بقلم / د.احمد برانية
استاذ الموارد السمكية
بمعهد التخطيط القومي
إن وضع مؤشرات عامة عن الجوانب الاقتصادية لنظم الاستزراع السمكي والتي علي أساسها يمكن تفضيل نظام آخر بشكل مطلق يعوقه العديد من الصعوبات والتي تنتج عن اختلاف المتغيرات البيئية من بلد الي آخر وحتي من موقع الي آخر داخل المنطقة نفسها ، وكذلك اختلاف الظروف البيئية الخاصة بكل نوع من الاسماك ، وتفاوت الظروف الاقتصادية والاجتماعية من دولة الي اخري ، بالاضافة الي عدم توافر بيانات كافية عن نظم الاستزراع المختلفة في الدول العربية 0
وللوصول الي بعض مؤشرات اقتصادية عامة تم الاعتماد علي دراسة لمنظمة الاغذية والزراعة للامم المتحدة تناولت المؤشرات الاقتصادية لثلاثة نظم استزراع سمكي هي الاقفاص ، والاحواض المستطيلة سريعة الصرف ، والحظائر المسيجة وهي أكثر النظم انتشارا في الاستزراع البحري ، وبيانات الدراسة لا تخص مشروعا بعينه ، بل تم تجميعها من التقارير المنشورة في العديد من دول العالم ، وعلي هذا فإن النتائج التي تم التوصل اليها تعبر استرشادية0
وقد بنيت الدراسة على أساس الاستزراع نوع واحد من الأسماك فى النظم الثلاثة و بدرجة واحدة من التكثيف (50ألف وحدة اصبعية وزن 30 جراما للوحدة ) وأن فترة التربية هى 160 يوما للنظم الثلاثة وذلك للوصول الى حجم تسويقى قدره 800 جرام للوحدة ، وأنه لا توجد تكلفة للمياة ، ولتربية هذه الكمية من الاصبعيات فإنه فى حالة الأقفاص سيستخدم خمسون قفصا تستهلك على ثلاث سنوات، وفى حالة الاحواض المستطيلة سريعة الصرف سيستخدم ثمانية أحواض (20 X 3 م X 1 م ) و ان عمق المياة فى الحوض 75 سم بحجم قدره 67.5 متر مكعب مياة ، وان معدل الانتاج عند جمع المحصول 70 كجم اسماك/م3 ، وأن الاحواض تستهلك على 25 سنة ، وبالنسبة للحظائر المسيجة ستكون مساحتها خمسة هكتارات مسيجة بالشباك وتستهلك على أربع سنوات ، وأنه سيستخدم كمية واحدة من الأعلاف (58 طنا ) على أساس معامل تحويل 1.6 : 1 كما احتسب معدل الفاقد فى الاصبعيات بواقع 10% وأن تكلفة هذا الفاقد تتضمن تكلفة شراء الاصبعيات وقيمة العلف المستهلك ، أى ان معدلات التحول والفاقد والنمو ستكون متساوية فى النظم الثلاثة وذلك بفرض أن المزارعين لديهم خبرة ودراية بهذا النشاط ، كذلك فإن أسعار الفائدة على رأس المال وأسعار البيع متساوية فى الحالات الثلاث .
وبناء على هذه الفروض تم حساب تكلفة الانتاج ( التكاليف الرأسمالية – تكاليف التشغيل ) للنظم الثلاثة والذى أمكن تلخيصها فى شكل نسب مئوية ، وذلك على أساس أن قيمة عناصر التكاليف المطلقة سوف تختلف من دولة الى أخرى و عليه تكون المؤشرات الاقتصادية معبرا عنها فى شكل نسب مئوية أكثر تعميما و تخدم أغراض هذه الدراسة .
وباستعراض عناصر تكلفة الانتاج فى النظم الثلاثة يمكن استنتاج ما يلى :
- ان الاحواض السمتطيلة سريعة الصرف تتطلب رأس مال أكبر فى بداية المشروع بالمقارنة بنظامى ألأحواض والحظائر المسيجه و مع ذلك فإنه يمكن خفض التكاليف الرأسمالية فى حالة الأحواض المستطيلة سريعة الصرف وذلك باستخدام الاحواض الترابية و لكن قد يؤدى هذا الى زيادة تكاليف الصيانة والعمالة .
- ان تكاليف الاصبعيات تكاد تكون متساوية فى النظم الثلاثة ومع ذلك يمكن خفض هذا العنصرعن طريق تحسين ظروف انتاج الزريعة وتحسين عملية التداول والتحكم فى الامراض والطفيليات .
- تمثل تكاليف الاعلاف أعلى نسبة فى تكاليف الانتاج فى النظم الثلاثة بمتوسط قدرة 55.5 % ويرجع ذلك الى ارتفاع اسعار العناصر الداخلة فى تكوين العلف وتعرضها للتقلبات ومع التسليم بأن توفير عليقة متوازنة تعتبر أساسية فى المزارع السمكية التى تستخدم النظم المكثفة فإن توفير امدادات علف مصنعة من عناصر متوافرة محليا ( الاسماك المنخفضة القيمة ومخلفات المجازر .. الخ ) يمكن ان تخفض تكاليف الاعلاف الى حد ما و لكن هذا يتطلب القيام بأبحاث جادة فى هذا الاتجاه وأنه فى حالة ارتفاع تكاليف الاعلاف فإن على المزارعين خفض معدل التحويل بقدر الامكان .
- ان نظام الاستزراع منخفض التكثيف والذى يعنمد على الغذاء البلانكتونى والطحالب تتميز بنخفاض نسبة كلفة الاعلاف ولكن هذا النظام يمكن ان يكون مربحا فى المياة التى تتميز بارتفاع خصوبتها خاصة تلك المناطق التى تصب فيها المخلفات العضوية من التجمعات الحضرية واذا كانت معدلات التلوث العضوى هذه ليست كبيرى فإن استخدام نظام الحظائر المسيجة منخفض التكثيف قد يكون مربحا وفى هذه الحالة يحقق هدفين :
- الاول انتاج غذاء بروتينى والثانى التحكم فى التلوث العضوى والذى تخصص له العديد من دول العالم أموالا ليست قليلة يمكن أن يوجه جزء منها الى الاستزراع السمكى .
- ان تكلفة العمالة تكون اعلى فى نظام الحظائر المسيجه عنها فى الاقفاص والاحواض المستطيلة سريعة الصرف .
- ان نتائج الدراسة نفسها اوضحت ان تكلفة انتاج حجم واحد من الاسماك تكون أعلى فى نظام الحظائر المسيجة بالمقارنة بنظم الاحواض المستطيلة سريعة الصرف و ان اقل تكلفة هى فى نظام الاقفاص .
- ان مؤشرات الكفاءة الاقتصادية توضح ان النظم الثلاثة تحقق ربحا .
من العرض السابق يمكن استنتاج ما يلى :
1 - انه لا يوجد نظام أفضل من الاخر فى جميع الحالات وان النظام الذى يختار هو الذى يكون أكثر ملاءمة للظروف البيئية السائدة والذى يضمن حدوث أقل خسائر من المتغيرات البيئية ويتلاءم مع الاستخدامات الاخرى البديلة فى المنطقة ويحقق فى النهاية أكثر جدوى اقتصادية .
2 - ان المعدلات الفنية فى نظم الاستزراع السمكى و بالتالى الكفاءة الاقتصادية للنظام المستخدم تتوقف بدرجة كبيرة على خبرة و تدريب المزارعين - حيث أن الربح والخسارة لا يعتمد على النظام بقدر ما يعتمدان على أسلوب الادارة المزرعية .
3 - ان هناك معاييرأخرى يجب أخذها فى الاعتبار عند الاختيار بين نظم الاستزراع المختلفة و نعنى بذلك أنه لا يجب الاعتماد فقط على معيار تكاليف الانتاج ولكن أيضا معيار حجم رأس المال المطلوب فى بداية المشروع وكذلك تكاليف العمالة وبفرض تشابه نوعية المياة فإن الاختيار بين البدائل المختلفة للاستزراع السمكى يمكن ان يعتمد على المعايرر الآتيه :
أ - يفضل نظام الاقفاص فى حالة صغر حجم راس المال المخصص وتوافر عمالة بتكلفة معتدلة .
ب - يفضل نظام الحظائر المسيجة فى حالة توافر حجم متوسط من رأس المال وعمالة رخيصة .
ج - ان نظام الحظائر المسيجة يكون أكثر ملائمة عندما تكون المياة ضحلة ومرتفعة الخصوبة والعمالة رخيصة وتكلفة العلف مرتفعة .
وبالنسبة للتقييم الاقتصادى لنظم الاستزراع السمكى فى الوطن العربى فلم تتوافر بيانات الا عن جمهورية مصر العربية والتى يمكن ان تعطى أيضا مؤشرات عامة عن هذا القطاع فى المنطقة العربية خاصة وان الاستزراع السمكى فى مصر يساهم بنسبة كبيرة من اجمالى انتاج الوطن العربى فى هذا النشاط ، وبناء على الدراسة التى تمت فى هذا المجال والتى اعتمدت على المسح الميدانى لعينة مختارة من المزارع السمكية على مستوى الجمهورية ثم رصد المؤشرات الاقتصادية الآتيه :
مزارع الأحواض
تنتج مزارع الأحواض حوالى 66% من اجمالى انتاج المزارع السمكية فى جمهورية مصر العربية ويقدر رأس المال المستثمر فيها بحوالى 70 مليون جنيه مصرى
- تمثل تكلفة الاراضى والانشاءات ( الاحواض ) والمبانى حوالى 66% من اجمالى راس المال المستثمر على مستوى مزارع العينة وقد لوحظ ارتفاع متوسط تكلفة الانشاءات فى بعض المناطق على المتوسط العام والذى يرجع الى عدم اختيار الموقع المناسب .
- تمثل مصروفات التشغيل حوالى 98 % من المتوسط العام للتكلفة الكلية حيث قدر متوسط تكلفة الاجور بحوالى 32.5 % من تكاليف التشغيل ويرجع ذلك الى ان جميع العمليات تتم يدويا وان عمليات صيانة الاحواض وجمع المحصول تتطلب وقتا وجهدا وتمثل الصيانة 16% وتعتبر تكاليف الزرايعة منخفضة عن امعدلات المعروفة ويمكن ارجاع ذلك الى عدم توافر الاعداد الكافية منها وتمثل تكلفة الاعلاف او التغذية حوالى 3.5 % فقط من تكاليف التشغيل وهذا يمكن تفسيره الى تقص الاعلاف الاضافه الى ارتفاع اسعارها وبالتالى فإن استخدامها يصبح غير اقتصادى عند مقارنة تكلفتها بالدخل الاضافى المتحقق من استخدامها و هذه العناصر الاربعة تكون حوالى 70% من اجمالى متوسط تكاليف التشغيل للفدان الواحد .
- ان متوسط نصيب الفدان من التكاليف ينخفض مع زيادة حجم المزرعة و هذا أمر منطقى حيث ينخفض نصيب الفدان من التكاليف الثابتة ويكون أقل ما يمكن فى المزارع التى تزيد مساحتها على 80 فدانا ومع هذا نلاحظ ان متوسط اعلى انتاجية للفدان تقع فى فئات المساحة الصغيرة ( اقل من 20 فدانا ) و تكون أعلى من مثيلتها فى المزارع الكبيرة .
- ان متوسط اعلى عائد للفدان يقع فى فئات المساحة من 60 الى 80 فدانا و أن اقل صافى يقع فى المزارع ذات المساحات الصغيرة ( أقل من عشرة أفدنة )، وقد يرجع ذلك الي انخفاض القيمة التسويقية للاسماك المنتجة في هذه المزارع ( اسماك المبروك أو اسماك صغيرة الحجم من أنواع اخري )
- ان المزارع التي مساحتها ما بين 60 الي 70 فدانا تحقق اكبر صافي دخل للفدان يليها المزارع التي تقع في الفئة ما بين 50 الي 60 فدانا وعلي هذه يمكن القول ان هذا الحجم من المزارع يعتبر الحجم الاقتصادي الامثل 0 ذلك انه مع زيادة حجم المزرعة تقل كفاءة ادارة المزرعة 0
- بالنسبة لراس المال المستثمر نجد انه اقل من 10000 جنيه في نصف عدد مزارع العينة ، وهو ما يفسره صغر حجم المزارع ، وكذلك احجام المزارعين عن استثمار اموال كبيرة بسبب عدم استقرار اوضاع الحيازة ، حيث ان معظمها وضع يد ولم تحسم اوضاعها القانونية مع الجهات المسئولة ، وان المزارع المؤجرة يتم تأجيرها لفترة خمس سنوات فقط ، وهي فترة قصيرة لا تشجع المستأجر علي استثمار اموال اضافية لا يضمن تحقيق عائد منها بعد انتهاء مدة الايجار 0
- انه لا يوجد ارتباط بين حجم الاموال المستثمرة وصافي العائد والذي قد يفسر باختلاف مستوي كفاءة ادارة المزرعة واختلاف الظروف البيئية من مزرعة الي اخري 0
- بالنسبة لمعدل العائد الداخلي فقد اتضح ان حوالي 40 % من مزارع العينة تحقق معدل عائد داخلي يتراوح ما بين 30-50% وهو عائد يعتبر مجزيا بالنسبة لنفقة الفرصة البديلة ، حيث يزيد عليها كثيرا مما يستوجب الاهتمام بهذه المزارع 0
1 - المؤشرات الاقتصادية لمزارع احواض جمبري المياه العذبة :
- تم استخلاص هذه المؤشرات اعتمادا علي ممارسات استزراع جمبري المياه العذبة في احدي الشركات الحكومية ، ومن اهم هذه المؤشرات ما يلي :-
- ان متوسط راس المال المستثمر للفدان يقدر بحوالي 33 ألف جنيه وهو أعلي بكثير من نظيره في مزارع الاحواص ، ويرجع ذلك الي ضخامة حجم الاستثمارات الثابتة في الشركة 0
- ان تكاليف التشغيل تمثلحوالي 70 % من اجمالي التكاليف الكلية ، وان الزريعة تمثل 43% من اجمالي تكاليف التشغيل والتغذية حوالي 29% والاجور 3% فقط 0
- ان صافي العائد من الفدان يقدر بحوالي 8 آلاف جنيه في السنه وهو يفوق بكثير نظيره في استزراع الاسماك في احواض ، كما ان العائد علي راس المال المستثمر يقدر بحوالي 24% وهو عائد مناسب ، ويمكن تفسير ذلك الي ارتفاع القيمة التسويقية للجمبري بالمقارنة بأنواع الاسماك المزروعة بالاحواض .
2 - المؤشرات الاقتصادية لمزارع احواض الجمبري المياه المالحة :
- ان متوسط رأس المال المستثمر للفدان يقدر بحوالي 10000 جنية مصري 0
- ان تكاليف التشغيل تمثل حوالي 70% من اجمالي التكاليف وتمثل تكاليف الزريعة حوالي 24% من اجمالي تكاليف التشغيل والتغذية حوالي 50% وان هذين العنصرين يمثلان 75% من تكاليف التشغيل .
- ان صافي العائد من الفدان مرتفع ايضا ولكنه يقل عن نظيره في حالة جمبري المياه العذبة ( حوالي 6300 جنيه / السنه) وان العائد علي راس المال المستثمر يقدر بحوالي 62% وهو يفوق بكثير نظيره في حالة جمبري المياه العذبة ولكن يمكن تفسير ذلك بضخامة الاستثمارات بدون مبرر في حالة المياه العذبة كما سبق ان ذكرنا .
ساحة النقاش