مفهوم البيئـــة السياسيــــة   أ.د. محمد ماهر الصواف                        

لاشك ان النظام السياسي أو نظام الحكم وسياساته العامة يشكل البيئة السياسة للدولة. وتعرف البيئة السياسية بأنها (مجموعة من العناصر أو الأجزاء التي ترتبط فيما بينها وظيفياً بشكل منتظم بما يتضمنه ذلك من تفاعل واعتماد متبادل، تغيير في أي عنصر أو جزء إنما يؤثر على بقية العناصر أو الأجزاء) بمعنى أن هذه البيئة  هو ناتج تفاعل مجموعة من العناصر المرتبطة ببعضها بنوع من التنظيم في أطار معين.  يلاحظ أن مصطلح البيئة السياسية لا يشمل فقط النظام السياسي والذي  قد يستخدم كمرادف لنظام الحكم، ولا حاجة للقول  ان المدرسة الدستورية تنظر للبيئة السياسية علي أن المكون الأساسي لها هي المؤسسات السياسية وبالذات المؤسسات الحكومية (التنفيذية، التشريعية، القضائيــة).

ولكن تحت تأثير المدرسة السلوكية اتخذ مفهوم البيئة السياسية أبعاداً جديدة وأصبح يشير إلى شبكة التفاعلات والعلاقات والأدوار التي ترتبط بظاهرة السلطة سواء من حيث منطلقها (الجانب الأيديولوجي) أو القائمون على ممارستها (النخبـة) أو الإطار المنظم لها (الجوانب المؤسسية).

وهناك مفاهيم للبيئة السياسية قد تتقارب أو تبتعد عن بعضها لكنها تتفق على أنه هناك عدد من الجوانب مختلفة لهذا المفهوم ومنها:

<!--إن مفهوم البيئة السياسية  أصبح تعبيراً عن ذلك الكل الذي يتأتى من نتاج التفاعل والترابط الواعي بين مختلف المتغيرات الواقعة ضمن الإطار السياسي العام والذي  يشمل المقومات المادية والبشرية والمعنوية إلى جانب المقومات التنظيمية والقيادية، علاوة على المتغيرات الوظيفية المتعلقة بطبيعة ووظيفة النظام السياسي و بالعلاقة الداخلية والخارجية ونوعيتها.

<!--أن البيئة السياسية تعتمد  بدرجة عالية علي العلاقات المتبادلة بين النظم الفرعية بها ، بحيث أن التغير الذي يطرأ على أي منها يؤثر في باقي الوحدات الأخرى إن سلباً أو إيجاباً.

<!--إن مفهوم البيئة السياسية وفق مدخل النظم يرى أنه جزء من كل اجتماعي يدخل في علاقات معقدة، وتفاعلات، مع البناء الاجتماعي والاقتصادي بل ومع النظم الدولية الأعلي  ككل، وبالتالي فإن الظاهرة السياسية هي نظام مترابط ومتشابك من العلاقات المتبادلة  لا بد من دراستها كلية بدلاً من تحليل أجزائه أو العوامل المؤثرة فيه. وعليه فإن تحليل البيئة السياسية وفقاً لمدخل النظم السابق الإشارة إليه بمثابة دائرة ذات طابع ديناميكي تبدأ بالمدخلات وتنتهي بالمخرجات مع قيام عملية التغذية العكسية التى تربط بين المدخلات والمخرجات، والميزة الرئيسة لهذا التحليل تكمن في إبراز الطابع الديناميكي أو الحركي للبيئة السياسية.

لا حاجة للقول أن البيئة السياسية إذا كانت غير مدعمه للنشاط الاقتصادي فسينخفض الأداء الاقتصادي ومستويات التنمية، فلا يمكن إغفال العلاقات المتبادلة بين البيئة السياسية ومستوى التنمية الاقتصادية.