Download

موقع لكل إنسان على كوكب الأرض يحب المعرفة

ثار مؤخرا جدل طويل في دوائر علمية وفنية بعد عرض الفيلم السينمائي (2012) والذي يتوقع أن تحدث كارثة عالمية تدمر وتغرق معظم قارات الأرض في 21 ديسمبر 2012. وقد سارعت وكالة ناسا الأمريكية لبحوث الطيران والفضاء بتكذيب هذا التوقع، ونشرت على موقعها الرسمي تكذيبا تفصيليا للسيناريو الذي يتوقعه الفيلم للكارثة المزعومة. وقد أثار رد وكالة ناسا وصدوره في نفس اليوم الذي بدأ فيه عرض الفيلم بعض الشكوك، لأنه في العادة لا تتحرك هذه المؤسسة الهائلة بهذه الخفة لترد مزاعم فيلم سينمائي. 



تدور الأحداث في فيلم (2012) حول كارثة ضخمة ستغير وجه الأرض، وأن الجهات الرسمية تعلم هذا وتتكتم عليه. وتصور القصة أن دمار العالم سيقع شيئاً فشيئاً ،ولكن يبدأ الدمار من ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية. ويعلم بطل القصة أن الدمار الشامل سيقع بعد أيام وتحديدا في 21 ديسمبر 2012، وأن الصين كدولة صناعية كبرى قد صنعت سفنا ضخمة تستطيع مقاومة التصدعات والانهيارات الأرضية. ويصحب بطل القصة أسرته إلى الصين بطائرة مستأجرة عبر صعاب رهيبة، ولكنه يُفاجأ بأن سفينة النجاة الضخمة مدفوعة الأجر مسبقا لأصحاب النفوذ والأغنياء فيقوم بتسلقها هو وأفراد أسرته ،في الوقت الذي تعاطف فيه بعض الموجودين في السفينة مع باقي البشر الموجودين على سطح الأرض والمفترض أن يلقوا حتفهم ،فيقوموا بحمايتهم معهم في هذه السفينة ، وينتهي الفيلم بنجاة من احتموا بها بالفعل والخروج على سطح الأرض مرة أخرى ، حيث بدأ كل منهم يدعو ربه بطريقته سواء المسلمين أو المسيحيين. الفيلم يعتبر طرازا فريدا في النواحي التقنية خاصة أعمال الجرافيك، وهو مما منحه قوة تأثير عاطفية على مشاهدية بحيث تتملكهم الفكرة ويقتنعون بها.

وقد أكد ديفيد موريسون، أخصائي علوم الفضاء لدى وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، أن ما تتناقله الشائعات حول حلول نهاية العالم في ديسمبر 2012 "مجرد خدعة كبيرة"، نافياً وجود كوكب غامض على وشك الاصطدام بالأرض في ذلك التاريخ. وأكد أن ناسا لا تتوقع حدوث شيء في ذلك التاريخ، وقال "لا يوجد كوكب يدعى نيبرو.. هو غير موجود.. لا تقلقوا حيال هذا اليوم واستمتعوا بما بعده." وقال إن النظريات التي يجري تداولها على الإنترنت وتزعم أن الأرض في ذلك اليوم ستبدأ بالدوران العكسي، كما أن هذا اليوم سيشهد الكثير من العواصف الشمسية، التي ستؤدي إلى فوران البراكين، وذوبان الثلوج، كل هذا لا أساس له من الصحة ولا توجد أدلة علمية محترمة لإثباته. وحول فكرة حدوث انقلاب في قطبية الأرض ومراكز جاذبيتها، قال موريسون "إن هذه الظاهرة تقع كل 400 ألف سنة تقريباً، وحدوثها مجدداً يستغرق آلاف الأعوام".


الجدل الدائر الآن حول 2012 ربما يستمر طويلا، وربما تتربح من ورائه شركات وجهات إعلامية، وهو جدل له سوابق عديدة تشير إلى ولع الناس عامة – والغرب خاصة – بغموض المستقبل بما فيه من إثارة وخيال واسع. وفي الحقيقة فإن الإنسان الموفق هو الذي يعيش حاضره ويواجه مشاكله الحاضرة، دون الهروب إلى الماضي ولا إلى المستقبل. فالماضي نرجع إليه فقط لنقرأ من خلاله سنن الكون المادية والاجتماعية، دون أن تكون تفاصيل الماضي تحديدا هي التي تعنينا. وكذلك نتطلع إلى المستقبل نستشرف فيه مواضع أقدامنا لنخطط لحياتنا بطريقة علمية ومنهجية. لكن الغوص بعيدا في أغوار المستقبل الغيبي وبدون اي أدلة من وحي سماوي أو تجارب علمية مجردة، فذلك لون من تفتيت الجهود في معارف جانبية. الإنسان العاقل يحتاج أن يضع أمام نفسه هدفا عظيما ومقصدا واضحا يريد أن يصل إليه، ويسعى في فرصة حياته لبلوغه. وفي سبيل ذلك لا يستهلك طاقته بمعركة ماضية بل يتركها وراء ظهره، ولا بمعارك جانبية ولا بمستقبل بعيد غيب عنه إلا بما ورد في وحي ثابت. إن معركة الحياة تحتاج إلى جدية وهمة وطاقة كاملة، وأي انتقاص من هذا في ما لا يجدي فإنه يشتت الفكر ويضيع رأس مال الإنسان المتمثل في عمره ... في فرصة الحياة التي لا تتكرر.

  • Currently 120/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
40 تصويتات / 751 مشاهدة
نشرت فى 22 نوفمبر 2009 بواسطة download

ساحة النقاش

download
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

172,905