د علي اسماعيل للطب النفسي والاستشارات النفسية والزوجية والاجتماعية وللتنمية البشرية

موقع يهتم بتبسيط العلوم النفسية للعامة وللمتخصصين من خلال عرض حالات وفيديوهات وابحاث

هجمت علينا الفضائيات والقنوات الأرضية بشلال من المسلسلات خلال أيام وليالي رمضان، وبسبب البطالة الاختيارية التي أعانيها خلال هذا الشهر المبارك استطعت متابعة بعض هذه المسلسلات، ودارت العديد من المناقشات بيني وبين زوجتي عن أحداثها المختلفة، وكثرة الشد والجذب بيننا حفزني لمحاولة مناقشة وتحليل محتوى ما شاهدته من مسلسلات من الناحية النفسية والاجتماعية.

لقد شاهدت مسلسلات "الدالي" و"جدار القلب" و"عدى النهار" و"طيارة ورق" و"قلب ميت" و"قصة الأمس" و"في أيد أمينة" و"شرف فتح الباب" و"كلمة حق"، ولاحظت الآتي:

أولاً، أظهرت المسلسلات الزوج على أنه غدّار ولا يتحمل الإغراءات ويعيش لنفسه فقط مما يجعله يلجأ للخيانة أو للزواج الثاني عند أي بادرة (زوج يسرا "في أيد أمينة"، مصطفى فهمي في "قصة الأمس"، نور الشريف في "الدالي"، خالد الدالي زوج ميرفت أمين في "طيارة ورق"، أحمد ماهر في "جدار القلب"، مقارنة بوفاء المرأة لذكرى زوجها (مي نور في "الدالي"، سيدات مسلسل "عدى النهار").

ثانياً، الأب هو السبب الرئيسي والمباشر في تدمير مستقبل أولاده سواء لارتكابه جرائم (شرف الباب / أحمد ماهر في جدار القلب / زوج ميرفت أمين، وأسامة عباس في طيارة ورق، حسن حسني في كلمة حق) أو للزواج من أخرى (مصطفى فهمي في قصة الأمس) أو لبخله وطمعه (جار يسرا وزوج أختها في أيد أمينة).

ثالثاً، أظهرت المسلسلات وعلى غير المعتاد في الدراما العربية المرأة بصورة نموذجية ومثالية في أغلب المسلسلات فهي شريفة جداً وترفض الرشوة (د. كريمة ود. منال في جدار القلب مقابل طبيبين من الرجال شريف وواصف)، ترفض أن تعيش مع رجل مرتشي أو بأمواله (هالة فاخر في شرف الباب، منّة فضالي في جدار القلب)، تساعد أخاها رغم أنه كاد أن يتسبب في سجن ابنتها (سميرة أحمد في جدار القلب)، تتحمل مسؤولية الأسرة بعد سجن زوجها (سميرة عبد العزيز في قلب ميت)، تقف مع صاحب الحق (يسرا في أيد أمينة)، تضحي من أجل حبيبها (غادة عادل، حنان في قلب ميت)، ترفض المجد الشخصي وتضحي من أجل الأسرة (إلهام شاهين في قصة الأمس).

رابعاً، كعادة المسلسلات المصرية في خلط السم بالعسل، حيث أظهرت الشاب الذي به كل السلبيات (بلطجي/ عاطل/ انتهازي/ سكّير/ نصّاب)، ومع ذلك محبوب جداً ويحترمه الجميع وحنون وجدع وغيرها من الصفات الإيجابية كما في حالة شريف منير في قلب ميت، بل جعلته ملاكاً وأوجدت له المبررات كأنه غير مسؤول عن واقعه! وهو من الأشياء الخطيرة جداً والمدمرة أيضاً.

خامساً، قامت المسلسلات بتهميش دور الشباب وإظهارهم بصور التافه (السعدني في كلمة حق)، الانتهازي (حازم ورضا وفرج في "قلب ميت"، مصطفى وطاهر في "عدى النهار")، الباحث عن الثراء بأي طريقة (مدحت وخالد في "الدالي"، رضا وسلامة في "قلب ميت"، د. شريف في "جدار القلب"). مقارنة بنموذج إيجابي (المحامي ياسر في "جدار القلب"، الحسيني في "عدى النهار").

سادساً، ركّزت المسلسلات على أن الوسيلة الوحيدة للثراء هي الأعمال غير المشروعة سواء بالسرقة أو الرشوة أو الاتجار في الممنوعات، وهو ما كان واضحاً في مسلسلات "شرف فتح الباب"، و"جدار القلب"، و"طيارة ورق و"عدى النهار"، و"في أيدي أمينة"، و"كلمة حق"، و"الدالي"، و"قلب ميت".

سابعاً، الجحود الشديد المبالغ فيه من الأبناء رغم سماحة آبائهم (مينا في "الدالي"، حازم في "قلب ميت"، أبناء رجاء الجداوي في "جدار القلب").

ثامناً، استخدام الأولاد في الصراع الزواجي كنوع من أنواع العدوان على الزوج (إلهام شاهين منعت أولادها من رؤية والدهم في "قصة الأمس"، هالة فاخر أخبرت أولادها بسرقة زوجها بعد علمها بنية زواجه)، وهو استخدام في غايه الخطورة لأنه يدمر النموذج الإيجابي لدى هؤلاء الأطفال ويكسر داخلهم الأمان بصورة كبيرة.

تاسعاً، اهتمت المسلسلات ببعض القضايا الاجتماعية ولكن تم عرضها بصورة سطحية جداً وبلا عمق، مثل البطالة في "قلب ميت"، أطفال الشوارع في "أيد أمينة"، مشكلات المسنين في "جدار القلب"، المعاش المبكر في "شرف فتح الباب".

واهتمت المسلسلات بتدعيم العديد من القيم الإيجابية التي تخدم الصالح العام، ومنها:
(1) فكرة عودة التلاحم والتراحم والمشاركة الوجدانية بين الجيران في الأفراح والأتراح، وهو ما ظهر بشدة في مسلسلي قلب ميت (الحارة)، عدي النهار (أهل السطح)، يسرا مع جيرانها.

(2) التماسك والترابط الأسري والتضحية من أجل الأبناء والأخوة وإيثار الأخ على نفسه ومحاولة إسعاده (كريمة وعثمان والمحامي ياسرفي جدار القلب، رضا في قلب ميت، أولاد شرف).

(3) بث روح الانتماء والوطنية بين الشباب (رفع العلم في الدالي، أغاني سيد درويش ورباعيات جاهين في طيّارة ورق).

(4) الجرأة في محاربة الفساد وتحمل مخاطر هذا رغم ما يتعرض له الشخص من تنكيل له ولأسرته قد تصل إلى السجن أو الموت (المهندس هشام وأبو شامة في قلب ميت، كريمة في جدار القلب، الصحفي في طيارة ورق).

(5) رفض المال الحرام بعد معرفه مصدره (أولاد وزوجة شرف، تماضر في طيارة ورق).

(6) فكرة التسامح وألا يتحمل شخص جريرة والديه (الحسيني في تعامله مع مشكلة حماته في "عدى النهار"، تماضر مع ابن زوجها في "طيارة ورق").

(
7) العمل على تغيير الاتجاه السلبي نحو دور رعاية المسنين، وأنها ليست سجناً أو منفىً بل هي مكان يجتمع فيه أشخاص يجمعهم الحاجة إلى الصحبة، وأنه ليس مكاناً كئيباً وإن كان لم يأخذ حقه في المحتوي الدرامي.

ومن خلال هذا التحليل نرى التحسن الكبير في تناول الإعلام لصورة المرأة، لكن للأسف على حساب تدمير صورة الرجل وهو خطأ يجب تداركه، وظهر الاهتمام ببث روح الوطنية بين الشباب وهي من إيجابيات هذا الكم الكبير من المسلسلات.

واقرأ أيضاً:
 كيف نستفيد من رمضان/ شباب الجنة: خواطر رمضانية (1)/ شباب الجنة :خواطر رمضانية(2) / على باب الله: رمضان العهد والوفاء/ يوميات رحاب: رمضان الزاد والميعاد/ على باب الله نعمة رمضان30/9/2006 / أما أنت يا رمضان فوداعا/ معلومة تهمك في رمضان/ يوميات مجنونة صايمة: رمضان/ حكايا رمضان الحصرية/ يوميات مجنونة صايمة: وداعا...رمضان/ رمضان،، قبل ما تمشي خد تعالى أما أقولك/ رمضان والموت والثروة والجنس/ اختزالٌ لا يليق برمضان وصومه!/ رمضانيات: المسلسلات/ الكوميديا في رمضان: لماذا هذه الهزالة؟ / رمضان والكهرباء في لبنان

dralysmail

علي إسماعيل استاذ م. بطب الازهر /استشاري KJO / رئيس CME

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 138 مشاهدة
نشرت فى 26 سبتمبر 2015 بواسطة dralysmail

ساحة النقاش

دكتور علي اسماعيل للطب النفسي و الاستشارات النفسية والتنمية البشرية والمشكلات الزوجية والاجتماعية

dralysmail
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

97,156