الندوة العربية
لتفعيل الشراكة بين منتجى الاسماك
والجهات الحكومية والمنظمات الاقليمية
فى
تنمية قطاع الثروة السمكية
فى
الوطن العربى
** مقـــــــــــــــدمة :-
طبقت العديد من الدول النامية ( منها الدول العربية ) وعلى مدى عدة عقود استراتيجية للتنمية تقوم على وضع ادارة الاقتصاد القومى فى يد الدولة ، وبالتالى انفراد الحكومة بسلطة اتخاذ القرار ةووضع خطط وسياسات التنمية مطبقة اسلوب ادارة شئون المجتمع والدوله من اعلى الى اسفل Top - Down ومع غياب اطر وقنوات ديمقراطيه للمشاركة الشعبيه فى اتخاذ القرارات والرقابه على تنفيذها تضخمت البيروقراطيه بشكل كبير مما اضاع الكثير من مكاسب التنمية،والحق اضرارا بالغه بالعلاقات الاجتماعيه ومشاعر الانتماء ،والابتعاد عن المشاركة فى العمل العام لدى غالبية المواطنيين.
وقد ادت هذه النتائج الى اعادة النظر فى دور الدولة فى التنمية فى سياق سياسات الليبراليه الاقتصاديه الجديده والتى عمدت الى تقليص دور الدوله واستهدفت اقامة حكومة الحد الادنى Mimimum Government وركزت على فاعلية الدولة ونزاهتها Government Clean ، وقـــد تبنــــت العديد من الحكومات والمنظمات الدولية استراتيجيات بديله للتنمية تقوم اساسا علـــى فكــــــرة المشاركـــة الشعبيـــة People Pantici batun كآليــــة لتحقيــــــق اهداف التنمية.
والمشاركة تعنى ان يكون لافراد مجتمع ما ( لهم مصالح مشتركة ) دور فعال فى ادارة شئونهم ، من خلال المشاركة الفعاله فى تصميم وتطبيق السياسات المتصله بأنشطتهم ومعيشتهم ، وهو ما يقتضى ان يتاح لهم فرص كافية لعرض قضاياهم والتعبير عن مصالحهم ، واعلان رأيهم في النتائج المتوقعة من قرارات معينه ، كما تتاح لهم فرص حقيقية للتأثير في عملية صنع القرار.
وقد اكد هذا المفهوم المؤتمر الدولى عن التنمية الريفيه والذى عقد عام 1973 حيث نص البيان الختامى على " ان مشاركة الافراد فى المؤسسات والانظمة التى تتحكم فى حياتهم هو احد الحقوق الاساسية للانسان وهو ما يعتبر ضرورى لتحويل القوة السياسية لصالح المجموعات الاكثر حاجة الى الرعايه Disadvntaged ، وايضا لصالح التنمية الاقتصادية والاجتماعية ".
كما تشير تجربة منظمة الاغذيه والزراعه للامم المتحدة انه من خلال البرامج والانشطة التشاركيه ، امكن تعبئة المعرفة والموارد المالية لصالح التنمية من خلال الاعتماد على الذات والمشاركة ، كما انها ساعدت فى خفض تكاليف التنمية.
كما ان المشاركة الشعبية تعتبر عنصرا اساسيا فى استراتيجيات صيانه المصايد واستدامتها ، ما دامت البيئة البحرية يمكن حمايتها من خلال التعاون الفعال مع الصيادين المحليين ، وهذا ما تؤكدة النتائج التى حققها مشروع صون الاراضى الرطبه والمناطق الساحلية فى حوض البحر المتوسط والتى تنفذه وزارة شئون البيئة فى بحيرة البرلس فى جمهورية مصر العربية ، وكذلك جمعية منتجى الاسماك لدول حوض البحر المتوسط والتى مقرها مدريد وتضم فى عضويتها ممثلين عن الدول العربية فى حوض البحر المتوسط.
كما ان منظمة الاغذيه والزراعه للامم المتحدة ضمنت استراتيجية المشاركة فى العديد من مشروعاتها وبرامجها نذكر منها على سبيل المثال :-
أ ) المشروع الاقليمى لتنمية البحر الاحمر وخليج عدن والذى ضم العديد من الدول العربية والذى تم تنفيذه فى الثمانينات من القرن الماضى والذى كان احد مكوناته انشاء ما يعرف باسم مراكز الصيد التعاونية والتى تقوم فكرتها على اشراك الصيادين المحليين فى عملية تنمية وحماية المصايد.
ب ) برنامج صيادى السعة الصغيرة والصيادين الحرفيين
The Progremne For Small Scale and Artisanal Fichermen
جـ ) مشروع دعم قدرات الاتحاد التعاونى السمكى فى الجمهورية اليمنيه والذى ما زال مستمرا.
** اهمية المشاركة :-
انطلاقا من مفهوم المشاركه كما سبق عرضة فانها تعتبر عنصرا رئيسيا فى عملية التنمية، والتى تتمثل اهميتها فيما يلى :-
1 - المشاركة تعبىء المنتجين ليصبحوا فاعلين ومراقبين للانشطة المتصله للتنمية.
2 - المشاركة تخفض من تكاليف جمع المعلومات والبيانات اللازمة لاعداد الخطط والبرامج والمشروعات التنموية ، باعتبار المنتجين مشاركيين فى العملية التخطيطية واعداد المشروعات والبرامج التنموية.
3 - المشاركة تساهم فى حل الخلافات والصراعات بين المجموعات المختلفة من خلال تحديد ارضية مشتركة والتى تسمح بتحقيق فوائد للجميع.
4 - المشاركة تساعد فى تحديد مشاكل التنمية واقتراح حلول واقعية لمواجهتها.
5 - المشاركة تساهم فى تقوية مجتمعات المنتجيين من خلال اتاحة الخبره لهم لتجميع انفسهم فى منظمات للدفاع عن مصالحهم والمشاركة فى اتخاذ القرارات التى تؤثر عليهم ، مما يتيح لهم التفاوض بفاعلية اكثر مع المؤسسات الحكومية … ومع زيادة قوة هذه المنظمات فانها تصبح قادرة على المطالبة بمشاركة اكبر.
6 - المشاركة قد تساعد على تحسين العلاقة بين المنتجيين ومؤسسات الدولة.
7 - المشاركة تسمح بتبادل المعلومات بين مجموعات المنتجيين والمؤسسات الحكومية وبالتالى تزيد من الشفافيه عند اتخاذ القرارات ، وهذا بدوره سوف يمكن من تفعيل مبدء المحاسبة للمســـئولين الحكوميين Government Accountapility وهذا ما يؤدى الى تحسين ادارة القطاع.
8 - من وجهة النظر السياسية ومبادئ الديمقراطية ، فان الدوله تستمد شرعيتها من المجتمع المدنى ، واذا تم قبول هذا المبدأ ، فان المشاركة تؤكد مفاهيم الديمقراطيه وبهذا تصبح ليس فقط مجرد وسيلة لتحقيق التنمية المستدامه ولكن تصبح وسيلة للتربية السياسية وتعميق مفاهيم الديمقراطية.
** دور تنظيمات المنتجيين فى تفعيل المشاركة :-
** يعتبر قطاع الثروة السمكية فى الدول العربية بصفه عامه قطاع انتاج سلعى صغير ، يتكون من وحدات انتاجية صغيرة او متوسطة الحجم سواء فى المصايد الطبيعية او المستزرعه ، كما يتصف العاملون فى هذا القطاع باعتمادهم على بيئة طبيعية واجتماعية لا يملكون لها تغييرا دون المشاركة الجماعية والفعلية منهم فى برامج يساهمون فى وضعها نظريا وتنفيذها عمليا ، وفى ظل وجود اعداد كبيرة منهم يصبح من الصعب التعرف على ارائهم واحتياجاتهم فرادى عند تخطيط وتنفيذ برامج التنمية ، ومن هنا تصبح تجمعات المنتجيين المنظمه ضرورية لضمان مشاركتهم الفعلية فى مراحل التنمية المختلفة.
** تعتبر الجمعيات التعاونية - على الرغم من تفاوت درجات نجاحها وفشلها هنا او هناك ، اكثر الاشكال قبولا لتجميع المنتجيين ، ذلك ان التعاونيات تعتبر احد التنظيمات المهمة لتحقيق المشاركة ولمنهج التنمية المعتمدة على الذات ، حيث ان التعاون ينمى قيم الديمقراطيه الاقتصادية والمسئولية المشتركة لدى اعضائها.
** يمكن للجمعيات التعاونية المحلية ان تكون فيما بينها اتحادات على مستوى الاقليم او المستوى القومى او الاقليمى او الدولى - كما هو حادث فى بعض الدول العربية ( مصر على سبيل المثال ) مما يعظم من قوتها ويزيد من مشاركتها .
** الجمعيات التعاونية تهدف الى دعم وتقوية الاعتماد على الذات ، وتتعاظم مشاركتها فى التنمية مع توسع الدولة فى تطبيق سياسة التكيف الهيكــــلى Stractural Adjustment بهـــــدف تقليص دور الدولة فى النشاط الاقتصادى والخدمى.
** ان التحدى الحقيقى امام تنمية الثروة السمكية العربية هو المحافظة على الموارد السمكية وحمايتها من الاستنزاف ، وعلى الرغم من وجود الوسائل الادارية التى تهدف الى حماية المصايد ، الا ان وجود هذه الوسائل دون المشاركة الفعالة المبنية على الفهم والاقتناع من جانب الصيادين تحد من النتائج المرجوه من هذه الاجراءات .
وهنا تتأكد اهمية المشاركة من جانب تنظيمات المنتجين فى عملية
ادارة المصايد والتى تتضمن المشاركة فى وضع القوانيين والقواعد والوسائل المناسبة.
** ان ترسيخ قيم المشاركة والتدريب على مهارات ممارستها عملية تراكمية ومستمرة ، وهنا يبرز دور التنظيمات التعاونية للمنتجين كواحدة من اهم المؤسسات لترسيخ قيم المشاركة من خلال الممارسة العملية.
** العوامل التى تحد تفعيل المشاركة :-
توجد عدة عوامل قد تحد او تعوق عملية المشاركة فى التنمية نعرض لها فى ايجاز وهى :-
1 - خوف بعض المسئولين الحكوميين من فقد سلطتهم ومتعة التحكم.
2 - نقص الوعى والخبرة واهمية المشاركة سواء فى جانب المؤسسات الحكومية او تنظيمات المنتجين .
3 - غياب المفاهيم والمؤسسات الديمقراطية فى المجتمع.
4 - مركزية الادارة الحكومية وعدم توفر المرونة وتفشى البيروقراطية.
5 - عدم القدره على تقبل التغيير والاعتقاد فى جدوى الاساليب التقليدية.
6 - نقص القدرات لتحقيق المشاركه .
7 - وجود اختلافات حاده بين المجموعات المختلفه من المنتجين.
8 - لا يعبر ممثلى المنتجين بصدق عن اولويات واحتياجات المجموعات التى يمثلونها ، وان هذه النخبة تستغل عملية المشاركة لصالحها.
9 - عدم توفر البيئه التشريعية والسياسية التى تشجع وتدعم عملية المشاركة.
** تفعيل دور المشاركة فى تحقيق التنمية :-
ان تفعيل دور المشاركة فى تحقيق تنمية قطاع الثروة السمكية فى الدول العربية يعتمد على فهم حقيقتين :-
الاول : ان عملية المشاركة مرتبطة بتطور البيئة التشريعية والادارية والاقتصادية بما يشجع على تشكيل تنظيمات مستقله للمساعدة الذاتية ، دون تدخل من السلطات الحكومية ، واتاحة الظروف لقيامها بالمشاركة فى جميع مراحل التنمية دون معوقات.
الثانى : ان تطبيق سياسات التنمية بالمشاركة تقع فى سلطة الجهات الحكومية.
وعلى هذا الاساس فان تفعيل دور المشاركة يتطلب الاتى :-
1 - خلق ظروف تشريعية ووضع سياسات ملائمة لتحقيق المشاركة … وذلك من خلال اصدار قوانين جديدة وتعديل القوانين القائمة بما يسمح بحرية تشكيل تنظيمات المنتجين وتوفير كافة الضمانات للمشاركة فى مراحل تخطيط وتنفيذ برامج ومشروعات التنمية.
2 - نشــــــــر الوعــــى العـــــــــام Puhlic Awarness بيــــن المسئوليـــــن الحكومين باهمية ودورتنظيمات المنتجين والفوائد التى يمكن تحقيقها من مشاركتهم فى عملية التنمية.
3 - تقوية وتدعيم القدرات الذاتية لمنظمات المنتجين على المستوى المحلى والقومى من خلال برامج التدريب للقيادات والمديرين واعضاء منظمات المنتجين من اجل تحسين القدارت الاداريه والفنية.
4 - تطبيق مبدأ اللامركزيه فى اتخاذ القرارات الحكومية ، وذلك من خلال ادخال تعديلات فى الاجراءات الادارية والمالية ونقل السلطة والمسئولية الى المستويات المحلية، مع تكوين هياكل استشاريه محلية لتقديم المشورة ، مع تفعيل دور الرقابة المحلية.
ساحة النقاش