Dr. Maher Elsawaf

الطريق إلي التقدم والتنمية يقوم علي العلم والمعرفة وحرية التعبير

 التبرع لصندوق مصر كمشاركة مجتمعية غير كافي لدعم التنمية

د. محمد ماهر الصواف

تمر مصر بظروف اقتصادية واجتماعية صعبة تتطلب بالضرورة ان تتوحد الجهود الفردية والجماعية وتتكامل للخروج من هذه الظروف المعقدة ، إذ ان الفشل مرة اخري سيحد من فرص الإصلاح  والتنمية في القريب العاجل ، بل قد يؤدي إلي انهيار اقتصادي يصعب التعامل معه، لذا فإنه من الأهمية ان تتعاون الأفراد والقوي الوطنية من أجل الوطن ولكي نمر من عنق الزجاجة إلي بر الأمان من جانب،  ولدرء أسباب الفتن ومنع تكرارها وضمان سلامة مصر وأمان أبنائها من جانب آخر . ونتيجة لهذه الظروف الصعبة دعي السيد رئيس الجمهورية المواطنين بالتعاون بالمساهمة الفعالة للتبرع لصندوق مصر وقد لبي بالفعل الكثير من المصريين هذه الدعوة.   

وفي إعتقادي ان الدعوة للتعاون ومشاركة كافة الأفراد والقوي الوطنية يجب ألا تقتصر علي تقديم الدعم المادي لأجهزة الدولة، وإنما أيضا بالتعاون في تحقيق الاستقرار وتحسين الآداء ودعم جهود التنمية من خلال يلى :

 اولاً : الالتزام بالقواعد الإخلاقية والقانونية

من المعلوم أن  القانون والاخلاق : هما مجموعة القواعد  السلوكية الملزمة التي تحكم وتنظم سلوك الأفراد في الجماعة، وتوفق بين مصالحهم وتحكم النظام الاجتماعي، والمجتمع الذي يفتقد لاحترام القانون وللأخلاق، سرعان ما يتحول إلى حالة من الفوضى، تقود بالضرورة إلى سيادة شريعة الغاب، وغياب كل ما يمكن له أن ينظم المجتمع وأفراده وعلاقاته ومؤسساته. ولا شك ان ذلك ينعكس  سلباً علي تحقيق التنمية الاقتصادية وحجم الاستثمار المحلي والاجنبي  . فالقانون هو وسيلة المجتمع لتحقيق أهدافه  المشتركة والتي تتضمن التنمية المستدامة. ويجب الأشارة في هذا الإطار أن الفساد الإدارى في مصر أحد أهم مظاهر مخالفة القانون والأخلاق فقد تفشى في عديد من منظمات الجهاز الإدارى للدولة حتى أنه أصبح امراً مقبولا إجتماعيا.

ونؤكد هنا أن احترام القوانين يجب أن يكون نابعاً من قناعات داخلية في كل فرد بالمجتمع وليس خوفا من الجزاء الذي تحدده القواعد القانونية لتوقيعة على كل من يخالفها، وللأسف مازالت ثقافة إحترام القانون ضعيفة وغير سائدة في المجتمع المصري، مما قد يعوق جهود التنمية ويؤدى الي تخوف المستثمر المحلي او الأجنبى من التوسع في استثماراتهم في مصر ففى ظل عدم سيادة القانون تضيع الحقوق وتزاد فرص الفساد والبلطجة والنصب والاحتيال.

ومن هنا فإنه من الأهمية ان نتكاتف جميعاً لنشر ثقافة إحترام القانون ورفض كل مظاهر الفساد الإدارى حتي ندعم مسيرة التنمية والتقدم.

ثانيا : تبنى ثقافة التسامح وقبول الآخر

نحن بلا شك في أشد الحاجة إلي التسامح الفعال والتعايش الإيجابي بين الناس أكثر من أي وقت مضي ، والتسامح يعني  قبول الآخر رغم الاختلاف معه  سواء في الدين أم العرق أم السياسة ، وقد جاء الإسلام يؤكد علي ثقافة التسامح ونصت الآيات الكريمة  على اللين و نبذ العنف علي سبيل المثال:  قال تعالي : (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ) إن التسامح فضيلة أخلاقية، وضرورة مجتمعية، وسبيل لضبط الاختلافات وإدارتها، والإسلام يدعو إلى التعايش الإيجابي بين الناس جميعاً في جو من الإخاء بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم.

ثالثا :  تعظيم الأرضية المشتركة بين كافة الأطراف

 فيجب ان يتولد الإقتناع اننا نعيش في مركب واحد وان التعاون وتكامل الجهود هو السبيل للعيش بكرامة  وسلام، وأن هناك عدد من الأهداف متفق عليها ويجب علينا جميعا  تبنيها حرصا علي الخير العام، حتي ولو كنا مختلفين في أمور أخري عقائدية او فلسفية . وبحق يقول الرسول الكريم في حديثة " إِنَّ قَوْمًا رَكِبُوا الْبَحْرَ فِي سَفِينَةٍ فَاقْتَسَمُوهَا , فَأَصَابَ كُلُّ رَجُلٍ مَكَانًا، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْهُمُ الْفَأْسَ فنقَرَ مَكَانَهُ , فَقَالُوا : مَا يَصْنَعُ ؟ قَالَ هُوَ : هذا مكاني أَصْنَعُ فِيهِ مَا شِئْتُ , فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ نَجَوْا وَنَجَا , وَإِنْ تَرَكُوهُ غَرِقَ وَغَرِقُوا، فَخُذُوا عَلَى أَيْدِي سُفَهَائِكُمْ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكُوا " .

رابعا : البعد عن الإنفعالات واستخدام الحكمة والعقل فى تعاملاتنا مع الغير

لا يمكن انكار ان السنوات الماضية شهدت عدد من الأحداث التي أدت إلي تفكك القوى الوطنية وعجز الأحزاب والحركات السياسية علي إحداث التوافق المجتمعي والعمل المؤسسي الفعال ، إلا  أن ذلك لا يعني إفتقاد الأمل في إعادة الثقة بين الحركات والأحزاب السياسية  ولابد ان ندرك ان التباعد والفرقة يوفر أرضية خصبة للمتطرفين وضعاف النفوس فى بث الفتن والاشاعات غير الصحيحة و الهدامة

والله الموفق 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 180 مشاهدة

Dr.maher elsawaf الأستاذ الدكتور محمد ماهر الصواف

drelsawaf
نشرالثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية »

عدد زيارات الموقع

331,301

ابحث