د/ أحمد عبد الوهاب برانيه

أستاذ إقتصاد وتنمية الموارد السمكية

مصادر تلوث مصايد خليج السويس

1-   التلـوث البترولي:

أدت الزيادة المضطرده في الأنشطة المرتبطة بالكشف عن آبار البترول واستخراجه وتكريره ونقله في منطقة خليج السويس، وكذلك تزايد حركة النقل البحري عبر الخليج إلى ظهور كميات تتزايد من الملوثات البترولية تلوث خليج السويس وشواطئه، الأمر الذى أصبح يمثل مشكلة بيئية لها خطورتها على الموارد البحرية الحية.

 

 وأهم مصادر التلوث البترولي في الخليج هى :-

 

التلوث البترولي من المصادر المتواجدة في المسطح المائي للخليج، وأكثر هذه المصادر خطورة على المصايد، عمليات التنقيب والحفر واستخراج البترول تحت مياه الخليج، حيث يزيد الإنتاج السنوي المستخرج عن 15 مليون طن، كما أن عمليات التنقيب عن البترول في منطقة الخليج تغطى مساحة تقدر بأكثر من ثمانية آلاف كيلو متر مربع، كما يزيد عدد الآبار الاستكشافية فيه عن 30 بئراً.

 

كذلك تعتبر ناقلات البترول وسفن الشحن والنقل الأخرى، أحد مصادر تلوث مصايد الخليج، حيث يمر معظم البترول المنقول بحراً من منطقة الخليج العربي عبر البحر الأحمر ثم خليج السويس ماراً بقناة السويس والبحر المتوسط في طريقه إلى مواني التفريغ، حيث يحدث تلوث مياه الخليج نتيجة التشغيل العادي لهذه الناقلات والسفن أو نتيجة للحوادث التى ينشأ عنها تلوث بترولي شديد يسبب أضرار بيئية بالغة الضرر للمصايد، ويمكن تصور حجم الملوثات التى تحدثها حركة النقل البحري من المتوسط السنوي لعدد السفن التى تعبر الخليج والتي تقدر بحوالي 18500 سفينه إجمالي حمولتها 425 مليون طن.

 

 كذلك فإنه خلال السنوات الأخيرة تم وقوع عدة حوادث بحرية، ما بين تصادم وجنوح وغرق تسببت في تلويث مياه الخليج نذكر منها على سبيل المثال ، السفينة الهولندية لاتاس والتى تسرب منها حوالي 500 طن زيت في منطقة شرم الشيخ، كذلك غرق السفينة سفير في منطقة شقير بحمولة 16700 طن فوسفات، 450 طن مازوت ، جنوح السفينة ليدين هيرد في قناة السويس بحموله 2000 طن بترول ، والسفينة الفلبينية والتى دمرت أحد المنشآت البترولية ونتج عنها تسرب 10مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي ، و10000 برميل من الزيت.

 

أما بالنسبة للتلوث البترولي من المصادر الأرضية فيكون مصدره المنشآت البترولية الساحلية المقامة على شواطئ الخليج مثل معامل تكرير البترول ، ومواني البترول في السويس والعين السخنه، ومنشآت بتروجاز ، ومرسى خط سوميد والذي يستقبل الزيت الهام من منطقة العين السخنه بالخليج ليعاد شحنه.

 

 وتتمثل خطورة التلوث البترولي ، في أن بعض مكوناته مثل المركبات الأروماتية والفينولية تعتبر من أكثر المركبات قابلية للذوبان وأكثرها سميه وخطورة على الحياة في المصايد البحرية ، كذلك فإن للمركبات البترولية آثار عديدة على الأسماك خاصة في حالة التركيزات العالية والتى تسبب اختلال في وظيفة الخياشيم ثم هلاك الأسماك، كذلك تعمل هذه المركبات على اختلال الوظائف الفسيولوجية وسلوك الأسماك بالنسبة للغذاء والهجرة والتكاثر .. الخ، كما أن امتصاص الأعضاء والخلايا للمواد الهيدروكربونيه تسبب رائحة غير مقبولة للأسماك التى تستخدم للاستهلاك الآدمي ، وتراكم أنواع الفطريات المسببة للسرطان في الخلايا، وغالبا ما تهرب الأسماك كاملة النمو من المناطق المغطاة بالملوثات البترولية إلا أنها تكون عرضه للملوثات الذائبة أو المشتته في الماء سواء بفعل الأمواج أو المشتتات الكيمائية المستخدمة في علاج التلوث، وكما هو معروف فأن المكونات البترولية الذائبة هي أكثر المركبات سميه، كما أن تأثير المكونات الغير ذائبة يكون أكثر انتشاراً نتيجة لتشتتها على مساحات واسعة وبذلك يتزايد أعداد الكائنات الحية التى تتناولها.

 

 ويجب التنويه أن المشتتات الكيمائية والتى تستخدم في إزالة التلوث البترولي في الخليج تزيد من الآثار الضارة للمكونات البترولية حتى ولو كانت – أي المشتتات – غير سامه، فهي تخفي التلوث ولا تزيله، حيث أنها تعمل على جعله أكثر انتشاراً في المسطح المائي، وبالتالي يكون تأثيرها أكبر على الكائنات الحية، ونظراً لأن البيض والأجنة للعديد من الأسماك الاقتصادية تكون أما طافيه فوق سطح الماء أو تتواجد في الطبقة السطحية منه، فإنها تكون أكثر عرضه لآثار التلوث البترولي مما يؤدى إلى هلاك معظمها إن لم يكن كلها.

 

 وآثار التلوث البترولي على الإنتاج السمكي قد لا تظهر مباشرة، ولكن قد يحدث تناقص تدريجي في الإنتاج على مدى زمني طويل نسبياً وعلى امتداد مساحات واسعة، حيث أن آثار التلوث البترولي لا تقتصر على منطقة التلوث بل تتعداها إلى المناطق القريبة.

 

كذلك يؤثر التلوث البترولي على تبادل غاز الأكسوجين وثاني أكسيد الكربون عند السطح الفاصل بين الماء والهواء الأمر الذي يسبب نقص الأكسوجين الذائب في العمود المائي تحت السطح ، كذلك تسبب امتصاص طبقة الزيت لحرارة الشمس إلى ارتفاع درجة حرارة المياه وبالتالي التأثير على الكائنات الحية، كما أن امتصاص طبقة الزيت لبعض الملوثات الأخرى الموجودة في الهواء مثل بقايا الفلزات والكيماويات يجلب ملوثات إضافية إلى المصايد.

 

2-التلـوث بمخلفات مصانع الأسمدة

يقدر تصرفات مصانع الأسمدة في خليج السويس بحوالي 10 ألاف م3 يوميا، وتكمن خطورة هذه المخلفات في أنها تحتوى على بعض المركبات الضارة بالموارد البحرية الحية في الخليج، فمركبات الفوسفات تعتبر من أكثر المركبات الملوثة للبيئة المائية حيث تؤدى زيادة نسبتها في الماء إلى الأضرار بكثير من العناصر الحية التى تعيش في البيئة المائية، والتى يمكن أن تنتقل إلى الإنسان عن طريق الأسماك، كذلك تسبب زيادة نسبة مركبات الفوسفات إلى نمو الطحالب وغيرها من النباتات المائية بمعدلات متزايدة، مما يؤدى إلى ظهور حالة التشبع الغذائي ونقص الأكسوجين وتأثير ذلك على الأسماك وغيرها من العناصر الحية.

 

كما تكمن خطورة مركبات النترات في أن جزءاً منها يتحول إلى ايون النيتريت والذي يسبب أنواع حادة من التسمم يمكن أن تنتقل إلى الإنسان من خلال سلسله الغذاء في البيئة المائية، كما تؤدى أيضا إلى حدوث ظاهرة التشبع الغذائي السابق الإشارة إليها.

 

3- التلـوث بميـاه الصرف الصحي

تقدر كمية مياه الصرف الصحي التى تصرف في خليج السويس بأكثر من 100ألف متر مكعب يوميا والتى تحتوى على المياه والفضلات التى تتجمع نتيجة الاستخدامات المنزلية والآدمية والمياه المستخدمة في غسل الطرق وتلك المستخدمة في بعض الورش والجراجات ومحطات البنزين وأيضا بعض المصانع التى تلقي مخلفاتها في شبكات الصرف الصحي مثـل مصانع الأسمدة، كذلك الصرف الصحي للسفن العابرة والمنتظرة دورها في العبور في منطقة الانتظار في الخليج ، وبعض المنشآت السياحية.

 

 ونظراً لاحتواء مياه الصرف على الكثير من المواد العضوية فإن عملية تحلل هذه المواد تستهلك كميات من الأكسوجين الذائب في مياه الخليج، ومع زيادة معدلات استهلاك الأكسوجين نتيجة لتجاوز طاقة الحمل للمياه، تقل كميات الأكسوجين اللازمة لحياة العناصر الحية في البيئة المائية مما يؤدى إلى هلاكها.

 

ورغم أن عمليات معالجة مياه الصرف الصحي تخفف كثيراً عن الآثار التى تحدثها في البيئة المائية، ألا أن عمليات التنقية هذه لا تستطيع تنقية مياه الصرف الصحي من المواد الذائبة فيها مثل مركبات الفوسفات ومركبات النترات، وغيرها من المركبات الكيمائية ، ولهذا فإن تكرار إلقاء مياه الصرف الصحي سيؤدى إلى زيادة تركيز هذه العناصر في مياه الخليج.

 

4-   التلـوث النــووي

وهو الذى قد يحدث نتيجة نقل شحنات مشعة أو وقود نووي ، خاصة مع تزايد عمليات نقل الوقود النووي من بعض دول أوروبا إلى بعض دول آسيا في الفترة الأخيرة عبر قناة السويس.

 

5-  الاطمـاء كمصدر لتلوث المصايد في خليج السويس

ويشمل:-

1-  المنشآت الصناعية لحماية الشواطئ.

2- التوسعات في المواني وإقامة الجسور للأغراض المختلفة.

3-  المنشآت السياحية بأنواعها المختلفة.

 

حيث يقلل من المساحات الطبيعية التى تزاول فيها الكائنات الحية وظائفها البيولوجية بشكل طبيعي، مما يحد من قدرة هذه الموارد على التجدد والنمو بنفس المعدلات الطبيعية.

 

 

 

المصدر: د/ أحمد عبد الوهاب برانيه أستاذ إقتصاد وتنمية الموارد السمكية
drBarrania

د/ أحمد برانية أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى

ساحة النقاش

د/ أحمد عبد الوهاب برانية

drBarrania
أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

363,331