا نشأ كرد فعل ضد مساوئ الحالة الاقتصادية فى فرنسا فى منتصف القرن الثامن عشر وعرف بمدرسة أو مذهب الطبيعيين الداعين إلي اطلاق الحرية الكاملة للأفراد فى مجالات التجارة والصناعة والحد من تدخل الدولة فى بعض الأمور الاقتصادية مثل: منع تصدير المنتجات الزراعية لينخفض سعرها داخليا، وفرض الحماية الجمركية لمنع استيراد سلع مماثلة للسلع المنتجة محليا.وقد اطلقوا أصحاب هذا المذهب عبارة تحولت الي رمز للسياسة الاقتصادية الحرة وهي " دعه يعمل ، دعه يمر" أي دع الأفراد يعملون، ودع السلع تنتقل دون تدخل الدولة. وهكذا يعد المذهب الحر اساس لانطلاق النظام الرأسمالي. وسنتناولة تفصيليا في مقال آخر
