د/ أحمد عبد الوهاب برانيه

أستاذ إقتصاد وتنمية الموارد السمكية

دراسة حالة المنطقة الغردقة  -  سفاجا على ساحل البحر الاحمر المصرى"

اعداد  

  دكتور / احمد عبد الوهاب برانية

مقدمة :

    تساهم الموارد البحرية الحية خاصة الشعاب المرجانية بشكل مباشر أو غير مباشر في الاقتصادي المصري وتمثل منتجا سياحيا هاما ، ولذا فإنه من الاهمية المحافظة علي هذا الموارد وحمايتها من التدهور حتي تستطيع ان تقوم بكل وظائفها الايكولوجية بكامل طاقتها والاستفادة منها بشكل كامل . 

   ان الشعاب المرجانية والموارد البحرية الاخري في قطاع الغردقةسفاجا تعرضت ومازالت مهددة بالعديد المخاطر والأضرار الناتجة عن التاثيرات السلبية الناتجة عن التنمية الغير مخططة للمشروعات السياحية والممارسات الغير منضبطة للعديد من الأنشطة الترفيهية، فإن أعمال الحفر والردم لأغراض اقامة المنشآت السياحية ، ومراسي اليخوت ورياضات الغوص ، والصيد المدمر قد اصاب مساحات كبيرة من الموائل الطبيعية القريبة من الشاطيء ،

   ويهدف تقديـر كلفة التدهور البيئى الي تحديد قيمة نقدية لآثار هذا التـدهور وهذا يتطلب :-

  1. قياس التدهور البيئى كماً
  2. قياس آثار التدهور ( تراجع الانشطة الترفيهية) .
  3. تقدير نقدي للآثار .

       وتواجه عملية قياس الآثار الاقتصادية للتنمية السياحية علي الموارد البحرية الحية عدة صعوبات ناتجة عن طبيعة ومكونات الأضرار التي تسببها الأنشطة السياحية حيث أنه في العديد من الحالات يصعب الفصل بين الأضرار الناتجة عن اسباب طبيعية وتلك الناتجة عن الأنشطة الانسانية المرتبطة بالتنمية والترفيه السياحي ، كما أنه في حالات أخري يصعب قياس حجم الاضرار بشكل كمي والتعبير عنها في شكل قيم نقدية … كما أن تسلسل التداعيات التي احدثتها التنمية السياحية علي النظم البينية ذات التأثير المتبادل تجعل من الصعب ان لم يكن من المستحيل تتبع جميع الخسائر والاضرار الناتجة عن هذه التداعيات

      وحتي بالنسبة للاضرار القابلة للقياس الاقتصادي فإنه في كثير من الاحيان يكون من الصعب حصرها وتتبعها بشكل دقيق . وبضيف نقص المعلومات والبيانات عن جوانب عديدة خاصة بالموارد البحرية الحية وبصفة خاصة الشعاب المرجانية بعدا آخر فى محاولة اجراء تقييم اقتصادي للآثار التي تسببها التنمية السياحية علي هذه الموارد .

           وتجدر الأشارة الي ضرورة التعامل مع الارقام التى يتم التوصل إليها بصفتها الارشادية أي أنها مقاييس نسبية . وانه لا بد من اجراء دراسات أكثر عمقاً للحصول علي تقديرات أكثر دقة ..

أسلوب التقييم :

      يعتمد اسلوب التقييم اقتصادي لآثار التنمية السياحية علي الموارد البحرية الحية المستخدم في هذه الدراسة علي اساس القياس النقدي لقيمة الأضرار التي سبتها المشروعات والأنشطة السياحية علي مكونات النظم البيئية الساحلية والبحرية ، ونقصد بالأضرار هو توقف هذه المكونات كليا أو جزئيا عن أداء وظائفها ومايترتب علي ذلك من اضرار لمستخدمي هذه الموارد ، كما أن القياس سوف يقتصر علي الأضرار التي يمكن التعبير عنها بشكل نقدي وتكاليف معالجة أو التقليل من هذه الآثار ، وعلي هذا فإن هناك العديد من الأضرار قد تمت في اماكن مختلفة ولم يتم حصر حجمها بشكل كمي وبالتالي يصعب تقييمها نقديا . وعليه فإنه من المتوقع توفير تقديرات أولية لكلفة التدهور البيئي في الموارد البحرية الحية فى منطقة الدراسة بغرض تقدير كلفة التدهور ولو جزئيا .  

      وعلي أساس المحددات السابقة وباعتبار الشعاب المرجانية كالأراضي الزراعية لها قيمة وتحقق ريعاً فإن عناصر تكاليف الأضرار التي أمكن حصرها تتضمن ما يلي :

1- قيمة الفقد في رأس المال الطبيعي Natural Capital باعتبار الشعاب المرجانية كالأراضي الزراعية لها قيمة . 

2 – الفاقد من الايرادات التي كان يمكن تحقيقها من الأنشطة السياحية والترفيهية المرتبطة بالشعاب المرجانية والموائل الطبيعية الأخري .  
 
 
3- تكاليف حماية الشواطيء بوسائل بديلة ( اقامة حواجز الأمواج ) بدلا من الشعاب المرجانية واشجار المانجروف التي تمت ازالتها .  

4- قيمة الانخفاض في الانتاج السمكي نتيجة تلف الشعاب المرجانية وأشجار المانجروف والحشائش البحرية . 

      وبسبب نقص أو عدم توفر الكثير من البيانات والتقديرات الخاصة بقياس آثار التدهور البيئ ، فقد تم الاعتماد علي بعض المؤشرات الدولية في تقدير بعض عناصر تكلفة التدهور البيئ السابقة دون الأخذ في الاعتبار التغيرات التي حدثت في قيم عناصر التكلفة الناتجة عن التضخم . كما تم تحويل هذه القيم الي الجنيه المصري علي اساس سعر صرف 5.40 جنيه = دولار امريكي وهو السد السائد وقت اجراء التقييم . 

      ومرة أخرى يجب التنويه ان ما يتم التوصل اليه من تقديرات عن تكلفة التدهور البيئي هي تقديرات أولية ويجب النظر اليها باعتبارها مؤشرات عامة تحتاج الي بيانات ومعلومات اكثر دقة وتفصيلا . 

أولا : قيمة الفاقد في رأس المال الطبيعى Natural Capital 

      تمثل الشعاب المرجانية وأشجار المانجروف اصولا طبيعية ملك للمجتمع لها قيمة بيئية واقتصادية واجتماعية مثل الأراضي الزراعية ، وتشير التقديرات (1) الي أن قيمة المتر الواحد من الشعاب المرجانية علي اساس (Replacement value ) تقدر بحوالي ، 3000 دولار امريكي باسعار عام 1997 وعلي اساس أن مساحة الشعاب المرجانية التي تم تدميرها بالكامل نتيجة المشروعات السياحية في منطقة الدراسة تقدر بحوالي 4 مليون متر مكعب يكون اجمالي قيمة الفقد في الاصول حوالي 12 مليار دولار وهو مايعادل 64.8 مليار جنيه مصري . 
 

ثانيا : الفاقد من ايرادات الأنشطة السياحية والترفيهية البحرية :

       تمثل المناطق الساحلية في البحر الاحمر موردا اقتصاديا وترفيهيا هاما ، والشعاب المرجانية من اهم العوامل التي تستقطب السائحين الدوليين والمحليين الي البحر الاحمر خاصة هواه الغوص ، وهي بذلك تمثل منتجاً للسياحة المستدامة وتنميتها ، وتشير المعلومات التي تم جمعها خلال الزيارة الميدانية ان نوعية السائحين الذين يزرون البحر الاحمر تشهد تحولا نحو السائحين الذين ينفقون قدرا أدني من المال في اليوم الواحد بالمقارنة بنوعية السياح في السنوات السابقة . 

      وفي دراسة اجراها Huybers and Benett عام 2000حول الاستعداد للدفع من أجل الحفاظ علي نوعية البيئة علي مجموعة من السائحين الغربيين ثبت أنهم مستعدون لدفع ما يوازي 70 دولار لليوم الواحد لزيارة مواقع للشعاب الغير متضررة. 

      ويشير تقرير تكلفة التدهور البيئى في جمهورية مصر العربية ان الخسائر المترتبة علي السياحة من جراء تدهور البيئة البحرية في البحر الاحمر ( منطقة الغردقة ) تتراوح مابين 595 الي 850 مليون جنيه عام 1999 ، والتي تمثل ما بين 0.2 الى 0.3% من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي عن نفس العام (1)  .

ثالثا : تكاليف حماية الشواطيء

      كما سـبق أن ذكرنا ان الشعاب المرجانية وأشـجار المانجروف تلعب دورا اساسيا في حماية الشــواطيء من التآكل بتأثير الامواج ،  وطبقـا للتقديرات المنشـورة  
(1) فإن تكلفة اقامة حواجز صناعية لتحل محل الشعاب المرجانية تقدر بحوالي 12.5 مليون دولار للكيلو متر الواحد ، وعلي اساس ان طول الساحل في منطقة الدراسة الذي تأثر بالتنمية السياحية وتعرض للحفر والردم تقدر بحوالي 105 كيلو متر  ( شمال الغردقة سفاجا ) فإن تكاليف حماية الشـواطيء تقدر بحوالي 1313 مليون دولار ( 1.3 مليار دولار ) وهو ما يعادل 7.2 مليار جنيه مصري .  

 

 رابعا: قيمة الفاقد في الموارد السمكية والتنوع البيولوجي :

      يقدر الانتاج السنوي من اسماك الشعاب المرجانية عام 1984 (قبل التوسع في الأنشطة السياحية) بحوالي 960 طن معظمها من الأنواع ذات القيمة الاقتصادية المرتفعة ، تقدر قيمتها بحوالي 9.6 مليون جنيه بأسعار 2001 وطبقا لبيانات 2001 قدر الانتاج بحوالي 500 طن قيمتها حوالى 5 مليون جنيه بأسعار نفس العام . 

      أي ان حجم الفاقد في الموارد السمكية يقدر بحوالي 460 طن قدرت قيمتها بحوالي     4.6 مليون جنيه . 

      بالنسبة لأسماك الزينة وغيرها من الكائنات البحرية التي تعيش بين وحول الشعاب المرجانية فلم تتوفر لدينا بيانات عن مقدار النقص فيها.

الخلاصة والتوصيات

      ان اهتماما جادا يجب أن يوجه الي ادارة الأنشطة السياحية والترفيهية وكذلك للسياسات البيئية لضمان حماية الشعاب المرجانية والموائل الطبيعية الأخري وذلك بهدف منع أي أثار غير مقبولة للأنشطة السياحية ، ويتم ذلك من خلال وضع خطة لإدارة الأنشطة السياحية تقوم علي المحاور الآتية : -

أ -  تحديد المواقع المهددة .

ب-  تحديد أولويات هذه المواقع حسب حجم التهديدات المعرضة بها .

ج- وضع الاجراءات اللازمة لمواجهة هذه التهديدات والمخاطر . 

      ويجب أن تتضمن هذه الاجراءات وسائل فردية وجماعية والتي تساعد علي جعل الأنشطة السياحية والترفيهية ذات جدوي اقتصادية من جانب وتحقيق الاستدامة البيئية من جانب آخر – أي تحديد طاقة الحمل لكل موقع غوص. 

       وطاقة الحمل Carrying Capacity تشير الي اعداد المستخدمين للموقع بدون حدوث آثار سلبية بيئية ، ومن وجه النظر الاقتصادية فإن طاقة الحمل تتحدد عند النقطة التي بعدها تسبب أي زيادة فى اعداد المستخدمين للموقع زيادة تكاليف الأضرار البيئية عن العائد المحقق .

      وعلي هذا فإن تحديد انشطة الغوص في حدود طاقة الحمل وتوفير الوسائل اللازمة للتنفيذ تعتبر من أهم مكونات الخطة المقترحة .  

1 -  ان السياحة الساحلية والأنشطة الترفيهية متغيرة وعليه فإن المعلومات المرتبطة بها تتطلب الدقة والتحديث بشكل منتظم مما يساعد في وضع خطط سليمة لإدارة هذه الأنشطة . 

2-  ان التوسع في اقامة المراسي العائمة لليخوت Mooring buoys يساعد علي القضاء علي تجريف متسعمرات الشعاب المرجانية ومروج الحشائش البحرية .  

3-  دراسة ومراقبة مياه الصرف الناتجة عن وحدات التحلية ووحدات المعالجة والمنشأت السياحية والتي يتم صرفها في البحر ، وكذلك تأثير السيول علي اشجار المانجروف والشعاب المرجانية نتيجة لما تسببه من تغيرات في درجات الملوحة وما تحمله من ترسبات.

4-  ضمان حصول الغواص علي تدريب كاف بعمليات الغوص وتعريفه بأهمية المحافظة علي الشعاب المرجانية ، حيث أنه من المعروف أن الغواص المبتدء يسبب تلف في الشعاب المرجانية بالمقارنة بالغواص ذي الخبرة .

5-  إنشاء وحدة مسئولة عن الادارة المتكاملة للمناطق الساحلية Integrated Coastal Zen Management Unit تتولي التنسيق وعدم التعارض وتحقيق مصلحة وسلامة جميع المستخدمين للمناطق الساحلية مثل الصيادين ، والمنشآت السياحية ، وأنشطة الغوص ، والرياضيات البحرية الأخري مثل القوارب السريعة ووسائل التزحلق علي الماء والتي قد تمثل اخطار علي هواة السباحة .  

6-  الاتصال بالمنظمات الدولية والمعنية بالشعاب المرجانية وبحث امكانيات تقديم المساعدات الفنية والمالية في معالجة التهديدات والأضرار التي تواجها الشعاب المرجانية ونذكر بالتحديد  Global Coral Reef Monitoring Program  

7-  تطبيق مبدأ من يلوث يدفع ، وانشاء صندوق يتم فيه تجميع حصيلة الغرامات والتعويضات للمخالفات والأضرار التي تحدث للانفاق منها علي معالجة الأضرار وصيانة الموارد الطبيعية .  

8-  التطبيق الحاسم للتشريعات البيئية خاصة في مجال اجراء تقييم بيئى واقعي للمشروعات السياحية   

drBarrania

د/ أحمد برانية أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى

ساحة النقاش

د/ أحمد عبد الوهاب برانية

drBarrania
أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

362,264