العلاج السلوكي
استخدم ارنولد لازاروس سنة 1958 اسم (العلاج السلوكى )ليصف نوعا جديدا من العلاج النفسى لتعديل السلوك المضطرب الملاحظ والعلاج السلوكى يعتبر اسلوبا حديثا نسبيا في مجال العلاج النفسى ومن ناحية أخرى يمكن القول إن العلاج السلوكى قديم قدم محاولات تعديل وتغيير وضبط السلوك عن طريق الثواب والعقاب , ويعتبر العلاج السلوكي تطبيقا عمليا لقواعد ومبادئ وقوانين التعلم في ميدان العلاج النفسى .
ماهية العلاج السلوكى :
يشير مصطلح العلاج السلوكى الى أسلوب علاجي يستخدم مبادئ وقوانين السلوك ونظريات التعلم في العلاج النفسي ويعتبر العلاج السلوكى محاولة لحل المشكلات السلوكية بأسرع ما يمكن وذلك بضبط وتعديل السلوك المرضى المتمثل فى الاعراض وتنمية السلوك الارادى السوى لدى الفرد .
اسس العلاج السلوكى :
اكتشف الانسان منذ فجر التاريخ ان هناك ثلاث طرق رئيسية لضبط وتعديل وتغيير السلوك البشرى هى :تغير الاحداث الموقفية السابقة للسلوك وتغيير او تعديل نوع السلوك الذى يحدث فى موقف معين وتغيير او تعديل النتائج الموقفية التى يؤدى اليها السلوك ,ومعروف ان من السلوك ما هو واضح ظاهر ويمكن للآخرين ملاحظته مثل الحركات العضلية والكلام ومنه ما هو ذاتي لا يلاحظه إلا الشخص نفسه (مثل التفكير والانفعالات)
ويستند العلاج السلوكى الى النظرية السلوكية في الشخصيه والتى تقول ان الفرد في نموه يكتسب السلوك (السوى او المرضى )عن طريق عملية التعلم
وفى الإشراط الكلاسيكى يكون تتابع الاحداث مرتبا بحيث يكون المثير مقترنا او سابقا للمثير غير الشرطى الذى يستثير عادة الاستجابة غير الشرطية وكنتيجة لهذا الاقتران الشرطى يكتسب المثير الشرطى الطاقة على استثارة استجابة شرطية تشبه الاستجابة غير الشرطية
وفى الاشراط الجهازى الذى يستخدم فيه الاجهزة نجد التركيز على تعزيز الاستجابة حيث يضبط سلوك الفرد حدوث او عدم حدوث المثيرات التى تعرف باسم المعززات الموجبة او السالبة .
اهم خصائص الاطار النظري للعلاج السلوكى :
<!--معظم سلوك الانسان متعلم ومكتسب والسلوك المضطرب سواء كان عصابا او ذهانا متعلم ومكتسب
<!--السلوك المضطرب المتعلم لا يختلف من حيث المبادئ عن السلوك العادى المتعلم الا ان السلوك المضطرب غير ملائم او غير متوافق
<!--يكتسب نتيجة للتعرض المتكرر للخبرات التى تؤدى اليه
<!--العناصر السلوكية تمثل نسبة قليلة او كثيرة من السلوك الكلى للفرد
<!--زملة الاعراض النفسية ينظر اليها كتجميع لعادات سلوكية خاطئة متعلمة
<!--السلوك المرضى المتعلم يمكن تعديله الى سلوك سوى
اجراءات العلاج السلوكي :
يستند تطور طريقة العلاج السلوكى الى رصيد هائل من نتائج بحوث علم النفس التجريبي التى كان هدفها تغير وتعديل السلوك مباشرة والتى كان من اثارها انه اصبح من الميسور معرفة كيف نضبط وكيف نعدل السلوك وكيف نمحو تعلم انواع السلوك التى نرغب فى التخلص منها .
على العموم فان العملية العلاجية تسير على النحو التالى :
<!--تحديد السلوك المطلوب تعديله او تغيره
<!--تحديد الظروف التى يحدث فيها السلوك المضطرب
<!--تحديد العوامل المسئولة عن استمرار السلوك المضطرب
<!--اختيار الظروف التى يمكن تعديلها او تغييرها
<!--تعديل الظروف السابقة للسلوك المضطرب
<!--تعديل الظروف البيئية
اساليب العلاج السلوكى :
يوجد عدد من اساليب العلاج السلوكى وفيما يلي اهمها
<!--التخلص من الحساسية او التحصين التدريجي
وقد استخدم هذا الاسلوب بنجاح للتغلب على حالات الذعر المبالغ فيه في القوات المسلحة وخاصة اثناء الحرب العالمية الثانية واستخدمت بنجاح في علاج الخوف المبالغ فيه .
<!--النموذج العملى :
ابتكر البريت باندورا في اجامعة ستانفورد ما اسماه
(النموذج العلمى ) كأسلوب في العلاج السلوكى واستخدمه بصفة خاصة لعلاج الخوف (وخاصة خوف الثعابين ) عن طريق عرض نموذج عملى حى من جانب المعالج والمشاركة بالتدريج من جانب المريض حتى نزول الحساسية ويتم التحصين بالتدريج
<!--الغمر :
هذا الاسلوب هو عكس اسلوب التحصين التدريجي فبينما يبدأ التحصين التدريجي بمثيرات اقل إثارة للحساسية فإن اسلوب الغمر يبدأ بمثيرات اكثر إثارة للحساسية .
<!--الكف المتبادل :
يقوم على اساس انه توجد بعض انماط استجابات متنافرة وغير متوافقة مع بعضها البعض مثل البوال والنوم والخوف والجنس , والهدف منه كف كل من نمطين سلوكيين مترابطين بسبب تداخلهما وإحلال استجابة متوافقة محل الاستجابة غير التوافقية
<!--الاشراط التجنبى :
هذا الاسلوب يهدف المعالج الى تعديل سلوك المريض من الاقدام الى الاحجام والتجنب , وقد استخدم الاشراط التجنبى فى علاج بعض الانحرافات الجنسية مثل الاثرية (الفتيشية )والرغبة في لبس ملابس الجنس الاخر والتشبه بهم والجنسية المثلية وفي علاج الكحولية وهنا نستخدم مثيرات منفرة مثل الصدمة الكهربائية او العقاقير المقيئة(المثير غير الشرطي )حيث ترتبط بانتظام وتكرار مع المثير الموقفى مثل الاثر او الخمر (المثير الشرطي ) التى تستثير الاستجابة غير المرغوبة
<!--التعزيز الموجب (الثواب) :
اسهم بوروس سكينر (1938) في ايضاح العلاقة بين السلوك المنحرف وبين التعلم وأكد انه في تعديل مثل هذا السلوك عن طريق الاشراط يجب الاهتمام بعملية التعزيز الموجب للسلوك المطلوب , ويتم ذلك بإثابة الفرد على السلوك السوى المرغوب مما يعززه ويدعمه ويثبته ويدفعه الى تكرار نفس السلوك اذا تكرر الموقف
<!--التعزيز السالب :
في هذا الاسلوب تبذل الجهود لزيادة احتمال ظهور الاستجابة المرغوبة بتعريض المريض لمثير غير سار مقدما ثم إزالته مباشرة بعد ظهور الاستجابة المرغوبة وهذا من نوع التعزيز السالب , ولا يستخدم هذا الاسلوب كثيرا لان على المعالج ان يعرض المريض لخبرات مؤلمة الى ان تظهر الاستجابة المرغوبة وهذا قد يؤثر تأثيرا سيئا على ارادتة في الاستمرار في العلاج .
<!--العقاب (الخبرة المنفرة ) :
فى هذا الاسلوب يعرض المريض لخبرة منفرة (عقاب علاجى ) اذا قام بالسلوك غير المرغوب وذلك لكفه ووقفه كلية , ومن اشكال العقاب العلاجى ما يكون ماديا او جسميا مثل الضرب او صدمة كهربائية او اجتماعيا مثل التوبيخ او فى شكل منع مثل الاثابة مما يسبب الالم والضيق او عدم الرضا عند الفرد ويعوق ثم يمنع ظهور السلوك غير المرغوب اى ان مصدر العقاب قد يكون خارجيا او داخليا .
<!--الثواب والعقاب :
لجأ بعض المعالجين الى استخدام كل من الثواب والعقاب معا ة(والعقاب هنا في شكل منع الثواب )وذلك بان يثيب المعالج كل استجابة سليمة مرغوبة وان يعاقب كل استجابة غير سليمة وغير مرغوبة ,واستخدم هذا الاسلوب في علاج اللجلجة وذلك باستخدام الثواب اولا في تعليم السلوك المرغوب وهو الطلاقة اللفظية واستخدام العقاب لكف السلوك غير المرغوب وهو اللجلجة .
<!--تدريب الإغفال (الاطفاء):
في تدريب ال اغفال يحاول المعالج تقليل احتمال ظهور الاستجابة غير المرغوبة وذلك بإغفالها وتجاهلها وعدم تعريض المريض لأى نتائج على الاطلاق , وهذا يشبه الاطفاء اى ان حدوث الاستجابة غير المرغوبة يؤدي الى غياب الثواب والتعزيز وحدوث الانطفاء والاختفاء نتيجة لعدم استمرار التعزيز .
<!--الاطفاء والتعزيز :
يلاحظ ان اسلوب تدريب الاغفال (او الاطفاء) وحده له بعض العيوب منها تأثيره التدريجي الذى قد يطول فيه القيام بالسلوك غير المرغوب قبل انطفائه بالإغفال وان بعض انواع السلوك غير المرغوب قد يكون مدمرا جدا بحيث لا نستطيع السماح بحدوثه عشرات او مئات المرات حتى ينطفئ ويختفي .
<!--ضبط المثيرات :
ان المثيرات الموجودة في البيئة التى نعيش فيها تتحكم في استجاباتنا اى في سلوكنا فإشارة المرور الخضراء تستثير استجابة ضغط دواسة البنزين بينما الاشارة الحمراء تستشير استجابة ضغط دواسة الفرامل كذلك فان علامات حدود السرعة تتحكم في مدى ضغط كل من دواستى البنزين والفرامل وهكذا فان السلوك يستثار بنوع ما من المثيرات .
<!--الممارسة السالبة :
في هذا الاسلوب يطلب المعالج من المريض ان يمارس السلوك غير المرغوب بتكرار حتى يصل الى درجة تشبع لا يستطيع عندها ممارسته
ويقوم هذا الاسلوب على اساس دراسات دونلاب (1932) الذى وجد ان الاستجابة غير المرغوبة ينتج عنه نتائج سالبة مثل التعب والملل مما يقلل احتمال تكرار هذا السلوك ويقوم ايضا على اساس مفاهيم الكف التفاعلى والكف الشرطى
نقد العلاج السلوكي :
لقى العلاج السلوكى اهتماما كبيرا في مجال العلاج النفسي وأجريت التجارب الكثيرة بهدف اكتشاف طرق واستخدامات جديدة لهذا النوع الجديد من العلاج , وتعتبر المفاهيم والأساليب التى يعتمد عليها جديدة وقوية تضارع وتناهض المفاهيم والطرق التقليدية للعلاج النفسى وهذا هو السبب في انها احدثت تأثيرا كبيرا في مجال العلاج النفسى وهذا هو السبب ايضا في انها تلقى احيانا معارضة قوية .
ملاحظات على العلاج السلوكى :
ان العلاج السلوكى ليس مجرد قاعدة او عدة قواعد بسيطة يمكن ان تطبق بطريقة سهلة على الاضطرابات السلوكية والحقيقية ان اساليب العلاج السلوكى متعددة ومتجددة بعضها مباشرة وبعضها غير مباشر يحتاج الى اجراء تعديلات خاصة حسب حالة المريض وبعضها بسيط وبعضها معقد وبعضها يحتاج الى اشراف قليل من جانب المعالج وبعضها يحتاج الى اهتمام بالغ ومهارة فائقة من جانب المعالج
منقول