أولاً : تعريف الدعـاء الدعاء هو النداء والطلب ومنه قوله سبحانه : ( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء ) [البقرة : 171] قال في المصباح المنير : دعوتُ الله أدعوه دعاء . ابتهلت إليه بالسؤال ، ورغبت فيما عنده من الخير ، ودعوت زيداً : ناديته ، وطلبت إقباله . وقال الزمخشري : دعـو : دعوت فلاناً وبِفلان : ناديته وصِحت به وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – : الدعـاء هو إظهـار غـاية التذلل والافتقار الى الله والاستكانة له . ويُفرّق العلماء بين الدعاء والأمر والالتماس . فالأمر : طلب من الأعلى إلى الأدنى . والدعاء : - عكسه – طلب من الأدنى إلى الأعلى . والالتماس : طلب بين مُتساويين . وإنما أوردت الفروق هنا لأن من الناس من يُشكل عليه قول الداعي – مثلاً – : اللهم أدخلني برحمتك التي وسعت كل شيء . فيظن أن هذا من جنس الأمر ، وليس كذلك . أنواعـه : باعتبار هيئة الداعي : أن يرفع يديه حذو منكبيه ، أو يمـدّ يديه مَـدّاً ، أو يُشير بأصبع واحدة .
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : المسألـة أن ترفع يديك حـذو منكبيك أو نحوهما ، والاستغفار أن تشير بأصبع واحدة ، والابتهال أن تمدّ يديك جميعا [1] .
وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا خَطَب يُشير بأصبعه المسبِّحـة .
روى مسلم عن عمارة بن رؤيبة – رضي الله عنه – أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه فقال : قـبّـح الله هاتين اليدين ! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا ، وأشار بإصبعه المسبحة [2] .
باعتبار لفظ الدعاء :
توحيد وثناء ، ومسألة عفو ورحمة ، وسؤال عافية ونحوها .
قال ابن منظور – رحمه الله – :
قال الله تعالى : ( وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) قال أبو إسحاق : يقول : ادعوا من استدعيتم طاعته ورجوتم معونته في الإتيان بسورة مثله ، وقال الفراء : وادعوا شهداءكم من دون الله يقول آلهتكم . يقول استغيثوا بهم ، وهو كقولك للرجل : إذا لقيت العدو خاليا فادع المسلمين ، ومعناه استغث بالمسلمين ، فالدعاء ههنا بمعنى الاستغاثة ، وقد يكون الدعاء عبادة :( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ) وقوله بعد ذلك : ( فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ ) يقول ادعوهم في النوازل التي تنـزل بكم إن كانوا آلهة كما تقولون يجيبوا دعاءكم ، فإن دعوتموهم فلم يجيبوكم فأنتم كاذبون أنهم آلهة ، وقال أبو إسحاق في قوله عز وجل : ( أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) معنى الدعاء على ثلاثة أوجه :
فَضَرْبٌ منها توحيده والثناء عليه كقولك : يا الله لا إله إلا أنت ، وكقولك : ربنا لك الحمد . إذا قلته فقد دعوته بقولك ربنا ثم أتيت بالثناء والتوحيد ومثله قوله عز وجل :( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) فهذا ضرب من الدعاء .
والضرب الثاني مسألة الله العفو والرحمة وما يقرب منه كقولك : اللهم اغفر لنا .
والضرب الثالث مسألة الحظ من الدنيا كقولك : اللهم ارزقني مالا وولدا .
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
وإنما سمي هذا جميعه دعاء لأن الإنسان يصدر في هذه الأشياء بقوله يا الله ، يا رب ، يا رحمن ، فلذلك سمي دعاء [1] . اهـ .
ويُقسّم بعض العلماء الدعاء إلى :
1 - دعاء عبادة .
2 – دعاء مسألة .
فالأول مثاله الصوم والصلاة وسائر العبادات ، فإذا صلى أو صام فقد دعا ربه بلسان حاله أن يغفر له ، وأن يُجيره من عذابه ، وأن يُعطيه من نوالِه .
ومَنْ صَرَف شيئا من هذا النوع لغير الله فقد أشرك بالله ، وشِركه يُعدّ شركاً أكبر .
والثاني منه ما هو عبادة ، وهو موضوع هذا الكتاب ، وهذا لا يجوز صرفه إلا لله ، فَمَن صَرَفه لغير الله فقد أشرك .
ومنه ما هو ليس من جنس العبادة ، ومنه قوله – عليه الصلاة والسلام – : مَنْ دعـاكـم فأجيبوه [2] . وهذا مما يقدر عليه المخلوق ، وفيما يقدر عليه [3] .
والدعاءُ إنما يكون رغبةً ورهبةً خوفاً ورجاءً .
رغبة بما عند الله – جل جلاله – من الثواب العاجل والنعيم المقيم ، ورهبة مما أعدّه لأعدائِه من العذاب المقيم والنَّكال والجحيم .
وقد أثنى الله على أنبيائه فقال : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) [ الأنبياء : 90 ] .
وقال – عز وجل – آمِـراً عباده المؤمنين بذلك : ( ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ) [ الأعراف : 55 ، 56 ]